الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
النفس في الذات الانسانية / الفطرة
عمر قاسم أسعد
2024 / 8 / 22الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن رحلة الذات نحو العلم كانت طويلة جدا ــ في بداياتها ــ في سعي دائم لتسخير الطبيعة وامكاناتها لخدمة الذات لمعرفة الحقيقة حول ماهية هذا الكون الذي تعيش فيه ، وكان دافع الذات هو تحقيق حياة أفضل من خلال السيطرة على الطبيعة والتحكم بأدواتها . بدأت الذات بطرح الكثير من الأسئلة وللإجابة عليها كان لا بد من نسج الكثير من القصص والخرافات والاساطير التي تدور في فلكها كائنات تمتلك قوى خارقة تتحكم في الكثير من الظواهر الطبيعية ، وتفرعت الاسطورة إلى عدة أساطير وتعمقت في وجدان الذات الانسانية لتصبح جزء منها لتضفي عليها نوع من القداسة والرهبة والغموض ، وتحكمت الاساطير والخرافات بإقنوم الروح والوجدانيات والجسد ، لتتسع ملكة الخيال ولترتفع وتسمو قداسة كائنات الأساطير حيث نسبت إليها خلق الكون والوجود وحتى بعض الآلهه . ووقفت الاساطير كحائط صد يحد من استعمال اقنوم العقل والتفكير العلمي والمنطقي للكثير من الظواهر لتفسير هذا العالم ، وكل مسألة أو حدث عجزت عن تفسيره الذات كان يعزى إلى قوة ( الآلهه ) لتبرير العجز عن استيعابها أو عن الأجابة او تفسير أي ظاهرة وإن كل ما حدث وما زال يحدث هو بقوة الألهه ( فوق الطبيعة ) خارج حدود العقل والوعي والإدراك ، بقي الأمر كما هو ، وبقي اقنوم العقل في حالة من الجمود لأنه عاجز عن امتلاك تفسيرات حول كل ما يحدث في هذا العالم من حوله . توسعت الاساطير وتم تسمية الآلهه بأسماء وتصنيفها إلى أنواع ومهمات مسؤولة عنها وكل إله له تخصصه المنوط به لاستمراية هذه الحياة ، هناك إله للسماء وأخر للأرض وأخر للماء وإله للخصب وإله للحياة وأخر للموت . ... الخ .
ولأن ( الدين ) قضية فطرية لدى الذات الانسانية ــ حيث لا توجد قوة قادرة على إلغاء هذه القضية ــ إذ أن الكثير من التعاليم والارشادات والنظم تم وضعها في قالب ديني لتكون الخطوط العريضة لضبط المجتمع وتحديد العلاقات ما بين أفراده وأيضا لتكون مثار بحث وتساؤلات في المنظومة الوجدانية من خلال مخاطبة أقنوم الروح عن قدرات الآلهه . وتم نسج الاساطير حول صراع الالهه ومغامراتها وقصص الحب والكره والانتقام ، على أن اقوى الصراعات كانت بين آلهة الخير وآلهة الشر لأن محور الحياة ــ في مرحلة ما ــ يرتكز على هذين المفهومين .
ولأن الذات الانسانية هي جوهر ومضمون بحد ذاتها خلقها الله بأحسن صورة ونفخ فيها من روحه وسخر لها جميع المخلوقات وكل ما من شأنه تحقيق السعادة لها ، كما ميزها عن سائر مخلوقاته بالعقل ، وعلى الرغم من كل ذلك بقيت الذات لغزا لم تُكتشف حقائقها بعد ، فكل ما في الوجود ــ خارج إطار الذات ــ إحتواه إقنوم عقل بداخله من خلال الوعي ليمر في اللاوعي ويستقر في العقل الباطن لزيادة المخزون من المعلومات المختلفة ــ ( صور ، رموز ، حركات الجسد . ... الخ ) ــ والتجارب والخبرات .
إن اقنوم العقل الذي ميزه الله عن سائر المخلوقات هو المحرك للذات من خلال استقبال المعلومات والصور والرموز لتذكرها والابداع في رسم صور ذهنية تحاكي ــ بل تكاد تتفوق ــ ما استوعبه العقل ، وأصبحت حياة الذات تسير من إبداع إلى إبداع من خلال تحقيق غايته بالتواصل مع هذا الكون في مسيرة حياته للوصول إلى الغاية المنشودة في العلم والمعرفة وتسخير الطبيعة وكل ما عليها لخدمة الذات ، ولهذا تخلى أقنوم الروح عن الكثير من مساحة سيطرته ليسمح للعقل بالإنطلاق أكثر والخروج من حالة الكمون إلى الانعتاق ــ ولو نسبيا ــ لأن انطلاق العقل هو أيضا يخدم اقنوم الروح لتستمر الذات في التعايش مع حالة الوعي تدريجيا للوصول إلى فهم حقيقي للوعي لتحقيق استقلالية اقنوم العقل وربما احتاج العقل إلى سنوات طويلة جدا للتطور لأن قبل ذلك كانت الفطرة هي المحرك الاساسي للذات الانسانية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشرطة البريطانية تعتقل ناشطتين بعنف خلال مظاهرة أمام مصنع ع
.. نادي بالستينو التشيلي يستذكر غزة بلافتة تدين عاما من الإبادة
.. في الذكرى الأولى لحرب -7 أكتوبر-.. نتنياهو يهدد بتوسيع القتا
.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر
.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة