الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة الصامتة بين ليبيا والدول المجاروة حول المياه الجوفية

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2024 / 7 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بناءً على دعوة كريمة من المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، شاركت في حوارية هامة حول الأحواض المائية المشتركة وتأثيرها على مستقبل الأمن المائي في ليبيا. وذلك يوم الخميس الموافق 4 يوليو 2024م. هذه الحوارية تأتي في إطار توعية الرأي العام الليبي بأهمية الأحواض المائية المشتركة، وإبراز ضرورة أن يتخذ المسؤولون الإجراءات المناسبة لحمايتها والحفاظ عليها، خاصةً بعد التسريبات والفيديوهات التي كشفت عن قيام بعض الدول المجاورة باستغلال المياه الجوفية المشتركة دون التنسيق مع ليبيا. مما ينذر بآثار سلبية محتملة على توفر المياه في ليبيا مستقبلاً. لقد أثارت هذه التطورات شعورًا بالقلق والخوف لدى المواطن الليبي بشأن مستقبل المياه في البلاد. لذا، من الضروري أن يتخذ المسؤولون في ليبيا إجراءات حازمة لحماية هذه الموارد المائية المشتركة، وضمان حصول ليبيا على نصيبها العادل منها. ولتحقيق ذلك، سأقوم كباحث في علم الاجتماع بطرح عدد من الملاحظات الهامة:
أولاً، مسألة حماية الموارد المائية المشتركة تُعد من القضايا جامعة بين جميع الليبيين. فهي تمثل عاملاً مُوحدًا وليس عاملاً للتفرقة أو التنازع، ما يعني أن المصلحة الوطنية ستسمو فوق المصالح القبلية أو المناطقية الضيقة في هذه الحالة.
ثانيًا، في مثل هذه القضايا، نحن بحاجة إلى التفكير بمنطق التراكم، أي المحافظة على المكاسب السابقة وإثرائها على المدى الطويل، بدلاً من منطق القطيعة الذي يقوم على محو ما تم إنجازه سابقًا والبدء من الصفر.
ثالثًا، يتطلب ذلك وجود رؤى واضحة وهادفة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد المائية المشتركة. وكل ذلك يعتمد على وجود إرادة سياسية قوية قادرة على تحقيق المصالح الوطنية من تلك الأحواض المشتركة، وتوفير الموارد الكافية لتحقيق تلك الرؤى.
رابعًا، من وجهة نظري، ما جرى في الأحواض المائية المشتركة كان في البداية مجرد حوادث صغيرة ثم تفاقمت كما يتصاعد الشرر الصغير. هذا يعني أن الجهات المسؤولة عن الموارد المائية في ليبيا تعلم بوجود استثمار في تلك الأحواض، ولربما هناك متابعات من خلال هيئات أو لجان مشتركة، ولكن لا أحد يعرف الإجابة عن الأسئلة الجوهرية: كيف؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ مما يشير إلى وجود وقائع غير مرئية في استغلال تلك الأحواض. وهذا يعني ببساطة وجود ممارسات غير علنية أو غير شفافة في استغلال تلك الأحواض.
خامسًا، هذه الأحواض المائية المشتركة قد تتضمن مفارقات سوسيولوجية محلية وإقليمية. فمن ناحية، قد تكون لها دور في تحقيق السلم الاجتماعي بين القبائل التي تقطن تلك المناطق، ولكن في الوقت ذاته، قد تكون بداية لنزاعات قبلية حول السيطرة على هذه الموارد. من ناحية أخرى، قد تؤدي هذه الأحواض إلى نزاعات إقليمية بين الدول المتشاركة فيها، ولكن قد تكون أيضًا بداية لتحقيق سلم إقليمي بين تلك الدول من خلال التعاون والحوار المشترك.
تُظهر الدراسة المتأنية لهذه الأزمة أن ما يحدث ليس مجرد حادث عابر، بل هي وقائع حقيقية لأزمة صامتة بين ليبيا والدول التي تشترك معها في الأحواض الجوفية. ويمكن الرجوع إلى صور الأقمار الصناعية لتحديد المناطق والفترات الزمنية المرتبطة بهذه الأزمة. إن التحليل الموضوعي لهذه الأزمة يتطلب وقوفنا على أهمية رصد وتحليل هذه الوقائع، وتحديد أبرز مؤشراتها. كما يجب دراسة التحديات والعقبات التي تواجه آليات التعاون بين ليبيا والدول الأخرى في إدارة هذه الأحواض الجوفية. بعد ذلك، يمكن البحث عن سبل تجاوز هذه العقبات والتحديات. الخطوة التالية هي السعي نحو رسم خطط مشتركة لاستكشاف وتطوير هذه الأحواض الجوفية بما يحقق المصالح المشتركة للدول المعنية. كما يجب دراسة التأثيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية لاستغلال هذه الأحواض في ليبيا، وكيفية التقليل من المخاطر المحتملة.
ذلك كله بحاجة إلى توظيف الحوكمة الرشيدة والشفافية من قبل ليبيا للحصول على المعلومات والبيانات الحقيقية حول هذه الأحواض المشتركة، وكذلك الاستفادة من الشركاء الدوليين في توفير البيانات اللازمة لاستغلال ومتابعة هذه الأحواض بشكل مستدام. إن معالجة هذه الأزمة الصامتة بشكل موضوعي وشامل سيساعدنا في إيجاد حلول فعالة تحقق المصالح المشتركة للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض