الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة الله والتنوير

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2024 / 7 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مما لا شك فيه أن كلمة الله لغوياً تم أختراعها لغوياً منذ الجاهلية وحتى اليوم والكل يعرف أنها كانت فى الأصل إله وأضيفت إليها ألف ‏ولام التعريف لتكون الله، هكذا بكل بساطة وهذا ما يقوله اللغويون والنحويون وجميع مجامع اللغة العربية فى القديم والحديث، وهذا يؤكد ‏كلامنا أن الله أو إله هى مجرد فكرة إنسانية خطرت على عقول وأفكار السابقين فى عصور الإنسانية الأولى وحتى منذ الجاهلية وحتى ‏يومنا هذا، ولا تمنع الثقافة أو العادات والتقاليد والأعتقادات الغيبية الميتافيزيقية من تواجد فكرة الإله بين الناس، فكل إنسان له الحق ‏والحرية فى الإيمان بالأفكار التى يراها تتناسب مع نفسه وطبيعته ويحب الإلتزام بها وتطبيق فى حياته.‏

لو رجعنا معاً إلى الوراء فى كتب الآثار والتاريخ سنكتشف لأننا لا نقرأ أن كلمة الله موجودة فى ثقافات شعوب كثيرة عربية وغير عربية، ‏ولو تتبعنا آثار قبور المسيحيين العرب سنجد كلمة الله أو أسم عبد الله موجودة على شواهد قبورهم بالجزيرة العربية والأردن واليمن ‏وغيرها، بل وخير دليل على وجود كلمة الله قبل الإسلام هو الشعر العربى الملئ بكلمة الله ويعترف بذلك كل موقع إسلامى عربى، لكن ‏المشكلة تكمن فى العنصرية العربية التى قامت بتزوير التاريخ لصالحها لتقوم بإعدام الكثير من الدلائل والشواهد وإخفاء الكثير منها التى ‏تدل على أن كلمة الله كلمة عادية فى الحضارات والثقافات الغير عربية، لكن غالبية المفكرين يفضلون القفز فوق الحقائق ويتجاوزونها ‏بكل بساطة حتى لا يسببون صدمة عنصرية للمؤمنين بخيرية العرب عند الله وعند الناس بين أمم العالم وهذا أعتقاد راسخ كالجبال لن ‏يحركه إلا الأخذ بالعلم والعقل!!‏

إذن نحن فى حاجة إلى كل الأفكار والأراء الإيجابية التى تدعم الوجود الإنسانى بشرط أن تكون مصابيح تضئ لنا ظلمات المجتمعات ‏المتخلفة، فالأفكار الجيدة معناها تنوير موضوعى فعال فى خدمة قضايانا الإجتماعية الكبرى، وقد كانت مقدمتى مقالى طويلة بعض ‏الشئ لكنى أحببت تنقية وتحريض الوعى الحقيقى لدى القراء للدخول إلى منطقة التنوير بمشاعر مرهفة حساسة للضوء النابع من ‏الأفكار القادرة على التغيير الفعلى فى سلوكيات عقولنا وأفعالنا الروتينية، والتخلص من المعوقات والقيود التى تقيد حركاتنا نحو ‏الإحساس بالتخلف والحياة السيئة والفاسدة، والمسبب الجوهرى فى عرقلة تقدمنا نحو التنوير وكشف فشلنا هو تلك الأنا الدينية ‏المتغطرسة التى تريد سحق الآخر لتبقى هى تتطلع إليه من أعلى وهو تحت قدميها غارقاً فى دماءه، والأنا الدينية العنصرية تزهو ‏بنفسها وتسحق معها كل آمال التنوير وتغيير الشخصية النمطية التى يرفض الغالبية الخروج منها.‏

