الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث حول تراجع العلمانية في العالم العربي

لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)

2024 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1. مقدمة لابد منها
يسود اليوم نموذج الدول العلمانية اغلب بقاع الارض، كما ويشكل المنهج العقلي العلماني اساسا لسن لقوانينها وتنظيم أدارتها وحياة مجتمعاتها وتطوير ثقافتها وادارة التطور الحضاري والاقتصادي والمعاشي لها باضطراد وزخم مستمر. مقابله، تجد تراجعا مستمرا وتتّآكل وتختفي معالم وبقايا العلمانية في العالم العربي وبشكل زخمي ايضا للوراء وذلك منذ منتصف القرن الماضي تحديدا بقيام الانقلابات العسكرية واقامة النظم والدول الديكتاتورية ومنها والى اليوم اصبحت المنطقة العربية مرتعا للتخلف بكل اشكاله الاداري والحضاري والفكري والاقتصادي والثقافي ، وانتهت مجتمعاتنا تعيش اليوم في كهف سلفي اجتماعي وسياسي وفكري منعزل عن العالم وعن قوانين ومفاهيم حضارته العلمانية في بناء دولها وادارة شؤون مجتمعاتها على اسس عقلية وعلمية. انه تراجع مخيف للعلمانية اي للمنهج العقلي في اقامة وبناء دول وطنية حقوقية ديمقراطية تحترم حقوق وحريات مواطنيها وتضع نفسها فوق العقائد والايديولوجيات كي لاتميز بين مواطنيها ، وهو جوهر طروحات المنهج العلماني في تطوير مفهوم الدولة لتقود التطور الحضاري لمجتمعاتها على اسس عقلية ، وليس باختصار العلمانية المصطلحي الشائع "بفصل الدين عن الدولة " الذي يعود للقرن الثامن عشر حين كان الدين المسيس يمثل العقيدة السياسة الوحيدة التي تكسب الشرعية للدول ذات الحكم المطلق. ان العلمانية تمثل المنهج العقلي في تكوين وتشكيل مفهوم الدولة لتقود تحضر مجتمعاتها ، ومنها وعي خطر التراجع العلماني للمجتمعات والذي له يعود السبب الاساس لتخلفها وتراجعها على كافة المستويات ،وهو مانشهده واضحا في المنطقة العربية.
ولعل اشد مظاهر التخلف ايلاما في عالمنا العربي، عدا قمع النظم العربية الاستبدادية ، والفقر والتخلف الاقتصادي ،هو ذلك التحول الملفت حتى لشباب الجامعات ، وهم امل المستقبل، عن الفكر العلماني العقلاني لبناء المستقبل على اسس عقلية وعقلانية الى الافكار السلفية الدينية والخرافية. انه بلا شك النكسة الاكبر لمجتمعاتنا اليوم هو فقدان الايمان بقدرة الفكر العقلي العلماني في حل مشاكلها الكثيرة المتراكمة ومنه اللجوء للفكر الميتافيزيقي والى تراثها الروحي الديني عسى ان تجد فيه مرتعا يشفيها من واقعها المرير في حركة احتجاج لاشعوري ربما على ماشهدته من انجرارها من فشل الى فشل اخر اعمق وعلى مدى 75 عاما تقريبا ومنها يمكن فهم تراجع الفهم والوعي العقلاني العلماني وفقدانها الثقة بتكوين صورة فكرية واقعية عن اسباب التحضر بعد الفشل المتراكم ، ناهيك عن تكوين صورة واقعية عن الحياة والحضارة في العالم ، واسباب تقدمها، فانزوت في كهف الانقطاع والانعزال والانكماش على الذات ومنه صعود الفكر السلفي الديني وسيطرته على الوعي العام للمجتمعات العربية .
ومن مظاهر ومعالم ازمة وتراجع الفكر العلماني العقلاني العربي هو ذلك العداء والتحريض الواسع السافر على كره ثقافة الغرب العقلية العلمانية ومنها كنتيجة له رفض مفاهيم وجذور وانجازات الحضارة الانسانية المعاصرة القائمة عليه وبه حجب عنها اهم مصادر المعرفة التجريبية والعقلية العلمية لبناء مفاهيم تطورها كشكل الدولة واسس الحكم وعلاقته بتطوير حقوقها وشؤون حياتها ومعيشتها ، وهو اهم مهام المنهج العلماني الذي سسنتناوله تحت بالنقاش والتحليل) . ان هذه الحضارة التي يجري تشويهها وذمها وسبها من كل التيارات الدينية والايديولوجية في منطقتنا هي الحضارة التي فاقت بانجازاتها اي افق كان يمكن ان يتصوره خيال الانسان حتى قبل قرن واحد فقط، الخيال الانساني الحالم دوما بحياة افضل.
لقد ساهم كلا النهج الديني والايديولوجي السلفيين السائدين باغتيال الوعي العلماني العقلاني الحر ومنه ، ولمواقف وطروحات ايديولوجية ، بعزل مجتمعاتنا عن فهم حضارة العالم المعاصر وحجب اسباب وسب التحضر المستقبلي لها، ليس فقط من طروحات السلفية الدينية المعادية للحضارة العقلية عموما ، بل من تيارات تعتبر نفسها علمانية بينما تقوم يبث فكر الكراهية للحضارة المعاصرة باسسها ومفاهيمها وهي الاسس التي تقوم عليها نفس الحضارة العلمانية القائمة في العالم اليوم بكل انحازاتها العظيمة ( وسنأتي لتحليل هذه الظاهرة الغريبة حقا وهي تشبه كمن يدعو للصلاة ويسب الاسلام والمسلمين بنفس الوقت والناتجة عن التبني السلفي اي النصي الجامد للعقائد العقلية الوضعية كما سنتناوله لاحقا). وهناك عوامل عديدة اخرى ساهمت بالتراجع المستمر للعلمانية في منطقتنا منها التراجع التعليمي والفقر والقمع السلطوي عدا السلفي وسيتم تناولها تشريحا كعوامل موضوعية في الجزء الثاني من هذا البحث.عدا العامل الذاتي في قصر وفقر ‏وسطحية الفهم للمنهج العلماني في المنطقة العربية. ومنه لنتعرف بشكل اعمق على اهمية ومحتوى المنهج العلماني والعلمانية في تطوير اخطر واهم مفهوم تحضري للبشرية في صياغتها لمفهوم الدولة والحكم، والتي هي الاداة والعقل والالة التي تقود عملية التحضر لمجتمعاتها، ومنها تنطلق اهمية المنهج العلماني الذي يمكن اعادة تعريفه ، ومن دون مبالغة ، بانه المنهج الذي قاد عملية التحضر في العالم المعاصر باعادة طرح وتشكيل مفهوم الدولة المعاصرة، ومن هنا تأتي اهمية فهم هذه العملية المعقدة التي قادتها العلمانية على مدى 300 عام ولليوم في تكوين مفهوم الدولة.

