الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية ــ 272 ــ

آرام كربيت

2024 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف يمكنك أن تتفاهم مع كائن بدائي جاهل وغبي، ولديه اعتقاد راسخ أن الله أرسله ليهدي الكفار؟
المشكلة أن هذا الكائن الموتور له ناس على شاكلته بالمليارات.
على الأقل يا بهيمة، ثقف نفسك قليلًا، حتى تكون مقنعًا لواحد متنور وقارئ جيد لعالمنا في الكثير من الجوانب، وتشرح له أفكارك العظيمة.
وإذا سألك عن الفن، عن المسرح، عن الموسيقا، عن الفلسفة، عن مراحل الأدب، عن الأدباء العظام، التاريخ القديم أو الحديث، تستطيع أن تجاوبه.
أم أن تكون شغلتك ترباية لحيتك، وتشذيبها، وتؤمن بالله فقط وتبعر بأشياء لا تعرفها، فهذه كارثة.
وهل تعرف الله يا مهبول، أو نصوص دينك؟

كنا بحاجة إلى مأساة الحسين، ومأساة فلسطين، للطم وتطهير الروح من المسؤولية والهموم.
لو لم تحدث هذه المآسي لصنعناها بأيدينا.
على من كنا سنبكي لولا هذه الفواجع.
العاجز بحاجة ماسة للبكاء.

أغلبنا يتضامن مع أهل غزة مع أنها قضية إسلامية عربية في الدرجة الأولى، وأكثر من وقف ويقف داعمًا شعب غزة هم شعوب الغرب، أوروبا وأمريكا.
أول البارحة أحد السوريين طعن عدة أشخاص في احتفال، ثلاثة ماتوا وأربعة جروحهم خطيرة.
لم نر ابن وسخة أو محترمة ندد أو أدان القتل للإنسان العادي في بلاد استقبلت الملايين من العرب والمسلمين.

الدين مقلد غير أصيل للطبيعة، بل معادي لها.
لقد عزل الإنسان عن الطبيعة ووضعه في فم الحضارة الأبوية، ومارس عليه وصية، وهو غير مؤهل وغير مكلف من أحد أن يفرض نفسه.
لقد جاء كتكوين كاذب، غشاش، منافق، قدم نفسه كبديل عن الطبيعة أو شريك لها في التكوين بالرغم من أنه فارغ ولا يملك من نفسه سوء نصوصه المزعبرة لتمييع الواقع وتمييع سلوك الإنسان، بل خلق منه تكوين أخر هو ظل، يسير إلى جانبه.
الأصل والظل يسيران على مسافة من بعضهما، حتى يخال للمرء أن الظل هو الأصل ـ الواقع والواقع ـ الأصل هو الظل.
لهذا يعيش الإنسان الأزدواجية بين الحقيقة وظلها، بين الواقع وظله.
ضاع على الكائن المسمى الإنسان المطابقة بينه وبين ما كان عليه في بدايته.
أصبح الكائن القناع ومرتدي القناع في صراع لا أول له ولا يمكن أن ينتهي، لأن كلاهما لا يعرفان بعضهما.
الحضارة ـ الدين هي الرقيب الذي يربط الإنسان بالعيب والحرام والحلال، هو الذي يمسك الكبت بين يديه ويلفه حول كائنه ويمنعه من معرفة نفسه الحقيقية، بل وصل إلى درجة أن الإنسان أغفل نفسه واندمج بظله الكاذب.
لهذا كتبت قبل أيام نصًا يقول:
الزواج هو ارتباط عدوين إلى أن يثبت العكس، هو صراع بين الطبيعة والحضارة.
وفيه تنتصر الحضارة القناع ـ الزواج على الطبيعة الحرة الارتباط الحر بين المرأة والرجل دون عقد.

