الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظر للأعلى

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2024 / 8 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تطلعت للأعلى مستلقية على طرف الأرجوحة، وليس أفضل من المساء لنرفع أعيننا إلى السماء، لا ليس للدعاء إنما للتأمل هذه المرة، أفعل هذا كلما ضاقت بي روحي وشعرت بأنني محشورة داخل هذا الجسد المرهق، لا لسبب سوى أنني كائن حي ككل الكائنات التي لا تملك أدنى سيطرة على ماكينتها البيولوجية التي قد تقرر في أية لحظة أن تتوقف عن العمل بسكتة قلبية مفاجئة مثلاً ..
كانت السماء صافية للغاية والنجوم تتلئلئ، فكرت،، هي ليس مجرد نجوم صغيرة تلمع، نعلم اليوم أنها نجوم أكبر من حجم أرضنا بملايين المرات بل وحولها كواكب، وهناك مذنبات وشهب وحرائق تشتعل وثقوب سوداء ،، ومادة مظلمة مجهولة تمسك بزمام الكون!
هذه النجوم اللامعة، هي أيضاً محشورة ضمن مجرات كبرى تحتوي على الملايين والمليارات منها.
لم أتخلى عن هذه العادة منذ كنت صغيرة، يسحرني هذا المشهد الذي لم أكن أعلم وقتها حجم مساحته الهائلة أو أطراف اللامتناهية!!
ببساطة كنت أظن أننا وحدنا مع بضع نجوم وقمر ساطع!
وضعت يدي خلف رأسي، منتشية بانجازي حيث بت أعمل بنصيحة عالم الفيزياء البريطاني الراحل ستيفن هوكينغ التي تدعو إلى أن نكون فضوليين بما يكفي للنظر إلى أعلى وليس إلى أسفل، ومحاولة فهم ما نراه، بل التساؤل عن سبب وجود هذا الكون الفسيح،،، ومنها نصيحة قدمها لأصدقائه "إذا كنتم محظوظين بالعثور على الحب المناسب فلا تهملوه أو ترموه بعيدا".
لا لم أفعل يا ستيفن، إنما لم يكن هذا الحب المناسب أبداً،،
شعرت بغصة ألفتها وألفت معها الحسرة والألم، الحسرة على عمر تسرب كشلال مياه لم ينلني منه سوى صوت خريره والألم على نهايات كهذا الكون بلا نهاية..
يعزيني فقط أننا لا نقرر متى ومن نحب، وأننا لسنا مخيرين فيما يخص خفقات القلب مجهولة المصدر، هذه الفكرة تزيل عن كاهلي الشعور بالمسؤلية والذنب تجاه قصتي معه..
هذا الرجل الذي كنت أنتظره بعد كل فراق إلى أن أصبح الفراق الأبدي وشيكاً، منذ عرفت بمرضه الخبيث وأنا أقف على عتبة ألم آخر وانتظار آخر.. تحاصرني الذكريات وكل ما أخشاه أن تبقى هذه الذكريات زادي الوحيد فيما تبقى من العمر..
أجتر الذكريات وأتأمل..
نعم،، التأمل يتيح لنا تحويل الانتباه من مخاوفنا الداخلية التي تحيط بنا إلى العالم الخارجي، عالم أكبر من وجودنا التافه ومشاكلنا التي تبدو بحجم هذا الكون وأكبر،،
فكرت، يا لنا من مخلوقات غريبة،، رغم ما عرفته وأعرفه عن حجم هذا الكون والنظريات التي لم تعد خيالية إنما باتت أقرب إلى الواقع وتتحدث عن أكوان أخرى وعوالم موازية، ما زلت أشعر أنني مركز الكون وأن ألمي وهمي وتساؤلاتي هي أعظم المشاكل،،
"احترق الطعام" صرخت أمي لتنبهني..
أيقظتني من إيقاع حسرتي فاعتدلت في جلستي سريعاً، دلدلت قدمّي، نظرت للأسفل، وفي ثواني كنت أهوى إلى قاع حسرتها.. حسرتها على الطعام الذي نسيناه فاحترق، إنه عالمنا الصغير يا سادة، عالمنا الذي يشتعل بحرائق أصغر ملايين المرات مقارنة بحرائق كوننا المشتعلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل على حافة الانهيار الدفاعي؟.. صواريخ الحوثي تصل إلى ق


.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بلدة حولا جنوبي لبنان




.. ناشطون يضعون ملصقات داعمة لفلسطين في أرجاء أوتاوا الكندية


.. كيف وصلت رسالة يحيى السنوار في ظل الحصار الإسرائيلي لقطاع غز




.. موسكو تحذر الغرب وتهدد باستخدام أسلحة تحول كييف إلى -كتلة عم