الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم في العراق: تطورات الاضطهاد الحكومي والمليشيات

مصطفى جمال علي

2024 / 8 / 4
حقوق مثليي الجنس


مقدمة
يواجه أفراد مجتمع الميم (LGBT) في العراق ظروفًا قاسية تتسم بالتمييز والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. هذه الانتهاكات تُمارس على يد الحكومة والمليشيات المسلحة على حد سواء، مما يجعل الحياة اليومية لهؤلاء الأفراد مليئة بالخوف والاضطهاد. سنستعرض في هذه المقالة تطورات الاضطهاد، الأطر القانونية، الأدوار التي تلعبها المليشيات، وحالات موثقة، مع إيضاح التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوق مجتمع الميم.

السياق الاجتماعي والقانوني
يُعرف العراق بأنه مجتمع محافظ بدرجة كبيرة، حيث تلعب الأعراف الدينية والاجتماعية دورًا محوريًا في تشكيل القوانين والتشريعات. فيما يتعلق بمجتمع الميم، لا توجد قوانين صريحة في الدستور العراقي أو قانون العقوبات تجرّم الهوية الجنسية المثلية أو التحول الجنسي. ومع ذلك، تُستخدم قوانين أخرى لتجريم السلوكيات التي يُعتبر أنها تخرق الأخلاق العامة، مما يتيح للسلطات استهداف أفراد مجتمع الميم.

التعديلات الدستورية والقوانين المستحدثة
حتى الآن، لم يتم إدخال تعديلات دستورية مباشرة أو قوانين جديدة تخص حقوق مجتمع الميم في العراق. بدلاً من ذلك، تُستغل النصوص العامة الموجودة في قانون العقوبات لمعاقبة الأفراد بناءً على ميولهم الجنسية. بعض المواد المستخدمة تشمل:

1. **المادة 401 من قانون العقوبات**:
- تنص هذه المادة على معاقبة أي شخص يرتكب "فعلاً فاحشًا" أو "غير أخلاقي" في الأماكن العامة. هذا النص الغامض يُستخدم لتوجيه تهم للأفراد الذين يُشتبه فيهم أنهم من مجتمع الميم.

2. **المادة 394 من قانون العقوبات**:
- تُجرّم هذه المادة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، مما يشمل العلاقات المثلية. تُستخدم هذه المادة أيضاً كأداة قانونية لاستهداف مجتمع الميم، رغم أنها لا تذكرهم صراحة.

التحركات القانونية والإدارية
على الرغم من عدم وجود قوانين محددة ضد مجتمع الميم، إلا أن هناك تحركات إدارية وأمنية تُفاقم من معاناتهم. منها:

1. **الاعتقالات التعسفية**:
- تُنفذ قوات الأمن العراقية اعتقالات تعسفية ضد أفراد مجتمع الميم، غالبًا بناءً على الشكوك أو الشكاوى المجتمعية دون وجود أدلة واضحة. تتعرض الضحايا خلال هذه الاعتقالات لسوء المعاملة والتعذيب، مما ينتهك حقوق الإنسان الأساسية.

2. **الرقابة الاجتماعية والدينية**:
- تُعزز الفتاوى الدينية والخطب السياسية من خطاب الكراهية والتمييز ضد مجتمع الميم، مما يساهم في خلق بيئة عدائية تجعل العنف ضدهم مقبولاً في نظر بعض أفراد المجتمع. تتجاهل الحكومة في كثير من الأحيان هذه الانتهاكات أو تُقلل من شأنها، مما يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب.

دور المليشيات
تلعب المليشيات المسلحة دوراً كبيراً في اضطهاد أفراد مجتمع الميم في العراق. تتمتع هذه المليشيات بنفوذ كبير، وغالباً ما تعمل خارج نطاق القانون، مستغلة الفراغ الأمني والضعف الحكومي. تُعرف هذه الجماعات باستخدامها للعنف المفرط، بما في ذلك التعذيب والقتل، ضد الأشخاص الذين يُشتبه في انتمائهم لمجتمع الميم. تُنفذ هذه الجرائم في ظل غياب شبه تام للمساءلة القانونية، مما يزيد من تدهور الأوضاع.

حالات وانتهاكات موثقة
وثقت منظمات حقوق الإنسان العديد من الحالات التي تعرض فيها أفراد مجتمع الميم للقتل والتعذيب على يد المليشيات. في عام 2020، انتشرت مقاطع فيديو على الإنترنت تُظهر تعذيب وقتل أشخاص يُعتقد أنهم من مجتمع الميم، مما أثار حالة من الرعب بين الأفراد الآخرين في المجتمع.

التوجهات الحديثة
شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في أعمال العنف والاضطهاد ضد مجتمع الميم في العراق. تصاعدت الهجمات في فترة ما بعد تحرير العراق من تنظيم داعش، حيث أعادت المليشيات تركيز جهودها على قضايا اجتماعية داخلية، بما في ذلك اضطهاد الأقليات الجنسية. بالإضافة إلى ذلك، تتعرض منظمات المجتمع المدني التي تدافع عن حقوق مجتمع الميم لضغوط وتهديدات مستمرة، مما يزيد من صعوبة تقديم الدعم اللازم لهؤلاء الأفراد.

التوصيات والتطلعات المستقبلية
لم يحدث أي تقدم ملموس نحو تحسين حقوق مجتمع الميم في العراق من خلال التعديلات القانونية أو الدستورية. على العكس، تتزايد الضغوط الاجتماعية والدينية التي تؤثر على السياسات الحكومية. ومع ذلك، يمكن اقتراح بعض التوصيات لتحسين الوضع، ومنها:

1. **إصلاح القوانين**:
- تعديل المواد القانونية الغامضة مثل المادة 401 و394 لتحديد نطاقها ومنع استخدامها لاستهداف مجتمع الميم.

2. **التوعية والتثقيف**:
- تنفيذ حملات توعوية وتثقيفية لتعزيز فهم حقوق الإنسان وتشجيع التسامح وقبول الآخر.

3. **تعزيز الحماية القانونية**:
- وضع آليات قانونية واضحة لحماية أفراد مجتمع الميم من العنف والتمييز، وضمان تطبيق هذه الآليات بفعالية.

4. **التعاون الدولي**:
- الاستفادة من الدعم الدولي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في العراق، بما في ذلك حقوق مجتمع الميم، وتقديم المساعدة التقنية والتدريبية للجهات القانونية والأمنية.

الخاتمة
يعاني أفراد مجتمع الميم في العراق من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على أيدي الحكومة والمليشيات المسلحة. تتجلى هذه الانتهاكات في العنف الجسدي والنفسي، والاعتقالات غير القانونية، وغياب الحماية القانونية. يتطلب تحسين وضع حقوق الإنسان في العراق جهودًا مكثفة على الصعيدين المحلي والدولي لتوفير الحماية القانونية والتصدي للعنف المنظم ضد مجتمع الميم.

### المراجع
1. [Human Rights Watch](https://www.hrw.org)
2. [Amnesty International](https://www.amnesty.org)
3. [ILGA World](https://ilga.org)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممثل أمريكي: مشهد احتراق النازحين أفظع مقطع شاهدته على الإطل


.. ماكرون: يجب على نتنياهو ألا ينسى أن بلاده أنشئت بقرار من الأ




.. الجيش الإسرائيلي يستخدم معتقلين فلسطينيين دروعا بشرية.. ما ا


.. العربية تتابع تجهيز الطائرة الرابعة ضمن الجسر الجوي السعودي




.. إيطاليا تشرع بنقل أول مجموعة من المهاجرين إلى مراكز في ألبان