الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل يخضع تاريخ الفلسفة إلى دورات ؟
الحسن علاج
2024 / 7 / 15الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فانسون سيتوت
ترجمة : الحسن علاج
بصرف النظر عن الحقبة الزمنية أو إقليم من أقاليم العالم ، فإنه يبدو أن الأفكار الدينية ، الفلسفية والعلمية تترابط فيما بينها بشكل دوري . نظرة عامة .
إنه لوضع تاريخ للفلسفة ، لابد ، بادئ ذي بدء ، من تعريف هذا الحقل المعرفي بغية تعقبه في الماضي ثم فهم كيف يتطور في الزمن . ومع ذلك ، فلا أحد يتفق بخصوص هذا التعريف ، ماعدا لو ظل تلميحيا : تعتبر الفلسفة تخصصا نظريا يكمن ، من خلال التحديد المفاهيمي والتشكلات النسقية ، في معالجة القضايا التأملية ( كيف يمكن للإنسان أن يكون حرا في عالم محدود ؟ ؛ هل أنا واع بوجودي ؟) . ووفقا لنظرة شاملة فهي بكل بساطة فن التفكير بعناية في المسائل التي يطرحها الجميع في أي مجال من المجالات ، ما لم يكن ذلك ظرفيا ( كيف نتصرف ؟ ؛ ما العدالة ؟ ) . دعونا نكون أكثر دقة : تعتبر الفلسفة صيغة في التفكير في الوقت نفسه نظرية ( بما أنها تستهدف الحقيقة ) ومعيارية (طالما أنه دائما ثمة قيم قيد البحث ، لا لشيء إلا أن الحقيقة باعتبارها قيمة ) كما أنها تقدم نفسها كممارسة ( حكمة أو دليل للحياة ) ـ وتختلف الجرعة بين تلك المظاهر الثلاثة بشكل ملحوظ من مؤلف إلى آخر . ومثلما أن الفكر المسمى دينيا يقدم نفسه على ذات الشاكلة ( نسق ، مبادئ أخلاقية ودليل حياة ) ، سوف يتم تمييز الفلسفة بمقتضى لجوئها إلى توظيف أدوات فكرية منحرفة جدا عن المركز ـ منطق، تسويغ ، برهنة ، وضع إطار مفاهيمي ، تصنيف ، استحضار التجربة .
تاريخ مقارن
يقع العديد من المؤلفين ضمن محيط هذا التعريف، بحيث إن تاريخ الفلسفة الذي ينجم عنه لا يمكن أن يكون مقيدا بالغرب ، بل لابد من أن يشمل ، كحد أدنى ، التقاليد الكبرى للفكر الأسيوي والشرق أوسطية ( هند ـ صين ، يابان ، إسلام )ـ دون إغفال العالم السلافي ، الذي ليس أسيويا ، وليس أوروبيا كذلك . وبما أن كل تلك الثقافات الفكرية تتطور بشكل جزئي ومتزامن وضمن استقلال نسبي (ليس تاما لكنه دال ) ، فإنه بإمكان المرء مقارنة تطورها في الزمن . وبعبارة أخرى ، ثمة إمكانية للقيام بتاريخ للفلسفة المقارنة .
على أنه ما الذي يكشف عنه تاريخ ما ؟أن طريقة التفلسف عبر القرون ضمن كل حضارة من الحضارات العظمى ليست عرضا مسرحيا فوضويا تهيمن عليه الصدفة ، حيث ستتوالى الأحداث اللامتوقعة ، الحوادث ، التبدلات المفاجئة والتي لا يمكن التنبؤ بها . خلافا لذلك ، فإنه يبدو أن الفكر في الزمان والفضاء يمر بمراحل مماثلة ، من أوروبا إلى الصين والعصور القديمة إلى يومنا هذا . تعمل تلك المراحل على وصف ما يمكن تسميته بالدورة .
