الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكارٌ بسيطةٌ غير مُلزمة لأحد ..(28)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2024 / 8 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


- ربيع صندوق باندورا "
أعتقد أنه ، بعد التأمّل العميق في ذهنيات بعض الأمم الإنفعالية المعاصرة ،
من اللواتي تؤمِنَّ بعقائد دينية تسلطية ، تقوم نصوصها على تناقضات علمية مُزرية ، وتعوم آياتها على هرطقات عقلية مؤذية ، أو تستند في أمثولات قيمها الأخلاقية على بنيات خرافية ، وسلوكيات شخصيات أسطورية غامضة ، مأخوذة من سرديات دينٍ قديم ، شبه ميتٍ هنا ، أو إعتقاد ثقافي نافقٍ هناك ..
سيجد المرء نفسه يقف وجها لوجه ، أمام شعوب الأحوال الفسيفسائية بإمتياز ، أو شعوب ذوات الخلطة الذهنية العجائبية ، التي تستطيع بسهولة فائقة ، أنْ تجد فيها الفكرة التي تتمناها ، أو تبحث عنها ، ونقيضها في آنٍ معاً ، دون حرَج منطقي أو تبكيت ضمير .
إلى درجة تصدم المشاهد الحصيف ، وهو ينظرُ مُتعجّباً في سلوكيات أفرادها ، وأخلاقيات الأفهام المؤمنة بها ، بل وقد يستغرب العاقل ، كيف أنّ مثل هذه الافهام مازالت مستمرة في الإبحار في الحياة ، أو كيف لها أن تعيش في عالمنا الراهن ، رغم كل ما تفيض به أفعالها القميئة من غوامض الحال ، أو ما تطوف به مجارير مقدساتها من لغو الحديث والأفعال .
مع مثل هذا النوع من أفهام الأمم ، يشعر المرء وكأن العالم برمته ، يقف حائراً في التصرّف أحياناً ، أمام هذا العبئ الوجودي للبشرية جمعاء ..
أو لكأن الإنسانية باتت في وضع خطير ، وتخيير ذو عبئ محيّر ومثير ،
ومعضلة عقلية أخلاقية ، ثقيلة الوطأة على النفس والإنحاء ، بين الرجاء أو الإفناء..
حالٌ يشابه تماماً ، حالك وأنت تكتشف فجأةً ، إمتلاكك لـ " صندوق باندورا ،
إن أنت أهملته في رُكْنِ العالم ، قد تقتلك روائح الغموض عنه ، وأنْ أنت فتحته ، قد تأتيك القبائح بما لا يُحمد عقباه منه .
لكن ما هي حكاية المُعضلة الشيقة مع هذا الصندوق ..؟!
" صندوق باندورا " هو أحد الأساطير اليونانية القديمة ، التي تحمل في طياتها كثيراً من الرمزية الفكرية والعبر الفلسفية .
ملحضها هو إن باندورا كانت أول امرأة خُلقت بأمر من رب الأرباب " زيوس "، المعادل تقريباً لمفهوم ( الله في الأديان الابراهيمية ) .
ويُقال أنّ باندورا أُعْطيتْ صندوقًا ، مع تحذير شديد اللهجة ، بألا تفتحه.
ولكن للأسف، دفعها الفضول لتفتح الصندوق ، مما أدى إلى تحرير جميع الشرور ، التي كانت مخبأة بداخله إلى العالم . ومن بين هذه الشرور كانت الأمراض والحروب والمعاناة. وجدير بالذكر أنه في نهاية القصة ، تبقى الأمل مختبئًا في قعر الصندوق ، مما يعطي البشرية ( المرموز لها هنا بالمرأة باندورا ) القوة والتفاؤل لمواجهة التحديات.
قصارى القول :
تُظهر هذه الأسطورة الصراع الأبدي بين الخير والشر، وتُبرز أهمية الأمل كعنصر أساسي للحياة البشرية.
لكنها تعكس أيضًا التحذير من عواقب الفضول غير المحسوب ، والرغبة في المعرفة التي قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة ، أو إلى أحوال مختلفة كلياً عمّا كان مأمولاً في بداية الفعل .
zakariakurdi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر


.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة




.. اشتباكات قرب السفارة الإسرائيلية في اليونان تزامنا مع ذكرى 7


.. وقفات داخل محطات المترو بمدن هولندية لإحياء ذكرى طوفان الأقص




.. رائد فضاء من -ناسا- يلتقط مشهداً مذهلاً لظاهرة الشفق القطبي