الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للاسر السورية

وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور

2024 / 7 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تتميز الاسر السورية بخصائص تختلف عن تلك الخصائص العامة المميزة للمناطق الأخرى، حيث قسمت تلك الخصائص على النحو التالي:
1- سمات المكون الاجتماعي والاقتصادي وخصائصه.
والتي تتمثل في الكثافة السكانية العالية وارتفاع معدل التزاحم في الغرفة وارتفاع معدل المشاركة في السكن وارتفاع معدل الجريمة وانتشار المشاكل الاجتماعية والأسرية وأوكار الإدمان والرذيلة كذلك ينخفض مستوى الحالة التعليمية وينخفض مستوى الدخل العام للمنطقة، حيث نجد أن غالبيه السكان ذوى دخل منخفض، وانتشار العرقيات والعصبيات مع انتشار التفكك الأسرى، وعدم الإحساس بالانتماء للبيئة المحيطة كذلك تناقص فرص العمل مع تزايد الدخول الطفيفة( ) الأمر الذي يؤدى إلى سوء الحالة العامة لمباني المنطقة ومخالفتها قوانين المباني وقواعد التنظيم، وكذلك تداخل الاستعمالات والأنشطة سواء كانت سكنية أو تجارية وتوجد أيضا نسبة من المساكن مبنية بمواد بناء مؤقتة أو غير مناسبة بالإضافة إلى عدم توافر المرافق بنسبة كبيرة من المباني والمساكن لعدم توافرها أو لنقصها بالمنطقة، بالإضافة أيضا إلى سوء الإضاءة والتهوية بالمباني وعدم توافر أو كفاءة شبكات المرافق بالإضافة إلى وجود الكثير من المشاكل والأعطال لشبكات المرافق، كذلك عدم كفاية أو عدم وجود نظام جمع القمامة والمخلفات مما يسبب تلوثا بالمنطقة والعديد من المشاكل الصحية، كذلك شبكات الطرق بالمنطقة ضيقة ومتعرجة وبها العديد من الإشغالات التي تعرقل المرور كما تنتشر الأسواق بالمنطقة وتستعمل الشوارع كوسيلة للعرض مما يزيد من مشاكل المرور.
2- بالنسبة للخدمات:
الخدمات التعليمية والصحية والأمنية والإدارية لا تكفى، كذلك لا تتوافر سبل المواصلات العامة سواء داخل هذه المناطق أو الاتصال بمناطق أخري، كما يستخدم الشباب والأطفال الطرقات كملاعب وأماكن للترفيه مما يسبب العديد من المشاكل الاجتماعية كنتيجة لعدم وجود مساحات وميادين ومناطق مفتوحة( ).
وتؤكد منشورات الأمم المتحدة التي تناولت دراسة المستوطنات العشوائية، أن تلك التجمعات السكانية التي نتجت عن الامتداد العمراني العشوائي تنمو عادة علي أطراف المدن الكبرى وتعرف بتدني مستواها من الناحية الفيزيقية والاجتماعية فهي غير مخططة وتنشأ علي أراضي الدولة، ولا تتوافر فيها المرافق والخدمات الأساسية وشوارعها ضيقة متعرجة غير ممهدة ومساكنها وإن كانت غير قديمة حيث لا يزيد عمرها عن ثلاثين عاما إلا أنها يغلب عليها الطابع الريفي وتفتقر إلي أبسط وسائل الراحة وهي مخالفة من حيث ملكية الأرض التي تقام عليها ومخالفة لقواعد وأسس البناء الرسمي المعمول به( )، ويرى "توفيق جلال" أن أهم خصائص المناطق العشوائية هي الافتقار إلي النمط العمراني، والافتقار إلي المرافق وعدم وجود الخدمات الكافية وانتشار الفقر، وانخفاض معدلات التعليم وانتشار الأمية وانخفاض مستويات الرعاية الصحية، وارتفاع معدلات الجريمة بشكل عام، وانتشار الأنشطة الاقتصادية والهامشية وتجارة المخدرات والانحرافات واحتماء العناصر الإرهابية في السنوات الأخيرة بهذه المناطق( ).
وكل ما سبق يعني أنه تدهور للبيئة في الأحياء الفقيرة المحرومة من الخدمات وكل هذا يؤدي إلى رفع نسبة الجرائم وحوادث القتل والسلب والنهب وتصبح تلك المناطق غير المخططة والمزدحمة بالسكان مهددة بالخطر الشديد على اختلاف أشكالها، وقد تعجز القوانين والتشريعات عن حماية المجتمع من الانهيار عن طريق أبنائه مما يستلزم النهوض بالمناطق العشوائية الفقيرة، حيث أن هناك علاقة تأثير وتأثر بين البيئة والإنسان وبالتالي فمن المستحيل أن تكون هناك بيئة أمنة من خلال أفراد لا يملكون قيم النهوض بتلك البيئة والحفاظ عليها( ).
وعلى ذلك فأن أهمية دراسة الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للاسر السورية تتمثل في تزاحم حجم المناطق الحضرية العشوائية التي تنتشر بصورة ملفتة للنظر في غالبية مدن العالم وخاصة مدن العالم الثالث إلي درجة أنها قد تمتد لتشمل مناطق شاسعة قد تتجاوز في بعض الأحيان مساحة المدينة ذاتها أو تزيد عنها( ).
