الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غسّان كنفاني في ذكرى استشهاده الثّانية والخمسين/ قدر الفلسطينيّ أن يتماوت لينجو من الموت

الطايع الهراغي

2024 / 7 / 7
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


"حين امتلكنا جميع الأجوبة غيّروا الأسئلة"
( ادواردوغاليانو)

"لا تكتب التّاريخ شعرا. فالسّلاح هو التّاريخ"
(محمود درويش)
“"كلّ دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيراً يتّسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود"
(غسّان كنفاني)

01/ مجنـون فلسطيـن
ما الذي يجعله يتخطّى الزّمن ويثبت في الذاكرة الفلسطينيّة كلّ هذ الوقت؟؟ لعلّه حاضر في الغرفة المجاورة،هكذا تقول عنه زوجته ورفيقة دربه آني هوفر(دانماركيّة المولد والنّشأة، فلسطينيّة الهوى والانتماء).عنه يقول سميح القاسم أحد شعراء المقاومة في الدّاخل"بوجود غسّان كنّا نشعر أنّ هناك من يهتمّ بنا".وفي رثائه يقول محمود درويش في اعتراف مشبع بالدّلالات يكشف حجم العمليّة الفدائيّة التي أقدم عليها غسّان ونوعيّتها وهو يعلن( لعلّ الأمر أقرب وقتها إلى التّبشير من ناحية وفكّ الحصار من ناحية أخرى)عن وجود أدب مقاوم في الأرض المحتلّة في ما بات يُعرف بعرب 1948 في مؤلّفين:[ أدب المقاومة في فلسطين المحتلّة/ الأدب الفلسطينيّ المقاوم تحت الاحتلال] "لقد ولدتُ قبل ذلك ولكنّك أنت الذي أعلن ميلادي.لم أقل لك شكرا.فقد كنت أحسب العمر أطول". ولكنّ العمر لم يطل
هل تدري لماذا تسكنك الرّهبة الجميلة وأنت تروم الكتابة عن أمثال غسّان كنفاني؟؟ ليكن الجواب بسؤال: وهل يمكن أن يكون الأمر على خلاف ذلك والقضيّة قضيّتك وهواجسه بعضها من هواجسك.وأنت في حقيقة الأمر تكتب عن نفسك تعركها حينا وتعاندها أحيانا لتجبرك على أن تبحر في اللّغة.لا عليك إذن.لا تهتمّ بترتيب أفكارك وتواردها وتواترها وشكل صياغتها. دعها تتدفّق كما اتّفق. المهمّ أن تكون ساخنة كحرارة دمه وهو يتدفّق في أرض ليست أرضه من أجل وطن هو وطنه. ليكن هدفك تمثّل ما يعتمل في ذهن شهيد قلسطين، ما رام دوما أن يعبّر عنه في مقالاته السّياسيّة البحتة وفي إنتاجه الأدبيّ المتعدّد والمتنوّع: لا معنى لأن تكون فلسطينيّا ما لم تدرك أن فلسطين هي العالم أو هكذا يجب أن تكون. وعليك أن تعود إلى هذا العالم الذي منه اقتُلعت. أن تخاتل الموت. أن تتربّص به مادام هو الآخر يتحيّن كلّ الفرص للتّربّص بك. ويوم يتوجّب أن تموت -غيلة لا اختيارا - فليكن موتك عرسا، هو عرس الدّم الفلسطينيّ. نجاتك يا صاحبي صدفة وموتك يا أخي الذي لم تلده أمّي حقيقة.