الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حرية المرأة في جسدها من وجهة نظر ماركسية: تحليل اقتصادي واجتماعي
عاطف زيد الكيلاني
2024 / 9 / 5حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تعتبر الحرية في السيطرة على الجسد من الحقوق الأساسية التي تندرج ضمن نطاق حقوق الإنسان، وموضوع حرية المرأة في جسدها هو واحد من القضايا التي تتداخل فيها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. من منظور ماركسية، يمكن تحليل هذه القضية من خلال فهم كيفية تأثير العلاقات الطبقية على حقوق المرأة الجسدية، وكيف تسهم الأنظمة الاقتصادية في تشكيل وتنظيم هذه الحقوق.
1. المنظور الماركسي حول حقوق المرأة
في النظرية الماركسية، يُعتبر أن العلاقات الاقتصادية والإنتاجية تشكل الأسس التي تقوم عليها معظم جوانب الحياة الاجتماعية، بما في ذلك وضع المرأة وحقوقها. وفقًا لآراء كارل ماركس وفريدريك إنجلز، فإن القضايا المتعلقة بحقوق المرأة، بما في ذلك حرية المرأة في جسدها، لا يمكن فصلها عن التركيبة الاقتصادية للمجتمع.
في المجتمع الرأسمالي، تُعتبر المرأة جزءًا من القوى العاملة التي يتم استغلالها، وبذلك فإن حقوقها الجسدية وصحّتها تتأثر بشكل مباشر بالنظام الاقتصادي القائم. على سبيل المثال، الأجور المنخفضة وعدم الاستقرار الوظيفي يمكن أن يؤثران على قدرة المرأة على الوصول إلى خدمات الصحة الجيدة والوسائل التي تحتاجها للحفاظ على صحتها الجسدية.
2. تأثير النظام الرأسمالي على حرية المرأة في جسدها
النظام الرأسمالي، وفقًا للماركسية، يقوم على استغلال العمل وتحقيق الربح على حساب احتياجات العمال الأساسية. هذا يشمل النساء، اللاتي يتعرضن لتقليص حقوقهن في مجالات متعددة، بما في ذلك حقوقهن الجسدية. يمكن تحليل تأثير النظام الرأسمالي على حرية المرأة في جسدها من خلال عدة جوانب:
العمل واستغلال القوى العاملة: في النظام الرأسمالي، تُعتبر النساء قوة عاملة رخيصة وغالبًا ما يُنظر إليهن على أنهن مصدر للربح بدلاً من أن يُنظر إليهن ككائنات إنسانية كاملة. وهذا الاستغلال يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على حقوق المرأة في جسدها، من خلال الضغط لتقليل نفقاتها على الرعاية الصحية وضمان عدم حصولها على خدمات طبية كافية.
الوصول إلى وسائل منع الحمل والإجهاض: تُعدّ وسائل منع الحمل والإجهاض من القضايا الحساسة في المجتمع الرأسمالي. في ظل نظام يتسم باللامساواة الاقتصادية، قد تواجه النساء صعوبات في الوصول إلى هذه الخدمات بسبب التكاليف المرتفعة أو القيود القانونية، مما يقيد قدرتهن على التحكم في حياتهن الجنسية والإنجابية.
الضغط الثقافي والإعلامي: في المجتمع الرأسمالي، يلعب الإعلام والثقافة دوراً كبيراً في تشكيل تصورات الجمال والأنوثة. هذه التصورات تؤثر على كيفية تعامل النساء مع أجسادهن، وغالباً ما تكون متأثرة بمصالح اقتصادية ترتبط بصناعة التجميل والموضة. وبالتالي، يمكن أن تشكل هذه الضغوط قيداً إضافياً على حرية المرأة في اتخاذ قرارات بشأن جسدها.
3. دور الطبقة الاجتماعية في تحديد الحقوق الجسدية للمرأة
تؤثر الطبقة الاجتماعية بشكل كبير على حقوق المرأة الجسدية. النساء من الطبقات الاجتماعية العليا قد يحصلن على موارد أفضل ورعاية صحية أكثر جودة مقارنةً بالنساء من الطبقات الاجتماعية الأدنى. هذا التفاوت يعكس كيف يمكن أن يؤثر النظام الطبقي على الوصول إلى الحقوق والخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية ووسائل منع الحمل.
