الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعي حزين … خسارة مفجعة !.

محمد السعدي

2024 / 8 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اليوم .. وفي بلدة فلاديمير ، التي تبعد ١٨٠ كيلو شرق العاصمة موسكو ، رحل عن دنيانا إستاذنا الكبير والبروفيسور والشخصية الأدبية والثقافية والأكاديمية ضياء نافع . عميد قسم اللغات في كلية الأداب / جامعة بغداد في ثمانينات القرن الماضي . في الفترة الزمنية الأخيرة إنتكست حالته الصحية ، وجف حبر قلمه على منصات المواقع والصحف والمجلات ، مما لفت إنتباه لفيف واسع من متابعيه ومحبيه ، كنت أحدهم بحكم تواصلي الدائم معه عبر منصات التواصل الاجتماعي وصدى صوته عبر سماعة التلفون وحضوره الدائم على موقع بيدر ميديا ، وهو أحد أعمدتها الأساسيين .

منذ عقدين من الزمن ، وأنا على تواصل دائم معه ، في أية سؤال أو أستفسار حول الأدب والثقافة والمعلومة أتلقى رده حالاً بكل ممنونية لكوني أحد تلاميذه في أروقة الأداب جامعة بغداد ، ولصفته المتواضعة في علاقاته المتناهية مع الناس ، لكن في الاشهر الأخيرة أزداد قلقي وتوجسني هاجس خوف لعدم رده على رسائلي وأتصالاتي ، فأتصلت بالدكتور تحسين رزاق عزيز المقييم في روسيا ، وهو أحد طلبته وزميلي في الدراسة ليخبرني بحالته الصحية المتردية عبر أحدى معارفه ، والتي تتولى مراجعته والاهتمام به وبشريكة حياته السيدة أم نوار قبل رحيلها، والتي أضناه التعب والمرض والعجز قبل سنوات ، وبقيت أتواصل مع استاذتي الكبيرة ناشئة كوتاني حول صحة ومرض وأزمة الدكتور ضياء بحكم تواصله الشبه يومي مع الذين يعتنون بحياة الدكتور ضياء ، كان بعض الاخبار تبعث على الاطمئنان وأخرى مؤلمة ، وكان الراحل الاستاذ أبو نوار المعين الوحيد لها ، بعد أن فجعا بفلذة كبدهم الوحيد الدكتور نوار ، وهو في ريعان عمره ، مما ترك رحيله عنهم طابع الحزن والمعاناة ، ولقد بادر الراحل والطيب الذكر ضياء نافع بتأسيس دار نشر ” نوار ” في موسكو وبغداد تيمناً بأسم أبنه نوار ، وعبر نشاط تلك الدار تمنح سنوياً جائزة تقديرية لشخصية أدبية وطنية أو مؤسسة ثقافية أكاديمية .

وفي نهايات عام ٢٠٢٣ وبدايات عام ٢٠٢٤ ، ورغم حالته الصحية المتدهورة بوتائر سريعة ، صدرت للاستاذ ضياء نافع وعبر دار نشر نوار أربعة كتب مهمة حول الأدب الروسي ” . سبعون مقالة للاديب والطبيب أنطون تشيخوف ” . ” دفاتر الأدب الروسي ٨ ” . ” سبعة وأربعون مقالة عن نيكولاي غوغول ”. ” خمسون مقالة عن ألكساندر بوشكين ”. مصادر ومراجع مهمة للدارسين والمتابعين والمعنيين بالأدب الروسي ورفد مهم للثقافة العربية .

غيبه الموت في المدينة ، التي درس بها اللغة والأدب في مطلع الخمسينيات ، وأقترن برفيقة عمرة السيدة أم نوار في تلك المدينة ، والتي عادا لها في السنوات الأخيرة من العاصمة بغداد ، لم يعد يتحملا حجم الدمار ، الذي حل بالعراق وبكيانه وتكوينه الاجتماعي والاخلاقي والانساني أثر أجندة الإحتلال وأعوانه .

تعرفت على الراحل الاستاذ ضياء عام ١٩٨٠ على مقاعد الدراسة في الأداب ، وكان أستاذي بمادة الأدب الروسي ، وكان أسلوبه وطريقته في التدريس وعرض المواد الأدبية وحياة الأدباء من المحفزات الاساسية لأهتمامي في الأدب الروسي ، في المرحلة الثالثة عام ١٩٨٣ ، تركت مقاعد الدراسة لدواعي سياسية ولصعوبة تلك الظروف آنذاك ، لم يعد بيننا أي أتصال أو سماع أخبار بعضنا ، وكنت متلهف دوماً بمعرفة ومصير أساتذتي الكبار ، ضياء نافع ، محمد يونس ، ناشئة الكوتاني ، حياة شرارة ، جليل كمال الدين ، طارق الكاظمي . في عام ٢٠٠٦ ، وبالصدفة قرأت مقالاً لاستاذي ضياء على صفحات أحدى المواقع ، وعلى عجالة وبدون تردد ، كتبت له لأعرفه بشخصي وعلى نفس عجالتي جاوبني : نعم ، أيها التلميذ النجيب ، أنني أتابعك ، ولقد قرأت كتابك ” سجين الشعبة الخامسة ” أحييك وأشد من عزمك ، ومنذ تلك اللحظة نتواصل بأستمرار الى قبل شهور من رحيله ، الذي شكل فاجعة وغصة في نفسي علم آخر من أعلام العراق يتهاوى بعيداً عن تربة وطنه ، الذي عشقها . في رحيله يشكل خسارة كبيرة للعراق وللثقافة والأدب ، ترك بصمته الواضحة على المشهد الثقافي والادبي الانساني طيلة ستة عقود من الكتابة والبحث والمعلومة . مرت الأيام والشهور والسنون ، وبهذا العمر الذي تجاوزت به العقد السادس أتلقى منه الأجوبة على بعض الاسئلة والاستفسارات لمادة أدبية أنوي توثيقها أو معلومة عن حياة وقصة كاتب روسي .
دكتور ضياء
ليرحمك الرب برحمته
أرقد بسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا قرر #الجولاني الظهور على CNN للحديث عما يجري في سوريا؟


.. قيادي في فصائل المعارضة يدعو كبار ضباط الجيش السوري إلى الان




.. مع ارتفاع وتيرة التنكيل .. معسكرات إسرائيلية جديدة لاحتجاز م


.. عبر الخريطة التفاعلية.. الجزيرة تحصل على صور أقمار صناعية تظ




.. الاتجاه المعاكس | ما الذي يحدث في سوريا؟