الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابتهجوا يا عرب : اللغة العربية ألا تواجه خطر الانقراض!

سالم جبران

2006 / 12 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أراح نفوسنا الباحث المصري الدكتور أحمد مصطفى أبو الخير أسعد الله أيامه ولياليه، حيث بثَّ البشرى إلى العرب، من المحيط إلى الخليج ومن جبال طورس إلى شواطيء اليمن. قال: إن اللغة العربية في خطر بسبب ما أعتبره تهميشاً لها في مراحل التعليم المختلفة، لكنني مطمئن إلى أن اللغة العربية..لن تنقرض"!!
الدكتور أبو الخير أطلق هذا التحذير ومعه هذه البشرى في بحث شامل "بعنوان صورة العربية داخل وطنها" وألقاه في مؤتمر حول مكانة اللغة العربية عُقِدَ في جامعة الدول العربية، مؤخراً.
وقال الدكتور أبو الخير: "اللغة العربية ليست معرّضة للانقراض، على الأقل على المدى المنظور لأن اللغة لكي لا تنقرض تحتاج إلى مئة ألف أو يزيدون من المتكلمين بها، داخل الوطن، ولغتنا تحظى بما يزيد عن 300 مليون متكلم" وحتى يزيد في طمأنتنا قال الدكتور أبو الخير: "اللغة العربية إحدى أكثر اللغات انتشاراً خارج وطنها تليها الإنجليزية والفرنسية مستشهداً بإحصائيات أجريت سنة2005 تفيد أنه من بين 80 فضائية على القمر الأوروبي هناك 24 فضائية بالعربية و22 بالإنجليزية و5 بالفرنسية".
وقال هذا الباحث المصري إن الولايات المتحدة رصدت مؤخراً 100 مليون دولار لزيادة تعليم اللغة العربية،لمواطنيها. وتعتبرالولايات المتحدةاللغة العربية كاللغة الفارسية "لغة استراتيجية عالمية صاعدة".
للوهلة الأولى، بعد هذه الطمينات يجب أن لا نقلق. ولكن الباحث نفسه يضيف أن هناك شعوراً يزداد اتساعاً بين العرب بدونية اللغة العربية مقارنة مع الإنجليزية باعتبار أن كل "أبناء الذوات" العرب سوف يواصلون تعليمهم الجامعي في الولايات المتحدة(!!) ولذلك يتكلم هذا الباحث العربي عن "اغتراب اللغة العربية بين أهلها"!!
إن هذا الباحث القدير لم يضع الإصبع على الجرح فيما يتعلق بأزمة اللغة العربية. فنقطة الضعف الأولى، والحاسمة هي عدم تجدد اللغة العربية وعدم مدِّها بمصادر الحيوية والتطوير لكي تشتمل على المعارف العصرية والعلوم الحديثة. كما أننا نلاحظ أن الأنظمة السياسية والتعليمية العربية لا تقوم بأي شيء للنهضة باللغة العربية والأدب العربي، ولم تقم يوماً بمشروع علمي لتبسيط تعليم القواعد العربية، والساسة عندنا إمّا يتكلمون لغة فصحى "مُقَعًّرة" ناشفة من عصر غير هذا العصر,أو ينتقلون إلى العامية! ومن حقنا أن نسأل: ما هي الجهود التربوية والعلمية العصرية التي قامت بها الدول العربية لوضع برامج تعليم عصرية، بما في ذلك برامج لنشر حب اللغة العربية بين الأطفال قبل المدرسة وفي السنوات الأولى للدراسة؟ وما هي الأناشيد والأشعار البسيطة والجميلة التي يتعلمها الأطفال العرب، حتّى يتغلغل حب اللغة العربية إلى قلوب الأطفال وعقولهم؟!
لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إنه منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية وقيام الدول العربية "العصرية" لم يحدث أي تجديد علمي عصري للغة العربية، كما أن كتب تدريس اللغة العربية ما تزال متخلفة عن العصر وعواصفه. كما أن الوطنية التي تشتمل عليها الكتب الدراسية العربية هي وطنية لفظية شكلية فجة وناشفة وطنية الضجيج والمارشات، بينما بالذات في السن المبكرة، يحتاج الأولاد إلى نص جميل وسهل، إلى نص ذي معنى رائع وصادق وموسيقى مريحة للقلب. حب اللغة يجب أن يتطور ويتجذر وخلال عملية متواصلة أيضاً من خلال دراسة نصوص شعرية ونثرية تراثية ومعاصرة تكشف المسيرة الحضارية للعرب مع التركيز على الأدب الجميل والتراث والنصوص التي تخلق الثقة بالنفس والاعتزاز بالحضارة العربية .
إذا كانت الدول العربية، بسبب أنظمتها، فشلت في بناء وحدة عربية أو تنسيق عربي فعال على الصعيد القومي والسياسي، فإننا نسأل: ما العائق أمام إقامة تنسيق قومي دائم فيما يتعلق باللغة العربية وتاريخ العرب؟ ما الذي يمنع أن تُعَلِّم كل الدول العربية التاريخ العربي والأدب العربي تقريباً في نفس الإطار؟ ما هي المبالغ التي يحتاج إليها مشروع ثقافي قومي كهذا؟ إن حفلات الكوكتيل التي تقيمها السفارات العربية في الخارج أكثر تكلفة من مشروع قومي لتعليم الثقافة العربية واللغة العربية!!
العلاّمة العربي الفذ ابن خلدون قال: "لغة الأمة الغالبة- غالبة ولغة الأمة المغلوبة –مغلوبة" إَّن مأزق اللغة العربية في العصر الحديث وإشكاليات تأقلمها مع العصر الحديث والحضارة الحديثة، هو نتيجة أزمة النظام السياسي العربي الذي يجمع بين البطش الشرس من ناحية وعدم الإدراك لأهمية الثقافة وبالذات لأهمية العناية المنظمة والمنهجية بتعزيز مكانة اللغة العربية والتاريخ العربي والثقافة العربية والآثار العربية، من جهة أخرى.
إن أمة لا تعتز جماعيا بماضيها وتاريخها وثقافتها وفنونها وآثارها، لا تقف باعتزاز أمام تراثها الثقافي والفني ولا تشعر بالاعتزاز بأبطالها الرموز (نقصد من التاريخ المجيد، لا "الرموز" المزيفة التافهة من العصر الحديث التي تفرض نفسها بالإرهاب على شعوبنا).
إننا نسأل: ماذا تفعل الدول العربية لتشجيع دول العالم على تعليم اللغة العربية وأيضاً ترجمة الكتب الأدبية العربية، إلى اللغات الأجنبية.
لو عرف العرب كم تصرف وزارة الثقافة في إسرائيل من الجهود ومن المال "لإقناع" دور النشر الأجنبية لترجمة وإصدار إبداعات الكتّاب عاموس عوز وسامي ميخائيل وأ. ب. يهوشواع وعشرات الكتاب والشعراء العبريين المعاصرين، لعرفوا كم نحن العرب، متخلفون عن العصر، كم الأنظمة السياسية والاقتصادية والثقافية العربية متخلفة بشكل إجرامي عن حاجات أمتنا العربية الطامحة إلى مكان لائق ومضمون وراسخ بين الأمم.
إن اللغة العربية ليست ذات حظ كبير بالعناية مالياً وتربوياً، في ظل النظام العربي السائد، النظام القائم على القهر والإكراه والقائم على التلقين. إن أنظمة لا تحترم شعوبنا العربية كيف ننتظر أن تحترم لغتنا العربية
هناك حاجة أن تقوم حركات المبدعين في العالم العربي وحركات المجتمع المدني، بالمبادرات للنهوض بلغتنا وتطويرها وبنشر ثقافتنا الوطنية والديمقراطية.
وفي آخر الأمر، فإن المشروع القومي العظيم للنهوض المنهجي العلمي والتربوي باللغةالعربية وآدابها، هو جزء من المشروع الأكبر لتخليص الأمة العربية من العدوان الأجنبي ومن الإرهاب والبطش والتسلط وإهانة الإنسان وترسيخ كرامة الإنسان وحرية الإنسان، في أوطاننا العربية الأسيرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات