الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تأثير الالوان على حياة الإنسان
سيامند حسين إبراهيم
2024 / 7 / 19التربية والتعليم والبحث العلمي
دراسة في علم الالوان وتاريخه
عندما خلق الله الحياة على كوكب الأرض ميزه عن باقي جيرانه وأقرانه من الكواكب المحيطة به بالكثير من المميزات والنعم التي لا تعد ولا تحصى من أهمها الألوان، فبينما بعض الكواكب حمراء والبعض سوداء ورمادية فإن درجات الألوان الطبيعية لا تنتهي على كوكب الأرض، ومن هنا بدأ الإنسان حياته متأثراً بالألوان حوله. بدايةً كتمويه للحماية من الضواري وللصيد أو كرسمات تعبر عنهم كما تم اكتشافه في كهوف فرنسا حيث يعود عمر بعض الرسومات الملونة إلى ٢٥ ألف عام مضت إلى أن أصبح أحد اهم أهدافها هو التألُف مع المحيط السكني و زينةٍ للبس وثم للديكور في المسكن أي أن استخدام الالوان في حياة البشر تطور مع تطور حضارتهم ووعيهم. مع التقدم الحضاري والفكري اصبح البشر يخترعون الألوان من الاصباغ الحجرية والنباتية والحيوانية وهذه كانت بداية دراسة علم الألوان لدى البشر حيث إن استخدامها الصناعي أدى إلى فهم المعاني الخفية في الالوان وتأثيرها على الروح والنفس البشرية لدرجة بأنها أصبحت تتحكم بحياة الإنسان من لباس إلى مسكن وحتى مأكل. عبر التاريخ اهتم الأمراء والملوك بلبس الألوان البراقة والمشعة المنسوجة بخيوط ذهبية أو فضية لإضفاء لمسة فارقة عليهم لتميزهم عن باقي البشر إلى أن تم اختراع اللون الأرجواني النادر في عصر الامبراطورية الرومانية حيث أصبح لون الأميرات والملكات إلى اليوم وذلك لصعوبة استخراجه طبيعياً. والأمر كان مشابهاً مع الأزرق الغامق المخملي، في القرن التاسع عشر بينما كان الشاب وليام بيركن يحاول اختراع دواء للملاريا اكتشف صبغة ارجوانية صناعية. على الرغم من أنه تم اكتشاف لون بنفسجي في مقبرة صينية عمرها أكثر من ألفي عام ولكن لكون الصين كانت دولة منغلقة فلم ينتشر اختراعها آنذاك. أما الاحمر (لون الأباطرة والملوك) وكان يسمى بالقرمزي فكان ينتج من خلال استخراجه من حشرات الللك المنتشرة في حوض البحر الأبيض المتوسط وكان يتم سحق ٧٠ ألف حشرة للحصول على بضعة غرامات من اللون الأحمر القرمزي والذي يصبغ كمية كبيرة من المياه، مع كثرة الطلب على اللون الأحمر أصبح غالياً جدا فاستبدله عامة الشعب بالأحمر القرميدي المستخرج من النباتات والذي يبهت بسرعة. أما الأصفر (لون الشمس والذهب) ويعد من أقدم الألوان وقد استخدمه سكان الهلال الخصيب عن طريق استخراجه من أزهار الزعفران والكركم، امتلك الأصفر مكانة كبيرة لدى معظم الشعوب والحضارات القديمة كونه يرمز للاشعة والشمس ورمز للكثير من الديانات. أما الأزرق وهو لون فرعوني وتم اختراع استخراجه في مصر الفرعونية عن طريق طحن الحجر الجيري وصهره مع معدن النحاس وينتج عنه زجاج يتم طحنه واضافة مادة كيماوية اليه ارتبط الأزرق فيما بعد بالكنائس ودهنت به، أما في الإسلام فكان دور المنمنمات الفارسية الزرقاء المزركشة كبيرا جدا في صبغ و دهان القصور الإسلامية وقد كان مصدرها جبال أفغانستان عن طريق طحن حجر اللازورد.
و خلال حقب التاريخ المتنوعة وعلى اتساع الجغرافية الأرضية كان فهم البشر للالوان متقارباً نوعاً ما فاللون الأسود يدل على الحزن (عدا بعض الثقافات كاليابان مثلاً فثياب الحزن لديهم بيضاء) والأبيض على النقاء والأصفر على الفرح والأخضر على التفاؤل والأحمر على الجمال والاثارة وحتى التهديد. إن فهم اشارة وتأثير الألوان تطور وتقدم مع التقدم الفكري البشري عند تنامي المدارس الفلسفية وانتشار النظريات العلمية، حيث إن الأسود أصبح يدل على الهيبة أيضا وأصبح لوناً ذكوريا يدل على القوة والغموض كاللون البني الدال على الحكمة والحياد فهو لون طبيعي مشتق اساساً من التربة وهذه الدلالات تمت عبر دراسة الفكر ورد فعل البشر حيث وجدوا اللون الأزرق الداكن يدل على الجرأة والقوة بينما السماوي لون حيوي وساطع وأصبح اللون الأخضر يرمز للخير والأمل وذلك لأنه يرمز للعشب والخضار بعد هطول الأمطار وهذا بسبب ربط الإنسان كل شيء بالطبيعة، وأصبح الأصفر يرمز للنشاط والعمل بجانب الفرح لدرجة أنه اعتمد لوناً لدهان آلات العمل كالآلات الحفر والهدم بمختلف أنواعها وهكذا اصبحت الألوان محط دراسات فلسفية للمدارس الفكرية على مرة العصور وصولاً للعصور الوسطى حيث أبدع العلماء والرسامون في استخدام واستغلال الالوان في الرسومات التي أصبحت خالدة إلى اليوم في جدران الكنائس وعلى اللوحات الزيتية حيث أن اسعارها أصبحت أغلى من الذهب بكثير لأنها شكلت بداية حقيقية لفهم البشر الألوان وتأثيرها على الخيال و اللاوعي البشري وذلك من خلال إدخال أشعة الشمس على اللون وخلق تدرجات الألوان وهو أهم فروع علم الألوان فأصبح اللون له العديد من الدرجات أحمر: بندقي، فارسي، عقيقي، شهواني، كاردينالي، ياقوتي، عُليقي......الخ
حيث إن درجة دخول اشعة الشمس والنور على اللون أصبحت تغيره بشكل واضح وأصبح خلط أي لون مع لون أو عدة ألوان أخرى ينتج لوناً آخر أمراً بديهياً لدى معظم البشر ولم يعد حكراً على العلماء والصناعيين والحرفيين الذين كانوا يستغلونها كسِر في إنتاج الألبسة والدهان. حيث إن الألوان الأساسية ٣ وهي الأحمر والأصفر والأزرق.