هل حقاً نريد التغيير فى حياتنا والخروج من مخابئ التخلف المميت والظهور على سطح حياة أفضل؟
إذن علينا الوقوف بجدية أمام العادات والتقاليد الموروثة التى تخاف علينا من الهواء النقى الصحى لعقولنا، فالقيود المتوارثة والتى ‏نخاف من التخلص منها حتى لا نصاب بلعنة من الله أو الشيطان، هى كلها أفكار لا وجود لها فى واقع وجودنا اليومى لكننا أعتقدنا بفعل ‏الخطب المنبرية النارية التى تُلقى على مسامعنا من شيوخ الدين حتى وثقنا فى كلامهم وأصبحنا عبيد للتخلف ونسينا أننا فى عصور ‏التنوير الحقيقى الذى لا جدال فيه ، فمن يعتقد أن الله موجود ويواليه ويقف معه ضد أعداءه من الصهاينة فهو خاطئ، لأن الله يشعر ‏بضعفه أو أنه لا يشعر لأنه مجرد فكرة فى اذهان المؤمنين به، لأنه لو كان موجود حقيقة لأستطاع توحيد كل المسلمين والعرب وسحق ‏أسرائيل ومن يقف وراءها، لكن الواقع يؤكد أن اعداء العرب أستطاعوا حتى اليوم الوقوف فى وجه الله وكل محاولات المسلمين الموالين ‏للإخوان أو إيران أو الجن الأزرق وغيرهم لن تنفع مع قوة إسرائيل العصرية مقابل قوة الله التى لا وجود لها على الصعيد الحقيقى.‏
‏ فهل يستفيق البشر فى عالمنا العربى ويتأكدوا أنهم بدون التنوير وتغيير طرق التفكير التراثية والقصص الأسطورية لن ينتصروا على ‏أعداءهم الذين يمتلكون تكنولوجيا العصر بفضل الوقوف فى صفوف العلماء والنابغين الذين يصنعون مستقبل بلادهم ولا يعتمدون على ‏تراث وثوابت إلهية لا وجود لها إلا فى كتب التراث؟

ماذا تنتظرون يا أخوة؟
هل تنتظرون المخلص الموعود الذى سيخطفكم فى سفن الفضاء الملائكية التى ستذهب بكم إلى جنات النعيم؟؟
حقيقة لا أعرف أى تفكير يعتريكم الآن وأى عقول تفكرون بها حتى يمكن أن تتجذر أصول التنوير والتفكير الحديث فيكم، لكنى على ثقة ‏أن الإنسان متى أراد بالفعل التغيير سيفعلها، فالإرادة هى سر التغيير وسلاح التنوير الحقيقى.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الاخ ميشيل نجيب وفكرة الله والتنوير1
nasha ( 2024 / 7 / 24 - 09:02 )
تقول:ألأنا الدينية ‏المتغطرسة التى تريد سحق الآخر لتبقى هى تتطلع إليه من أعلى وهو تحت قدميها غارقاً فى دماءه،

وفي موضوعك السابق كتبت نصاً ما يلي في تعليق 6 .

(فى النهاية أؤمن ‏بوجود خالق لا يوجد إنسان على وجه الأرض يعرف عنه شيئاً وهذا هو الخالق الحقيقى الذى أتمنى فى يوم من الأيام أن يفصح عن ‏نفسه للبشرية جمعاء.)

اليس كلامك هذا كلاماً دينياً والهياً تماماً كالاديان والالهة القديمة المتغطرسة ؟
اليست هذه ايضاً انا دينية متغطرسة؟
ما الفرق بين دينك الحالي والاديان القديمة يا ميشيل هل تعرف؟

ببساطة انت لم تأت بجديد ولكنك فعلت فعلا اسواء بمراحل لماذا؟
لانك نصّبت نفسك (وانت انسان ابن انسان )الاها يحكم على الالهة القديمة ويتفوق عليهم حميعا ويحل محلهم جميعاً.
لا ينفي المطلق يا ميشيل الاّ المطلق ( بديهية منطقية رياضية)
تكملة في التعليق التالي


2 - الاخ ميشيل نجيب وفكرة الله والتنوير2
nasha ( 2024 / 7 / 24 - 09:05 )
اليك امثلة واقعية تأريخية حقيقية:
هل سمعت بمرض جنون العظمة ( Psychopathy) الذي يُصاب به القادة المتغطرسين أمثال محمد وهتلر وماو تسي تونغ وستالين .. الخ
القادة المذكورين اعلاه اخذو دور الاله . لان هؤلاء القادة الاربعة ببساطة نزعوا الوهية الله وأعتبروه فيلسوف او عبد لا يرقى الى مستواهم.
هل فهمت ما مدى هشاشة طرحك يا استاذ؟ وما مدى خطورة نفي اللاهوت( the supernatural ) في عملية التنوير المشار لها.
تحياتي


