الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذا ينحاز رؤساء أميركا للكيان اللقيط !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 7 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نلفت نظر القراء الأعزاء بداية إلى أمرين، الأول: استحضار تعبير "هرمجدون"، خلال قراءة هذا المقال حتى نهايته. والثاني، تأكيد حقيقة أن المسيح رسول المحبة والسلام، الذي لم يذكر لنا التاريخ أنه آذى كائناً حياً في حياته، بريء من تلفيقات وأباطيل كثيرة تُنسب إلى الديانة التي تحمل اسمه.
يستدعي السياق العودة الى قيام الدولة الأميركية، لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
نشأت أميركا، نتيجة هروب متدينين بروتستانت من أوروبا بعامة، وبريطانيا بخاصة، إلى ما كان يسميه بعضهم "أرض الميعاد"، أو "الأرض الجديدة"، أي أميركا الحالية.
في خمسينيات القرن الفارط، ظهرت في أميركا ما تُعرف ب"الصحوة البروتستانتية". بالمناسبة، رؤساء الولايات المتحدة كلهم بروتستانت، باستثناء جون كينيدي، الكاثوليكي، الذي قُتل في ظروف ما تزال غامضة حتى يوم الناس هذا. في سبعينيات القرن المنصرم، زادت الحركة الدينية في أميركا نشاطاً، وظهرت طوائف لم تلبث أن تمددت وازدادت قوة، مثل الطائفة المعمدانية والطائفة المنهجية. ونما تيار بإسم "المسيحيون المولودون من جديد". أخطر ما في هذا التيار، اعتقاده بقدسية اليهود وعصمتهم. وفي العام 1976 وصل سدة الرئاسة في البيت الأبيض، للمرة الأولى في تاريخ أميركا، رئيس ينتمي إلى هذا التيار، هو جيمي كارتر. وقد أعلن صراحة، في خطاب له أمام الكنسيت الصهيوني عام 1979، أن العلاقة بين أميركا واسرائيل علاقة دينية في الأساس. ومما قال أيضاً:"إن علاقة أميركا بإسرائيل أكثر من علاقة خاصة. لقد كانت ولا تزال علاقة فريدة، وهي علاقة لا يمكن تقويضها، لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأميركي".
في سنة 1980، أسس القس الأميركي جيري فالويل، ما يُعرف بمنظمة "الأغلبية الأخلاقية". وهي منظمة متشددة دينياً، حشدت في السنة ذاتها ثلاثة ملايين ناخب أميركي لترجيح كفة رونالد ريغان في انتخابات الرئاسة الأميركية آنذاك. وكان ريغان قد أعلن في مؤتمر ترشحه للرئاسة، تأييده التام للأجندة الأخلاقية لما يُعرف في أميركا باليمين المسيحي. وتذكر مصادرنا أن ريغان زار خلال حملته الانتخابية، المنظمة اليهودية "بناي برث" في واشنطن، وألقى خطاباً قال فيه:"إن اسرائيل ليست أمة فقط، بل هي رمز، ففي دفاعنا عن حق اسرائيل في الوجود، إنما ندافع عن ذات القيم التي بنيت على أساسها أُمتنا". ومن المعروف أن رونالد ريغان اعتلى سدة حكم أميركا ثماني سنوات(1981-1989). وعنه يقول الكاتب الأميركي جيمس ميلز:"إنه يؤمن بتنبؤات الكتاب المقدس، وخاصة سِفر حزقيال، وما جاء فيه من أن الرب سيأخذ أولاد إسرائيل إلى الأرض الموعودة". ولطالما أعلن ريغان جهراً إيمانه بموقعة هرمجدون، والمجيء الثاني للمسيح. ويروى عنه قوله ذات يوم لمدير اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (إيباك):"عندما أعود بالذاكرة لأنبيائكم الأقدمين في التوراة، والعلامات التي تتنبأ بالمعركة الفاصلة هرمجدون، أجدني أتساءل إذا كنا نحن الجيل الذي سيشهد وقوعها". على الطريق ذاته، سار الرئيس جورج بوش الأب، وكان يرى في تزايد التواجد العسكري الأميركي في منطقتنا تقريباً لتحقيق حلم هرمجدون. ولم يكن يخفي اندفاعه في تقديم أجل الخدمات للكيان وللتيار الديني المتشدد في بلاده. في عهد بيل كلينتون، هدأت نبرة الخطاب الديني، لكنها لم تلبث أن عادت أقوى من سابقاتها عندما أصبح جورج بوش الابن رئيساً. وقد أعلن أكثر من مرة "أن اليهود