كذلك رغم الإجراءات التي قد تتخذها سلطات بعض الدول للحد من انتشار هذه الظاهرة أو القضاء عليها إلا أنه رغم ذلك فإن حجمها يأخذ في الازدياد وتتزايد أعداد من يقطنونها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري تتلخص في أن مواجهه هذه المشكلة من قبل الدولة تتخذ أشكالا متعددة أهمها توفير أماكن ملائمة للسكن بمناطق أخرى ونقل سكان الأحياء العشوائية إليها وهدم تلك المناطق برمتها وإعادة بنائها وهذا في حالة توافر الأموال لذلك أو التسليم بالوضع الراهن وتعزيز الخدمات والمرافق بتلك المناطق ومحاولة الارتقاء بها( )، وعادة ما تلجأ بلدان دول العالم الثالث الآخذة في النمو إلى الحل الأخير وذلك البلدان تعاني من أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية حادة( ).
ويمكن التعرض لخصائص وسمات الاسر السورية من وجهه نظر الدراسة الراهنة علي النحو التالي:
1- الخصائص الاجتماعية ويمكن تناولها كما يلي:
أ- صراع القيم والعمل:
يتميز الأسر السورية في المجتمع الحضري بمجموعة من الأنماط يمكن تمثيلها في صراع القيم والاهتمام الذي ينتج عن التعقيد المتزايد وتنوع الحياة، الاجتماعية، فهناك اختلاف في المطالب التي تجعل اهتماماتهم متعارضة مع قيم واهتمامات الآخرين ، وليس الصراع في القيم والاهتمام فقط وإنما الصراع في التنافس داخل العمل وبين الأعراف أو العادات الجمعية والدول وبين الدين والدولة وبين الصداقة( ). وكل هذا الصراع من شأنه تهميش الأفراد لتكوين الجماعات الهامشية في ضوء غياب العمل والقيم.
(ب) التنشئة الاجتماعية الخاطئة:
وتعني التنشئة الاجتماعية النظر إلى مدخلين أحدهما الفرد والآخر المجتمع، ويكون الهدف هو التوفيق بين المدخلين( )، ولكن التغير الاجتماعي الحادث لهؤلاء الفئات لا يقوم بعملية إعادة التنشئة الاجتماعية للأفراد الداخلين في عملياته، فالأفراد لا يعرفون تماماً كيف يتصرفون في مكاناتهم المكتسبة حديثاً في المواقف الاجتماعية التي تغيرت جوهرياً، وقد يؤدي ذلك إلى عدم الكفاية البنائية المؤدية للانهيار الجزئي لقنوات الاتصال بين الناس في المجتمع( ).
وبالتالي ترتفع نسبة المشاكل الاجتماعية لهذه المناطق، كالإجرام وتشرد الأحداث وكذلك المشاكل الأسرية كالطلاق والمشاجرات العائلية وسوء العلاقات بين الأسر( )، وهذا يفسر أن التنظيم الاجتماعي لسلوكهم يشكل شخصية تضم القرارات المتغيرة مثل القصورات المتغيرة في نمط شخصيتهم، الأمر الذي يفقد هويتهم الثقافية والاجتماعية وربما العقلية( ).
وهذا يؤكد على أهمية التنشئة الاجتماعية بمؤسساتها المختلفة بدافع الخوف الشديد على الأبناء نظراً لتحويل تلك الأهمية إلى تهميش الأفراد في تربيتهم وصرامتهم بالاسر السورية.
2- الخصائص البيئية ويمكن التعرض لها كما يلي:
- المستوى الرديء لغالبية المساكن بالمناطق الهامشية.
- افتقار نسبة كبيرة للمرافق والخدمات الأساسية كالمياه والمجاري والكهرباء.
- ضيق الشوارع بالمناطق المقيمة فيها الاسر السورية وكثرة تعاريجها.
- تداخل الأنشطة التجارية والاقتصادية والصناعية مع المناطق السكنية.
- افتقار هذه المناطق إلى المساحات الخضراء والمفتوحة و أماكن الترفية واللعب.
- عدم وجود احتياطات لمواجهة المشاكل التي قد تنتج بالمنطقة (الحريق وانتشار الوباء... الخ) والذي قد يرجع إلى التكدس وعدم النظافة وسوء التهوية( ).
3- خصائص أخرى:
هناك العديد من السمات الأخرى التي تميز الاسر السورية في المجتمع الحضري وذلك مثل انخفاض مستوى الدخول والوعي مما يجعلهم فريسة سهلة لانتشار الأمراض بكافة صورها العادية والمتوطنة والأوبئة( )، هذا بالإضافة إلى ضعف انتماء الأطفال لأسرهم وافتقاد حركة منظمة لهذه الأسر وذلك بسبب غياب سلطة الأب أو تقلصها وذلك لعدة ظروف منها عدم تواجده بصفة منظمة أو انشغاله في البحث عن مصادر الرزق مما يؤدي إلى عدم وجود قيم بناءه تفرزها ككيان اجتماعي بين أفرادها حيث تشكل هذه القيم عصب الارتباط بين هؤلاء الأفراد( ).
وأخيراً عدم الشعور بالخصوصية سواء لطبيعة المسكن (لأنه بني من حديد أو صفيح أو كرتون) أو طبيعة الأسر (التفكك الأسري) وبالتالي انتشار قسوة الحياة وعنفها وشيوع حالة التربص المستمر بين أفراده من ناحية وبين المجتمع الأم من ناحية أخرى وكذلك انتشار اللامبالاة وكثرة الرذيلة والسلوكيات المرفوضة قانونياً واجتماعياً( ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مع توسيع إسرائيل عمليتها البرية في لبنان.. هل يمتلك حزب الله


.. سقوط صواريخ أطلقت من لبنان باتجاه الجليل وإخماد حرائق مندلعة




.. هغاري: نحقق في كيفية تمكن طائرة مسيرة من اختراق حدودنا وإصاب


.. العربية من داخل الطائرة الإغاثية الثانية لمساعدة لبنان




.. غوتيريش يحذر من إمكانية -جريمة حرب- بعد استهدافات إسرائيلية