الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تبادل الأدوار في النسيج الليبي: عندما يصنع الرجال ملابس النساء والنساء ملابس الرجال.
حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)
2024 / 8 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
وجهت لي دعوة للمشاركة في المؤتمر العلمي الدولي الأول عن واقع المرأة في المجتمع العربي، والذي سيعقد خلال الفترة من 17- 18 أغسطس 2024م. هذا المؤتمر يهدف إلى فهم واقع المرأة العربية، فضلًا عن رصد أهم التحديات التي تواجهها، وتحديد أهم التطلعات.
لتحقيق هذه الأهداف، أعتقد بأن الأمر يتطلب تدبرًا عميقًا في سياقاتها التاريخية والثقافية المحلية. هذا البعد التاريخي والثقافي المحلي مهم؛ لأنه يُحذر من فرض نماذج ونظريات غربية قد لا تعكس بصدق تجربة المرأة العربية وتطلعاتها. وهذا يعني ببساطة أن معالجة قضايا المرأة العربية تستدعي إعادة قراءة متأنية لها في ضوء مرجعياتنا الثقافية والتاريخية، بما يكشف عن الحلول والتطلعات المناسبة لواقعنا المحلي.
بالرغم من أن واقع المرأة أصبحت أفضل بكثير مما كان عليه في السابق من حيث التعليم والصحة والتوظيف وتوزيع الأدوار، إلا أنني أنظر إلى المرأة، خاصة المرأة الليبية، من منظور بعيد عن الواقع الحالي. حيث لا يمكن الإلمام بواقع المرأة في ليبيا خارج دائرة العلاقات التاريخية الاجتماعية بينها وبين الرجل.
وسأكتفي في هذا السياق بالتنويه إلى مفارقة تاريخية اجتماعية لافتة الانتباه في ليبيا: وهي أن الرجل هو الذي يقوم بنسج ملابس المرأة، بينما المرأة هي التي تقوم بنسج ملابس الرجل. وهذه المفارقة قد لا يعلمها الكثيرون من خارج ليبيا، وهي جديرة بالمزيد من البحث والتحليل الاجتماعي.
حيث تثير هذه المفارقة عدة أبعاد اجتماعية مثيرة للاهتمام، وبدون الدخول في تفاصيل هذه الأبعاد سأكتفي بالإشارة إليها في النقاط التالية:
1. التقسيم التقليدي للأدوار الجندرية: تكمن المفارقة هنا في عكس التوزيع التقليدي للأدوار بين الجنسين في نسج الملابس. عادةً ما ينظر المجتمع إلى نسج الملابس كنشاط "نسائي" بحكم الثقافة والتنشئة الاجتماعية. ولكن في ليبيا، نجد أن الرجال هم من ينسجون ملابس النساء، بينما النساء ينسجن ملابس الرجال. هذا التوزيع المعكوس للأدوار يشكل مفارقة واضحة للتقسيم التقليدي للمهام بين الجنسين. قد ينعكس ذلك على تصورات المجتمع حول الهوية الجندرية والخصائص المنسوبة للذكورة والأنوثة.
2. الحراك الاقتصادي والاجتماعي للمرأة: تقليديًا، كان نسج الملابس نشاطًا اقتصاديًا واجتماعيًا مرتبطًا بالمرأة. ولكن في ليبيا، نجد أن الرجال هم من يقومون بهذا النشاط الاقتصادي. هذا يؤدي إلى تمكين الرجال اقتصاديًا من خلال نسج ملابس النساء. في المقابل، قد تكتسب النساء مزيدًا من الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية من خلال نسج ملابس الرجال. هذا التحول في الأدوار الجندرية قد ينعكس على موازين القوى داخل المجتمع وعلى مكانة المرأة الاجتماعية.
إذن ليس من الغريب، في ظل هذه الخلفية التاريخية والاجتماعية التي ظهرت فيها هذه الأدوار، أن تظهر بعض المفارقات الرمزية لعملية تبادل صناعة الملابس بين الجنسين في المجتمع الليبي. وفيما يلي أبرز ما يمكن استكشافه في هذا السياق:
1. المراسلات الرمزية والتوقعات المتبادلة:
- قد يُعبِّر قيام الرجل بنسج ملابس المرأة عن رغبته في تشكيل هويتها وصورتها الخارجية.
- وبالمثل، قيام المرأة بنسج ملابس الرجل قد يُعبِّر عن رغبتها في تشكيل صورته وهويته.
2. الألوان والتصاميم:
- ربما تنعكس تصورات الجنسين لما يناسب كل منهما من خلال اختيار الألوان والتصاميم.
- قد تكون هناك اختلافات في التفضيلات والأذواق بين الرجل والمرأة في هذا السياق.
3. الرمزية والدلالات الاجتماعية:
- قد تحمل الملابس المنسوجة دلالات اجتماعية وثقافية مرتبطة بهوية كل جنس.
4. السيطرة الذكورية والأنوثة:
- قد يُنظر إلى هذه الممارسة على أنها تعبير رمزي عن سيطرة الذكورة وهيمنتهم على المجال العام.
- في المقابل، قد تُفسَّر على أنها تعبير عن قوة الأنوثة وقدرتها على التأثير والتعبير عن الهوية.
أخيرًا، يمكن القول بأن مفارقة قيام الرجل بنسج ملابس المرأة، وقيام المرأة بنسج ملابس الرجل في ليبيا تعكس ديناميكيات معقدة للعلاقات بين الجنسين وصراعاتها الرمزية حول الهوية والسيطرة. هذه المفارقة التي لم تحظ باهتمام كاف في البحث والتحليل السابق تشكل دعوة مهمة للباحثين الليبيين لتسليط الضوء عليها وفهمها على نحو أعمق.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لوريان لوجور: واشنطن تدعم نزع سلاح حزب الله وإسرائيل تهدد با
.. -يوم صعب-.. إسرائيليون يستعيدون ذكريات 7 أكتوبر في مستوطنة ب
.. حريق غربي القدس بعد التصدي لصاروخ أُطلق من اليمن
.. كلمة رئيس الوزراء الفلسطيني حول تطورات غزة
.. إسرائيل تعلن القضاء على سهيل حسين حسيني وتوضح دوره في حزب ال