الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الإبداع والابتكار الأخضر ودوره في حركة التقدم عالمياً
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
2024 / 7 / 24
المجتمع المدني
مع كل يوم يمضي ونحن نشهد إهمال الاستراتيجية التنموية الخضراء نجد أنفسنا نتراجع إلى الوراء خطوات كبيرة ونقع بفخاخ الأزمة ليس محليا ولكن نحفر قبرا للتنوع الإحيائي ولمجمل التوجه الإيكولوجي لنا وجوديا ولكن شعوبنا ودولنا ومجمل الحراك الجمعي المشترك بات يعي معاني الاقتصاد الأخضر ومن ثم دور الإبداع والابتكار الأخضر المطلوب منه ردم الفجوة الخطيرة المهولة بيننا وبين دول العالم ولعل مؤتمري المناخ في مصر والإمارات كانا قد أوضحا وسائل السير بنا بصورة تدفعنا لاهتمام مخصوص بالمعطيات الخضراء.. فكيف نقرأ هذا الاتجاه واستراتيجيته وكيف نلبي مطالبه كي نضع الحلول البديلة نوعيا لمساراتنا؟ هذه معالجة مبدئية تستطلع رؤاكم كي تضيف وتتقدم بالمعالجة وتضعها موضع التطبيق وتلبية شروط وجودها في واقعنا وحيواتنا
***
مفهوم الإبداع والابتكار مفتوح متحرك على وفق مستجدات حركة التنمية المستدامة وتأويلاتها القادرة على معالجة ما يجابهها من أسئلة ومشكلات من جهة وتجاوز أية عقبات تعترض مسيرة البناء الإنساني. ومثل هذه الأرضية الواسعة لإدراك الإشكالية ليست وقوعا بفخاخ فضفاضة مترهلة، بقدر ما هي بيئة ملموسة خصبة لولادة رؤى الإبداع والابتكار بدءاً بالخطابات الجمالية واشكال التعبير الفني والأدبي وليس انتهاء بمهارات معالجة (إشكالات) التنمية الاقتصا-اجتماعية المستدامة.
وبتلك الخلفية الاستيعابية لأعمق فهم للإشكالية، احتاج عالمنا العربي شرق الأوسطي إلى دفع الحركة التقليدية المتهادية لتغيير جوهري من جهة ولتبني ذياك الأداء المفتوح من أجل تعويض الثغرة بين مستوى التطور شرق أوسطيا وذاك الموجود عالميا وبالتأكيد للمساهمة الفاعلة إنسانيا بهذا الميدان وتحويل المتحقق من ابتكارات وإبداعات إلى فعل مؤثر عبر إذكاء الوعي بموضوعة [الإبداع والابتكار] وتعزيزه وتمكينه من لعب دوره بميادين التنمية البشرية المستهدفة.
وفي عصرنا بات واجبا ملحا إدراك حقيقة التطور العاصف الجاري وتحولات الاقتصاد الإبداعي الذي يربط بين المنجز المادي المحسوس بكل أنشطته الاقتصادية وبين الأفكار والمعارف والعلوم وحركة متغيراتها الجديدة بما يشير لهوية الابتطار المستمر بتجدده.. يحدث هذا بحقول المنتجات الثقافية الجمالية بهويتها لكنها حتما المجسسدة لقطاعات تحويلية مهولة الأثر إذا ما تم ربطها بمجمل حركة التقدم والتنمية وكل ما يحدث بالاقتصاد الأخضر الجديد..
وبالإشارة إلى هذه الرؤية وتشخيص الاقتصاد الجديد فلقد تم الميل نحو خيار الاقتصاد الأخضر وتعريفه بكونه الاقتصاد الذي يفضي إلى الارتقاء بحال الرفاه البشري وتلبية متطلبات العدالة الاجتماعية، بتنمية الدخل والعمالة والاستثمار فيهما بطريقة تتسم بكفاءة استخدام الموارد والتفات جدي مسؤول للالتزام بكل ما يحافظ بصورة كافية على البيئة النظيفة سواء من الانبعاثات الكربونية أم النفايات والتلوثات ويتجنب بها المخاطر والتهديدات بشأن التنوع والتوازن الإحيائي فيها أو اي شكل لتخريب النظام الإيكولوجي.
ولن يحقق تلك الخطوات البنيوية للاقتصاد الأخضر سوى أفضل الابتكارات التي تستجيب لتلبية حاجات السوق مع استجابة تامة لكل التكاليف البيئية. ومثل هذا التوجه للابتكار والإبداع الأخضر سيقفز فعليا ببلدان المنطقة ليس بعيدا عن الفقر ومشكلته الخطيرة حسب بل ينقل باتجاه وصول مراكز النمو الناشئة المرتفعة في الاقتصاد العالمي كما تسميها المعايير المعتمدة في معارف اليوم.