كما يوجد 3 ألوان ثانوية (أرجواني وأخضر وبرتقالي).
وأيضاً يوجد ٦ ألوان ثلاثية (ألوان تحصل عليها عند مزج الألوان الأساسية)، بالإضافة إلى (الألوان التي تٌنشئ الألوان الأساسية والثانوية مثل الأزرق والأخضر أو البنفسجي الأحمر).
فأصبح الجميع يعرف بأن الاصفر والأحمر ينتج البرتقالي وكلما زاد الأصفر او الأحمر درجة كلما تغير اللون وانتج لوناً آخراً، وهكذا مزج الازرق والأصفر ينتج الأخضر، و دمج الأحمر وهو لون حار مع الأبيض وهو لون بارد سينتج عنه اللون زهري أما درجة اللون الزهري فيتحكم بها عن طريق زيادة الأبيض أو الأحمر. الأسود والأبيض ينتج عنه الرمادي إذا طغى الأبيض، والصخري إذا طغى الأسود.
حقيقة دمج الالوان واختراع الألوان جديدة باب واسع في علم الألوان والذوق منذ القدم ولكنه أصبح متوفراً للجميع مع اختلاط الحضارات البشرية وتبادل البضائع عبر المحيطات والموانئ حيث تم ابتداع أو توسيع باب جديد وهو تطبيق الالوان وبدأ هذا امراً منطقياً فالعين البشرية تكره الألوان غير المتناسقة مع بعضها كلِبس أو ديكور فأصبح الذواقون والعلماء يبدعون في تطبيق الألوان إلى جانب بعضها البعض وقد بدأت فكرة تناسق الالوان من الطبيعة كالعادة والنظرية الأكثر تدرجاً حينها هو تنسيق الأضداد مثلا الأخضر مع الأحمر (كالورود) الأبيض والأسود. فيما بعد تم استخدام نظرية تدرج الألوان في التنسيق مثلاً: الأصفر والأزرق، بدرجاتهما. البني والبرتقالي بدرجاتهما المختلفة سواء كانت فاتحة أو غامقة. الأرجواني والنيلي. الأزرق الداكن والتركواز والأزرق والكريمي، الابيض مع الوردي، الزهري مع الكحلي والعنابي والتركوازي، تناسق السماوي مع الازرق الغامق او الاسود وحتى الأبيض... وهكذا تطول القائمة حسب الألوان التي لا حصر لها. العلم الحديث أصبح يستغل تأثير الألوان على البشر ففي إيران مثلا يوضع السجناء السياسيون في سجن أفين بجناح ابيض بالكامل اي لا يوجد اي لون اخر فيه وذلك كي يعاني السجين من امراض نفسية تؤدي إلى نكران للذات والهوية وذلك بعد تشخيص حالات اشخاص نجوا من ذلك السجن. ايضا تم اعتماد الازرق الرسمي لوناً للأطفال الذكور لتمييز شخصيتهم وتكوينها وتعريفهم بذاتهم كما تم اعتماد الزهري للبنات لذات الأمر وذلك بعد دراسات اكدت ميول معظم الذكور والإناث لهذين اللونين، وتم ربط الالوان بالأبراج فلكل برج لونه المفضل كما يدعي المنجمون. في الهندسة أصبح الدهان الخارجي والداخلي جزءا محوريا في عملية البناء وإعطاء التفاصيل النهائية لأي عمل هندسي، فالبعض أصبح يدمج البناء في محيطه الخارجي كهيكل ولون والبعض يختار التناقض بين البناء ومحيطه لجعله لافتاً للأنظار.
وهكذا فإن الألوان ترافق البشرية منذ القدم وإلى النهاية فهي الطعمة الطبيعية للحياة البشرية وهي المتحدثة الرسمية عن نفسية وثقافة الإنسان وهي الجسر الواصل بين الإنسان ومحيطه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حسن نصر الله يتحدى نتنياهو بإعادة سكان مستوطنات الشمال.. ما
.. وسط الحرب.. طرق بدائية لطحن القهوة في غزة
.. الجزيرة ترصد آثار الدمار الذي خلفه االاحتلال في بلدة قباطية
.. خفر السواحل الأميركي ينشر مشاهد جديدة لحطام غواصة -تيتان- في
.. خلال لقاء لها مع الإعلامية أوبرا وينفري.. المرشحة الديمقراطي