الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأدلة على نظرية Big Bang
سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
2024 / 8 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أركيولوجيا العدم
العقل المحاصر
١١ - الأدلة على نظرية Big Bang
الأدلة
يصف الخط الزمني للانفجار العظيم الأحداث طبقا للنظرية الأكثر قبولا من قبل الفيزيائيين بشأن تكوين العالم، رغم وجود العديد من التناقضات والثغرات والفرضيات التي يصعب إثباتها علميا. وكما يقول إينشتاين في النص الذي ذكرناه سابقا "المفاهيم الفيزيائية هي إبداعات حرة للفكر البشري، وليست كما يمكن أن يُعتقد، محددة فقط من طرف العالم الخارجي وحده".
إن هذا السرد العلمي لنظرية الإنفجار الكوني الأول، يشبه بطريقة ما أساطير الخلق التي ذكرناها سابقا، السومرية والبابلية والفرعونية واليوناية واليهودية-الإسلامية، وإن كانت قد تخلصت من الغائية ومن المهندس الكبير الذي خطط لهذا البناء ولكنها تظل قريبة من الأساطير نظرا لإعتمادها في الأصل على نوع من الخيال والحدس العلمي و نظرا لغرابتها ونظرا أيضا لإستنادها إلى ديانة جديدة هي ديانة العلم والتقدم التكنولوجي. غير أن هذه النظرية مكنت العلماء من صناعة المراكب والأقمار الصناعية وحساب المسافات الكونية بدقة متناهية مما يدل بطريقة لا شك فيها بصحة الأسس التي قامت عليها هذه النظرية في مجملها.
لقد قلنا من قبل أن نظرية الانفجار العظيم تحظى بمستوى عالٍ من القبول في المجتمع العلمي. ولكن لماذا هذا القبول رغم أنها ما تزال مجرد فرضية وتحتوي على العديد من التناقضات والثغرات النظرية؟
أولاً وقبل كل شيء، يشكل قانون هابل - لوميتر المذكور أعلاه جزءًا مهمًا من الأدلة التجريبية للانفجار العظيم والفكرة المرتبطة به حول توسع الكون. ولكن بالتأكيد ليس هو الدليل الوحيد، هناك أدلة أخرى. إن وجود إشعاع الخلفية الكونية الميكرويفي هو أحد هذه الأدلة التجريبية التي يمكن قياسها.
في عام 1948، درس جورج جامو George Gamow ورالف ألفر Ralph Alpher وروبرت هيرمان Robert Herman عملية التخليق النووي the nucleosynthesis للعناصر الخفيفة في الانفجار العظيم. وقد افترضوا أنه لكي تحدث هذه العملية، كان لابد أن يكون الكون شديد الحرارة، وبسبب التوسع المستمر، فقد تكون هناك بقايا من هذه الحرارة الشديدة في شكل أطوال موجية للميكروويف تنتشر في الفضاء الكوني. وهذا ما سمي فيما بعد إشعاع الأمواج الصُّغْرِية للخلفية الكونية الذي يوجد في جميع أركان الكون بنفس الشدة والتوزيع وهو يعادل درجة حرارة 2.725 درجة كلفن. التعبير العام هو «الإشعاعات الخلفية» وتعني تلك الإشعاعات الكهرومغنطيسية التي يمكن التثبت من وجودها في كل مكان من الفضاء، والتي لا يمكن تمييز مصدر معين أو ملموس لها. فعندما نراقب السماء بالتيليسكوب نرى مسافات واسعة بين النجوم والمجرات وهو ما يسمى بالفضاء الكوني يغلبها السواد والعتمة، وهذا ما يسميه علماء الفضاء والفلك الخلفية الكونية، ولكن عندما نترك التيليسكوب الذي نرصد به الضوء المرئي، ونمسك بتلسكوب يستطيع رؤية الموجات الراديوية، يظهر لنا ضوءا خافتا يملأ تلك الخلفية، وهذه الأشعة لا تتغير من مكان