الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عن : أثر دين التصوف فى المعتقدات الاجتماعية فى ( التداوى والتمائم )
أحمد صبحى منصور
2024 / 7 / 14العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عن : أثر دين التصوف فى المعتقدات الاجتماعية فى ( التداوى والتمائم )
: كتاب : أثر التصوف الثقافى والمعمارى والاجتماعى فى مصر المملوكية
الفصل الثالث : أثرالتصوف فى الحياة الاجتماعية فى مصر المملوكية
أثر دين التصوف فى المعتقدات الاجتماعية فى ( التداوى والتمائم )
( التداوى والتمائم )
مدخل :
صدرت المعتقدات الاجتماعية في مصر المملوكية عن المعتقدات الصوفية الدينية المؤثرة فى المجتمع . وفي العصر المملوكي نشأ عن ( التوسل بالأولياء ) الاستغاثة بهم عند المرض والاعتقاد في جدوى التداوي بتراب القبور المقدسة . ومن الايمان بكرامات ألأولياء إعتقد العصر بجدوى (السحر) الذى أصبح قرينا بالكرامة . وازدهر (التنجيم) في مجتمع يؤمن بمعرفة البشر أو (الأولياء) للغيب . وهو نفس ما ساد فى العصر الجاهلى تحت إسم ( الأزلام ) والذى إعتبره رب العزة مع الخمر والميسر والأنصاب أو ( الأضرحة ) رجسا من عمل الشيطان ، وأمر بإجتناب كل ذلك. قال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) المائدة ) . وآمنوا بالتعامل مع (الجان) على المستوى الحسى ، بل ان الشعراني وصف نوعا من الأولياء الأحياء يعتبرون وسطا بين الولى والجان، وهم ( أصحاب النوبة) ، وكتب السيوطي رسالة (القول الجلى في تطور الولي) عرض فيها لإمكانية تشكل الولي وتجسده في أكثر من صورة ، وآمن العصر المملوكى ب (التطير) ، او : التفاؤل والتشاؤم ، و يشيع هذا في المجتمعات التي تؤمن بالأساطير والارواح والجان وتفسر المظاهر الطبيعية العادية وفقا لتلك المعتقدات فيكون التفاؤل والتشاؤم . لذا اعتقد العصر المملوكي في جدوى(التفاؤل والتشاؤم) نوعا من التنبؤ بالغيب .
2 ـ ومع انها صدرت عن التصوف كأثر مباشر فان هناك عاملا غير مباشر اسهم بدوره في التمكين لها بين المجتمع وطوائف المجتمع ، وهو جهد التصوف في نشر الجهل والجمود كما سبق بيانه في فصل العلم والعلوم . والعلم الحقيقى ينمى الوعى والتعقل ولا يدع مجالا لنشر الخرافات الدينية .
3 ــ ولا يزال سائدا حتى الآن الاعتقاد في إمكانية الاتصال بالجان وعلاقتهم بالأولياء خاصة ، حيث توصف ربيبات الزار بأن (عليها شيخ) أي ان صورة الجان إختلطت في اعتقادهم بصورة الولى الشيخ . والقانون يجرّم الدجالين منتحلى الطب الروحاني وأصحاب (الأعمال) السحرية ، ومع ذلك فإن لقبهم في عرف العامة هو (المشايخ)، وغالبا ما يرتدون زي الشيوخ وتروج تجارتهم في الموالد الصوفية وحول الأضرحة ، فلا يمكن ان يطلق لقب الشيخ على أولئك المحتالين المجرمين إلا بأثر التصوف الديني ، الذى لا يزال سائدا حتى بين بعض المثقفين وفى الطبقات العليا والمتوسطة فى الشعب المصرى . وكل ما سبق ناشىء عن ( الإيحاء ) ، أو الاعتقاد والتصديق .
ونعطى بعض التفاصيل :
فى التداوى
الأولياء الأطــــبــاء :ـــ
1 ــ اعتقد الناس في مقدرتهم على شفاء الناس المرضى بما لهم من تصريف وكرامات . وبهذا اشتهر بعضهم بالطب ، فكان إبراهيم الجعبري (يشارك في علم الطب ) ، وكان اذا اشتهر واحد بالولاية كان الناس يذهبون له بمرضاهم ، فقد ( ظهر عبد أسود قيل انه ولي ، فهرع إليه الخلق ، وفيهم الكثير من الزمني وذوي العاهات والمرضى ) ، ووصل الأمر الى أنه اشتهرت طفلة بالولاية ، وبأنها تشفى المعاقين فقصدها الناس لأنها ( تقيم المُقعد وترد بصر الأعمى ) .
وتردد ذوو العاهات والامراض المزمنة على الشيخ على الخواص ، وقيل عنه أنه ( كان له طبُّ غريب ) ، وفى طب الأسنان عرف بعضهم بأنه يرقى الضرس المصاب : قيل عنه (رقائين الضروس) ، اى إشتهروا برقى الضروس التالفة ، أو كما قيل : (لأن الإنسان كان اذا وجعه ضرسه يرقونه فيسكن الوجع ) . وشاع أنه شفيت امرأة مقعدة على يد أبي بكر السبتي وشفي أحدهم من مرض جلدي عن طريق الشيخ عمر المغربي . ووصلت كرامة بعضهم الى الشفاء بالدعوة المستجابة ، فقد دعا الشيخ المنوفي للأمير بكتم ، وكان مريضا فشفى . وزعموا أن ( رقية ) الحنفي كانت البلسم الشافى لكل من أصابها ( الطلق أوالصداع ) .