التفاوت في الوصول إلى الرعاية الصحية: النساء من الطبقات الاجتماعية الدنيا قد يواجهن صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة بسبب التكلفة أو نقص الخدمات في مناطقهن. هذا يمكن أن يؤثر على صحتهن الجسدية والقدرة على اتخاذ قرارات مستقلة بشأن أجسادهن.
الضغط الاقتصادي: من المرجح أن تواجه النساء من الطبقات الاجتماعية الأدنى ضغوطًا اقتصادية أكبر، مما قد يحد من قدرتهن على دفع تكاليف الرعاية الصحية أو اتخاذ قرارات بشأن إنجاب الأطفال. يمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة بشأن حقوقهن الجسدية.
4. الطريق نحو التحرر من منظور ماركسي
من أجل تحقيق حرية المرأة الكاملة في جسدها، يرى الماركسيون أن التغيير يجب أن يأتي من إعادة هيكلة النظام الاقتصادي والاجتماعي. هناك عدة خطوات يمكن أن تسهم في تحقيق هذا الهدف:
إعادة توزيع الثروات والموارد: يجب أن يتضمن التغيير الماركسي إعادة توزيع الثروات والموارد بشكل عادل لضمان أن جميع النساء، بغض النظر عن طبقاتهن الاجتماعية، يحصلن على الوصول المتساوي إلى الرعاية الصحية والخدمات الأساسية.
إلغاء الاستغلال الاقتصادي: يتطلب تحقيق حرية المرأة في جسدها القضاء على استغلال العمالة، بما في ذلك استغلال النساء في سوق العمل. وهذا يتطلب نظامًا اقتصاديًا أكثر عدلاً يضمن حقوق جميع الأفراد في العيش بكرامة.
تعليم وتوعية شاملة: يجب أن يكون هناك استثمار في التعليم والتوعية حول حقوق المرأة الجسدية. تعليم النساء والفتيات حول حقوقهن الصحية والجنسية يمكن أن يعزز قدرتهن على اتخاذ قرارات مستقلة بشأن أجسادهن.
خاتمة
من المنظور الماركسي، تعتبر حرية المرأة في جسدها قضية معقدة ترتبط بشكل وثيق بالنظام الاقتصادي والاجتماعي السائد. إذ يؤكد التحليل الماركسي أن القضايا المتعلقة بحرية المرأة في جسدها لا يمكن فصلها عن العلاقات الطبقية والاستغلال الاقتصادي. لتحقيق حرية كاملة للمرأة في جسدها، من الضروري إعادة النظر في النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم، والعمل نحو تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. يتطلب هذا التغيير الشامل جهودًا متكاملة لإعادة توزيع الثروات، وإلغاء الاستغلال، وتعزيز التعليم والتوعية، لضمان أن جميع النساء يمكنهن ممارسة حقوقهن بحرية واستقلال.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - تحرر المرأة الجسدي ضروري لكنه ليس سوى تحرر جزئي
حميد فكري
(
2024 / 9 / 7 - 14:46
)
تحية أستاذ عاطف زيد الكيلاني
أغلب النساء ، يعتقدن أن تحررهن الجسدي، هو غاية الغايات وإنجاز ما بعده إنجاز . إذ يكفيهن الشعور بحرية التصرف بأجسادهن ، حتى يتوهمن أنهن قد تحررن بالفعل . والحق أن هذا تحرر جزئي ومجرد خطوة أولى ، ضرورية طبعا ، لأنه تحرر من السلطة الذكورية للرجل فقط ، لكنه غير كاف على الإطلاق طالما هو ، يجري ضمن حدود بنية نظام طبقي إستغلالي. وهذا للأسف هو الغائب الأكبر ، في وعيهن. لذلك ستستمر عبوديتهن ، على الرغم من تحررهن جسديا.