تاريخ دوري
فلكي نتمكن من الحديث عن الدورة ، لابد من نقطة وصول سياق ونقطة انطلاق من أن تتشابهان . فعلى سبيل المثال لم تكن الفلسفة اليونانية موجودة في القرن السابع قبل الميلاد ، وليس بدرجة كبيرة في القرن السابع بعد الميلاد . خلافا لذلك ، فقد انتشرت بين هذين التخمين . كذلك فإن الفلسفة الرومانية لا توجد بعد ، فقد وجدت (في القرن الثاني قبل الميلاد . في بداية القرن السابع ) ، ثم لم يعد لها وجود أبدا ـ العودة إلى مربع البداية ، إلى حد ما . سيكون من التعسف الحديث عن دورة cycle) ( لو كان هناك فقط ظهور مفاجئ ثم اختفاء مباغت بعد بضعة قرون . كما أن فكرة الدورية cyclicité) ( تتضمن دورية التطور التدريجية . وتعني الدورة ، بالمعنى القوي للكلمة ، الولادة ، النمو ، البلوغ ، الشيخوخة ثم الموت . وبحسب هذا النموذج الحيوي كان أوسولد شبينغلر يفكر في التاريخ في كتاب انحدار الغرب (1918 ـ 1922 ) .
بيد أن الحضارات ليست كائنات حية ، حتى ولو أنه من الممكن أن تتطور بطريقة مماثلة . وبعبارة أخرى ، فلا يتعلق الأمر بعرض ميتافيزيقا حيوية بشكل مسبق ، بل بدراسة الماضي بدون أدوات ميتافيزيقية ، سواء أكانت حيوية ، مادية ، صادرة عن العناية الإلهية ، غائية ، تقدمية أو انحطاطية ، إلخ . إن اختبار الفرضيات التاريخية يعتبر شيئا مغايرا لتطبيق مذهب مسبق .
ولادة وتطور التقاليد الفلسفية
لا يظهر التقليد الفلسفي بالصدفة هنا أو هناك ؛ إنه يترسخ ضمن شروط معينة . شأنه في ذلك شأن نبتة ، لابد له من تربة تسمح له بالنمو والتبرعم . لابد من أن تتقدمه حياة فكرية وأن تبلغ التبادلات بين المثقفين درجة معينة من القوة . فمن يكون هؤلاء الأشخاص المتعلمون ، الذين هم ليسوا فلاسفة ، لكن نقاشاتهم تجعل الفلسفة ممكنة ؟ يتعلق الأمر برجال دين أو مؤيدين للدين ـ مسؤولين عن الشعائر الدينية ، رهبان ، لاهوتيين ، دارسي الأساطير ، متأملين في الكوسموس ، منجمين عرافين ، سحرة ، إلخ .
إن هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون ثقافة دينية ليسوا مثقفين دائما مع بعضهم البعض . فإذا كانت الظروف الاجتماعية والسياسية تسمح بذلك ، فهم يتناقشون ، يتبادلون وجهات النظر ، يجادلون ، يدحضون بعضهم بعضا ، يستدلون ثم ينتهي بهم الأمر بما يدعى بالفلسفة ـ أن يسمونها أولا ، أن يدّعوا ذلك أولا ، أن يفهموا أو لا يفهموا ذلك .
إن المرور من " الأسطورة إلى العقل " في اليونان القديمة قد تم التنظير له وتعميمه من قبل جان بيار فرنان (Jean-Pierre Vernant) في كتاب أصول الفكر اليوناني (1962) . إلا أن مسلسلا مماثلا يوجد في مكان آخر . ففي الهند ، على سبيل المثال ، فإن التقاليد الفيدية والبراهمانية ( والتي هي تقاليد دينية ) تتجه انطلاقا من القرن الثامن قبل الميلاد إلى التأملات الميتافيزيقية حول البراهمان ( مبدأ إلهي ) والأتمان ( مبدأ تفرد ) اللذان يتخذان مظهرا فلسفيا على نحو متزايد . ومع ذلك ، فإن الرهبان ( طبقة البراهمان ) هم من يغير مجرى الدين نحو الفلسفة ، في الأوبنيشاد ثم ضمن ما سيصبح تقليد الفيدانتا Vedanta) ( .
في الصين ، بشكل مختلف لكن مماثل في العمق ، ينمو الفكر الفلسفي على أرض هي أرض التأملات الدينية الكوسمولوجية ـ تناوب الين Yen) ( واليانغ Yang) ( ، مبدأ الطاو حاكما هذا التناوب ، والعواقب الأخلاقية والسياسية لتلك التصورات . إن تطعيم الفلسفة في الإسلام ، بالساق الديني لا يزال جليا للغاية . إن الفلاسفة الأوائل ما هم في حقيقة الأمر سوى لاهوتيين متشيعين للمنهج العقلاني لحل القضايا ـ المعتزلة .
تحافظ هذه الفلسفة المنحدرة من الفكر الديني على تكونه . إن أول مرحلة من مراحل تاريخ الفلسفة ـ التي يمكن تسميتها بالمرحلة القبكلاسيكية ـ تتوافق مع الوقت الذي ينبغي على الفلسفة أن تعبره لكي تحقق نوعا من الاستقلال .
الفلسفة في قمة فنها
بعد فترة نضج ، تماثل طفولة ما ، يتوقف الفكر الفلسفي تدريجيا عن الإحالة على الفكر الديني كما لو أنه يحيل على وصايته الطبيعية . ويصبح الأمر أكثر جلاء أن الدين يقف حجر عثرة في وجه الإبداع الفكري وأمام الابتكارات النظرية ـ مع أنه يشكل في وقت سابق الأرض الحاضنة . لقد حان الوقت كي تكون الفلسفة أو لا تكون مشكلة من فرع علمي ،أن تستبعد التقليد. وهي إذ تفعل ذلك فإنها تحقق نوعا من الاستقلال ـ فإن لم يكن استقلالا مؤسساتيا ، فعلى الأقل يكون جزئيا .
لم يختف الفكر الديني أبدا ولم تقم الفلسفة مقامه في أي مكان . لكنه أصبح مبتذلا ، إذا جاز القول ، بواسطة الفاعلين الجدد للحياة الفكرية . إن التفكير دينيا ،أضحى ، من الآن فصاعدا من الماضي؛ أصبح فكريا ( وسياسيا في غالب الأحيان ) رجعيا ـ أو على الأقل محافظا . خلافا لذلك ، فإن الفلاسفة ينفتحون على المعارف الجديدة ، يبتكرون نظريات هرطوقية ويصوغون بالتوازي مع ذلك ، أسلوبا غير مسبوق . إنه العصر الكلاسيكي للفلسفة .
أما فيما يتعلق بالهند القديمة ،بالإمكان وضعها بين 540 و 480 قبل الميلاد على وجه التقريب ، بمعنى أثناء ازدهار هرطقات الأجفيكا ( القدرية ) ، تشارفاكا ( المادية ) ، الشكوكية ، البوذية والجاينية Jainistes) (. لقد عرفت الهند تحت حكم سلالة غوبطة Gupta) (( وبشكل خاص بين 350 و 450 قبل الميلاد تقريبا ) ، ما يمكن تسميته بعصر كلاسيكي ثان . أما في الصين القديمة ، فإن المرحلة الكلاسيكية توافق نهاية الممالك المتطاحنة (من 350 إلى 250 قبل الميلاد تقريبا ) ـ وتعتبر كلاسيكية الأسرة الحاكمة للسونغ Song) ( ، في القرن 11قبل الميلاد ، كلاسيكية تعود إلى عصر آخر . وفي اليونان القديمة ،ولو أن هذا التحقيب ليس مألوفا ، فلابد من العودة إلى النصف الثاني من القرن 5 . وبروما ، فإن حقبة الرخاء تتوافق مع نهايةالجمهورية . وبالنسبة للفلسفة الأوروبية ، فإنه يبدو أن القرنين 17 و 18 عشر يجيبان على كل معايير الكلاسيكية .
الانحطاط المتصل بالفلسفة وانبثاق العلوم
لكي تكون هناك دورة ، فلابد من وجود مرحلة انحطاط . ومن أجل الحديث عن الانحطاط ، لابد من التوفر على معيار المؤرخ الرسمي للفلسفة الذي يريده أن يكون أقل اصطناعاقدر الإمكان ؟ ينتاب المرء على الأصح الانطباع بالتعسف المبالغ فيه ، لأن ما يعتبر انحطاطا لهذا الشخص لا يعتبر انحطاطا بالنسبة لشخص آخر . هل سيعتبر تلامذة هيغل أو هيديغر أنه ثمة انحطاط بعد كانط ؟ خلافا لذلك ، لا ينبغي للمرء أن يكون معجبا بديكارت ، هيوم أو بفولتير بأي حال من الأحوال يمكن اعتبار القرنين 19 و20 قرنين منحطين ؟ فلابد من إيجاد معيار لا يكون مرتبطا بتفاهمات خاصة ، أذواق فكرية مختلفة ومتنوعة .
