الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم التفاوض وصناعة السلام

حازم صافي

2024 / 8 / 5
المجتمع المدني


نحو رؤية عراقية في مجال التفاوض وحل النزاعات
يبدأ النزاع ، مهما كان نوعه ودرجة تعقيده سواء كان نزاعا فرديا او عشائريا او بين جماعتين مسلحتين او دولتين ،عندما تعجز الاطراف المنخرطة فيه عن ايجاد وسيلة معقولة للتفاهم والحوار وتبادل المعطيات ومعرفة فرص السلام وحل النزاعات المتاحة . ولعل عدم القدرة على التفاهم وتبادل الافكار بين طرفين متصارعين يرجع لأسباب متنوعة من بينها:- الاختلافات الايديولوجية والعقائدية ، او بسبب التنافس على المكتسبات الاقتصادية المحتملة او التنافس على مراكز القوى او محاولة فرض الارادة والهيمنة لطرف ما على طرف اخر .
ان واحدا من اهم الاسباب التي نود طرحها لتفسير حدوث النزاعات والصراعات والحروب بين الافراد والتجمعات العشائرية والدول هو:- ان اطراف النزاع ، وقبل انخراطها في المواجهة المباشرة، لم تحصل على فرصة حقيقية للجلوس الى طاولة حوار واحدة ومن ثم البدء في عملية تفاوض فعال.
ان التفاوض الفعال والمنتج ، هو هبة ثمينة تمنح لأطراف النزاع ، وذلك لأنه يتيح لهم فرصة لمعرفة توجهات كل طرف بشكل مباشر بعيدا عن التفسيرات والتأويلات والقراءات المتشنجة للمواقف والمخاوف والاحتياجات ، وهي الاشكالية التي اثبتت الوقائع الميدانية دورها الكبير في نشوب الصراعات وتفاقمها واستعصائها على الحل ، حيث وجدت الكثير من الاطراف المتصارعة ، التي توصلت عبر المفاوضات الى اتفاقيات سلام ، انها كانت ستصل الى تلك الاتفاقيات بطريقة اسهل وفي وقت مبكر، فيما لو حصلت على مساحة حوار فعال مع الخصوم ، وهو مما سيؤدي بالضرورة الى تعزيز فرص بناء السلام ووقايته وتقليل كلف الصراع البشرية والمادية وجعل تطبيق العدالة الانتقالية بمراحلها المختلفة امرا ممكنا اضافة الى ، تقليص الفترات الزمنية التي تتطلبها عملية اعادة الاعمار وبناء المناطق المتضررة من النزاعات المسلحة .
ان هبة ( التفاوض الفعال ) .لا يمكن ان تكون متاحة لجميع الاطراف المنخرطة في الصراعات اذ ان القبول بمبدأ التفاوض كوسيلة فضلى لحل النزاعات ، والانصياع لنتائجه يتطلب مجموعة من المقومات النفسية والسياسية والأنثروبولوجية ، التي يمكن ان تجعل من طرف ما مستعدا للدخول في جو التفاوض بتمضهراته المختلفة ، وهو ما يتيح لنا القول بأن التفاوض ليس نشاطا فوضويا او اشتغالا سياسيا او دبلوماسيا ذو طبيعة انية ، او محظ الية بلا جذور يتم اللجوء اليها عند الصراعات ، بل هو علم يستند الى مجموعة من الضوابط الاسس المنطقية والاجراءات المخطط لها بعناية ، والدليل على ذلك ، ان الوصفات المهمة والناجحة لعمليات التفاوض التي اثمرت عن حلول فعالة لنزاعات خطيرة ، يعاد استخدامها في مناطق اخرى من العالم تشهد توترات طائفية، او نزاعات عرقية او حروبا اقليمية ،مع الاخذ بنظر الاعتبار مجموعة التعديلات والتحويرات ، على الوصفة الاصلية ، وهي التعديلات التي تراعي الظروف المحيطة بالنزاعات الجديدة وكذلك الخصائص النفسية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لا طراف النزاع التي تتقبل استعارة وصفة المفاوضات القديمة ، التي اثبتت نجاحها في وضع حد لنزاعات سابقة ، الى بيئة تطبيق جديدة . ان هذا الامر يؤكد ان التفاوض في صيغته العامة لابد وان يستند الى مجموعة من الخطوات التي يجب ان تنفذ وفق جدولة تراعي الاطر الزمنية والانتقال من مرحلة الى مرحلة اخرى بطريقة تدريجية مدروسة لضمان اكبر قدر من النجاح للجهود التي تبذل في غرف التفاوض، وبهذه الطريقة فقد اصبحت ادبيات التفاوض الفعال ارثا عالميا ،يستنسخ بشكل مستمر مع اجراء التعديلات مطلوبة ،ان تكرار هذه العملية يرسخ الى درجة كبيرة الاسس المنطقية لمفهوم التفاوض ، ويجعله اكثر رسوخا وهذا الامر يتم بشكل اكثر فعالية مع وجود كم كبير من الدراسات والجهود النظرية التي تسعى الى تثبيت التفاوض الفعال كعلم يعتد به








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المفوضية الأوروبية تنوي تقديم تشريع يهدف إلى تسريع ترحيل الم


.. ممثل أمريكي: مشهد احتراق النازحين أفظع مقطع شاهدته على الإطل




.. ماكرون: يجب على نتنياهو ألا ينسى أن بلاده أنشئت بقرار من الأ


.. الجيش الإسرائيلي يستخدم معتقلين فلسطينيين دروعا بشرية.. ما ا




.. العربية تتابع تجهيز الطائرة الرابعة ضمن الجسر الجوي السعودي