لهفتك على الحياة لا تتطلّب لا تفسيرا ولا تبريرا. أليس الفلسطينيّ هو الوحيد الذي عليه أن يبذل جهدا أسطوريّا ليؤجّل موته ما استطاع؟؟ويوم تداهمه المنيّة ليس له أن يترك وصيّة.فشكل موته هو الوصيّة.وصيّة كان كتبها منذ زمان، منذ الأبد بالقلم وآن ميعاد ختمها بالدّم. وحسنا فعل لكي لا يترك لأحد مدخلا للتّعلّل بتبرير ما لمساومة ما. وإذا كان لا بدّ من مساومة فلتكن قاعدتها عهدا وميثاقا لا مجال فيه للقراءة وللتّأويل والتّدبّر والتّفكير: كيف السّبيل إلى العودة؟؟وأيّ طريق إليها نسلك؟؟ ذلك هو جوهر ومغزى روايته "عائد إلى حيفا".ولكي تؤمّن عودة مظفّرة عليك أن ترجم الذّاكرة بسؤال الأسئلة، ذلك السّؤال الذي انغلقت عليه رواية "رجال في الشّمس"كإدانة لوهم الاعتقاد في أنّ الحلّ يكمن في البحث عن خلاص فرديّ" لماذا لم تدقّوا جدران الخزّان؟؟ لماذا لم تقرعوا جدران الخزّان؟؟ لماذا؟؟".في نقطة التّفتيش على الحدود بين العراق والكويت يموت الرّجال الثّلاث في خزّان سيّارة أحد المهرّبين تحت وهج الشّمس لأنّهم لم يملكوا شجاعة أن يصرخوا تماما مثلما توهّم عرب فلسطين وهم يغادرون أراضيهم أنّ الجيوش العربيّة الجرّارة لن تتأخّر في نصرتهم.
قد لا يكون مستغربا أن تسكنك الرّهبة ويملؤك التّهيّب ويكسوك الشّجن كلّما هممت بالكتابة عن الأب الرّوحيّ لأدب المقاومة في فلسطين،شهيد الكلمة والفكرة والشّاهد على لوثة التّاريخ وشطحاته ومأساة العصر ومهزلته:غسّان كنفاني. عنه تقول فتاة دانماركيّة -إحدى صديقات زوجته- أنّها لم تفهم القضيّة الفلسطينيّة إلاّ يوم قرأت روايته"رجال في الشّمس". حضوره مكثّف وطاغ،حادّ وجارف.ذاك هو غسّان.بعد أكثر من نصف قرن على استشهاده المريع ينتصب أشدّ توهّجا وأكثر أناقة، حتّى أنّ أحد شهداء القدس(عدي التّميمي/ أكتوبر 2022)كان آخر ما تلفّظ به -وهو يجابه غزاة تسلّلوا من الأساطير القديمة، من حدود يحرسها شرطيّ يغالبه النّعاس -مقولة غسّان"لا تمت قبل أن تكون ندّا.".
كيف يمكن للكلمة أن تتسامى فترقى إلى مستوى هذا الذي لو أدخلوه الجنّة لأحدث فيها هرجا ومرجا لأنّه- يقينا- شيظلّ يجزم في ما هو مواويل من الإنشاد والتّرتيل أنّ فلسطين دوما أبهى من كلّ فردوس، ومنه أحلى وأزهى؟. هل بالإمكان أن تتحوّل الكلمة إلى قدّيس في زيّ فدائيّ؟؟هل تمثّلتم قضيّة ما نجحت ريشة فنّان في تحويلها إلى دراما إنسانيّة تقطر دماء وتفيض بهاء؟؟هل تلذّذمتم مشاهدة مأساة من فرط فظاعتها ونبلها تتحوّل عند البعض إلى ملهاة،وتكون للملتاعين بها أمّ القضايا؟؟هل تريدون رؤية فلسطين وهي مسكونة بتأثيث موجبات الرّحيل من فلسطين إلى فلسطين ولا شيء غير فلسطين عبر ثنايا زهرة المدائن وأشجان"أرض البرتقال الحزين"؟؟هل لكم في تمثّل معنى أن يكون الحبّ عشقا دراميّا؟؟عليكم بما كتب مجنون فلسطين غسّان كنفاني عن جراحات الفلسطينيّ وعذاباته إبداعا ومتابعة وتأريخا.
