الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الديموقراطي في ظل الجهل العام

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2024 / 8 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ان الديموقراطية في فضاء الدول ومؤسساتها وبكل اشكالها، في المناظرات والتصويت وفي المحاكم عموما أي اختصارا الديموقراطية الوظيفية هي مجرد خيال وبعيد المنال. فالديموقراطية في الحالة المثالية، هي نظام سياسي لصنع القرار داخل المنظمة، يتمتع فيه جميع الأعضاء بحصة متساوية من السلطة يجعله قادرا للحفاظ على المال العام وإقرار أبواب الصرف وفق الخطط والمداخلة الفاعلة في حالات الحيود، هذا بالإضافة الى احترام حقوق الانسان والفصل بين السلطات..
وحين يسود الجهل العام او لنقل المعرفة المحدودة بالشؤون الدولية والوطنية فإنها تعرقل ممارسة الديموقراطية الوظيفية وتصبح بعيدة المنال كما ذكرنا. قد تكون الديموقراطية فكرة ساذجة حين تسمح للجهل العام ان تنتخب زعماء المنافسة التي لا تعرف عن هوية الناخبين شيئا الا جمع الأصوات! الديموقراطية تحمي هكذا نظام بائس والذي ينتخب فيه جاهل لعقلية الحاكم، وحاكم كل ميزته تتلخص في استثمار هذا الجهل، ويمتدح الناخبين في خطبه كونهم حكماء في اختياراتهم له! وصولا الى افسادهم بالمغريات الراهنة في كل زمان ومكان.. والناخب (الغالبية العظمى) جاهل، لا يُفرِق فيما لو كانت الديموقراطية نظام سياسي ام نوع من المقبلات!
الشعب يمارس الفساد بجميع طبقاته، ويصرخ كل يوم "حاربوا الفاسدين"! شعب لا يهمه ان يتراكم امام داره القمامة ويتحول الى مزبلة، طالما انها خارج أسواره! شعب يغرق حتى الثمالة بالخرافات والشعوذة، ويصدق بالشفاء من يد أبو علي الشيباني، شعب يصدق الدعايات الرخيصة للمرشحين في ملصقات الشوارع والدعايات المتلفزة، واعدا إياهم بمستقبل (زاهر) لهم ولعوائلهم. شعب مغلوب على أمره وليس له القدرة على تغيير الطغمة الفاسدة ليرفل بحياة كريمة، يعيش على الأوهام ينتظر ديموقراطية امريكية ثانية لكي يحقق الحلم. شعب فقد القدرة على التفكير المنطقي، واستسلم للمفبركات المتلفزة الموجهة عالميا، فانقرض التراث والتاريخ والحضارات (الولودة للعظماء) في وطن أصبح مرتعاً للبغاء الفكري … شعب تساوى فيه (القرعة وأم الشعر) كما يقال، شعب يدعي المثالية المزيفة من الخُلق والتحضر المستنبط من التراث الغربي، وفي واقعه يبول على الأرصفة ويبصق على الورود، ويرمي قمامته في الشوارع العامة ويعيش على الارض كالدواب … ويصبح من المضحك والمثير للجدل استشارته فيمن يمثله من هذا المحتوى الاجتماعي المتخلف الفاقد للذاكرة ومن ثم التفكير ويحكمه الغرائز الحيوانية لا يجدي معه فكرة هكذا نظم جاهزة أتت على خلفية التحرر من الاضطهاد والمعاناة، وأصبحت اليوم سلعة مستهلكة!
الناخب في الدول المتقدمة كأمريكا مسير بالإعلام المأجور، لا يفقه عن تاريخ الصين شيئا الا كونه دوله مروعه وخطيره تماما. لا يعرف الناخب والمنتخب شيئا عن أسماء دول حوض المحيط الأطلسي وعن اتفاقيات مينسك في أوكرانيا الا من خلال الاعلام المسير، مع ذلك تجري العملية (الديموقراطية) هناك ليختار من يقرر شكل الحرب القادمة! انها انتخابات باعة متجولين لا أكثر.. هؤلاء الناخبين هم مثقفين سطحيين او بالأحرى مسخفين جهلة، يعتقدون بان الأرض تدور حول حكامهم والشمس تدور حول الأرض، واغلبهم دون مستوى الدراسة الابتدائية! لقد أصبح من النادر ان تجد أناس لديهم ذاكرة تمكنهم من التفكير واتخاذ القرار، او تعطيهم القدرة التحليلية لفهم السياسة والتاريخ وما الى ذلك. إذا تجاهلنا الاستثناءات والدرجات يمكن اعتبار الجمهور ورماً كبيرا واسعا داخلة في حالة غيبوبة، يعيش حياة بيولوجية. إذا كان الاقتصاد جيدا فسيصوت الناس لشاغلي الوظائف سواء كان هؤلاء يتحملون اي مسؤوليه عن الرخاء ام لا. هذا هو حال البيئة الديموقراطية في اقوى واغنى دولة في العالم، فكيف تكون عندنا ياترى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة جديدة بسبب تيران وصنافير


.. إذا سيطرت الفصائل المسلحة على حمص.. كيف ستتغير المعادلة في س




.. غارة روسية تدمر جسر الرستن في حمص


.. المعارضة السورية المسلحة: سيطرنا على كامل مدينة درعا




.. غارة إسرائيلية تدمر معبرا حدوديا بين لبنان وسوريا