2. لمحة عن تطور العلمانية كمنهج لتشكيل وبناء الدولة المعاصرة
لعل اخطر واهم قضية في تاريخ الانسانية على الاطلاق ، هو طرح العلمانية لاقامة الدولة الحديثة على اسس عقلية وحقوقية وذلك مايقرب من 300 عام ، منذ نهاية القرن السابع عشر على يد الفيلسوف البريطاني العظيم جون لوك ( 1645 ـ 1704) ) الذي طرح اساسين للانتقال الى الدولة الحديثة ، اولهما كسب شرعية الحكم من المحكومين مباشرة كبديل للحكم باسم الشرعية الالهية المستمدة من التفوض الديني للحاكم ، وهو الاساس والنموذج للحكم المطلق الذي ساد منذ عصر السلالات وسارت عليه جميع الدول والامبراطوريات على مدى 5000 عام تقريبا او على مدى 97% من عمر البشرية المدون ، ومنه استنبط اول مفهوم للعلمانية حول كسب الشرعية للحكم من مفهوم المواطنة وجعلها حقا وربطهما معا ، وليس وفق تفويض الهي للملوك والخلفاء والاباطرة ( وربما منها تم ربط العلمانية بالدعوة لفصل الدين عن الدولة ويقصد به طبعا الدين السياسي الذي باسمه تعطى الشرعية للحكم ) ، والثاني تقييد الحكم والدولة بدستور يضمن الالتزام القانوني للحاكم بحقوق طبيعية محددة للمواطن الفرد ( اصبح يدعى مواطنا بعد ان كان رعية للحاكم ) والمساواة في المواطنة بعدم التمييز في العقائد بين المواطنين. لقد تم صياغة هذين المبدئين العقليين المؤسسين لمفهوم الدولة العلمانية الحقوقية المعاصرة منذ عام 1691 رغم ان تسميته بالعلمانية اتت بعد 150 عاما كمصطلح عام 1850 على يد الكاتب البريطاني جورج هوليوك ، ولكن ذلك لايعني ان ولادة المنهج العلماني بدء من هذه الفترة بل واقعا قبلها ب150 عاما ، وربما ابعد من ذلك، ولكن الطرح الواضح لتشكيل اهم اساسين لمفهوم الدولة الحديثة قد جاء من جون لوك تحديدا). لقد جاء اول نجاح احرزه هذا الطرح العقلي لمفهوم الدولة بعد 100 عام منذ طرح لوك لافكاره ، اتى اولها في الولايات المتحدة باقرارها اول دستور علماني في التاريخ عام 1885 والثانية بعدها بست سنوات فقط في فرنسا باقرارها ثاني دستورعلماني عام 1791 بعد نجاح الثورة الفرنسية عام 1789 ، وقام كلاهما بانهاء الحكم المطلق والتحول للجمهورية القائمة على مبادئ اقامة شرعية الحكم والسلطة بالانتخاب المباشر من الشعب واقرار مفهوم المواطنة وحقوقها ومساواتها بعدم التمييز بينهم بسبب العقائد. شكلت هذه النقلة نقطة الانطلاق لاقامة وانتشار "نموذج الحكم المقيد " اي الحكم بدستور حقوقي ( بمعنى ينص على حقوق المواطنة وطريقة كسب الشرعية ) على مدى القرن التاسع عشر ليقام نموذج الدول القومية الحديثة بدل الدولة الدينية التي سادت منذ فجر التاريخ.
اتى التطوير القادم لمفهوم الدولة وفق المنهج العقلي العلماني منذ منتصف القرن العشرين تقريبا وذلك بعد الخلل الكبير الذي تم تشخيصه في مفهومها السابق بفصل الدين عن الدولة في الدولة الحديثة كبديل للدولة الدينية. اتضح هذا الخلل بعد الماسي التي جرها صعود احزاب تمثل التيارات العقائدية العقلية الايديولوجية للسلطة ومنها بسطت سيطرتها على الدولة لتقيم نظم حكم ديكتاتورية قمعية صبغت الدولة بلون عقائدها مثلما رآه العالم بسيطرة الايديولوجيا القومية على المانيا وايطاليا والايديولوجيا الماركسية على روسيا وصبغت دولها بلون ايديولوجياتها ومارست القمع والتمييز ضد عقائد مواطنيها واقامت دولا "دينية وضعية " ذات حكم مطلق بدل الدول " الدينية السماوية " ، اي هذه المرة اخذت الدول تدين بديانات وضعية عقلية بدل السماوية ،واضحت تقدس القائد وتمنحه سلطات مطلقة مثل تلك التي امتلكها ومارسها الاباطرة والملوك في نظم الحكم المطلق باسم الشرعية الدينية الالهية الذي ساد قبل طرح العلمانية لمفهوم اقامة الدولة على اسس عقلية. وبقدر ما شكل ذلك نكسة عميقة وكبيرة للنموذج العلماني للدولة الحديثة حيث وقع في مطب سيطرة الديانات الايديولوجية التي انتجها العقل لتتحكم بمصير الانسان والشعوب ،تماما كما تحكمت به النظم المطلقة ذات الشرعية الالهية . هنا اتى المنهج العلماني بطرح مفهوم عام "فصل الدولة عن جميع العقائد " ، اي على عدم تبنيها لاية عقيدة سواء دينية أو وضعية معا ، او مايمكن تسميته "الدولة اللاعقائدية المحايدة "، والحياد هنا بمعنى حيادية الدولة تجاه عقائد مواطنيها وذلك بمنع ادلجة اجهزتها باي لون لتكون محايدة وغير منحازة فعلا تحاه عقائد مواطنيها ( والواقع انه الرجوع فعلا لاطروحة جون لوك عام 1691 بالتزام الدولة بعدم التمييز بين عقائد مواطنيها وفق مفهوم الحقوق الطبيعية للفرد التي وضعها ومنها الحق في العقيدة ) وتعهد الدولة باحترام جميع عقائد مواطنيها وترجمة المساواة بعدم التمييزبينهم بسبب العقائد ، وهو مايتطلب حيادية الدولة واجهزتها التي وقفت وراء مفهوم " الدولة اللاعقائدية". ولتطبيق هذا المبدأ لمعالجة الخلل الاختراقي لمنع الايديولوجيات من التأثير،دعك عن السيطرة ، على أجهزة الدولة ، خطا المنهج العقلي العلماني خطوة جريئة اخرى بطرح مبدأ " فصل اجهزة الدولة عن لون الاحزاب الفائزة التي تشكل الحكومات " التي اصبحت اجهزة وطنية محايدة وعدلت دساتيرها لتضمن حيادية الدولة وابعادها عن التلون الايديولوجي للاحزاب الحاكمة التي تفوز في الانتخابات العامة ، وفعلا فدولا مثل اميركا وبريطانيا والمانيا وفرنسا هي ليست دولا مسيحية ولا تدين بعقيدة وضعية ايديولوحية حتى لو شكلت حكوماتها احزابا يمينية محافظة او يسارية ليبرالية او اشتراكية. لقد نجح هذا النموذج العلماني " الدولة اللاعقائدية المحايدة " وانتشر واسعا ليسود اليوم عشرات الدول في القارات الاربع ، ولكنه وللاسف لم ينل العالم العربي منه حتى محرما كونه لايميز لليوم بين مفهوم الدولة والسلطة بل ولاحتى في فهم مفهوم الدولة الحديثة بشكلها المعاصر " بفصل الدولة عن العقائد بكافة اشكالها الدينية او الوضعية" وجعلها جهازا وطنيا محايدا ولاتنافس عقائد مواطنيها كما ولاتميز بينهم ولاتقمعهم بسبب عقائدهم ومعتقداتهم كونها تمثل حقوق المواطنة بل وتمثل كرامة الذات الانسانية للانسان بحقه في رأيه وعقائده والتي يتم اغتيالها يوميا في العالم العربي. لقد غابت هذه المفاهيم التي استند اليها المنهج العقلاني العلماني في اقامة مفوم الدولة والحكم المعاصر من خلال تشكيله على اساس علاقة الدولة بالعقائد وبحقوق المواطنة الخاصة والعانة للمجتمع وربطها بمهمة دولا لاعقائدية حديثة تقود عملية التحضر لمجتمعاتنا العربية، بل طغى مفهوم الدولة الايديولوجية على الوعي النخبوي والجمعي العربي، ومنه غاب الوعي العلماني العقلي في المجتمعات العربية وهو ربما من اهم اسباب وقوعها بسهولة في شباك السلفية الدينية الذي نراه اليوم.
لنرسم صورة المسار التطوري لمفهوم الدولة الذي قاده المنهج العقلي العلماني الذي يمكن تلخيص مراحله وتطور طروحاته وفق ثلاثة مراحل ونماذج لشكل الدولة وصولا للمعاصرة.
1. نموذج الدولة الدينية ذات نظم الحكم المطلقة ذات الشرعية للحكم بالتفويض الالهي الذي اتت طروحات العلمانية الاولى ومنذ نهاية القرن السابع عشر بفصل الدين عن الدولة لاقامتها على اسس كسب الشرعية من المحكومين واقرار حقوق طبيعية لهم من الدولة وضمان مساواتهم بعدم التمييز بسبب العقائد كونها حقا طبيعيا لهم.