هذا المعيار يمنحنا إياه التاريخ الفكري . في بداية العصر الذي يمكن نعته بالعصر ما بعد الكلاسيكي ، ثمة أسلوب في التفكير فرض نفسه ـ أسلوب التفكير العلمي . منذ ذلك الحين ، لم تعد الفلسفة في طليعة إنتاج المعارف . شكلت العلوم المختلفة منافسا لها والأسوأ من ذلك ، تعمل على تهميشها كما همشت الفلسفة المعرفة الدينية .
ومع ذلك فإن الفلسفة لن تصبح محتضرة مثل الدين فيما سبق ، لكنها لن تكون في الطليعة على مستوى المعارف . على أنه حتى ولو لم يكن هنا كل شيء ( فلسفة القيم ، الحكمة والأسئلة الوجودية لن تختزل ، عكس ذلك ، إلى أسئلة معرفية ) ، إلا أنه ليس هامشيا .
كانت المعرفة في العصر الكلاسيكي في طريقها إلى التخصص ، إلا أن التخصصات الناشئة ( مختلف العلوم حول الطبيعة والعلوم الإنسانية المستقبلية ) لم تكن مستقلة عن الحقل الفلسفي ـ في أوروبا ، فقد استقرت في بيئة ال" فلسفة الطبيعية " أو ال" فلسفة الاجتماعية " وقد مورست في المقام الأول من قبل فلاسفة . ويعتبر عصر ما بعد الكلاسيكي عصر تمكين ـ إن لم يكن تمكينا كليا ، فهو على الأقل تمكين معزز ـ المعارف المتخصصة . لذلك ، ففي اليونان الهلنستية ، ارتقت الإسكندرية إلى عاصمة علمية ، بينما بقيت أثينا قلب الفكر الفلسفي . وسوف يعرف العالم العربي الإسلامي ازدهار علوم مختلفة خلال القرن العاشر الميلادي . وفي روسيا أو اليابان المعاصر ، فقد غيرت المعارف العلمية الحياة الفكرية للقرن التاسع عشر ، كما حدث ذلك ، بالتوازي ، في الغرب . في كل مكان حيث تظهر العلوم ، تردد الفلسفة صدى الحدث بإعادة تشكله وتغييره .
تصاعد الطموحات الدينية
إن إنشاء المعارف المتخصصة المتميزة لا يخلو من التأثير على طريقة التفلسف . يسعى الفلاسفة ما بعد الكلاسيكيون تارة إلى محاكاة الصرامة العلمية ببناء أنساق تشبه قلاعا فكرية فيما يتصل بحرب مع العلوم ؛ وتارة أخرى يقتربون من المجال الأدبي والثيمات الوجودية لتجنب المواجهة . وفي حالة معينة ، يمكن الاستفادة من مبادئ أساسية عصية على التوظيفات التجريبية ، وفي الحالة الأخرى يتم التأكيد على قيم ليس لدى العلم ما يقوله عنها . وفي كل الحالات ، فإن الفلسفة تتحول .
ويبدو أن التوجه الأشد قوة ، على المدى البعيد ، هو العودة القوية للثيمات الدينية . وفي واقع الحال ، فمن أجل الاحتفاظ بمشروعية فكرية كاملة ، فإن الإغراء يكون كبيرا باستحضار كيانات غير مادية (لا يمكن للعلوم بلوغها ) مثل الروح ،الوعي النقي ، الحرية أو الله . أو : البراهمان ، الطاو ، الكوسموس ، العقل ، العدم ، الوجود ، النور ( داخلي أو متعال ) ، إلخ .
وبطبيعة الحال ، فإن السيناريو ليس هو نفس السيناريو تبعا للحضارات المدروسة . إلا أن تاريخ الفلسفة المقارنة يكشف عن اعوجاجات مماثلة . تعتبر العودة إلى التدين واضحة تمام الوضوح في الفلسفة اليونانية والرومانية المتأخرة ، حيث التأثيرات الباطنية والفلكية الشرقية تتمظهر دائما بشكل كبير . سوف ينتهي الأمر بصوفية أفلوطين ( تلميذ أفلاطون ) بتوحيد الفكر الوثني برمته ، قبل أن تنتصر المسيحية على الحياة الفكرية في آخر المطاف .