تحررت من السجن عندما كتبت عنه في العام 2007.
الكتابة هي الحرية، هي الفرح، تمسح عن المرء الجروح العميقة مهما كانت عميقة، تمنح المرء القدرة على فكفكة الآلام، جدلها ورميها خلف الظهر.
تجربة السجن هي مرحلة مؤقتة جدًا، يتعايش معها السجين مهما كانت قاسية، فهناك مع السجين زملاء وأصدقاء، وقناعات تزود المرء بالقوة والتماسك.
أرى أن قسوة الحياة، انعدم العمل، مسؤولية البيت والأطفال، الزواج، وشاية زملاء العمل، الفقر، اجار البيت، غدر الأصدقاء الأحبة الأهل، أقسى بمئات المرات من السجن.
نسمع يوميًا قصصًا في منتهى القسوة، في عالمنا المضطرب، تشيب لها شعر الأطفال، كالفقر والقهر والتشرد وانعدام المستقبل والحروب.
لنلق نظرة على ظروف الناس في سوريا، لبنان، العراق واليمن وأفغانستان، أصبح الناس يبيعون أطفالهم في عمر سنة وسنتين وثمانية، ولا ماء ولا طعام ولا مستقبل.

عندما ننضج نتيجة الهزات التي نمر بها في الحياة، نتحول إلى كائنات قاسية جدًا، نفقد فيها البراءة والجمال والحب.
نتحول إلى جماد.
إن النضوج هو فخ الحياة، وبداية موت الإنسان.
ولا مفر من النضوج.

عندما كّنا أطفالا صغار، كنا نركض في حقول القمح الأخضر في فصل الربيع، نرقص ونغني، ونقطف السنابل الناضجة، ثم نحولهم إلى باقات مشدودة إلى بعضها على شكل جدائل، ثم ننتظر بلهفة الولهان في الوصول إلى البيت.
نشعل نار البابور ونشوي الباقة.
رائحة ذلك الشواء اللذيذ كان يفوح في الأجواء. وأحيانًا تمسنا النار، تحرق أصابعنا، بيد أننا كنا نتابع عملنا بمنتهى السرور.
كانت لدينا مدن جميلة، ينابيع ضاحكة مثل خاتم الشمس، وبساطة تمتد من القلب إلى مجرات السماء.
في نزهاتنا على ضفاف الأنهار، والصفصاف، كانت الحقول تغني وتدبك نشوة وسعادة.
ما زالت رائحة الزيزفون على طرفي الطريق الطويل، تمد ما تبقى في القلب بقايا ذاكريات.

ساهم ملوك أفريقيا وتجارها في تجميع الزنوج بالقرب من موانئ المحيط الأطلسي لبيعهم للتجار البرتغال، كعبيد ونقلهم إلى الهند.
لم يتوغل الأوروبيون في العمق الأفريقي ولم يأسروا الزنوج. هذا الفعل قام به أبناء الأفارقة بأبناء جلدتهم.
لقد خلق التجار الأفارقة الصراعات البينية والحروب بين القبائل لتحويل الكثير من المقاتلين إلى أسرى حرب ثم بيعهم للأوروبيين.
وشحنوا معهم قطاع الطرق والمجرمين والسجناء.
لقد تمأسست تجارة العبيد تحت راعية بعض الدول الأوروبية وملوك أفريقيا وتجارهم. ودرت أرباح هائلة على الطرفين.
يمكنك رؤية البرنامج الوثائقي في التعليق الأول

تموت الإنسان عندما يموت ضميره.
والضمير هو البراءة والحرية والحنان والحق والجمال والعدالة والسعادة والحقيقة.
إن الضمير لا يقبل الكذب والخداع والغش والخيانة والغدر والمكر.
إنه إرادة هذه الحياة والكون.
إنه الحب.
إنه خلاصة الحب.
لهذا نقول أن الإنسان كائن ميت.

الحورية في الآخرة هو التعويض النفسي عن العجز الشخصي والتاريخي والجنسي والنفسي والإنساني على هذه الأرض.
هو تعبير عن الاغتراب الذاتي والجماعي، والحرمان من القدرة على تحقيق السعادة والفرح الداخلي في الواقع والحياة الطبيعية.
عندما يعجز العقل عن تحليل الواقع، الوقائع، وعن تحقيق المصالحة مع الذات وعن فهم ذاته ووجوده وشرط حياته، لهذا يبحث عن مخارج لا واقعية لواقعه.
العاجز حالم أصيل للحياة المزيفة الغير واقعية.
عندما تغلق أبواب الحياة الدنيا على هذه الأرض، يلجأ الإنسان إلى السماء أو الفضاء أو يتفتق ذهنه عن أشياء مرضية، أي لا واقعية.
سيبقى الإنسان غريبًا، ولن يرتوي نفسيًا ووجوديًا ما دام هو كائن مغترب.
إن العودة إلى الآخرة هو العودة إلى ما كنت عليه قبل أن تولد، إلى رحم الحياة الأولى، إلى التشكل الأول للحياة، حيث الأمان والصمت والفرح والهدوء والراحة.