أما لماذا الاقتصاد الأخضر وما يلبيه من أداء الإبداع والابتكار الأخضر فإننا يمكن أن ندركه عبر حجم التخريب المدمر والمهول للمتغيرات البيئية المناخية بسبب من التلكؤ والتأخر في الالتزام بالشروط الإيكولوجية المناسبة..
في مثل هذه الخطوط الاستراتيجية لمستجدات التنمية المستدامة الخضراء يأتي الاهتمام بالإبداع والابتكار وتحديدا بمسار بيئة نظيفة خضراء ليشكل العصب الرئيس لخيارات شعوبنا ودولنا واستراتيجيات العمل باتجاهها..
ومن هنا أشارت كل المواقف والقرارات المسؤولة إلى التفات نحو تبني أكبر الموازنات المالية لتفعيل أدوار الثقافة في بناء الشخصية الإنسانية الجديدة ودفعها لعلاقة بنيوية مع الإبداع في ميادينها من جماليات الفنون والآداب وقدرات شحذ الوعي وتحقيق أرضية حركية تنموية مختلفة بخاصة بين الشبيبة والنساء ووسط الفئات المهمشة لتفعيل أداء إبداعي نوعي قادر على الانخراط بحركة التنمية الخضراء المستدامة..
وهنا تجدر الإشارة إلى إلى حجم ما تنتجه وتلعبه الثقافة ومجمل المنجز الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي عالميا وهو ما يُقدر بأكثر من 3% فيما يشتغل بميدانها أكثر من 6% من إجمالي العمالة ولقد أنتجت الثقافة في العام 2019 ما يساوي تقريبا 390 مليار دولار أمريكي عالميا؛ لكن اقتصاد الإبداع والابتكار الأسرع نمواً ظل من جهة ثانية الأكثر بيين قطاعات الاقتصاد ضعفا بسبب التجاهل والإهمال بخاصة في شرقنا الأوسط خارج بلدان التقدم المعروفة..
لكن النداء الجمعي المشترك لجميع شعوبنا ودولنا وقوى التقدم والتنوير وحركة الأنسنة تؤكد مع الأمم المتجدة ونداءاتها على أهمية الارتقاء بمواءمة المناهج والاستراتيجيات البيئية مع حركة التنمية والابتكار والإبداع فيها بما يسمح بتلبية خطط التنمية المستدامة الخضراء.. وهذا وحده هو الكفيل بضمان وضع التطور وحركته بخدمة الإنسان ومجتمعاتنا التي تعد اليوم الأكثر حاجة ليلعب الإبداع والابتكار دوره في تعويض ما فات من زمن بمنطقة الهدر ولنتذكر أن التركيز على هذا الاهتمام لن يأتي من فراغ ومن كلمات عابرة بمناسبة أو أخرى بل من برامج عمل لا تتحقق من دون عمل مؤسسي ممنهج بهذا الميدان لعل تشكيل شبكات الإبداع والابتكار عربيا ووطنيا ومنحها فرص العمل بأفضل صيغ الدعم هو ما سيكون له المكان والمكانة للتحول بالفعل نحو فرص تأثيره والارتفاع بإنجازيته
ولابد لي هنا من الإشارة إلى كثير من أشكال تبني مؤسسات الإبداع والابتكار وأنشطتهما ما يدعو لمؤتمرات وطنية وقومية شرق أوسطية بالخصوص لعل وجود عديد تلك المؤسسات والمعنيين بالموضوع وإشكاليته يسهل بعض الخطوات نحو انعقاد المؤتمر ومن نافلة القول أن أشير إلى توجهي بالنداء لمؤسسة وليدة هي الشبكة العربية للإبداع والابتكار كيما تتجه لتبني مثل هذه الاستراتيجية وهي قادرة على تلبيته إذا ما أوجدت وسائل عمل مناسبة بين مفردات برامجها..
تحية لكل من يُعنى بنهج الإبداع والابتكار ولنكن بمستوى المسؤولية بعيدا عن أية شعارات قد لا تخدم الهدف الأسمى الذي نريده وتريده شعوبنا ودولنا.. ونلتقي قريبا بمؤتمرات تتبنى استراتيجيات العمل وتستقطب فيه القدرات الأممية بميدانه اختصارا للطريق البحثي الدائب المنتج المثمر
المقال بموقعي الفرعي بالحوار المتمدن أيضا
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اكتظاظ العاصمة بيروت بالنازحين مع تصاعد حدة القصف
.. إسرائيل تهاجم الأمين العام للأمم المتحدة والأخير: أدين بشدة
.. ناشطون ينظمون أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين في جنوب لبنان
.. ميلر لـ-العربية-: يجب على تل أبيب التعامل مع الأمم المتحدة ل
.. بعدما بررت بها إيران قصفها لإسرائيل.. ما هي المادة 51 من ميث