إلى مكان وإنما منتشرة بالتساوي في جميع أركان الكون. يعتبر إشعاع الخلفية الكوني الميكروي الذي يشار إليه بـ CMBR وهو إختصار للإسم بالإنجليزية Cosmic microwave background radiation، من قِبل العديد من الفيزيائئن دليلاً بارزاً على أنّ الانفجار العظيم هو أصل الكون. فعندما كان الكون حديث العهد -أي قبل تكوين الكواكب والنجوم- كان أكثر كثافة، وأكثر سخونة، وكان زاخراً بتوهّج منتظم لضباب أبيضٍ ساخن من البلازما الهيدروجينيّة، ومع توسّع الكون أصبح كلّ من البلازما والإشعاع الذي يملأُ الكون أكثر برودة شيئاً فشيئاً. وقد تم اكتشافه بالصدفة في عام 1964 عندما كان عالمان من مختبرات بيل للهاتف Bell Telephone، أرنو بينزياس Arno A. Penzias وروبرت ويلسون Robert W. Wilson، يختبران هوائي ميكروويف مخصص للاتصالات عبر الأقمار الصناعية، اكتشف مقياس الإشعاع microwave radiometer هذا باستمرار "ضوضاء راديو زائدة - excess radio noise" كانت موحدة في جميع الاتجاهات وفي النهاية وجد أنها تأتي من خارج مجرتنا. وقد استنتج أرنو بينزياس وروبرت ويلسون بعد ذلك أن ما لاحظاه في مختبرات بيل للهاتف هو هذه الحرارة المتبقية من عملية التوسع التي أدت إلى ولادة الكون. وقد حازا جائزة نوبل للفيزياء لعام 1978م.
ويمكن اعتبار تكوين المجرات وتطورها أيضًا دليلاً على نظرية الانفجار العظيم، وذلك بشكل أساسي بسبب الطريقة التي نظمت بها نفسها في هياكل كبيرة، مثل العناقيد clusters والعناقيد الفائقة. وهناك سلسلة أخرى من الأدلة، لكن ملاحظة الانزياح الأحمر في الفضاء، وإشعاع الخلفية الكونية الميكروي، والكميات الكبيرة من العناصر الخفيفة، وتطور المجرات هو ما يطلق عليه العلماء "الركائز الأربع للانفجار العظيم .The Four Pillars of the Big Bang
لا يوجد دليل تجريبي يتناقض مع نظرية الانفجار العظيم. ولكن مثل جميع النظريات، فإن الانفجار العظيم ليس مثاليًا، وقد طور علماء الفلك تفسيرات أخرى لولادة الكون. أحدها هو The steady-state نموذج الحالة المستقرة، الذي يفسر توسع الكون من خلال افتراض خلق أبدي للمادة، مع الحفاظ على كثافتها بمرور الوقت. في هذا النموذج، الكون خالد ولا نهائي. ليس له بداية ولا نهاية ولا تطور. يتغير فقط لأن التوسع المستمر للكون ينتج دائمًا مادة جديدة (خاصة الهيدروجين)، والمادة الجديدة تلد نجومًا جديدة. غير أنه تم الطعن في نموذج الحالة الثابتة لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي عندما تم رصد مجرات راديوية على مسافات كبيرة جدًا غير أن نتيجة هذه الملاحظات والقياسات لم تتناسب مع نموذج الحالة الثابتة. بموجب نموذج الحالة الثابتة، تتوقع أن تجد نفس الكثافة المتوسطة للمجرات في كل مكان (وفي كل وقت) - ولكن في الواقع، يوجد عدد أكبر من المجرات الراديوية على مسافات كبيرة مقارنة بالمجرات القريبة. وهذا يوضح أن الكون قد تغير بمرور الوقت. لقد سقط نموذج الحالة الثابتة مع اكتشاف الركائز الأخرى لنظرية الانفجار العظيم، وخاصة بعد اكتشاف الكوازارات quasars وإشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وتم التخلي عن نموذج الحالة الثابتة لصالح نظرية الانفجار العظيم في الستينيات.
