الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قرارات العدل الدولية بشأن فلسطين
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
2024 / 7 / 21
دراسات وابحاث قانونية
عن قرارات العدل الدولية بشأن فلسطين
إما عالم يحكمه القانون الدولي وإما شريعة الغاب
نهاد أبو غوش
بمنتهى الوضوح والقرارات المباشرة والقاطعة، يمثل قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن القضية الفلسطينية، والذي يأتي ردا على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لحظة تحول فارقة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، فالمحكمة أكدت أن إسرائيل وعلى امتداد سنوات احتلالها الطويلة البالغة سبعة وخمسين عاما، انتهكت وانتزعت حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وأن احتلالها الطويل هذا غير مشروع ولا تبرره أية اسباب وضرورات أمنية وعسكرية، وطالبت المحكمة إسرائيل بوضع حد لاحتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة، التي اعتبرتها وحدة سياسية وجغرافية واحدة بما يشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة. واعتبرت أن إسرائيل قوة احتلال، وأن كل إجراءاتها لتغيير الوضع السياسي والديمغرافي في الأراضي المحتلة باطلة، وهذا يشمل الاستيطان وقرارات الضم ، وواعتبرت أن استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية الفلسطينية يمثل انتهاكا للقانون الدولي، ودعت إسرائيل إلى تعويض الفلسطينيين عما لحق بهم من خسائر نتيجة سياسات الاحتلال وإجراءاته الباطلة، وطالبت المحكمة إسرائيل إلى إنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما دعت المجتمع الدولي إلى التعاون لتنفيذ هذا الطلب والامتناع عن تقديم اي دعم لإسرائيل في إجراءاتها المخالفة للقانون الدولي.
الدوائر القانونية والسياسية الإسرائيلية كانت تتوقع مثل هذا القرار وبعد صدوره قيمته على أنه يتراوح بين كونه سيئا جدا وبين كونه مروعا ورهيبا، وسارعت القوى السياسية من الحكومة والمعارضة على السواء إلى التنديد بالقرار واعتباره صادرا عن محكمة لاسامية، وذهبت بعض وسائل الإعلام العبرية إلى النبش في تاريخ رئيس المحكمة القاضي اللبناني نواف سلام، والذي شغل في الماضي منصب مندوب لبنان في الأمم المتحدة، ولتدعي أنه تحدث ضد إسرائيل أكثر من مئتي مرة، وأنه تحدث ضد "الإرهاب اليهودي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، متناسية وجود اربعة عشر قاضيا من مختلف دول وقارات العالم إلى جانب سلام، علما أن القرارات التي صوتت عليها المحكمة أخذت بأغلبية ساحقة تراوحت بين 14 صونا مقابل صوت واحد، وفي الحد الأدنى أحد عشر صوتا مقابل أربعة أصوات. نتنياهو رد على القرار بالقول أنه لا يمكن وصف وجود الشعب اليهودي في أراضي آرائه وأجداده في "يهودا والسامرة" احتلالا، بينما دعا الوزيران بتسلئيل سموتريتش وايتامار بن جفير إلى الضم الرسمي للضفة الغربية والمزيد من الاستيطان وفرض السيادة الإسرائيلية ردا على القرار، بينما هاجم قادة المعارضة القرار واعتبروا أنه غير ملزم أن إسرائيل لن تنفذه.
معلوم أن محكمة العدل الدولية، التي هي الذراع القضائي للأمم المتحدة، لا تملك قوة إنفاذ لفرض تنفيذ هذا القانون، شأنها شان المحاكم العادية في أي بلد التي تحيل تنفيذ أحكامها للسلطة التنفيذية وأجهزتها، وبالتالي فغن الطرف الموكل بتنفيذ القرار هو مجلس الأمن الدولي، وهذا أمر مستبعد بسبب الفيتو الأميركي الذي ينتظر أي قرار ضد إسرائيل. ورغم ذلك فإن القرار يمثل وثيقة قانونية مرجعية في غاية الأهمية تؤكد شرعية النضال الوطني الفلسطيني وتنزع الشرعية عن الاحتلال وإجراءاته، ويمثل القرار دليلا موجها لكل الدول والمنظمات الدولية، ومؤشرا على مدى التزامها بالقانون الدولي، وبالتالي فإن المتوقع أن تعمد كثير من الأطراف، حكومات ومؤسسات وهيئات وحتى شركات وأفرادا إلى مواءمة قراراتها وتوجهاتها بناء على أحكام القانون الدولي. وعلى الرغم مما هو معروف من الانحياز الأميركي لإسرائيل فإن العالم يقف أمام سؤال مصيري: إما عالم يحكمه القانون والشرعية الدولية ولا أحد فوق القانون، وإما يكون هناك استثناءات لإسرائيل – ولغيرها طبعا من القوى الغاشمة- بحيث يسود قانون القوة وشريعة الغاب.
قرارات محكمة العدل الدولية تنضاف لسلسة طويلة من القرارات والتطورات التي تؤكد أن عهد إفلات إسرائيل من العقاب والمساءلة والحساب قد ولى، والدليل ذلك قرار المحكمة عينها بأن لها صلاحية النظر في دعوى جنوب افريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكابها جريمة الإبادة، وطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، والحبل على الجرار حيث يتوقع أن تصدر مذكرات توقيف أخرى ضد قادة عسكريين ومحرضين من المسؤولين والسياسيين، ولا شك أن قرار العدل الدولية سوف يعطي قوة دافعة تشجع الجنائية الدولية على إصدار مذكرات توقيف واعتقال، فما دامت إجراءات إسرائيل تمثل خروقات وانتهاكات للقانون الدول، وبعضها يرقى إلى مستوى جرائم الحرب، إذن يوجد منتهكون ومرتبكون لهذه الجرائم ينبغي محاكمتهم.
إسرائيل لم تستوعب بعد التغيرات العالمية الحاصلة ويبدو انها بحاجة إلى وقت كاف لكي تهضم هذه التغيرات التي طرأت منذ طوفان الأقصى وما زالت مستمرة، ولا شك أن تحسين الأداء الفلسطيني إزاء هذه التطورات المتلاحقة على قاعدة وحدة الموقف الفلسطيني وتماسكه سوف يمكن من قطف ثمار هذه التطورات وتجييرها لصالح منجزات عملية ملموسة على طريق الحرية والاستقلال.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأمم المتحدة: اقتصاد غزة تقلص إلى أقل من سدس حجمه منذ بدء ا
.. لازاريني: مدرسة أخرى تؤوي نازحين تعرضت للقصف في النصيرات ومن
.. الأمم المتحدة: الاقتصاد الفلسطيني في حالة سقوط حر
.. رقم مفزع لأعداد النازحين داخل أفريقيا
.. تعمير - م/ عمر خطاب يوضح التحديات والمعوقات التي واجهتهم في