هم الشعب الوحيد الذي اختاره الله". وكان متطرفاً أكثر من الصهاينة الاسرائيليين برؤيته "أن الضفة الغربية وقطاع غزة منحة ربانية لليهود، لا يجوز التنازل عنهما". أما الديمقراطي الليبرالي باراك حسين أوباما، فلم يكن بمستطاعه الخروج عن المسار، إذ لطالما أكد أنه بروتستانتي يؤمن بمعتقدات البروتستانت. وعلى طريق الإنحياز الأعمى لكيان "شركائنا في عملية السلام" سار دونالد ترامب. أما الرئيس الحالي، مصافح الهواء، فقد زاد على سابقيه كلهم تفاخره بصهيونيته مع أنه ليس يهودياً. والآن عزيزي القارئ، لا بد أنك تسأل عن هرمجدون، حيث ورد هذا التعبير أكثر من مرة في سياق إنحياز الرؤساء الأميركيين الأعمى للكيان. تتكون الكلمة من مقطعين، كما نرى، هر، وتعني جبل. ومجيدو، وتشير إلى وادٍ في فلسطين. وفي العبرية، هار- مجدون، أو جبل محدد. بحسب المفهوم التوراتي، هارمجدون، هي المعركة الفاصلة بين الخير والشر أو بين الله والشيطان، وتكون على إثرها نهاية العالم. وتحولت هارمجدون إلى عقيدة لملايين البروتستانت المتنفذين في أميركا وبريطانيا بخاصة، يشاركهم فيها اليهود الصهاينة. مفاد هذه العقيدة، نشوب حرب بين قوى الخير والشر، على أرض فلسطين في منطقة مجدو أو وادي مجدو، يشارك فيها مائتا مليون جندي، وستكون حرباً نهائية وشرطاً لعودة المسيح الثانية. للتذكير، تقع هضبة مجيدو في فلسطين على بُعد 90 كيلومتراً شمال القدس و30 كيلومتراً جنوب شرق مدينة حيفا.
ولا يمكن للباحث المدقق، إغفال ورود هرمجدون في الموروث الإسلامي من دون استخدام هذا التعبير. ففي صحيح مسلم نقرأ الحديث:"لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبيء اليهود وراء الحجر والشجر". وعن حذيفة بن اليمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يكون بينكم وبين بني الأصفر هدنة، فيغدرون بكم في حمل امرأة يأتون في ثمانين غاية(راية) فينزلون بين يافا وعكا فيحرق صاحب مملكتهم سفنهم ويقول لأصحابه قاتلوا عن بلادكم، فيومئذٍ يطعن فيهم الرحمن برمحه ويضرب فيهم بسيفه ويرمي بهم بنبله ويكون فيهم الذبح العظيم".
أما العقل والمنطق، فيؤكدان أن النظام الرأسمالي الأميركي، ولكي ينهي وجود النظام الاشتراكي السوفييتي والدول الاشتراكية ويبسط سيطرته على العالم، قرر منذ خمسينيات القرن الفارط العمل على تقوية تيارين، على مستوى العالم كله. التيار الأول، السلفية الدينية. وعلى هذا الأساس، نشأ كل من منظمة المؤتمر الاسلامي ومجلس الكنائس العالمي. التيار الثاني، البرجوازية الطفيلية. وهي ذاك الصنف من البرجوازية، التي تجني ثرواتها وأرباحها من المتاجرة بالممنوعات، أي الجنس والمخدرات وبيع السلاح. ونرى أن ما جرى في عالمنا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي سنة 1991 وحتى اللحظة، يؤكد صحة ما ذهبنا اليه. بالمناسبة، أحد أهم أسباب حقد أميركا وغربها الأطلسي على القيادة الروسية الحالية، والرئيس فلاديمير بوتين تحديداً، اتهامه بأنه يسعى في إحياء الإتحاد السوفييتي السابق.
على كلٍّ، وبالعودة إلى الصدد تأسيساً على ما تقدم، هل توافقنا الرأي عزيزي القاريء أن السلام الحقيقي في منطقتنا والعالم كله مستحيل بوجود النظام الرأسمالي الأميركي الجشع المتوحش في العدوان والسطو على مقدرات الشعوب، وتحريف مقاصد الدين لتحقيق مصالح سياسية حقيرة بالبغي والعدوان؟!
ما رأيكم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تعتدي على مصلين حاولوا الوصول إلى المسجد الأقص


.. أسوياء مع مصطفى حسني - نفسي فداك يا رسول الله ..وتعرض أبو بك




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها


.. 92-Al-Aanaam




.. تُسع ثقافات أنجبت سومر، ماهي ؟