الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أراءٌ بسيطة غير مُلزمة لأحد ( 23 )

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2024 / 7 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


" الحوطة الإستباقية "
--------------------
- في زعمي ، تقوم العقائد الشمولية (كالأديان وغيرها ) ، -عادةً - على خداع أفهام أتباعها الطائعين ، من المؤمنين المخلصين لمبادئها ، عبر كثير من الخدعات اللغوية المُحبوكة ، و عبارات السجع المسبوكة ،
و من ثم الزّج بوعيهم المُندهش في أتون تفاسيرها المضللة ،
وحبس أفهامهم المُخدرة في سجون قداساتها المُتسلسلة .. وما إلى ذلك .
- لكن أسوأ تلك الخدعات و اقواها - في تقديري -
هي خدعة " الحوطة الإستباقية " ، وأعني بها :
التحصين المسبق لفهم المؤمن بها او التابع لها ، والعمل على إحكام إغلاق وعيه تماما ، ضد أي شك تساؤل، قد يصل إلى مسامعه فجأة ، أو أن يكتشف - بالصدفة - هو بنفسه خللاً ما في النصوص الطاهرة ، أو خطلاً معيناً في أفكار عقيدته الظاهرة . .
- حيث تقوم الطّغم المتتفعة من هذه العقيدة أو تلك ، و بشكل استباقي ، بزرع مايشبه " فيروس الرفض قبل الإصابة" في ذهن المؤمن المُغيب ، (شيء أشبه بالطعم العقلي او التلقيح الذهني ) .
- اعتقاداً ماكراً منهم ، بأن هذه العملية الإجرائية الاستباقية ، هي من ستعزز لديه نوع من المناعة العقلية ، ضد أية بدعة سلوك أو ضلالة فكرة ، مهما كانت منطقية ممهورة او علمية مشهورة .
- وهي من ستقول له فوراً ، عند وقوع حالة الشك و بدء عقله بالتفكير ،
بأن ما تسمع وتقرأ وتفهم ، من الأفكار الخاطئة و اللا أخلاقية السيئة في هذه العقيدة أو سواها ،
- ليس سببه الخلل في عماد العقيدة ذاتها ، أو تهافت أفكارها أو نصوصها ، بل سببه - بالضرورة - الأشخاص الناقلين لها ، أو علة في فهم المتحدثين عنها ، والمتحاورين بها ، لا أكثر .
- بمعنى ، فصل الأفكار التام للعقيدة على الأفعال او السلوك الصادرة عن أتباعها والمؤمنين بها ، أي ليست أفكار العقيدة ذاتها هي الضلال بعينه ، أو مكاتيب الجهل و السوء بذاته ، (حاشا وكلا ) ، بل السوء فيمن يؤمن بها ، و ينقلها إليك فقط.
أما هي فمنزهة تماماً عن الخطأ المطبق ، و طلسمياتها الغامضة الساذجة، هي خير مثالي عظيم و مطلق ، لايأتيه الباطل من خلفه أو من قدامه .
- هذا التلقيح الفكري أو الحوطة الاستباقية ، للأسف - يجعل جهد أي تنوير لأفهام هؤلاء التابعين المغيبين ، كجهد الحرث في الماء ، أو مجرد فعل هباء ،
فمن العبث أن توقظ عقل إنسان غافٍ تماماً في دهاليز العنعات ، وغارق كلياً في ركام الطلسمات ،
و يؤمن يقيناً بأن الحقيقة مخفية المسائل ، و تعلو دائماً عن تصور العقل الناقل ، بل و عن كل ما قد يُسمع أو يُقال له ..
- أحياناً أعتقد أن هذا التنوير لا يمكن أن يكون أبدا ً ،
لأن الإجابة الفارغة -ببساطة - ستكون حاضرة دائماً في ذهن ذاك المؤمن الثرثار على الشكل التالي :
- أنت لا تجيد الصرف والنحو جيداً في لغة هذه العقيدة
- أنت لا تفهم المعنى الحقيقي لهذه العبارة أو الفكرة .
- أنت ذو عقل محدود ، لذلك تعتقد أنها خطأ مبين ..
- أنت مُغرض موتور ، أنت جاهل مغرور ،
- أنت لست مختصاً .. أنت لا يحق لك . ..أنت وأنت وأنت ..
وهكذا ، يستمر " الغباء المقدس" في الناس .
دون أن يدري هؤلاء السعداء المساكين ..
في أي دركٍ من الجهل النقلي هم واقفون ، ولا في أي قفصٍ من التدهور العقلي هم عائشون ..
ليصدق فيهم قول " حكيم المَعرّة "
أَراكَ الجَهلُ ..أَنَّكَ في نَعيمٍ ..وَأَنتَ - إِذا اِفتَكَرتَ - بِسوءِ حالِ…
- للحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يدعو إسرائيل لعدم استهداف منشآت النفط الإيرانية.. هل ي


.. عاجل | غارات إسرائيلية متتالية على مواقع في ضاحية بيروت الجن




.. شاهد| غارات إسرائيلية متتالية تستهدف ضاحية بيروت الجنوبية


.. شاهد| سلسلة من الغارات العنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت




.. حزب الله: استهداف تجمّع -الكريوت- المحاذي لساحل خليج مدينة ح