كنا أمام أحداث مهمة وخطيرة طوال فترة السجن. كان النظام موحداً في مواجهتنا، بينما نحن لم نستطع أن نقود نقاشاً بنّاءً حول أية مسألة من المسائل المتعددة التي واجهتنا، مثل المرض والمشفى والطعام.
وتحسين شروط وجودنا.
وطوال الفترة لم نرق إلى مستوى المسؤولية، لم نستطع أن نتحاور مع بعضنا البعض في القضايا الساخنة التي كانت تحدث في العالم.
كنّا نفتقد إلى التنظيم والترتيب في توزيع المسؤوليات سواء ما كان يمس الأمور الحياتية أو السياسية أو الاجتماعية أو المالية.
وإذا حدث ووصلنا إلى هذا الأمر، بالتأكيد، كنّا سندير شؤوننا بمنطق العقلية القبلية أو العشائرية.
غيرنا، من أحزاب أخرى، حاول القيام بذلك، بيد أنهم فشلوا وذلك بسبب المرجعية الذهنية لمجتمعاتنا الما قبل مدنية.
في المجتمعات المقهورة، الناس لا يصغون لبعضهم على الإطلاق.
الأغلبية ينظرون إلى بعضهم بزوايا حادة جداً، من أقصى حدود الارتفاع أو الانخفاض.
حتى في السجن كنا نخاف من بعضنا، من مراقبة الآخرين لسلوكنا، نسعى بكل الوسائل أن نخرج كنوزنا النظيفة من مخابئها ونضعها أمام الآخرين حتى لا نتعرض للانتقاد والتجريح.
السجن مثل أي مكان في الحياة يخضع لشروط ومقاسات صارمة، يجب أن يجيدها كل سجين وإلا سيتحول إلى مسخ، شخص تافه، نكرة لا وزن له.
تتعلق هذه المقاسات بالبنية النفسية والعقلية لتراتبية المجتمع وتكوينه النفسي والروحي. في هذا المكان تتكثف القيم التي يحملها الفرد عن مجتمعه، في لا شعوره الجمعي، فيخضع لها، كلما أدرك الفرد قيم التراتبية الاجتماعية، اللا شعور الجمعي، كلما حاز على قبول ورضى الآخرين وإعجابهم.
أقول دائماً:
ـ السجن ليس السجان فقط ! ليست الحيطان الرمادية المظلمة والمتعبة فقط ! ليس المكان وشروطه وظروفه، إنما السجناء أنفسهم وما يخلقوه من متاعب وأوجاع مؤلمة لبعضهم البعض.

خلط السياسة بالدين هو فعل سياسي متعمد.
في هذه الحالة يتحول الدين إلى أداة من أدوات السياسة، فيه رغبات الفاعلين فيه.
وهؤلاء الفاعلين في السياسة بشر، سيمارسون السياسة وفق رؤيتهم ورغباتهم وسلوكهم وتربيتهم وعقدهم الدونية أو الاستعلائية وامزجتهم ومصالحهم.
بهذه الحالة يتحول الدين إلى مطية، يستخدم لتنفيذ مصالح النافذين فيه من أجل تغيير التراتبية الاجتماعية والسياسية، اي عملية استبدال حاكم بحاكم أو نظام سياسي بنظام سياسي.
لهذا نقول لا تخلطوا بين الأثنين، لأن لكل واحد ميدانه.
وإن الخلط بينهما هو لمصلحة النخبة الفاعلة في السياسة.

إن التوفيقية بين السياسة والدين عطل آلية كليهما, حركتهما, لعبا في الزمن ذاته, بالرغم من أن الزمن متحرك. صحيح أنهما يخدمان بعضهما, بيد أن ذلك يدخلهما في الرتابة والبقاء في الماضي, ويعطل المجتمع من قراءة الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, وينتج واقعا مريضًا مصابًا بعقد الضعف والانحلال وعدم القدرة على أخذ المبادرة.

