الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أشبه يومنا بأمسنا !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 8 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما إن تأكد الخليفة الراشدي الثالث، عثمان بن عفان، أن اشتعال الثورة ضده أمر جد وبات الخطر يقترب من شخصه، أرسل كتاباً إلى الأمصار يستنجد ويستغيث. من هذا الكتاب نقبس بالحرف:"...فعابوا عليّْ أشياء كثيرة مما كانوا يرضون، وأشياء عن ملأ من أهل المدينة لا يصلح غيرها، فصبرت لهم نفسي، وكففتها عنهم منذ سنين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على الله عز وجل جرأة حتى أغاروا علينا في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه وأرض الهجرة، وثابت اليهم الأعراب، فهم كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا بأحد إلا ما يُظهرون. فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق".
لعل أول ما يُلفت النظر في هذا النص، أن عثمان يرى في الاحتجاج ضد ممارساته في الحكم وطريقته في التولية ومحاباته لأقاربه، وفق أثبت ما يروي المؤرخون "جرأة على الله عز وجل". وندعو إلى النظر بشكل خاص إلى اتهامه الثائرين ضده بأنهم "كالأحزاب أيام الأحزاب، أو من غزانا في أُحد...وثابت إليهم الأعراب". فما الفرق بين هذا الوصف، وما واجه به معمر القذافي الثائرين ضده بالقول: "من أنتم؟!!!"، ناهيك بنعته لهم بالجرذان !!!
ويسترعي الانتباه أيضاً نزعة الاستعطاف البارزة في كتاب عثمان، واستخدام رمزية النبوة "أغاروا علينا في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه وأرض الهجرة".
ما أشبه اليوم بالأمس. من هذه الحقيقة، التي ما يزال الإنسان العربي يدفع ثمنها غالياً، ندلف إلى ما نتغيَّا استنتاجه في هذا الجانب: الحاكم العربي، اليوم كما كان في الأمس، يرفض الاعتراف بأخطائه وخطاياه، ويبحث دائماً عن مشاجب ومبررات. وفي الوقت عينه، لا يتردد عن الاستنجاد بالمقدس عندما ترتد عليه تبعات ضيق أفقه ونتائج سياساته!
ونختم بما نرى فيه أخطر مما أوردنا في سطورنا أعلاه، ونعني ما ختم به ابن عفان كتابه" فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق". هذا يعني في التطبيق العملي، أن لا مشكلة في أن يلتقي الجمعان، جُند الحاكم مقابل الثائرين به المنكرين لسياساته، وليكن ما يكون من سفك دم وزرع بذور الأحقاد والفتن في مجتمعات ما تزال النعرات القبلية تعمل فيها بالطول والعرض. هذا كله ليس مهماً، المهم الحفاظ على كرسي الحكم. وما أشبه اليوم بالأمس فعلاً، ونعتقد أن قارئنا ليس بحاجة إلى أدلة بهذا الخصوص.
لا يعقل أن العقل السياسي العربي ما يزال كما هو منذ 1400 سنة ونيف، وبخاصة لجهة الإستئثار بالسلطة السياسية، والتشبث بها حتى لو كان الثمن دماً غزيراً ومآسيَ وويلات !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال