الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفس في الذات الانسانية / الذات والاستجابة للمثيرات (1)

عمر قاسم أسعد

2024 / 7 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في كل لحظات حياتنا هناك الكثير من المثيرات ــ منبهات تتطلب رد فعل ــ التي تواجهنا ، سواء كانت مثيرات إيجابية أو سلبية ، بعضها تعمل على استثارة الذات بشكل مقصود وبعضها عفوي ، كما أن بعض المثيرات تتجه نحو الذات أو تتجه نحو ما يحيط بالذات ، بعضها يتطلب استجابة آنية فورية وبعضها تتطلب استجابة قد تأتي متأخرة تبعا للظروف المحيطة ، بعضها يؤدي إلى تغير أو تعديل بطيء في السلوك وبعضها قد يؤدي إلى تغير جذري .
لكن من الأهمية بمكان أن لكل مثير أو عدة مثيرات استجابة أو عدة استجابات ، تتراوح في شدتها ونوعها وكمها تبعا للمثير ، ومما لا شك فيه أن معظم الاستجابات للكثير من المثيرات تكون ناتجة عن خبرات سابقة حول التعرض لأنواع مشابهه من المثيرات .
فالمثيرات التي تتعلق فسيولجيا بالذات الانسانية لا بد أن تتطلب استجابة مباشرة ، جفاف الحلق والإعياء والوهن . ... الخ ، مثيرات تنم عن العطش والجوع والمرض لا بد من الاستجابة الفورية ، وهنا تكون الاستجابة فسيولوجية . مثيرات تتعلق بمحيط الذات الانسانية ، حادث دهس ، عملية سطو ، مرور موكب فرح ، مشاهدة مبارة كروية . ... الخ ، هذه المثيرات قد تتطلب ــ من الذات ــ الاستجابة الفورية كردة فعل للمثير وقد تتطلب استجابة متأخرة وقد لا تصدر اي نوع من الاستجابة ولكنها في جميع الحالات تؤثر على الذات بشكل آني لحظة وقوع المثير ، وقد تتطلب استجابة حركية أو لفظية أو انفعالية ، أو استجابتين أو أكثر . ومثيرات تتعلق بالذات مباشرة وعلى تماس معها كمثيرات تمس المنظومة الوجدانية كفراق الأحبة ، فقدان عزيز ، خسارة مالية ، خلاف مع أحد أفراد الأسرة . ... الخ ، وهذا النوع من المثيرات تحتاج إلى وقت لتكوين استجابة قادرة على استعادة التوازن لدى الذات الانسانية لأنه في ذات لحظة المثير تكون الذات عاجزة عن اظهار ردة فعل مناسبة لتكون بحجم قوة ونوع وأثر هذا المثير ، وقد تتطلب الاستجابة استجابة انفعالية عاطفية ، ربما تتبعها استجابات جسدية لاحقا . وهناك بعض المثيرات الناتجة عن مواقف في مختلف مناحي الحياة وفي معظمها مثيرات مخطط لها مسبقا كالمثيرات في قاعات التجارب والمختبرات في مؤسسات التعليم المختلفة ، أو مثيرات تحدث صدفة نتيجة بعض الأخطاء البشرية في مواقف معينة مثل نشوب حريق في مختبر ، اندلاق سائل حارق ، حالة اغماء اثناء عملية تشريح . ... الخ ، وهنا تكون الاستجابة خاضعة تبعا لبعض الأوامر من أشخاص لهم خبرة سابقة حول هذا النوع من المثيرات .
إن جميع ما ذكرته من المثيرات عندما تحدث تكون الذات على يقين بأن أي نوع من المثيرات يكون موجه لأقنوم واحد فقط من أقانيم الذات الانسانية وأن بقية الاقانيم غير معنية أبدا بالاستجابة لهذا المثير أو ذاك إلا بالقدر الذي يؤثر في الأقنوم ، فمثلا عندما يكون المثير فسيولوجي يتعلق بأعراض الجوع والعطش والمرض تكون الاستجابة من أقنوم الجسد المادي المتمثل باشباع الغرائز والحاجات الاساسية للذات الانسانية حيث يتركز المثير بأعراض جسدية وبالتالي الاستجابة جسدية ، عندما يتم إشباع الحاجات الاساسية من مأكل أو مشرب أو غرائز أخرى فإن المثير ينتهي بعد الأشباع ليعاود الظهور مرات أخرى ، هو مثير متمكن من الجسد دائم الحدوث واقنوم الجسد يتلقي هذا المثير دائم الاستجابة ومن عمليات التكرار المستمرة ــ لنهاية الذات ــ ما عادت الذات تدرك ان كل ما يحدث هو مثير واستجابة ، لقد أصبح الأمر عمل ميكانيكيا آليا شبه منظم نسبيا دون الشعور والاحساس بأن قوة المثير هي من تحفز الجسم المادي ليصدر اشارت للدماغ ليتم تفسيرها على أنه إحساس جوع أو عطش أو مرض أو تلبية لغريزة ما .
في شهر الصوم يمتنع الانسان عن تناول المأكولات والمشروبات وعن ممارسة الغرائز من طلوع الفجر وحتى مغيب الشمس ــ ( ولا شك أنه شهر عبادة أيضا ) ــ وهنا اتكلم عن اقنوم الجسد ، مع مرور الوقت ــ وخاصة في الساعات الأولى من الايام الأولى ــ يبدأ الشعور بأعراض الجوع والعطش وتبدأ وتيرة المثير تتصاعد مع انقضاء الوقت وخاصة عندما يبدأ الجميع بتحضر أطباق الطعام ، تزداد وتيرة الاستجابة حتى تصل ذروتها مع اقتراب موعد الأفطار . تتم الاستجابة للمثيرات ويبدأ اقنوم الجسد بتلبية حاجاته الاساسية ، بعد مرور الوقت يتعود الجسد على المثير ويتم تنظيم الاستجابة ( بشكل غير مقصود ) باستجابة سرعان ما تتحول إلى استجابة آلية ميكانيكية دون الشعور بأي نوع من أنواع الاستجابة الموجهه نحو الذات الانسانية المتكاملة والتي تحمل في طياتها عدة اقانيم عليها ان تدرك ما المثير وان تكون استجابة نابعة من ذات انسانية متكاملة لأن الصوم هنا هو صوم بمعناه الجسدي ( المادي ) والوجداني والمعرفي والعقلي والروحي ، فما المانع إذن من أن تدرك الذات الانسانية المتكامة بكل أقانيمها أنه عليها أن تجابه مثير الجوع والعطش باستجابة كلية من الذات الانسانية كذات متكاملة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ا?غرب وا?طرف الخناقات بين ا?شهر الكوبلز على السوشيال ميديا


.. عاجل | غارات إسرائيلية جديدة بالقرب من مطار رفيق الحريري الد




.. نقل جريحتين من موقع الهجوم على المحطة المركزية في بئر السبع


.. سياق | الانقسام السياسي الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر




.. تونس.. بدء التصويت لاختيار رئيس الدولة