للخروج من النفق, هو, بتكسير المنظومة الاستبدادية القائمة على فكفكة النصوص الدينية, وإعادتها إلى المربع الذي خرجت منه, وإعادة إنتاج ثقافة نابعة من الواقع الاجتماعي الاقتصادي المعاصر.
أي ثقافة لا تعيش في عصرها, تأخذ من يعتنقها إلى ميادينها.
الثقافة, هي تكثيف لحوامل كثيرة, لإنتاج وقائع على مقاسها, اجتماعية, اقتصادية, سياسية. وأي تناقض بين الحامل والواقع, سيأتي الزمن ليكسر كل من يقف في طريقه مهما طال.
الأنظمة الاستبدادية, يد بيد, مع دول صنع القرار, عملت وتعمل على إطالة الفكر الغيبي, لتغييب المجتمع عن مصائره الحقيقية.

اعتقد أن الاستبداد كان سابقا على الإسلام في منطقتنا. لقد أخذ من الذين سبقوه واكمل عليه. المسيحية, ليس فيها نصوص لتسويق السياسة, مع هذا اتكئات عليها الامبرطورية الرومانية, ثم البيزنطية, ثم أغلب البلدان الاوروبية. وكما هو معروف أن الصراعات الاوروبية الاوروبية قبل النهضة, وذهاب مئات الملايين ضحايا مجان, عدا حرق النساء وتشويههم. المقصود, بوجود النص المقدس, وتفعيله سياسيا, ممكن يأخذنا إلى حيث شاء. حتى لو لم يكن هناك نصوص تحث على العنف. ان تعرية النص, واعادته إلى تاريخيته, ونزع القداسة عنه, يفكفك الثقافة الدينية في مجتمعاتنا, ويسمح لنا, ان ننهل من الثقافة العالمية المعاصرة ودخول الحداثة والحرية. ما يحدث, هو عملية تسريع, تعويم الدين الاسلامي من خارجه, دون انكشافه معرفيا وفكريا. بتقديري هذا لن يفيد ابدا, بل نتائجه على المدى الطويل هو المزيد من التخريب لمجتمعاتنا.

علينا أن نفرق بين الجهادي العادي, البسيط, الذي يأخذ الأمور عن إيمان وقناعة, ودغما, وإنه ينفذ إرادة الله على الأرض, وبين قادة الجهاد, السياسيون, الذين يعرفون من أين تأكل الكتف. وان لهم ارتباطات سياسية ومالية مع أطراف دولية واقليمية ومحلية. إنهم صنيعة, مسخ, يعملون على تنفيذ أوامر أسيادهم في مراكز صنع القرار.
المحاكمة يجب ان تكون لهؤلاء الرؤوس الخانعة, قادة الجهاد الكاذب.

السوريون كانوا خارج السياسة, وعندما قرروا العودة, جاء الخارج, والهمج, بالتعاون مع السلطة لإعادتهم إلى بيت الطاعة.
القتال على الأرض السورية, هي تصفية حسابات سياسية بين الخارج والخارج, والخارج للداخل:
أن تسكتوا. وأن السياسة ممنوعة عليكم. الثورة ممنوعة, تحسين شروطكم السياسية والاجتماعية ممنوع.
علينا أن نعرف عدونا, أن لا نقف مع هذا الجانب ضد ذاك, السلطة ونظيرها الجهادي. علينا أن ندافع عن سوريا, سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. وأن لا يأخذنا القتال إلى خندق ليس خندقنا.

السلاح بيد الوسخ لا يحرر.
لازم نشتغل على الثقافة, كخلاص من العقل الاستبدادي. لنحرر انفسنا من انفسنا حتى نستطيع ان ندخل العصر.

مراحل طويلة قطعها ذلك الجهادي, المستلب, الضعيف, الذي وصل إلى قطع الرؤوس.
لقد تشبع بثقافة الموت, الحقد, كره الأخر, الانغلاق, الدونية, الشعور بالتفوق المرضي, أن هذا الكون ملك له ولاتباعه المؤمنين الفاضلين.
الشرائع التي تطبق بقوة السيف, تخلق جيل مريض, باطني, يظهر غير ما يبطن. جيل ضعيف, متردد, خائف, غير واثق من نفسه, من أفكاره. يحاول إرضاء الأخرين زيفًا, على حساب قناعاته حتى لا يتهم بمواقفه.
الدين أو أي فكر, لا يقوم على الاختيار الحر, عن قناعة, إيمان, دين باطل, حتى لو تظاهر الجميع بالورع والتقوى.
اساس نجاح أي فكر, هو القناعة النابعة من القلب, من الايمان الحر.
لهذا فأن قراءة المقدس من منظور حر, هو الانجع, الأفضل, لأنه يغربل, القمح من الزيوان. ويفرز المؤمن من المدعي.
والنوع أفضل من الكم.

