الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفسير القانون المختلف هو التطبيق المختلف للقانون

ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)

2024 / 8 / 8
المجتمع المدني


وُجد القانون لتنظيم حياتنا التي نعيشها زمانيا ومكانيا. فهو يوصف ويصنف الحدود بين الأشخاص مهما اختلفت تسمياتهم وأوصافهم وعناوينهم، فيرتب لهم الحريات ويحدد واجباتهم. ومتى ما تكامل القانون بفقراته وتطبيقاته، أُعيدت الحقوق المغتصبة لأهلها وعوقب المعتدين والمتجاوزين على أفعالهم. لهذا يلزم أن يكون صياغة فقرات القانون كاملة متكاملة ووافية ومستوفية لا تُضيع حقا ولا تنصر ظالما. نقول هذا ونعلم علم اليقين إن القانون هو جهد بشري يحتمل النقصان في الصياغة والتطبيق.
ومع هذا يرى الباحثون والمختصون في القانون إن هذا القانون الوضعي يمكن أن يكون رديفا قويا للقانون الالهي من خلال التفاصيل التي يغطيها أو التغيرات والتطورات التي تحصل في حياة البشر. لكنه يبقى النقص فيه واردا ومقبولا في الحدود التي لا تمتهن فيه كرامة الإنسان ولا تضيع فيه حقوق الضعيف ولا ينصر فيه القوي. وإذا قبلنا القصور المحدود في صياغة القانون، فلن يقبل القصور في التطبيق هدرا في الحقوق أو زيادة في العقوبات.
ولأن القانون صناعة بشرية وإن أستند في بعض نصوصه على القانون الالهي، ولأنه مكتوب بمفردات لغوية (عربية) تحتمل أكثر من معنى، فالاختلاف بالتفسير وارد. والحقيقة إن القانون يحتمل التفسير المختلف بين متخصص ومتخصص في القانون سواء كان المتخصص قاضيا أو محاميا أو أكاديميا. وإذا تجاوزنا مرحلة التفسير، فالمشكلة الحقيقية تكمن في عدة نواح أهمها تطبيق الأحكام المختلفة التفسير وثانيها الحدود الدنيا والعليا للأحكام القضائية وثالثها تقديرات القضاة. والدليل هو اختلاف الأحكام القضائية في قضايا تكاد تكون متشابهة بين قاضٍ وقاض. وقد يكون لهذه المشكلة نواح أخرى يراها البعض جميعا مترابطة ومتداخلة.
فإن سلمنا بوجود تفسيرات مختلفة للنصوص القانونية، علينا أن نقر أن هذه التفسيرات المختلفة ستؤدي إلى تطبيقات مختلفة تتمثل بصدور أحكام مختلفة من قبل قضاة مختلفين، لاسيما وإن القوانين العراقية تجيز للقضاة الأخذ بالأحكام القضائية السابقة أو لقضاة اخرين على سبيل الاستئناس بها وليس إتباعها وجوبا. وهذا قد يصل بنا إلى أن يعاقب أفراد بعقوبة لا يستحقونها أو يتساهل معهم تساهلا ليس في محله، رغم علمنا وإيماننا ان هناك مراحل اعتراض (إستئنافية أو تمييزية) على الأحكام الصادرة قد تعيد الأمور أو لا تعيدها إلى نصابها الصحيح.
تتضمن كثير من الأحكام القانونية لاسيما في قانون العقوبات العراقي حدود دنيا وعليا لهذه الأحكام. وما بين الحدود الدنيا والعليا لهذه الأحكام هناك فروقات كبيرة لها علاقة بتغير نوع الجريمة تبديلا أو تخفيضا أو تشديدا ما بين المخالفة أو الجنحة أو الجناية، أو بفترة الحبس أو السجن أو مبالغ الغرامات المالية أو حدود العقوبة الزمنية التي قد تمتد لسنوات وبشكل غير معقول.
إن هذا اجتهادا تركه الله ثم القانون للقضاة ليحكموا بين الناس بالعدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا /58 النساء). ولأن القضاة إنما بشر يخطئون وخطئهم قد يكون جسيما يحتمل إيقاع عقوبة بمن لا يستحق وإهدار حق لمن يستحق (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ / 45 المائدة). فهل تشريعات نظمنا القضائية وتطبيقاتها صممت لتراعي الاختلافات في الأحكام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولاية تكساس تقيم حواجز عائمة قرب المكسيك لمنع تدفق المهاجرين


.. ترمب يوقع قرارا بتعليق دخول المهاجرين غير النظاميين ويأمر بن




.. فرحان حق للجزيرة: الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش قلق إزا


.. بنما تشتكي للأمم المتحدة عقب تهديد ترمب بالاستيلاء على قناته




.. سي إن إن: الكونغرس الأميركي يقر مشروع قانون لاعتقال مهاجرين