2. نموذج الدولة القومية الحديثة ذات الحكم المقيد التي فصلت الدولة عن الدين ولكن خللها انها تعرضت لسيطرة الايديولوجيات الوضعية التي اقامت نظما علمانية ( بمفهوم فصل الدين عن الدولة ) ولكنها ادت لاقامة ديكتاتورية ذات نظم حكم مطلق يستمد شرعيته من نفس ايديولوجيته وهو نفسه الرجوع الى نموذج الدولة ذات التفويض الديني بالحكم المطلق. ومثلت المانيا الهتلرية وروسيا الستالينية وعشرات الدول الديكتاتورية العلمانية نماذج لهذه السيطرة الايديولوجية على الدولة. وضحت هذه التجارب النقص والخلل البنيوي من تطبيق الاكتفاء العقلي العلماني "بفصل الدين عن الدولة" الذي شكل اساس الطرح والمنهج العلماني خلال القرن التاسع عشر.
3. طرح نموذج الدولة اللاعقائدية المحايدة التي فصلت الدولة واجهزتها عن جميع العقائد ( دينية او وضعية ) وجعلت الالتزام بحقوق المواطن الطبيعية وبالمساواة في المواطنة (ومنها تم اطلاق تسمية الدولة الوطنية اي التي لاتمييز بين مواطنيها بسبب العقائد) واطلاق حرية الرأي والفكر للمجتمع (سواسية لكل مواطنيها ) ومنعت اجهزتها الحكومية من تبني اية عقيدة تؤدي للتمييز بين مواطنيها بسبب عقائدهم وهو ما أدى لتطوير مبدأ فصل الدولة عن التلون بلون حكومتها واحزابها الحاكمة الفائزة في الانتخابات الديمقراطية وفق المبدأ العلماني بحيادية اجهزة الدولة تجاه عقائد وانتماءات مواطنيها الفكرية او الدينية او القومية.

ساد النموذج الثالث للدولة العلمانية " الدولة الوطنية اللاعقائدية" خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية وانتشر الى القارات الاربعة تباعا على مدى 75 عاما الماضية ( انتقل من اميركا وبريطانيا الى اوربا ومنه الى اليابان وكوريا والهند وصولا الى جنوب افريقيا والارجنتين والبرازيل) . لقد شهدت هذه الدول نجاحات في ترسيخ الديمقراطية السياسية والاجتماعية وشهدت تطورا عظيما في تطوير دولها وخدماتها وتعليمها وثقافتها الوطنية وحققت قفزات في تطوير اقتصادها ومنه رفعت المستوى المعاشي لسكانها وقضت على فاقات وموجات كانت تقصم بالملايين مثل الفقر والجوع وتفشي الامراض والاوبئة في البلدان التي كانت حتى منتصف القرن الماضي تتعرض لمجاعات تحصد الملايين ( كالهند واندونيسيا والبرازيل امثلة) ،عدا عن التطور العلمي والتعليمي والقفزة الهائلة بالاقتصاد مترافقة مع تقدم هائل في مجال ممارسة الحريات المدنية والفكرية والعامة واطلاق الحرية للاعلام وتطوير المستوى الثقافي والمعرفي والتحضر الاجتماعي العام لسكانها.
ان نموذج الدولة العلمانية اللاعقائدية اقيم على اساس الالتزام الكامل من الدولة باحترام الدولة لحقوق وحريات مواطنيها وعدم التمييز بينهم بسبب الاصول والعقائد ، وهو اساسا طرحا حقوقيا ليبراليا باقامة شكل الدولة والحكم على اساس حقوق وحريات مواطنيها ،كما طرحه جون لوك عند نهاية القرن السابع عشر . ولقاء الدعوة الليبرالية والمنهج العلماني في وضع الحقوق اساسا للحكم ولتشكيل مفهوم الدولة ليس مصادفة ، لقد طورت العلمانية مفهوم الدولة الحديثة على اساس فصل الدين عن الدولة بتبني طروحات الليبرالية الفكرية الاولى في وضع الحقوق والحريات اساسا لشكل الحكم والدولة ( وهنا تبرز العلاقة العضوية بين العلمانية والليبرالية ، وواقعا يصعب التمييز بينهما وهل ان العلمانية ادت لولادة الليبرالية كفكر حقوقي ام ان الليبرالية ادت لطرح العلمانية في تشكيل مفهوم الدولة الحديثة والمعاصرة) . والواقع ان درجة تطور نموذج "الدولة اللاعقائدية المحايدة" تقاس بمقياس دقيق جدا هو مدى تطورها الديمقراطي الليبرالي في تبني حقوق وحريات مواطنيها ،ومنها تجد واقعا امكانية اطلاق تسميتين على نموذج الدول العلمانية المعاصرة و:
ـ الدول العلمانية الديمقراطية التي قطعت شوطا متقدما في ترسيخ الديمقراطية السياسية وقدرا متواضعا من تطوير الديمقراطية الاجتماعية التي تغطي الحقوق والحريات الفردية والعامة، ويسود هذا النموذج الذي يدعى بالدول العلمانية الديمقراطية طيفا واسعالامن بلدان العالم الثالث سابقا ( مثل الهند والبرازيل والارجنتين وشيلي وماليزيا واندونيسيا وجنوب افريقيا امثلة ) اضافة للدول الحديثة العهد بالديمقراطية بعد التحول اليها من النظم المؤدلحة الديكتاتورية التي قامت في اوربا الشرقية وتحولت بداية القرن الحالي لنموذج الدول العلمانية الديمقراطية .
ـ الدول الديمقراطية الليبرالية وهي التي قطعت شوطا بعيدا في ترسيخ وتطوير الديمقراطية السياسية والاجتماعية معا نظرا لقدم تحولها لنموذج الدولة العلمانية اللاعقائدية ترسيخ حقوق وحريات المواطنة فيها اساسا لتطوير حياتها السياسية والاجتماعية معا وتشمل اليوم امثر دول العالم تطورا حضاريا واقتصاديا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا (وتشكلان النموذج التاريخي الناجح لتطور مفهوم الدولة اللاعقائدية المحايدة كونهما لم يتعرضا لهزات ايديولوجية في القرن العشرين كبقية الدول ) اضافة لدول اوربا الغربية وكندا واستراليا حيث تشكل تجاربها نموذجا لتطور مفهوم الدولة اللاعقائدية المحايدة ونموذجا لتطور مفاهيم الديمقراطية الاجتماعية والحقوقية اضافة للسياسية.

