الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الخير والشَّر!
ادم عربي
كاتب وباحث
2024 / 8 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بقلم د . ادم عربي
ما وُجدَّ الشَّرإلَّا لإقامة الدليل على وجود الخير ، فالشَّر والخير يعيشان معاً في أفعال وأفكار البشر كضدين متحدين اتحاداً لا انفصام فيه ، وإنما يرتفع منسوب أحدهما على حساب الآخر ، فنقول زيد خيِّر وعمرو شرير ، تبعاً للواقع الموضوعي لكلا الشخصين ، فعمرو لم يُولَّد شريراَ ، بل أصبح شريراً ، و زيد لم يُولَّد خيراً ، بل أصبح خيراً ، وكلاهما على ما هم عليه نتيجة لعلاقات اجتماعية معينة مرتبطة بعلاقات الإنتاج ،لأن الإنسان ليس ما هو عليه وإنما معظم ما هو عليه ليس من اختياره ، وهذا يذكرني بعيب الوجودية التي أول مبادئها "ليس الإنسان إلّا مو هو عليه "، هل زيد يعي أنه خيّر ؟ نعم إنه يعي ، وهل عمرو يعي أنه شرير؟ نعم إنه يعي ، وهل الخير مطلق؟ وهل الشر مطلق؟ إنَّ الخير الذي لا يخالطه شيء من الشّر غير موجود ، وكذلك الشّر الذي لا يخالطه شيء من الخير غير موجود ، إنهما يعيشان معاً ، وفي الصراع وبالصراع تتغير المنظومة الاخلاقية إلى منظومة جديدة رغماً عنها ، ولا بدَّ من ذكر حقيقة كبرى في هذا السياق ، هي أنَّ الخير والشَّر وُجدا مع وعي الإنسان ، فقبل وعي الإنسان لم يكون هناك خير وشر . ولا أُريد الخوض بما قاله الفلاسفة في هذا الموضوع وإنْ كان جوهر ما قالوه أنَّ الخير غريزة لفعل بدافع داخلي...إذن هو غريزة حسب قولهم ، فهل الشَّر غريزة أيضاً؟ لا هذا ولا ذاك ، وإنَّما الخير والشّر مصلحة مادية مرتبطة بنمط عيش البشر ، وهي ما تأخذ منظومة الأخلاق تعبيراَ عنها ، كل فعل في صالح الجماعة البشرية المحدد زمانياً ومكانياَ هو أخلاقي ما دام متصالحاً مع حاجاتهم ، ولهذا منظومة الأخلاق تتغير وفق تغيُّر نمط العيش ويتم إلباسها ثوب القداسة الدينية ، فمن يفلتْ من الشرطة الأرضية لا يفلتْ من الشرطة السماوية...السرقة عمل لا أخلاقي ، لكن عندما وجدتْ الجماعة البشرية فيها مصلحة أعطوها إسماَ آخر مثل غزوات ، كان قتل الاسير عملاً أخلاقيا ولكن عندما وجدوا له منفعة في العمل المجاني أصبح قتلة عمل لا أخلاقي . إنَّ أخلاق البشر تشبة طريقة ونمط عيشهم . وبهذا اصبحت مدلولات الخير والشر هي مدلولات الحلال والحرام ، لكن في عصرنا هذا عصر تنوير الإنسان وتحرره نجد البون الواسع بين مدلولات الحلال والحرام ومدلولات الخير والشّر مما يؤكد لنا طبيعة العقل الذي أفرز لنا الحلال والحرام ، إنه يؤكد تاريخية وبشرية وذكورية هذا العقل ، والخير والشّر اصبح مفهوما اكثر منه إنساني إلى حد بعيد ، والإنساني هو ما هو بمصلحة الجماعة البشرية ، ونظرة عامة إلى قائمة المحرمات ستجد فيها بشرية وتاريخية وذكورية هذه المحرمات ، وأنَ العقل الذي يميز بين الحلال والحرام من جهة وبين الخير والشّر من جهة أخرى لهو عقل راقٍ فكرياً وثقافياً ، في هذا المقام نستذكر أعظم فيلسوف في عصره وهو "إبن رشد " الذي مات في1198م ، لكن لم يأخذ حقه من التقدير : ويعود الفضل لابن رشد في مراحل مبكرة بتبني فصل الدين عن الدولة. هذه الرؤية تُعرف باسم "ازدواجية الحقيقة" (Double Truth)، والتي تشير إلى وجود مستويين من الحقيقة: حقيقة عقلية وفلسفية، وحقيقة دينية. اعتقد ابن رشد أن الإنسان مُكرّم بالعقل، وأنه يجب استخدام العقل لتحقيق الخير العام. كانت هذه الرؤية تُعتبر تقدمية لأنها أكدت على قيمة الإنسان وقدرته على التفكير الحر، وهي فكرة لم تكن شائعة في الفلسفة الإسلامية في تلك الفترة.
ونستذكر ضده " أبي حامد الغزالي " الذي توفي عام 1111م والذي أهم ما جاء به هو أنَّ الإنسان غير قادر على إدراك الحقائق بمفرده ، انه عار على شعوب منطقتنا عدم إكبار فلسفة ابن رشد ، بل ،إكبارها لفقهيين أمثال بن تيمية والذي مات عام 1328م وهو في حقيقة الأمر لا يُقارن لا معرفياً ولا فكرياً .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل على حافة الانهيار الدفاعي؟.. صواريخ الحوثي تصل إلى ق
.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بلدة حولا جنوبي لبنان
.. ناشطون يضعون ملصقات داعمة لفلسطين في أرجاء أوتاوا الكندية
.. كيف وصلت رسالة يحيى السنوار في ظل الحصار الإسرائيلي لقطاع غز
.. موسكو تحذر الغرب وتهدد باستخدام أسلحة تحول كييف إلى -كتلة عم