كانت الجاذبية إلى الفكر الصوفي ، في الإسلام ، أشد إلحاحا ، في الوقت الذي كان فيه الفلاسفة العقلانيون والعلماء ( فلاسفة أطباء ، فلاسفة منجمون ، فلاسفة علماء رياضيات على الخصوص ) نادرين . وانتهى الأمر بالتدين إلى الهيمنة على العالم الفكري ، من الأندلس إلى فارس . ذات الاستعداد يوجد في الهند في أواخر الألفية الأولى قبل الميلاد ، عنما تم تهميش التيارات الهرطوقية وتعمق المجادلين في التدين الهندوسي المجتاح . إن الصين ، اليابان ، روسيا والغرب المعاصر ( وكذلك الثقافات الأخرى المنتجة للفلسفة في الوقت الراهن ) لم تكتمل دورتها ، فهي ليست معنية إلا بصفة جزئية من قبل تلك الظواهر .
موت الفلسفة واكتمال الدورة
أصبحت الفلسفة محط تنافس من قبل العلوم من جهة ، ومثقلة بالتطلعات الدينية من جهة أخرى ، تستجيب الفلسفة للانتظارات بشكل متقهقر . فعندما تكون العلوم ذاتها ليست في مستوى تأمين توازن ما ( لأن نشاطها ينتهي به الأمر إلى النضوب ) ، تميل الحياة الفكرية برمتها إلى الجانب الديني . لا تستمر الفلسفة إلا مثل تكملة لروح الفكر الديني . الدورة تكتمل .
وهو ما حصل في العالم الهلنستي في بداية القرن السابع الميلادي ، في العالم الروماني في نفس الفترة ( لكن بشكل كبير في الغرب ) ، في الهند حوالي العلم صفر ، في الصين منذ الفترة المضطربة للممالك الست عشرة للشمال وأسرة الين ، في الجنوب ( حوالي 400 ميلادية ) ، ثم نحو نهاية الأسرة يوان المغولية ( في 1378 ) و ، أخيرا ، ما حدث في الإسلام عند نهاية الصفويين ، حوالي 1700 .
تعتبر نهاية دورة ما هي على الدوام بداية لدورة أخرى . تتمتع الفلسفة في الوقت الراهن ، بحيوية لافتة للنظر في العالم برمته . ولما كانت العلوم المختلفة تتمتع باستقلال تام ، فإنه يمكننا القول أنه ، من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ، فإننا نوجد في مرحلة ما بعد كلاسيكية . ومع ذلك ، فإن موت الفلسفة لن يكون غدا . ربما لن يحصل أبدا . فما كانته القاعدة ربما لن تكونه بعد . إن الدورية بنفسها يمكن أن تتعطل بواسطة ظاهرة العولمة . وبالفعل ، فإن الدورات بإمكانها على الدوام أن تستند على حضارات استثنائية . فإذا ما توحدت البشرية ، فإن القواعد تتغير . على أنه من المحتمل جدا تعقب عولمة مضادة للعولمة ، بحيث إن كل ثقافة تدخل إلى تخومها ، فإنها تعثرأيضا على ميولها العلمانية .
يبدو أن رقعة لعب الفكر الفلسفي تتقلص تدريجيا . فليس " الطبيعة " هي التي تشكل موضوع تحر من جميع الجوانب من قبل العلوم ، بل أيضا الواقع البشري . ومن هنا جاءت حالة الأزمة وعدم اليقين : ما الذي يتبقى للفلسفة في ملكيتها الحصرية ؟ القيم ، الحكمة ، الوجود ، الحرية ، السعادة ، الجمال تقدم مرشحين جيدين وتضمن للفلسفة مشروعية مستدامة .
ــ
مصدر النص : مجلةالعلوم الإنسانية الفرنسية Sciences Humaines في عدد ممتاز تحت رقم 29 يناير ـ فبراير 2024 .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لماذا تعد حمص مفتاح السيطرة في سوريا؟
.. المعارضة السورية المسلحة: سيطرنا على آخر قرية على تخوم مدينة
.. أول صلاة جمعة لمقاتلي فصائل المعارضة في تل رفعت عقب السيطرة
.. لقاء حار بين أفراد أسرة فرقهم الاحتلال بين بيت لاهيا وغزة
.. رئيس كوريا الجنوبية يعتذر لمحاولته فرض الأحكام العرفية