الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زوال الحكم الديني في إيران قريبًا أمر حتمي

جابر احمد

2024 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة المترجم:
كانت إيران من بين الدول الشرق أوسطية التي حاولت أن تدخل الحداثة مبكرًا. وكانت ثورة الدستور التي حدثت في بدايات القرن العشرين تسعى للخروج من قوقعة قوانين الحكم الملكي المطلق المدعوم من الشريعة إلى القوانين الوضعية التي تحدد صلاحيات الملك وتأخذ بعين الاعتبار التنوع القومي والديني في إيران، والتأكيد على مبدأ المواطنة، وبالتالي مواكبة التحولات التي حدثت في البلدان الأوروبية وبلدان الجوار، لاسيما التحولات التي شهدها الجاران الروسي والتركي. وكان الهدف الأساسي لثورة الدستور هو فصل الدين عن الدولة وإيجاد نظام علماني ديمقراطي.

لكن هذه الثورة سرعان ما واجهت ثورة مضادة قادها رجال الدين، والتي أدت في نهاية المطاف إلى ظهور شخصية عسكرية مغمورة اسمها رضا شاه الذي أقام دولة مزيفة أسماها (الدولة الأمة)، وهي باختصار دولة عنصرية بعيدة كل البعد عن مبادئ الدولة الأمة التي تأسست في البلدان الأوروبية. لأن من بين الأسس التي قامت عليها هو تبني العرق الآري وتاريخ إيران القديم واللغة الفارسية، بالإضافة إلى إلغاء التنوع القومي والديني في إيران وفرض مذهب رسمي واحد، ألا وهو المذهب الشيعي.

وبعد عزل رضا شاه من الحكم بسبب وقوفه إلى جانب النازية، وتنصيب ابنه محمد رضا خلفًا له، لم ينتهِ الصراع بين الملك الجديد ورجال الدين حتى تمكنوا في نهاية المطاف من إسقاط نظامه عام 1979، ومن ثم مصادرة الثورة من قبل رجال الدين والإعلان عن قيام نظام إسلامي يقوده الولي الفقيه الذي أخذ يحكم البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، دون أن يتمكن من حل أي مشكلة من مشاكل المجتمع الإيراني، بدءًا من التضخم والبطالة وتدهور قيمة العملة الوطنية والغلاء الفاحش. الأمر الذي أدى إلى خروج الملايين من أبناء الشعوب الإيرانية للتظاهر ضده، وبات النظام يعيش أزمة حقيقية، الأمر الذي دفع بعض رجال الدين إلى الدعوة لإعادة النظر في الدستور ووضع دستور جديد يفصل بين الدين والدولة. ويطالبون بابتعاد رجال الدين عن ممارسة الحكم والسياسة والاهتمام بالشؤون الدينية. ولعل من بين هؤلاء حجة الإسلام والمسلمين محمد زكائي، أستاذ الحوزة العلمية في قم، الذي نشر مقالة له تحت عنوان (زوال الحكم الديني في إيران قريبًا أمر حتمي). ولاهمية الموضوع قمنا بترجمته من الفارسية إلى العربية، وفيما يلي المقال:

مع وفاة أبناء الستينيات وما بعدها، لن يبقى شيء يُدعى دين أو عقيدة بين الأجيال الإيرانية الشابة!

لأن الناس قد رأوا أن سبب الفقر والبؤس وتفاقم المشكلات الاجتماعية يكمن في الأيديولوجية الدينية، لذلك نراهم يعبرون عن ابتهاجهم وفرحهم عندما يسمعون بوفاة أحد رجال الدين، خصوصًا إذا كان المتوفي أحد المسؤولين الكبار. ولعل مرد ذلك يعود إلى سياساتهم التي ألحقت بهم وبالدين والمذهب أفدح الأضرار، وبات كل واحد يلاحظ ويشاهد ظاهرة ابتعاد المواطنين عن المعتقدات الدينية. من هنا، باتت الطريقة الوحيدة لإنقاذ الدين والمذهب من الضرر هي أن على رجال الدين ترك المناصب الحكومية والسياسية والتفرغ لشؤون المجتمع الدينية. ولكن يبدو أن الأوان قد فات حيث أصبحت أجيال السبعينيات والتسعينيات معظمها بدون دين. كما أن الإعلام الحكومي يعكس صورة ظاهرة لمجتمع متدين فقط، ولكن في الحقيقة الجميع يعلم أن الدين لم يعد له مكانة وأهمية بين الغالبية العظمى من المواطنين في إيران، وأن إخفاء هذه الحقيقة أو التستر عليها لا يحل مشكلة الابتعاد عن الدين.