2 ــ على ان البلسم الشافي فى إعتقادهم كان الماء الباقي من غُسل الولى الميت ، فيأخذه الناس قبل أن يصل إلى الأرض ليقتسموه في المكاحل في شفاء الرمد ، الى جانب التكحل بتراب القبور المقدسة للأولياء .!!..
التراب كدواء :ــ
1 ــ أشيع بالقاهرة سنة 796 أن امرأة أصابها الرمد ، وأيس منها الأطباء فرأت الرسول في المنام يأمرها ان تتكحل برماد من سفح جبل المقطم ــ حيث مقابر الأولياء ــ وقيل أنها شفيت بذلك .. يقول المقريزي فلم يبق من الناس إلا من أخذ من الحصى الذي بالجبل واكتحل به ، وعُمل منه في الاثمد وغيره ، حتى أفنوا من ذلك ما لا يقدر ) . وهذه الاستجابة السريعة من العصر لا ترجع فقط للاعتقاد في صدق المنام وإنما أيضا لاعتقادهم الثابت في جدوى الاستشفاء بتراب الأضرحة وقبور الأولياء ....
2 ــ والواقع ان التداوي بالتراب المأخوذ من تلك القبور كان معروفا في العصر المملوكي ، حتى أن بعض قبور الأولياء أشيع عنها في العصر المملوكي الشهرة في شفاء المرض مثل قبر ذو النون ، وقبر المنوفي ، والعقيلي وقبر( الكحّال) ويبدو أن القبر الأخير اكتسب هذا اللقب لصلته بشفاء امراض العيون . بل ان بعض الأماكن حازت شهرة في هذا المجال برعاية التصوف طبعا فقد اشتهرت بئر في مسجد الرعينى بشفاء الحمى لمن يغتسل منها) ونصح صوفي مريضا بالبطن بأن يستف من تراب القبلة (ففعل فبريء لوقته) كما يقولون ...
التمائم :ـــ
1 ـ راج استعمالها في العصر المملوكي لشفاء الأمراض واتقاء اذى الحشرات كالجراد وقرص الثعابين وطرد البراغيث .
2 ـ وكانت التمائم تحوى آيات قرآنية مع كلمات وحروف وأعداد غير مفهوم العلاقة بينها ، على نسق أصحاب علم الحرف الصوفي. يقول السخاوي الصوفى صاحب ( تحفة الأحباب ) : (بمشهد زيد بن على زين العابدين عمود رخام على يمين الداخل من الأبواب، به أسطر تكتب في ورقة وتوضع على عرق النسا ، يزول بإذن الله تعالى . وهي مجربة. وهذه صورة الأسطر : 1 ح 5 ب 51 ع 155 مرابية ) ويفهم من كلام السخاوي ان تلك التميمة كانت مستعملة ــ او على حد قوله ( مجرّبة )لمن يقاسي من مرض عرق النسا .
2 ـ على ان هناك تمائم أخرى بنفس الأسلوب تقريبا ، أوردها الدميري فى كتابه ( حياة الحيوان ) ، تفيد ــ في إعتقادهم ـ فى شفاء الأمراض المختلفة ، كالطحال والصداع والأسنان بل وضعت تمائم لطرد البراغيث . وأورد السيوطي تميمة منسوية للخضر للرقية من سُم الثعبان . إلا ان قصيدة البردة للبوصيري كانت أشهر التمائم المكتوبة باعتراف أبي المحاسن ولا تدانيها في الشهرة إلا التميمة التي تحوى أسماء الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكانت شهرتها في منع تسوس الحبوب
3 ــ ومن أظرف التمائم تلك التي عرفت ب (حفيظة رمضان) وكانت تكتب فى آخر جمعة من رمضان والخطيب على المنبر يخطب ، وصيغتها (لا . إلاء، إلا . إلا . ولا . ؤل . يا الله. انك سميع عليم محيط به علمك . كسيعلمون . وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ). ومن الطريف ما يحكيه المؤرخ السخاوى عن شيخه المؤرخ ابن حجر ( العسقلانى ) أنه كان يخطب اخر جمعة من رمضان، في جامع عمرو ، فرأى شخصا بدكة المؤذنين يكتبها فانزعج . .!
4 ــ ولا يزال أصحاب التمائم يعيشون بيننا في الريف خاصة ، يتمتعون بألقاب المشيخة. وفي الامثال الشعبية قولهم : (خد من عبدالله واتكل على الله ) ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. المقاومة الإسلامية في لبنان تُفرج تدريجياً عن مفاجآتها في ال
.. 88-Al-Aanaam
.. ارتفاع حوادث معاداة الإسلام والكراهية ضد المسلمين في بريطاني
.. المؤسسات الدينية في إسرائيل تجيز قتل الفلسطينيين
.. 84-Al-Aanaam