لابد قبل الانتهاء من الاستعراض اعلاه الخروج ببعض النتائج في فهم العلمانية من خلال المسار التطوري للمنهج العلماني في طروحاته بتشكيل الدولة المعاصرة :
1. ان العلمانية ليست ايديولوجية بل هي منهجا عقليا علميا* يبحث في تشكيل الدول المعاصرة التي تحترم حقوق وحريات مواطنيها وتجعلها الركن الاساس في اقامة نظمها وسن قوانينها وتحييد اجهزتها عن التمييز بين عقائد مواطنيها وتنظيم ادارة حياتها السياسية والاجتماعية والثقافية وفق احترام ذات مواطنيها والحريات الخاصة والعامة لمجتمعاتها.
2. ان اطروحة "فصل الدولة عن الدين " ليست ايديولوحية ضد الدين فهي تفتقر، وربما بسبب الترجمة النصية ، الى امرين هما التمييز بين الدين الروحاني والدين السياسي والطرح المنهجي يقول انها يجب ان تكون "فصل الدولة عن الدين السياسي " لتكون متناسقة مع المنهج العلماني الذي يقوم على فصل الدولة عن جميع العقائد دينية او وضعية كي تكون دولة وطنية لجميع مواطنيها ولاتمييز بينهم بسبب العقيدة والعقائد، تلتزم باحترامها كحقوق لمواكنيها بممارسة عقائدهم الدينية والفكرية وابعاد الدولة عن تبني اية عقيدة رسمية لها عدا الوطنية كونها دولة لجميع مواطنيها.
3. ان الدول التي تتبنى ايديولوجيات وضعية تفرضها على اجهزتها ومجتمعها لايمكن تصنيفها علمانية رغم انها تقوم بفصل الدولة عن الدين والدين السياسي كون النظم الايديولوحية تؤدي للديكتاتورية المطلقة وبها تناضر نفس نماذج الحكم المطلقة للدولة الدينية ، كلاهما تبرره العقائد التي تحكم ، وكلاهما يستبيح ويصادر حقوق المواطنة الاساسية الطبيعية والحريات الخاصة والعامة لمواطنيها ويمارس التمييز والقمع لمن يخالف عقائد الدولة سواء كانت دينية او ايديولوجية كالدول القومية اوالماركسية او اية عقائد تتبناها الدولة رسميا ، فالعلمانية منهج يطرح مفهوم اقامة الدولة على التزامها واحترامها لحقوق المواطنة ومنه فهي تبعد العقائد عن اختراقها كي لاتميز بين مواطنيها وهذه اهم اسس المنهج العلماني في صياغة مفهوم الدولة.
سنقوم في الجزء الثاني بطرح ومناقشة ازمة وتراجع الفكر والمنهج العلماني في المنطقة العربية وفرز الظروف والاسباب الموضوعية والذاتية التي وقفت وراء الفشل العلماني العربي الواسع .
د. لبيب سلطان ، كاليفورنيا
18/8/2024
----------------------------------------------------
* هناك فروقات بين المنهجين العقلي والعلمي في عملية تكوين المعرفة، وتحول طروحات المنهج العقلي للعلمانية الى منهح علمي هو مثالا جيدا ساهم في تكوين وتطوير مفهوم الدولة المعاصرة وتتم مناقشته في الفصل الثاني الخاص بالمنهجين في كتاب للكاتب بعنوان " فهم حضارة العالم المعاصر" سيصدر قريبا في شهر سبتمبر القادم عن دار مدبولي في القاهرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ لبيب سلطان ألمحترم
nasha ( 2024 / 8 / 18 - 01:42 )
أهلاً وسهلاً لعودتك من جديد.
انا مسرور لرجوعك الى صفحتك .

بالتأكيد غيابك عن صفحتك لا يعني غيابك عن ما يجري في العالم اجمع ، من تطورات متسارعة ومرعبة في احيان كثيرة.

ولذلك من المتوقع ان تطرح افكار جديدة ، مفيدة للمساهمة في ايجاد حل لمعضلة الانشقاق الذي يسود جميع انحاء العالم دون استثناء .
المشكلة ليست شرق اوسطية دينية فقط ، ولكنها مشكلة عالمية عامة شاملة دون استثناء.

تحياتي وتمنياتي لك بالنجاح في مساهمتك.
شكراً


2 - كلا .. أَنا أُخالفك الرأي عزيزي
بارباروسا آكيم ( 2024 / 8 / 18 - 01:53 )
أخي العزيز العلمانية لم تقم و لن تقوم في العالم العربي و الإسلامي
لأسباب سبق و أن شرحتها بالتفصيل

أما بالنسبة للنموذج الأمريكي في العلمانية
فهو يخالف تماما ما تذهب اليه ..

لأن المشكلة لم تكن يوما مشكلة ايمان الناس بالخرافات
بل المشكلة متعلقة بذات الإسلام

و حتى نفهم  ذلك بشكل واضح
فأن كارل ماركس ( عليه السلام ) و في كلامه عن المسألة اليهودية
Karl Marx
Zur Judenfrage
Geschrieben August bis Dezember 1843.

تكلم عن النموذج العلماني الأمريكي و بأن هذا النموذج إستطاع حل مشكلة الإنتماء عند الفرد اليهودي التي لطالما عانى منها في الوسط الأوربي ..
على الرغم من أن المجتمع الأمريكي مجتمع متدين الى الدرجة التي يظن هناك : إنه لا يمكن ان يكون هناك إنسان شريف ان لم يكن له دين
و لمن يحب المراجعة فقد ارفقت المصدر ادناه

http://www.mlwerke.de/me/me01/me01_347.htm

مع المحبة و التقدير


3 - اهلا وسهلا وعودة ميمونه -عسر ان تحل لحظه مناسبه لت
المتابع ( 2024 / 8 / 18 - 08:01 )
لتوضيح غيبتك المفاجئه عزيزنا ا د لبيب سلطان-ان لم يكن في ذالك اي توتير للاجواء -شكرا على مقالة اليوم -البحث بجزئين كما تشيرون اعلاه--انا شخصيا اتمنى ان تسود اجواء رصينه في اي مناقشات قد تثار -بعيدا عن الشتائم وتزيع القاب وادئه من قبل هذا او ذاك من بعض القراء-واني اتمنى على كاتبنا على الاقل ان يجرب عدم الرد على اية نصوص غير عقلانيه او غير ملائمه ادبيا وسلوطيا وفيما متعارف عليه في النقاشات الاكاديميه او المناقشات الفكرية المهذبه -مرة ثانيه ارحب بكم استاذنا اللبيب -اشارة صغيرة الى -قد يكون خطاء مطبعي في كتابة تاريخ 1895 كرقم لتاريخ بعد سنوات عن اخر في القرن ال18-ودمتم بخير علما بان موضوع البحث اعلاه هو معالجة لب المشاكل التي يعاني منها شرقنا الاوسط بل العالم كله-تحياتي


4 - اهلا وسهلا
منير كريم ( 2024 / 8 / 18 - 09:20 )
اهلا وسهلا بالدكتور لبيب
وانت تتبوأ ثانية موقعك المناسب في فضاء الحوار المتمدن
شكرا لك


5 - الاخ الدكتور لبيب سلطان المحترم
على عجيل منهل ( 2024 / 8 / 18 - 09:59 )
افرحنا عودتكم للحوار المتمدن تحياتى واحترامى


6 - مقاله مهمه وموضوعيه
على عجيل منهل ( 2024 / 8 / 18 - 10:16 )
تراجع العلمانيه بسبب تراجع الديمقراطيه والليبراليه وتراجع مكانة المراءه بالمجتمع