بديل آخر هو التضخم الأبدي Eternal Inflation. تفترض هذه النظرية أن التضخم الذي حدث في الفترة التي أعقبت الانفجار العظيم مباشرة لم يتوقف أبدًا وأنه حتى الآن، تنشأ أكوان جديدة، ربما بقوانين فيزيائية مختلفة. هناك أيضًا النموذج المتذبذب the Oscillating model، الذي ينص على وجود سلسلة لا نهاية لها من الانفجارات العظيمة، تليها عمليات انكماش كبيرة تعيد بدء الدورة. تحتوي هذه النظرية أيضًا على عدد من الاختلافات. وهناك نظريات أخرى أكثر غموضًا جاءت من العمل في نظرية الأوتار والجاذبية الكمومية، مثل نظرية الهولوغرام holographic theory، التي تنص على أن الكون عبارة عن هولوغرام ثنائي الأبعاد يتم إسقاطه على فضاء ثلاثي الأبعاد.
يتبع
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - السيد سعود سالم المحترم
ادم عربي
(
2024 / 8 / 26 - 14:53
)
سيد سعود سالم ....من منظور فيزيائي ، ما العلاقة العلاقة بين -المادة- و-الفضاء ، هناك تناقضاً كبيراً وشاملاً بين المادة والفضاء....وأن هذا التناقض يظهر بوضوح في -النقطة المركزية- للثقب الأسود، حيث تتلاشى الحدود بين المادة والفضاء....فانا لا اريد ادلة على الانفجار العظيم ...هناك عشر فرضيات لنشوء الكون ...انما ما اسالك اياه هو سؤال فلسفي اكثر منه علمي....
2 - ١-;- - الفضاء أيضا مادة
سعود سالم
(
2024 / 8 / 27 - 09:28
)
السيد آدم تحية طيبة
إن الثقوب السوداء أصبحت منذ وقت طويل من البدييات العلمية، ورغم وجود العديد من الثغرات والتناقضات التي ما تزال تحتاج للبحث والإثبات، إلا أن العديد من الظواهر والقياسات العلمية لا يمكن تفسيرها إلا بوجود الثقوب السوداء.
أما بخصوص سؤالك عن التناقض المفترض بين المادة والفضاء، فيمكن إعتبار -المادة-، بمفهومها الفلسفي، وبمفهومها الفينيومينولوجي وبمفهومها الفيزيائي أوسع وأشمل وأعم من الإلكترونات والذرات أو -الأجسام- و-الجسيمات بصفة عامة، فالفضاء هو أيضاً جزء لا يتجزأ من مفهوم -المادة-، -الكمية- هنا، أي في الفضاء، لا تُحْسَب بـمقاييس الوزن، أو بما يشبهه من معايير؛ إنَّها تُحْسَب بمعايير مكانية، وظاهرة الجاذبية كما يراها إينشتاين، ناتجة عن تقعر النسيج الزمكاني بفعل كتلة الأجسام الفلكية دليل على مادية هذا النسيج.
3 - الفضاء مادة أيضا ٢-;-
سعود سالم
(
2024 / 8 / 27 - 09:31
)
وبما أنني لست فيزيائيا وإنما أهتم بدراسة الفلسفة، فقد لا أكون من الدقة أو الصحة الكافية فيما أكتبه بخصوص المسائل الفيزيائية، ولكنني أتقبل كل الآراء والإقتراحات التي قد تسمح بزيادة معلوماتي وتصحيحها، ليس فقط في هذا المجال وإنما في كل المجالات .. النقاش وتبادل الآراء والتجارب هو لب النشاط الفلسفي والعلمي ..
وشكرا على المتابعة والإهتمام ..
ودمتم بخير
4 - السيد سعود سالم المحترم
ادم عربي
(
2024 / 8 / 27 - 15:15
)
نعم، صحيح، فالمادة تشمل الفضاء أيضاً، ولا يوجد شيء أعم من المادة. وهذه نقطة قوة المادية ، انما في اشكالية التناقض بين -المادة- و-الفضاء- في -النقطة المركزية- (Singularity) للثقب الأسود. في هذه النقطة، التي يُعتقد أنها -صفرية الحجم ولامتناهية الكثافة-، يصبح من الصعب التمييز بين -المادة- و-الفضاء-،ليضع المبدا القائل : لا مادة بدون فضاء، ولا فضاء بدون مادة ، لذا كيف نحل هذا الاشكال؟
يتبع.....
5 - /2السيد سعود سالم المحترم
ادم عربي
(
2024 / 8 / 27 - 15:18
)
في نظرية النسبية العامة، العلاقة التفاعلية بين المادة والفضاء تظهر بوضوح. المادة تؤثر على هندسة الفضاء، مما يؤدي إلى انحناء الفضاء حولها. هذا الانحناء بدوره يؤثر على حركة الأجسام، ويؤدي إلى تجميع المزيد من المادة في المناطق ذات الانحناء الأكبر، مما يزيد من تركيز وكثافة المادة ويؤدي إلى مزيد من انحناء الفضاء. النجوم ذات الكتلة الكبيرة تمر بحياة قصيرة مليئة بتكوين العناصر، وعند موتها تتحول إلى ثقوب سوداء. هذه الثقوب السوداء تمثل تناقضاً بين -المادة- و-الفضاء-، حيث تميل المادة النجمية إلى الانهيار بسبب انحناء الفضاء الذي تخلقه. لكن هذا الانهيار يُقاوم بواسطة قوى الضغط الناتجة عن الاندماج النووي داخل النجم. عندما تفقد الطاقة عبر الإشعاع، يحدث انهيار جديد ويستمر الاندماج النووي، مما يؤدي في النهاية إلى تكوين ثقب أسود.
6 - السيد سعود سالم المحترم/3
ادم عربي
(
2024 / 8 / 27 - 15:19
)
الصراع داخل النجم يستمر حتى يتكون عنصر -الحديد-. عندما يتوقف الاندماج النووي، تفقد القوى المضادة للجاذبية معظم طاقتها، مما يؤدي إلى انهيار نواة النجم على نفسها أو انفجارها. إذا كانت كتلة النواة أقل من ثلاث كتل شمسية، يتكون نجم نيوتروني نتيجة التوازن بين الجاذبية والمادة النيوترونية. أما إذا كانت الكتلة أكبر، فإن الانهيار يستمر حتى يتكون ثقب أسود. في النقطة المركزية من الثقب الأسود، يصل الصراع بين المادة والفضاء إلى نوع من التوازن، لكنه ليس سلاماً حقيقياً.
في بعض الحالات، يصبح من الصعب التمييز بين المادة والفضاء، حيث يتداخلان بشكل يصعب تفريقه. رغم أن هناك وحدة فلسفية بين المادة والفضاء، إلا أن الصراع بينهما يستمر.
من خلال -إشعاع هوكينج-، يبدأ الفضاء والمادة في التمايز من جديد في الثقب الأسود. يتم تبخر المادة داخل الثقب الأسود تدريجياً. بعد أن يتبخر الثقب الأسود تماماً، تنتشر جسيمات المادة في الفضاء، مما يعيد ظهور الفروق بين المادة والفضاء، لكنهما يظلان مرتبطين بوحدة لا تنفصم.
في النهاية، أن المادة تؤثر على هندسة الفضاء، وعندما يتغير شكل الفضاء، يتحكم هذا التغير في حركة المادة.
.. الشرطة البريطانية تعتقل ناشطتين بعنف خلال مظاهرة أمام مصنع ع
.. نادي بالستينو التشيلي يستذكر غزة بلافتة تدين عاما من الإبادة
.. في الذكرى الأولى لحرب -7 أكتوبر-.. نتنياهو يهدد بتوسيع القتا
.. لهذا السبب قد تختار إسرائيل اجتياح جنوب لبنان من البحر
.. فلسطينيات يودعن أبناءهن الشهداء إثر غارة إسرائيلية على غزة