لو أن الجيش, مؤسسة وطنية فاعلة, لما وصلت سورية إلى هنا.
لم يكن لحماية الحدود, المؤسسات, المواطن, استقلاله. ولم يدخل في خدمة مستقبله.
دخل هذا الجيش في خدمة السلطة, الفاعلين فيها. لم يدرك القيمون عليها, أن القتال الحاف دون مرجعية سياسية, ووطنية سيفكك الدولة والمجتمع, ويذري الوطن. لا أعرف كيف يفكرون, وكيف ينظرون إلى مستقبلهم في ظل هذا الوضع المشبوه الذي تسير عليه البلاد. وكيف سيحكموه, وكيف يفكرون أن يحكموه, في ظل أي وضع؟
لقد رهنوا سوريا, لروسيا وايران, والمنظمات الجهادية المشبوهة, والغرب والشرق. ماذا بقي لهم, لنا بعد كل هذا الخراب.
على كل حال, لو أن البلاد لم تكن ثياب بالية, مرقعة لما استطاع فرد واحد, حافظ الاسد, أن يكيف دولة كاملة على مقاسه, ومقاس طموحاته وأحلامه وأخلاقه.

أليس الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة له طابع حداثي.
بمعنى، كلا الجانبين، تفاوضا وفق شروط العصر، ومفاهيم العصر حول كيفية إدارة الأتفاق والنصوص الواردة فيه.
هل هناك آيات من القرآن، أو إشارات إسلامية إلى فكر ومضمون الإسلام في الأتفاق؟
لو أزلنا كلمة طالبان، ووضعنا بدلا عنها اسم شعب ما، الروس، على سبيل المثال، هل سيغير هذا في الامر شيئا؟
إن الحركات الإسلامية، تثبت إنتماءها إلى الإسلام عنوة، من خارجه، بينما في الحقيقة، هي حركة سياسية معاصرة بكل ثقلها، وممارساتها وتعبئتها السياسية والفكرية والتنظيمة.
واحدة مثل إلهان عمر، الصومالية المولد، عضو في الكونغرس الأمريكي، ما هو تمايزها عن الإنسان الأمريكي في العمق؟
الا تستخدم الهاتف الحديث، السيارة، تتحدث مع زملاءها في الكونغرس عن شؤون وشجون المجتمع الامريكي؟
هل تستخدم عبارات أو مفاهيم قديمة كالشورى مثل، بدلا من الكونغرس؟ ألم تدرس في الجامعة، المناهج الغربية في الاقتصاد والسياسة وعلم الاجتماع؟
هل تتحدث عن الغزوات والغنائم أو الفيء والسبايا، أم تتحدث في قضايا تمس الشأن الامريكي وعالمنا المعاصر؟
أغلب التنظيمات الإسلامية، تستخدم الشكل اللينيني للتنظيم، الذي أسسه لينين في العام 1903، وانقسم على رفاقه، مارتوف والمناشفة، من خلال هذا الموضوع.
لينين لم يختلف مع رفاقه، في السياسة والفكر السياسي، وأنما حول التنظيم. لقد أسس تنظيمًا حديديًا، كان المدخل لبناء دولة حديدية في الاتحاد السوفييتي والصين، وأغلب الحركات السياسية اليسارية، الذي تحولت إلى ديكتاتوريات شديدة القسوة على شعوبها.
الإسلام السياسي، جزء من الحركات السياسية المعاصرة، تستخدم الدين للوصول إلى السلطة والثروة والمكانة. وإن التورية التي تمارسها هي لتمييع الحقيقة، ولنتذكر أن ارتباطاتها مع مراكز القرار العالمي شديد الوضوح، لا تنطلي على الأغبياء والجهلاء.
الحركات السياسية الإسلامية، مضمونها في العمق تعتاص على المعاصرة في كل شيء، إلا أن الطربوش الشكلاني مختلف.