من ناله ذلك الشّرف البديع- شرف هو نسيج وحده- بأن يكون فلسطينيّا فسيكون قدره،الذي ليس منه فكاك،أن يتّخذ الموت أنيسا،أن يبلسه،أن يتدثّر به ويتعاشر معه حتّى يتعشّقه فيعشقه.الفلسطينيّ هو الوحيد الذي يتقبّل التّعازي في المنافي . وما تركوا-ماغولا وتتارا، أعرابا وأغرابا- للفلسطينيّ سبيلا لخيار،سدّوا عليه كلّ المنافذ.لم يبق له من حلّ إلاّ الاستسلام لموت رخيص ذليل أو أن يحتال عساه ينجح في تأجيل تراتيب رحيله النّهائيّ قبل أن يحلّ عليه الموت ضيفا ،لعلّ الموت منه يخجل فيمنحه طيف مهلة للتّفكير ونصف مهلة للتّدبير في لحظة هي الدّهر مكابدة وطولا،لعلّه يعده أن لا يداهمه وقتما يكون محتضنا حلما رائعا بديعا في مسامرة جميلة استرقها من هدنة لم ير القصف العشوائيّ موجبا لاحترامها.يصبح الموت عبثيّا ويفقد قداسته وهيبته خارج أسوار عكّة وميناء يافا وشوارع القدس العتيقة. من رام أن يكون شهيدا سعيدا،لمّا يجبره مكر التّاريخ وجنونه على أن يُنهي مشواره ويترجّل وهو في أكثر لحظاته ابتهاجا بالحياة،محكوم عليه أن يكون قد ملأ الدّنيا حلما وشغل النّاس صخبا فترك ما يجعل حضوره أكثر كثافة ودلالة ودراميّة.
ذلك هو شأن من كان لزاما عليه أن يكون على موعد مع التّاريخ،وعليه أن يرسم خرائطه بالدّم على جداريّة الزّمن ليضمن أنّه نغّص على الأعداء- فرادى وجماعات- فرحتهم بالاحتفال بتناثر ما تبقّى من بقايا الأشلاء، ومكّن الفكرة من أن تنعتق من أسر الزّمان وجبروت المكان لمّا يكسبها أجنحة بها تحلّق وبها تقتحم الأفق وتطير.
هل كان ابن عكّا قد أدرك بالحدس أنّ الموت على مرمى حجر. وأنّ حياته مهدّدة بأن تكون قصيرة -ما دم ينام ويصحو على أكفّ الموت- وأنّ عليه- تجنّبا لأيّ موت مفاجئ -أن يكون في سباق مع كلّ لحظة؟؟ فقرّر أن يستلّها من مخالب الزّمن وأراد لنفسه حياة إعصار، هادرة، ممتلئة، ملتهبة،عامرة، صاخبة، حافلة،لا تشبه إلاّ نفسها، وأصرّ على أن تكون ذات مغزى فأكسب تفاصيلها كلّ المعنى والمغنى؟؟ أعتقد جازما أنّ الأمر ما كان يمكن إلاّ أن يكون كذلك. وكيف له أن لا يكون على تلك الشّاكلة والفلسطينيّ إذا نجا من الموت فجزما أنّ الأمر محظ الصّدفة؟؟.تلك هي مأساة العصر ومأساة التّاريخ،أن يكون البقاء على قيد الحياة ضربة حظّ. فيكون من الأسلم أن تختار شكل موتك والطّريق إليه لكي لا تترك لشامت فرصة.ألم يقل غسّان في حواره مع الشّاعرة أمل جرّاح" أكتب يا أمل بسرعة لأنّي سأرحل بسرعة.أكتب أشياء أحسّها لأنّي أخاف من الوقت أن يغدرني ويأكلني"؟؟.وحدث ما كان محلّ توجّس.