3 - آلهة الاديان بشرية
ميشيل نجيب ( 2024 / 7 / 24 - 10:30 )
أنا لم آت بجديد ولم أقول هذا بل بكل بساطة قلت أعتقادى والذى قد يشترك معى فيه الكثيرين غيرى، وليس جديداً ان الإنسان يعتبر نفسه إلهاً لأنه هو من اخترع الآلهة، لذلك كل إنسان هو إله بمعنى رب أو سيد نفسه لا أكثر ولا أقل، لكن التعصب والعنصرية هى التى تجعل الناس يقتل من ليس معهم ويقتلون المخالف لهم.
ملاحظة ألفت نظرك إليها: وهى مهمة جداً : يجب أن تفهم جيداً أن مقالاتى لا علاقة لها بالدين المسيحى، كل نقدى منصب على الأديان السلبية التى تريد سحق حياتك لأنك لست معهم، لذلك تاكد اننى لم لم ولا مرة واحدة الحديث من قريب او من بعيد عن المسيحية إلا فى تعليقاتى معك.
وجنون العظمة مرض جميل وإذا رأى ناشا من خلال تعليقاتى أننى مصاب بمرض العظمة وتآليه نفسى ، فأشكرك أيضاً على هذا الشعور ولن يضايقنى كبقية الناس التى تنفر من ذلك وتعتبره إهانة لكننى أرحب بكل تعليقاتككما نقول: على الرحب والسعة!
قل ما تشاء إذا كنت ترى اطروحاتى تتسم بالهشاشة، فهذا لانى لا املك افكار فيلسوف او مفكر، بل أنا إنسان بسيط لا أكثر، ولا يهمنى ان هؤلاء القادة نزعوا الألوهية عن الله او تركوه بها، هذا شأن يخصهم وأشكرك على كلامك.


4 - الأعتقادات الغيبية الميتافيزيقية 1
nasha ( 2024 / 7 / 24 - 10:32 )
جاء في الفقرة الاولى من المقال ما يلي:
(ولا تمنع الثقافة أو العادات والتقاليد والأعتقادات الغيبية الميتافيزيقية من تواجد فكرة الإله بين الناس)
ما معنى كلمة الميتافيزيقية التي استخدمتها يا ميشيل؟
بالانجليزية metaphysics مأخوذة من اليونانية في زمن آرسطو وتعني-علم الأشياء الذي يتجاوز ما هو مادي أو طبيعي-
ما هو الشيئ الذي يتجاوز المادي الطبيعي؟
الجواب:
هو تحديداً ظاهرة الوعي البشري اللامادي مثل العدالة ، الحرية ، الموسيقى، الفنون، التأريخ، الدين ، العلوم ... وكل ما نمارسه من اي نشاط فكري اوحسي مهما كان ونحن احياء، ويتوقف عندما نموت وترجع اجسادنا وتدفن في الارض او تحرق في هواء الارض.
فالاعتقادات يا سيد ميشيل ليست غيبية كما اشرت وانما هي الواقع اليومي الذي نعيشه جميعا كل لحظة من لحظات حياتنا.
تكملة في التعليق التالي


5 - الأعتقادات الغيبية الميتافيزيقية 2
nasha ( 2024 / 7 / 24 - 10:36 )
الدوغما التي يعاني منها البشر في هذا العصر تسمى العلموية (scientism) وهي الانبهار بالعلم والتكنولوجيا لحد العبادة . وكأن العلم نشأ قبل 500 سنة فقط، وهذا كلام فاضي
الانسان خلاق منذ البدء والعلم موجود منذ بدء الخليقة من الذي اخترع الكتابة؟ من الذي رسم ونحت، من الذي دجن الحيوانات، من الذي ابتكر التعدين واستخدم النار ، من الذي ابتكر الزراعة وصنع الالت وبناء البيوت الخ الخ الخ.
ولذلك يا ميشيل كلامك دوغمائي يرجع الى اعجابك في التكنولوجيا العصرية فقط لا غير
تحياتي