7 - فإما تحليق النسور وإما تدجين الطيور 1
ليندا كبرييل ( 2024 / 8 / 18 - 11:32 )
الأستاذ لبيب سلطان المحترم
أهلا بعودتك وأرجو أن تكون بخير وعافية

ما قامت العلمانية في بلادنا حتى تتآكل ثم تختفي
أيام علمانية العراق أو مصر أو سوريا... وصلت الأسلمة والاستبداد والفساد والحجر على الحريات إلى أعلى المستويات
أوجاعنا ليست من فعل الاستعمار والأمبريالية وإنما في ثقافة تدهس كرامة الإنسان وتحيله إلى ورقة في مهب رياح التصحيحيين الذين قتلوا الحياة والإبداع

ثقافة العقل التوحيدي السلطوي العنيف لا تساعد على التخلص من الملوثات الفكرية وإصلاح ما أفسده الدهر؛ مؤسسات الكهانة استولت على الإنسان بنصفيه الأعلى والأسفل، جاثمة على الصدور وقابضة على العقول وضاغطة بكل ثقل على ممارسة حقه الطبيعي في الحياة

جهود جبهة المتنورين لاجتراح الحلول لأزمة العقل العربي مخلصة دون شك لكن القدرة على تجاوز العقبات محدودة(فيلم الملحد للمثقف اللامع القدير ابراهيم عيسى)، والمناورة شاقة وعسيرة مع أهل العقل التوحيدي السياسي والديني القائم على الكبرياء المرضية والمُغرَم بنرجسية تعلي من الذات وترفض الاختلاف

يتبع لطفا


8 - شكر الله سعيكم الله يرحم العلمانية والعمر لكم 2
ليندا كبرييل ( 2024 / 8 / 18 - 11:41 )
نحن اليوم في امتحان يكرم المرء فيه أو يهان
فإما تحليق النسور وإما تدجين الطيور
وبالغصب والقهر اختير لنا الهوان والتدجين والخرس

شكر الله سعيكم ولا أراكم الله شر العلمانية في بلد عربي عزيز عليكم
الله يرحم العلمانية( وهو راحمها من زماااان وإلى أبد الآبدين) والعمر لكم

تحياتي للأساتذة الكرام وأهلا بعودة الغائبين
أستاذ بارباروسا: سألت عنك قبل قليل وسررت عندما فاجأني تعليقك في مقال الأستاذ المحترم سلطان
مع التقدير للحضور الكريم


9 - شكر واعتزاز بالاساتذة الكرام
د. لبيب سلطان ( 2024 / 8 / 18 - 12:23 )
تحية محبة واعتزاز للاساتذة الافاضل نجيب متي وباربروسا واكيم والاستاذ المتابع والاستاذ منير والدكتور علي عجيل والشكر على ترحيبهم بعودتي للحوار وهو كان احتجاجا على تعقيب نشر من محرري الحوار قبل اربعة اشهر على قبولهم بمراجعة مقترحات نشرها احد شيوخ التكفير السلفي الماركسي و اعتبرتها اساءة للفكر الحر وبدى لي الامر ان الحوار المتمدن تتحول لموقع دعائي مؤدلج وليس موقعا حرامتحررا من السلفيات التي دمرت الفكر العربي كنخب فكرية متحررة تبحث وتختلف وتناقش وليس من موقع معممين مؤدلجين سلفية يروجون المقولة النصية كالسلفية القرضاوية والتكفيرية..احسست ان هناك وقتا يصرف دون طائل وانقطعت لاشهر فعلا تمكنت خلالها من اتمام كتابين هامين وسافرت للقاهرة واتفقت مع دار مدبولي لنشرها واخبرني الاخ احمد مدبولي
ان احدها ربما سيمنعه الازهر ولكنه رغم ذلك سينشره بمغامرة لاهميته وبعد رجوعي باسبوعين راجعت صفحة الحوار ووجدت انها لم تغير نهجها الحر في نشر الاراء ولم تأخذ بمقترحات التكفيري الذي اتهم كتابا واساتذة انهم ميليشيات الانترنت ..ولنجعل جميعا من الحوار مكانا لتنمية الفكر التحليلي العربي الحر
مع الشكر وتحية المحبة


10 - اميركا كانت دوما امة محظوظة حتى بنوع االعلمانية
د. لبيب سلطان ( 2024 / 8 / 18 - 13:00 )
تحية للاستاذ باربروسا
اني اعتقد ان اميركا كانت محظوظة منذ ولادتها سواء ببعدها الجغرافي او بنوعية المهاجرين اليها وجلهم نوعين هامين الاول من ترك اوربا هربا من القمع الفكري والديني والثاني المغامر هرب من سطوة اللوردات وهاجر لاظهار وممارسة قدراته على الانجاز في ارض حرة وبينهم جمع غفير لكل اسبابه ..ولكن جميعهم وصلها تطلعا للحرية وللتحرر ولكل اسبابه لها وهو ما ساعد العلمانية كدعوة للتحرر من قيود اوربا بكل اشكالها الفكرية والدينية والاجتماعية والارستقراطية المتعالية ..ومنها تحرير العقل والارادة على ارض طازجة للعيش بحرية ودون قمع بالعقائد ومنها ترحيبا بالعلمانية التي تستوعب الجميع ودون تمييز ..لم يستطع جيفرسون او هاملتون صياغة دستور علماني لو بقوا في انكلتر، كلاهما يعرف جيدا وقرأ جون لوك وهوبز وروسو وفولتير ومنهم صاغوا عام 1785 الدستور العلماني الاول في التاريخ ..وكانت دعوة التحرر ومساواة المواطنة اساسه ،وهي ماتطلع اليه كل من وصل اميركا كما لم يتم طرحها انها مناوئة للدين وهي فعلا ليست كذلك كونها تعتبر حرية العقيدة للمواطن اساسا لها ولم تجد دعوة العلمانية مقاومة بل ترحيبا
مع الشكر


