الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاختلاف في وجهات النظر

ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)

2024 / 6 / 30
المجتمع المدني


اختلاف الأشخاص والأطراف المنطقي أو غير المنطقي قائم على إختلاف وجهات النظر في العلوم والفلسفة والدين والمذهب والسياسة والتعامل وتقييم الأشخاص والمواقف. هناك مدارس ومداخل وتوجهات على مستوى العلوم والأديان والأفكار لها اسبابها التي أوصلتها إلى النتائج المختلفة مع الآخرين. وإذا طبقنا هذه المعادلة على التعامل بين الأشخاص وعلاقاتهم وتعاملاتهم كمثال للاختلاف، نجد إن مثل هذه الاختلافات واردة ايضا. إن المنطق والضرورة يفترضان أن يكون هناك اختلاف مقابل الاتفاق. ويمكن القول أن الإختلاف رحمة من ربنا ما دامت لا تنتهي بالإضرار بالمختلف معه ولا قطع الصلة بمن تختلف معه.
أنا أحترم رأيك المخالف لرأيً فاحترم رأي المخالف لرايك. أنا أحترم ثقافتك ومدرستك ودينك ومذهبك وتوجهك السياسي والاجتماعي وكل توجهاتك، فأحترم ثقافتي ومدرستي وديني ومذهبي وتوجهي السياسي والاجتماعي وكل توجهاتي مهما اختلفنا. ليس كل الحدود الموجودة بين الاتفاق والاختلاف في الآراء والسلوك والتوجهات تعبر بالضرورة عن إنسانيتنا وصفاتنا أو طبيعة شخصياتنا.
بعض الاختلافات جاءت بسبب خبرات أو قراءات أو حتى اعجاب بشخصيات تاريخية أو حالية. انها قد تعبر عن آرائنا ووجهات نظرنا في فترة ما ليس إلا. وقد تتغير هذه الآراء لاحقا بسبب معلوماتنا الإضافية أو نضوجنا أو معرفتنا المتزايدة. بعض الاختلافات مرحلية بُنيت على القراءات الاخيرة لصاحب الرأي وقد تتغير مستقبلا بناء ً على تغيرات في قراءاته. أين المشكلة في ذلك؟ المهم أن صاحب الرأي شخص محترم برأيه ما دام لا يسيء لي ولمعتقداتي وتوجهاتي كوني صاحب رأي محترم من وجهة نظره.
لهذا فكل إختلاف من هذا النوع لا يعني تنازع المصالح بقدر ما يعني إختلاف الأساس والجذر في ما بنيناه في شخصياتنا فضلا عن النظرة والمنظار (المعيار أو القياس) لموضوع البحث والنقاش. وهذا الاختلاف لا يحتم التنافر ولا حتى التباعد بأبسط صوره بين المختلفين. فإن وصل الإختلاف للتنافر أو التباعد، فقد خرج عن المنطق والضرورة وصار مدخلا للنزاع وبداية لخسارة الاشخاص وهبوطا في الأفكار وترديا في الأخلاق. وإن زاد عن حدوده وبدأ المختلفون يبحثون عن نواقص من اختلفوا معهم والسعي لإيذائهم بشتى الطرق وإن وصلت إلى تكفيرهم وشيطنتهم وقتلهم، فقد ابتعدوا عن إنسانيتهم وظهرت حيوانيتهم وتحررت شياطينهم لتفعل فعلها.
واحدة من مشاكل الإختلاف بين شخصين أو فريقين، أن يطالب أحد الفريقين أو كلاهما من شخص/طرف ثالث أن يقف مع أحدهما حينما يصبحا خصمين عدوين لدودين. وهنا المطلوب من الطرف الثالث أن يكون مع هذا ضد ذاك وإلا أصبح صديقا لذاك وعدوا لهذا، ولا يقبل غير هذا الموقف. الاختلاف في تقييم الأشخاص هو اختلاف في وجهات النظر وليس بالضرورة أن نتفق في تقيمنا لشخص ما.
دعونا نتمسك بإنسانيتنا قبل ديننا، فنحترم آراء الآخرين وأفكارهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم كيفما كانت ليحترموا بالمقابل آراءنا وأفكارنا ومعتقداتنا وتوجهاتنا. وأن لا يكون هناك ضررا لمن يفصح عن رأيه أو لمن يتعلق به هذا الرأي. ومع وجود الإختلاف دعونا نبحث عما نتفق عليه والمشترك بيننا وإنسانيتنا هي في مقدمة ما نتفق عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أعمال العنف ضد اللاجئين السوريين في تركيا.. من ينزع فتيل


.. تركيا وسوريا.. شبح العنصرية يخيم وقطار التطبيع يسير




.. اعتقال مراهق بعد حادثة طعن في جامعة سيدني الأسترالية


.. جرب وحالات من التهابات الكبد تنتشر بين الأطفال النازحين في غ




.. سوريون يتظاهرون ضد تركيا في ريف إدلب