02/ غسّــان يتذكّــر
جاء غسّان كنفاني إلى ميدان السّياسة ومحنتها من عالم الأدب. فكان أن أصبح الأدب قضيّة أولا يكون. ماساة من نوع خاصّ.مأساة جيل الهجرة والتّهجير،جيل التّشرّد والمنافي،جيل العذابات المسافرة في لوحات فنّيّة منفلتة عن حدود الخطاب المباشر.
يدرك غسّان -ككلّ ثوريّ أصيل- أنّه يعيش فلسطين،يحملها معه حقيبة سفر يتوسّدها كلّما أنهكه التّعب ويتفقّدها بين اللّحظة واللّحظة، ولكنّه لن يراها. وعليه أن يعبّد السّبيل لجيل ابنيه فايز وليلى. وأترابهما.
إلى ذلك الحين يظلّ البرتقال في فلسطين حزينا يحنّ إلى من حُــرم منه قسرا ليظل مسكونا بعودة قد تطول ولكنّها آتية لا محالة.
لنتخيّل للحظة ولندعه يلج باب التّذكّر، بعد كم سنة على اغتياله،غسّان ينتفض. يجمّع ما تناثر من شتات أشلائه ذات صباح حزين من صباحات بيروت الحالمة. ينفض بنفسه عن نفسه تراب رمسه. يسلك طريق المدينة حيث مكان الاغتيال ذات يوم من صيف 1972. يحفر في خبايا الذّاكرة، ينبش في زواياها،يمسك بها ويمضي في الحكي موغلا بلا توقّف وفي ثناياه مسترسلا بلا أدنى تعثّر. يقول في ما يقول:أمري على غاية من الغرابة. كان شعاري دوما "حتّى لو داهمك الموت تسلّح بالعناد وإيّاك أن تموت قبل أن تموت. قبل أن تتشبّع مليّا من دلالات الأرقام". لي مع الرّقم (36) حكاية ومع الموت حكايا. في عام 1936 ولدت بمدينة عكّا،وعام 1936 اندلعت الثورة الفلسطينيّة الكبرى[المعروفة بثورة 1936/ 1939].كان الموت بي رحيما وكان الأعداء بي أكثر رحمة.أمهلني عشّاق الموت 36 سنة بحالها قبل أن يقرّروا الانتقام منّي ووضع حدّ لحياتي. كانت عكّـا-التي فيها وُلدت وظلّ يشدّني إليها حنين أسطوريّ لا يعرف لوعته من لم يكتو بعذابات الهجرة والاستيطان وصدمة التّهجيروالاقتلاع- من نصيب السّكّان العرب طبقا لخطة التّقسيم التي اعتمدتها الأمم المتّحدة بعد مهزلة الانتداب البريطانيّ.
عام 1948-عام النّكبة- هُجّرت مع من هُجّــر من أهلها بعد مجازر مروّعة(دير ياسين نموذج).حدث ذلك بتواطؤ مع كثير من أشقّائنا من العرب العاربة ومثلهم من أبناء عمومتنا. صادف ذلك عيد ميلادي الثّاني عشر. منذ ذلك الحين فهمت أنّ بعض الاحتفالات إهانة فأقسمت أن لا أحتفل بهذه المناسبة إطلاقا. فالاحتفال هناك في عكّـا أو لا يكون."عندما وصلنا صيدا، في العصر، صرنا لاجئين". تلك أهمّ جملة كان يجب أن يركّز عليه النّقّاد والدّارسون في أقصوصة "أرض البرتقال الحزين".
في الطريق الى المنفى كان البرتقال ينأى ويذبل. حزينا كان. وكم هو غريب أن يكون حزنه جميلا؟؟ في عذابات المنفى الإجباريّ بعيدًا عن أرض"أمّ سعــد"[بطلة إحدى روايات غسّان وعنوانها في آن]حاصرتنا المحن وخبطتنا خبط عشواء. رمتنا بسهامها وأمطرتنا بوابل من الاختبارات،أقلّها قسوة تلك التي وضعتنا أحيانا قبالة الموت وقذفت بنا كم مرّة على مشارفها.
أسبوعا واحدا قبل هزيمة العرب الكبرى(جوان 1967)،وبلا موعد ولا سابق إنذار توفّيت الوالدة فجأة في دمشق،إثر إصابتها بذبحة قلبيّة.هل لذلك علاقة بافظع هزيمة في تاريخ العرب الحديث؟؟ قد لا أدري. ربّما لأنّ السّؤال أكثر من شائك.
في السّجن الذي نزلت به ضيفا في نوفمبر1971 مكافاة لي على مقالة كتبتها في الهدف، لسان حال الجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين،كانت الفرصة لولادة رواية طويلة لم تكتمل ولن تكتمل، رواية(العاشق)،كنت أنوي أن أنتهي من كتابتها خلال صيف 1972. ما كنت أدري أنّ "أولاد الحلال"أعداء الحياة لهم رأي آخر.