11 - الاستاذ لبيب والدول القومية والدينية!
nasha ( 2024 / 8 / 18 - 13:34 )
ورد في المقال هذه الفقرة
[الحكم بدستور حقوقي ( بمعنى ينص على حقوق المواطنة وطريقة كسب الشرعية ) على مدى القرن التاسع عشر ليقام نموذج الدول القومية الحديثة بدل الدولة الدينية التي سادت منذ فجر التاريخ.]
تعليقي :
لا وجود لدول قومية (بمعنى عرقية ، أثنية) في اي مكان من العالم لا في هذا العصر ولا بالتأريخ كله.
لا يوجد عرق نقي معزول عزل تام في اي مكان في العالم على مدى التأريخ.
لا العراق ولا سوريا ولا مصر ولا حتى دول الخليج دول عربية نقية! هذا كلام غير صحيح!
حتى الحزب النازي الالماني كان حزباً وطنياً يساريا ولم يكن حزباً اثنياً عرقيا .
هذا الادعاء هو ادعاء ماركسي ودعاية رخيصة استخدمها الماركسيون لشيطنة الشعب الالماني

اما الدول (الدينية) فلا وجود لها في انحاء العالم عبر التأريخ ايضاً ، الاّ تحت سيطرة اصحاب العقيدة الاسلامية حصراً بالرغم من تعدد الاعراق والاديان فيها جميعاً.
الواقع الصحيح هو:
الدول الحديثة هي دول (وطنية) لها حدود جغرافية يقطن فيها (مواطنين) من اثنيات واعراق واديان متنوعة.
تحياتي


12 - ‏تحية للاستاذة ليندا كبرييل
د. لبيب سلطان ( 2024 / 8 / 18 - 22:35 )
شكري الخالص،و مساهماتك تجمع دوما الادبي الجميل ووفر الطرح الفكري في ثنايا جمال العرض، اني فهمته رثاء لاغتيال العلمانية العربية الذي تم فعلا على يد دعوات التحرر من الاستعمار والامبريالية واخرجوا لنا ناصر واسد وصدام وقذافي ونميري ابطالا للتحرر الوطني فكر مسطح و دجل جعل هؤلاء الافاقين قادة تحرر وطني، كانت شعوبنا تخوض بنجاح معركة التحضر الوطني .وشتان ..شهدت ذلك بوضوح في زيارتي الاخيرة للقاهرة وامتدت شهرا بدلا من اسبوع هالني هذا الاغتيال للعلمانية المصرية باسم التحرر الوطني القومي العربي و تدمير التحضر العلماني التي ارى اثارها محطمة في كل شارع وكل بناية كانت تضاهي مثيلتها من جمال روما وباريس وتحولت الى الدار القومية لشيئ ما .للاعلام والكتاب والدعاية الناصرية والامن والمباحث وامن الدولة ودراسات الوحدة العربية ومقر الاتحاد الاشتراكي، اغتالوها حتى في كل مقهى ونادي كان يجمع احمد لطفي السيد وطه حسين وامثالهم ليحولوه الى مقر امن و كلنا معاك ياجمال، وحال الشام وبغداد مثيلا. من اغتال العلمانية الناشئة غير هؤلاء دعاة التحرر الوطني فهم من مهد لسيطرة السلفية الدينية بانتكاس الفكر العلماني
تحية


13 - الوطنية والقومية متناضران ولكنهما يختلفان
د. لبيب سلطان ( 2024 / 8 / 18 - 23:17 )
تحية لاستاذ نجيب
انك في نهاية تعليقك رقم 11 قد اصبت الحقيقة في مفهوم الدولة الوطنية واود ان اضيف انها بالضرورة تكون علمانية كي لاتميز بين مواطنيها بسبب العقيدةو الانتماء القومي و الفكري كي تكون فعلا دولة وطنية لكل مواطنيها
هناك اصطلاحات شاعت ليس وفق معناها بل بشكل تسميتها المختصرة.مثلا الدولة الدينية فهي واقعا لاتوجد ولكن اريد بها كسب الشرعية الالهية لحكم الملوك والاباطرة ومنها تسمى الدينية ..وهذه سادت كل الامبراطوريات عبر التاريخ وصولا للقرن 20 من الفراعنة والسومريين والاشوريين الى الخلافات الاسلامية و روما وقيصر روسيا والنمسا والعثمانيين فاساس الشرعبة هي التفويض الديني للحكم باسم الاله لحكم رعاياه..فرعايا الله هم رعايا الملك
الدولة القومية اتت بانحلال الامبراطوريات واصبح لكل شعب الحق بتكوين دولته ورافقه التقييد الدستوري العلماني للحكم بتفويض من الشعب .وهو امرا متقدما دون شك في تطوير مفهوم الدولة فالشرعية شعبية وليست دينية..كان هذا طرح القرن العشرين، ولكنه اصطدم بادلجة الدولة بدين وضعي عقلي هذه المرة .الايديولوجية ..ان الدولة القومية تحولت الى وطنية بفصل كل العقائد عنها
شكرا


14 - لماذا لم تسعف الايديولوجيات الكبرى العلمانية ؟ه
منير كريم ( 2024 / 8 / 20 - 23:51 )
تحية للحضور الكريم
لماذا لم تسعف الايديولوجيات الكبرى كالماركسية والحركات القومية التحررية من كل لون معتنقيها في الثبات على العلمانية بدلا من السقوط في الرجعية والعنصرية والطائفية ومعاداة الحداثة
واضح ان كل البلدان الاسلامية لم تنجح فيها العلمانية وكذلك يوجد خطر شديد على العلمانية في الهند بفعل الشوفينية الهندوسية
هل ان العلمانية تستلزم التنوير مسبقا ؟ه
هذه تساؤلات لا اجابات
شكرا لكم