لأننا خلال الـ 45 عامًا من الحكم لم نتمكن من تعزيز المعتقدات الدينية لدى العامة من أبناء المجتمع فحسب، بل حتى لم نحافظ على ما لديهم من دين على الرغم من رصد الميزانيات الضخمة التي تعد بالمليارات، ناهيك عن تأسيس العشرات من المؤسسات الدينية والحوزات العلمية، ولكن كانت النتيجة سلبية ولم ينتج عنها أي عمل إيجابي. وما يدعو للأسف أيضًا أننا ركزنا جهودنا واهتمامنا على الدعاية والمظاهر ولم نركز على تربية الأجيال.

فإذا نظرنا إلى أسرنا وأقاربنا وزملائنا وأصدقائنا، نرى أن الالتزام الديني موجود لدى بعض المسنين الذين نشأوا وتربوا في عهود ما قبل الجمهورية الإسلامية، وأن معظم من نشأ وكبر في عهد الجمهورية الإسلامية لا يؤدون حتى الصلاة، بل حتى أنهم يسخرون من جميع مظاهر الدين!

لذلك، فالمستقبل يُظهر لنا بوضوح أن إيران سوف تصبح عاجلاً أم آجلاً من أكثر البلدان الإسلامية رفضًا للنظام الديني وإيمانًا بالنظام العلماني. ولعل هذا التغيير الجذري نراه ظاهرًا للعيان من خلال تصرفات الشباب وتحديهم لما يقوله ويدعو إليه المسؤولون في نظام الجمهورية الإسلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهل مكة ادرى بشعابها وبقاء الحال من المحال!
سهيل منصور السائح ( 2024 / 8 / 26 - 07:16 )
نتمنى ان يكون الحكم الديموقاطي هو قوام الدولة والدين العقائدي هو صلة بن العبد وربه وولاية الفقيه هي اختيارية اي ولاية تقليدية في شئون العبادات كما كانت قبل ثورة 1979 ولا شيء غير ذالك. ان سير الزمن لا يرجع للوراء والدول التي قامت على الدين في العهدين الاموي والعباسي قامت لتوطيد الحكم فقط باسم الدين وان ائمة اهل البيت كانو مبعدين ولم تقم دولة باسمهم الا في عهد الامام علي الذي انتهت باستشهاده. اما النيابة عن الامام الغائب في عقيدة الشيعة هي نيابة جزئية وليس عامة الى ان نظر لها الامام الخميني وهو راي وغير ملزم فذا كانت نتائجها ايجابية او غير ايجابية فالشعب الايراني ادرى بها ولكن باعتراف حجة الاسلام الشيخ محمد زكاني - كما صرح المترجم --وهو ((زوال الحكم الديني في إيران قريبًا أمر حتمي). للاسباب التي ذكرها في تحليله الذي استند عليه من تدهور الحياة وعزوف الشباب عن التدين يثبت ان الدين لا مكان له في ادارة الدولة في العصر الحديث وهو شان شخصي متعلق بالعبادات وهذا ما دعى صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان آل سعود في اعادة النطر في ادارة الدولة السعودية تامشيا مع الحداثة .


2 - هل الاموال الايرانية للايرانيين؟؟؟؟
سمير أل طوق البحراني ( 2024 / 8 / 26 - 09:38 )
هل الاموال الايرانية للايرانيين؟؟. كلا!. من يدفع رواتب مجاهدي حزب الله والمنظمات الجهادية في فلسطين واليمن وحتى بعض المنظات العراقيه؟؟. طبعا ايران. لماذا؟؟. لحب التوسع باسم الجهاد في سبيل الله لان ولاية الفقيه هي ولاية عامة نيابة عن الامام الغائب والامام الغائب هو امام جميع المسلمين في العقيدة الشيعية سوى اعترفوا به ام لكم يعترفوا. اخي الكريم الحل الامثل هو الديموقراطية والعلاقات الطيبة بين الشعوب والتعاون الانساني والشعب الايراني له الحق ان ينتخب من يريد لادارة البلاد لفترات معينة تحت ولاية الشعب لا ولاية احد. لا احد يمثل الامام الغائب واذا ظهر- حسب العقيدة الشيعية - واقام الدولة فلكل حادثة حديث. فعلى حجة الاسلام محمد زكاني ومن يؤيده من العلماء ومن المثقفين ابذال الجهد السلمي لتغيير الواقع والله من وراء القصد. طبعا لا يحق لاحد التدخل في الشئون الداخلية الايرانية سوى الشعب نفسه.

اخر الافلام

.. نتنياهو: لن يسمح بعودة سكان شمال قطاع غزة حتى يرتب الإفراج ع


.. من تكون أربيل يهود التي يطالب نتانياهو باستعادتها من غزة؟




.. أول ديموقراطية في التأريخ


.. موازين - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. بين المسؤولية الف




.. من هي أربيل يهود التي تشدد إسرائيل على إطلاق سراحها؟