طالبان حركة سياسية فاشية، عرفها العالم من خلال حكمها في النصف الثاني من حقبة التسعينات، وبداية الألفية الثالثة.
تدخلت هذه الحركة في الحياة الشخصية للناس، في الشاردة والواردة للناس، والجميع يعلم أنها صناعة المخابرات الأمريكية والباكستانية.
وإن هذه الحركة فظعت في حياة الناس في أفغانستان، شربتهم الذل والقهر والفقر، وزرعت الخوف في نفوس المسلمين في هذا البلد المنكوب، قتلت وعذبت ورجمت النساء، وفرضت الحصار على المجتمع والجوع، وقرفت الناس حياتهم ومعيشتهم، مع هذا هلل المسلمين في العالم كله بانتصارها.
الانتصار على من، وماذا، يا مسلمين؟
بالرغم من أن هذه الحركة فاشية، وتعاونت، بله صادقت على الإملاءات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها، ومخابراتها، حول كيفية إدارة الدولة والمجتمع في المستقبل، وإذلالها بهذه الاتفاقية في الدوحة، مع هذا يقولون عنها انتصرت.
مبروك علينا انتصار الهزائم، والتخلف والجهل، والإسلام المهزوم في ظل الحداثة الرأسمالية.
وهل هناك انتصار أو منتصر في ظل الرأسمالية، بيت السوق، وقوانين السوق، والعلاقات السوقية؟
الرأسمالية بنية، لا علاقة لها بحضارة أو حرية، أنها بربرية، لا قيمة للإنسان فيها، أنه سلعة تبيع الناس وتشتريهم، وأنه مجرد عبد على الطاولة، ويتم المزاد عليه،وهذا سيستمر إلى يوم الدين كما يقولون.
هذا المزاد سيكون، كمية المال، هو المعادل لمن يملكه.

البارحة تكلمت مع الصديق عبد الأحد يوسف، من خلال الحديث قال لي:
أنت تجور على المسلمين، لست عادلًا.
في الحقيقة يا صديقي ابو زينا العزيز، أنا كتبت مرات ومرات، أن المسيحي العربي، أو الذي يقطن في البلاد الإسلامية، أو الذي يعيش في دولة مسيحية خالصة، لا إسلام فيها، لا فرق كبير بين المسلم والمسيحي، التكوين متقارب جدًا.
بكل صراحة أقول، لم أر أن أمي المحافظة، تختلف عن جارتها المسلمة، الثقافة شبه متطابقة، الاختلاف في الشكل وليس في المضمون.
بمعنى، أننا ننتمي إلى ثقافة دينية متقاربة جدًا، يحركنا الدين، بنيتا النفسية والعقلية دينية، لم نخرج من هذا الفخ، والمحدد الأول لثقافة االإنسان في هذا الدين هو المرأة.
إنه يعتبرها أقل من الرجل، ويؤمن بالعزل الاجتماعي بين الرجل والمرأة، والايمان بالله، بالغيب، بالحلال والحرام، وان دينه أفضل من دين الأخرين.
وعندما ينتهي المرحوم اليهودي، صامويل هنتنكتون، من تمزيق العالم الإسلامي وفضح عيوبه، سيبدأ في تمزيق العالم المسيحي، سيمزقه، سيضع الانجيل على الطاولة، ويبدأ بتشريحه، كما يفعل اليوم بالإسلام، ليبدأ بتمزيقه.
عندما أكتب عن العالم الإسلامي، فأنا أكتب عن نفسي، أرى فيه ما أراه في نفسي، لهذا أعريه، أعري نفسي وأعري عيوبي التي هي عيوب الدين السماوي عامة.
بهذه التعرية، نعمل على تغيير بنية العقل القائم، تفكيكه، من أجل الانتقال إلى العقلانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في لبنان تُفرج تدريجياً عن مفاجآتها في ال


.. 88-Al-Aanaam




.. ارتفاع حوادث معاداة الإسلام والكراهية ضد المسلمين في بريطاني


.. المؤسسات الدينية في إسرائيل تجيز قتل الفلسطينيين




.. 84-Al-Aanaam