6 - هذا أعتقادى
ميشيل نجيب ( 2024 / 7 / 24 - 16:14 )
الأستاذ ناشا
أنا كما قلت لا أكرر الكلام باطلاً لكنى أؤكد ان الميتافيزيقية التى أعنيها هى الإعتقادات الغيبية أو تلك الأفكار التى لا وجود لها فى الحيز المادى، تلك الأفكار التى يعتقد البعض بوجود آلهة فى حيز غير مادى وغير منظور أى الأفكار الغيبية التى لا وجود لها إلا فى عقول أصحابها.
وكلامى لا علاقة له بالفنون والموسيقى والعلوم وإحتراماً لمنطق الحوار فنحن نتكلم عن غيبيات الدين وليس مادية أو غير مادية الفنون والعلوم وغيرها، لا علاقة لى بالتكنولوديا ولست مصاباً بعمى الألوان يا صديقى حتى أنبهر بالذكاء الصناعى او غيره من تكنولوجيا العصر.
مع خالص الشكر


7 - الاخ العزيز الاستاذ ميشيل نجيب
nasha ( 2024 / 7 / 25 - 01:25 )
تقول: تلك الأفكار التى يعتقد البعض بوجود آلهة فى حيز غير مادى وغير منظور أى الأفكار الغيبية التى لا وجود لها إلا فى عقول أصحابها.
نعم انها افكار لا مادية عقلانية بشرية ، ولكن عقلك البشري ايضاً يتوق لها بدليل كلامك في ت6 في موضوعك السابق

اقتباس مرة اخرى:
(فى النهاية أؤمن ‏بوجود خالق لا يوجد إنسان على وجه الأرض يعرف عنه شيئاً وهذا هو الخالق الحقيقى الذى أتمنى فى يوم من الأيام أن يفصح عن ‏نفسه للبشرية جمعاء.)

اليس هذا الكلام يطابق تماماً نبؤات العهد القديم قبل 3000 سنة؟

شكراً جزيلا على الحوار وانا ممتن جداً للسماح لي بالتعبير عن رأيي في موقعك.
واعتقد ان الحوار هو افضل وسيلة لتوسيع مدارك كلا طرفي الحوار.

شكراً جزيلاً. والى اللقاء في محاورة جديدة قادمة


8 - ناشا رمز الإله الأسطورة
ميشيل نجيب ( 2024 / 7 / 25 - 09:15 )
تحياتى أخ/ ناشا
فى بداية ردك هذا تقول: نعم أنها أفكار لا مادية عقلانية بشرية..أنتهى الأقتباس، آلا تخجل يا ناشا عندما تقول أنها أفكار لا مادية بمعنى غيبية وفى الوقت نفسه تعتبرها عقلانية بشرية؟؟
منذ متى أصبحت الغيبية والخرافات والأساطير عقلانية بشرية؟؟
هذا رأيك الخاص وكما يقولون: أصحاب العقول فى راحة!!
العهد القديم هو مجموعة من القصص التاريخية تشكل تاريخ بنى أسرائيل منذ وجودهم فى سبى بابل وسرقتهم للأساطير الأشورية والبابلية والمصرية وغيرها وصنعوا منها تاريخهم بقيادة القائد العظيم الوهيم يهوه الرب أيل... ولا يوجد عاقل على وجه الأرض فى الماضى والحاضر يمكنه الأعتراف بأن أوامر القائد المغوار الصحراوى يهوه لشعبه المختار ليسفك ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ، هى أوامر إله خالق حقيقى يتوق إلى سفك دماء البشر!!
أليست تلك هى حقيقة شعب يهوة وما فعلوه من مذابح فى القديم وفى الحديث؟
لا أعتقد أن ذاكرتك ضعيفة لتنسى يهوه فى القديم وياهو فى عصرنا الحاضر أقصد نتينياهو، أليست تلك هى حقائق التاريخ وواقعهم المخزى؟؟
وما زلت أصر على وجود خالق ليس هو إله الاديان مع خالص شكرى لك مع ترحيبى بكل أسئلتك.