مطلع السّبعينات وقضيّتنا محاصرة من كلّ الجهات كان لا بدّ من عمل استعراضيّ واع مدروس وناجع يخترق الرّأي العامّ -حتّى العربيّ منه- ويلفت نظر العالم الى وجود قضيّة اسمها قضيّة فلسطين وليست قضيّة لاجئين.كيف السّبيل إلى ذلك؟؟تلك هي حكاية خطف الطّائرات بتخطيط الدّكتور وديع حداد بشعاره التّاريخيّ"وراء العدوّ في كلّ مكان"وتنفيذ فتاة جميلة حالمة، فخر الثّورة الفلسطينيّة، مجدها وكبرياؤها وأيقونتها ليلى خالد( الإسم الحركيّ شادية أبو غزالة)،[أجمل إرهابيّة في العالم كان يقول عنها الإعلام الغربيّ]. في 6 سبتمبر/أيلول 1970،اختطفت الجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين 3 طائرات،حوَّل الخاطفون اتّجاه طائرتين إلى الأردن، والثالثة إلى القاهرة .بعد إطلاق ركّابها فجّروها. بعدها تداولت صحف عالميّة أخبارًا ملفّقة عن تورّطي في هجوم اللِّد،وانتهزت تـلّ أبيب الفرصة لتضعني على رأس قائمة القادة والأدباء والمثقّفين المستهدفين. إذا صدق أنّ لفحول الشّعراء شياطين فيقينا سيكون الحدس شيطاني المميّز .
يوم الجمعة 7 جويلية 1972 اصطحبتُ أسرتي إلى شاطئ بيروت،آه يا بيروت،هل كنت يومها أدرك أنيّ أعبّ آخر نصيبي من هواء بيروت؟؟.هل كنت دون أدري أودّع الأهل والأحبّة، المدينة والأحلام،الكلمة والقلم؟؟ وكان ما كان.
السبت 08 جويلية،الثامنة صباحا فجَّر الصّهاينة سيارتي في مربع الفاكهاني،استهدفوني بعبوة ناسفة وزنها 5 كيلو غرامات، ما أتذكّره أنّ الأشلاء وهي تتناثر أبت إلاّ أن تكون وجهتها فلسطين وقبلتها عكّا. بالدّيناميت فجّروني لأنّ رئيسة حكومة العدوّ الصّهيونيّ غولدامائير اعتبرتني جبلا. وهل من تفجير للجبل بغير الدّيناميت؟؟ عن اغتيالي تقول "اليوم تخلّصنا من لواء فكريّ مسلّح. فغسّان بقلمه كان يشكّل خطرا على إسرائيل أكثر ممّا يمثّله ألف فدائي مسلّح".
حكايتي مع لميس حسين نجم فتاة السّابع عشرة سنة،ابنة أختي فايزة تفيض غرابة ودراميّة. بدأت حياتي الأدبيّة بكتاب صغير أهديته إليها.وكنت دوما أردّد على مسامعها "جيلكم هو العائد إلى حيفا وإلى فلسطين".ولكنّ الموت كان أسرع.وانتهت حياتها معي في ذات التّفجير.آه يا لميس،جاءت بيروت زائرة فأقامت بها شهيدة. رفيقتي في الحياة والأحزان،رفيقتي في الأحلام والأشجان،رفيقتي في عربدات الطّفولة. ورفيقتي في الموت. من حقّـك عليّ أن أكتب فيك مرثيّة عمري،عمرك.
أنا لم أمت. سميح القاسم الذي أعلنت عن وجوده كأحد شعراء المقاومة في الداخل هو ذاته في رثائه لمعين بسيسو يجزم أنّ الشّهداء لا يموتون "متماوتٌ! قلها وفاجئنا، بأغنيةٍ جديدة/ لم يبق وقت عندنا للموت/إن ننقص يزد أعداؤنا فانهض/يا صاحِبي! في النّعشِ مُتّسع لأغنيتين/واحدة تقول:أنا الكفن/ وتقول واحدة: تعبت من الرّحيل إلى الرّحيل وتعبت من وطن يموت بلا وطن".
أنا غسّان كنفاني أشهد أنّي لم أمت وقد أفاجئكم في منعطف ما في شارع ما في معركة ما.
إلى أن نلتقي سلامي إليكم سلامي عليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد نبيل بنعبد الله يستقبل السيد لي يونزي “Li Yunze”


.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م


.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه




.. موقع واللا الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت في قيساريا أثناء و