15 - استاذ منير الايديولوجيات واقعا لاتحب العلمانية
د. لبيب سلطان ( 2024 / 8 / 21 - 22:55 )
استاذنا العزيز..تساؤلاتك تكشف حقيقة علاقة العلمانية مع الايديولوجيات الوضعية التي تكتفي بطرح ان العلمانية هي فقط ل فصل الدين عن الدولة خدمة لها و لا تقر ان العلمانية ضد ادلجة الدولة بعقائد دينية او وضعية فهذا ليس في صالحها وهنا يبدأ اصطدامها الفكري مع العلمانية بمفهومها المنهجي بابعاد الدولة عن سيطرة الايديولوجيات
في الدول الديمقراطية المتمرسة لاتشكل الاحزاب العقائدية خطرا كون قوانينها تمنع كلا اليمين واليسار من التغلغل والسيطرة عليها، ولكن الخطر في الدول الحديثة العهد بالديمقراطية ليقوم حزب فائز بصبغ الدولة بلونه كما يحاول مودي في الهند، اوربان في هنغاريا وفي اميركا اللاتينية
اما بلدان العالم الثالث ومنها بلداننا فمفهوم الدولة اختصر لاقامة نظام حكم ، لقد دعي تحرري تقدمي اقامه عسكر بواجهات قومية اشتراكية متأثرة بالماركسية، وبفشله انكفأ الجمع و المجتمع نحو السلف
ان مانسمعه بفصل الدين عن الدولة هو صراع سياسي ايديولوجي صرف ولاعلاقة له ببناء دولة حديثة علمانية ربما ستكون برجوازية ليبرالية على شاكلة الغرب، وهنا يتحد الجميع سلفي ديني او ماركسي او
قومي وبعثي انها لاتناسب الجميع
شكر


16 - اسئلة عليك الاجابة عليها د. لبيب
nasha ( 2024 / 8 / 22 - 06:18 )
تقول: ان العلمانية ضد ادلجة الدولة بعقائد دينية او وضعية.

اسئلة عليك الاجابة عليها لكونك صاحب البحث وصاحب فكرة تطبيق العلمانية
سؤال:
ما الفرق بين العقائد الدينية والعقائد الوضعية؟

اليستا كلاهما فكر بشري؟ لماذا تفصل بينهما؟
استنتاج:
لا يمكن الفصل بينهما الاّ اذا كانتا فئتين تنتميان الى مصدرين.
في هذه الحالة فقط يمكنك التمييز بينهما.
وعليه:
ما هما المصدران اللذان تنتميان اليهما العقائد الوضعية والدينية؟

سؤال اخر:

لماذا تسمح لاصحاب العلمانية ان يقفوا ويصدوا كليهما ؟ اليست العلمانية ترتيب بشري ايضاً؟ من الذي يعطي الحق للعلمانية بالسيادة على الجميع ولماذا؟
تحياتي و بانتضار الجواب من فضلك


17 - ألعلمانية ليست عقيدة يااستاذ نجيب
د. لبيب سلطان ( 2024 / 8 / 22 - 10:10 )
بل منهج عقلي يبحث في تشكيل مفهوم الدولة على اسس حقوقية اهمها الحفاظ على حقوق
وحريات المواطنة ومنها طوت ولازالت مفهوم الدولة.
في تعليقكم تذكرون ان لافرق بين الاديان والعقائد الوضعية كونهما نتاج بشري ..وهو صحيح ولكنه انتاج مختلف..الاول يعتمد على مقولة تنسب الى الله والثانية الى العقل ومن هنا نشأ الفرق بين الدين والفلسفة ..بلغت المقولات الدينية من الانبياء ولهم قدسية مايقولون كونها وحى لهم من الله ..ومنه النفوذ الاجتماعي فالانسان دوما بحاجة لقوة اعلى تحميه من اللاعدل ومن الاستبداد وهو ملجاه في الصعاب والمطبات في الحياة ،فالله رحيم بعباده ومنه ارتباطه الروحي بالله وانبياءه. الفكرالعقلاني يأتي من فلاسفة لاقدسية لهم ولا نفوذ اجتماعي، وبالتالي يعيشون وحيدين ويموتون وحيدين .. وفقط بعد مماتهم يتم تقيمهم من النخب
الانبياء اقوى نفوذا من الفلاسفة. كونهم خاطبوا الجمهور بحاجته الروحية ولكن دون حلول واقعية ..الفلاسفة خاطبوا النخب لوضع الحلول العقلية التي انتقلت لتكون منهج العلم فما ثبت منها
صحيحا بصبح علما ودونها بقي عقلا
فضل العلمانية انها تتسع للروحانية والعقل وتطالبهما معا بعدم السيطرة


18 - الاستاذ لبيب سلطان المحترم
nasha ( 2024 / 8 / 22 - 14:06 )
بدايةً شكراً على ردكم السريع.
يؤسفني ان ردك متناقض يا استاذ في جميع جوانبه واليك التفاصيل:
1- تقول: الانبياء اقوى نفوذا من الفلاسفة. كونهم خاطبوا الجمهور بحاجته الروحية ولكن دون حلول واقعية.
هذا قولٌ غريب متناقض يا استاذ ! ما فائدة الانبياء اذن؟

2- تقول :الفلاسفة خاطبوا النخب لوضع الحلول العقلية التي انتقلت لتكون منهج العلم فما ثبت منها صحيحا بصبح علما ودونها بقي عقلا.
هذا تناقض آخر لان العقل والعلم (في العلوم الانسانية) كلاهما فكر بشري لامادي لا فرق بينهما بتاتاً.
3-تقول:فضل العلمانية انها تتسع للروحانية والعقل وتطالبهما معا بعدم السيطرة!!

تناقض آخر لان المطالبة بعدم السيطرة تسمى دكتاتورية وليست علمانية، وهذا بالضبط ما مارسه صدام حسين وستالين وباقي القادة الدكتاتوريين!
هذا يخالف مبدأ العلمانية لان العلمانية تسمح للكل بحرية التفكير ولا تستثني احداً.

4- اقدر انسانيتك ونبل هدفك ولكن هذا لايعطي لك الحق في التهرب من نقد نبي الاسلام وتعريته بالكامل لانه شوه ابسط مبادئ الاخلاق السوية.

وعليه ليس من حقك ان تساوي بين المسيحية والاسلام كما تردد دائماً في تعليقاتك.

تحياتي

اخر الافلام

.. المؤسسات الدينية في إسرائيل تجيز قتل الفلسطينيين


.. 84-Al-Aanaam




.. الجالية اليهودية بنيويورك تدعم مطلب عائلات الرهائن لدى حماس


.. بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في لبنان وغزة




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان.. إبداع في الدفاع ع