2 - غلى السيد حميد فكري المحترم
عاطف زيد الكيلاني
(
2024 / 9 / 7 - 17:10
)
معك حق يا سيدي وأنا لم أزعم غير ذلك، فالمسألة أولا وأخيرا مرتبطة ارتباطا وثيقا بعملية الصراع الإجتماعي وعلاقات الإنتاج ومخاض المعركة الأزلية بين الطبقات المستغل’ بكسر الغين والمستغلة بفتح العين.
أحيانا لا يتمكن الكاتب من تطويل المقال أكثر من اللازم لشرح وتوضيح كل جوانب الفكرة ، لهذا أعتقد أن التعليقات مهمة جدا لأن الجميع بما فيهم الكاتب نفسه يستطيع المشاركة لتكتمل الصورة ... تحياتي
3 - أنا معك على طول الخط
حميد فكري
(
2024 / 9 / 8 - 01:43
)
تعليقي ، أستاذ عاطف ، كان تأكيدا لتحليلك الماركسي الموضوعي ، لكنه من جهة آخرى ، كان نقدا لوجهة النظر الليبرالية القاصرة ، التي اختزلت قضية تحرر المرأة ، الى مجرد تحرر جسدي . لكن مصيبة المرأة ، أنك إذا ربطت قضية تحررها ، بالصراع الطبقي ، رأت في ذلك ، تسييسا وأدلجة لقضيتها ، مع أن تحررها في جوهره قضية صراع طبقي بامتياز . لذلك ستبقى تدور وتدور في حلقة مفرغة .
4 - الحرية كلٌّ لا يتجزأ
إلزا ساسين
(
2024 / 9 / 8 - 12:59
)
لا أدعي معرفة بالفكر الماركسي ، تفي بإبداء رأي نقدي في الموضوع ، اتفاقاً أو اختلافاً .
لكن كوجهة نظر انطباعية ، أجد أن ما ينسب إلى ماركس - إنْ صح - من القول بما يعني أن «المرأة هي البروليتاريا ، داخل منظومة علاقات الأسرة الأبوية» ، هو عموما قول صائب تماما ، خاصة في مجتمعاتنا الشرقية الذكورية .
و من وجهة نظر نسوية تقدمية ، لا يمكن القبول بمقاربة تُمرْكز المرأة في جسدها ، كأنثى ، فالمرأة كإنسان ليست دمية جنسية .
أما الحرية ، فهي كلٌ لا يتجزأ ، على المستويات كافة ، وحرية اختيار شريك العلاقة الجنسية ليست استثاءً .
5 - كم هو جميل هذا الحوار!ا
عاطف زيد الكيلاني
(
2024 / 9 / 8 - 14:24
)
أنا الآن يا رفاق في الخامسة والسبعين ... الحمد لله
كنت ومنذ بداياتي بالإهتمام بقضايا الريات وبقضايا الشأن العام مقتنعا تمام الإقتناع بأن حرية المرأة لا تنفصل إطلاقا عن حرية الرجل وحرية المجتمع ككل، وأن كل ذلك لن يتمّ إلاّ بالفهم العميق لطبيعة الصراعات التي تخوضها شعوبنا وطبقاتها الكادحة ضد كل أنواع الإستغلال والإستعباد في سبيل التحرر من المستعمر الأجنبي ( كوننا نخوض صراعا مريرا من أجل التحرر الوطني) ، ثم وعلى المستوى الإجتماعي هو في جوهره كما اتفقنا أنه صراع طبقي ...ا
تحرير المرأة مرتبط ارتباطا عضويا بتحرر المجتمع
شكرا لكما ( حميد وإلزا )
6 - كم هو جميل هذا الحوار!ا
عاطف زيد الكيلاني
(
2024 / 9 / 8 - 14:55
)
أنا الآن يا رفاق في الخامسة والسبعين ... الحمد لله
كنت ومنذ بداياتي بالإهتمام بقضايا الريات وبقضايا الشأن العام مقتنعا تمام الإقتناع بأن حرية المرأة لا تنفصل إطلاقا عن حرية الرجل وحرية المجتمع ككل، وأن كل ذلك لن يتمّ إلاّ بالفهم العميق لطبيعة الصراعات التي تخوضها شعوبنا وطبقاتها الكادحة ضد كل أنواع الإستغلال والإستعباد في سبيل التحرر من المستعمر الأجنبي ( كوننا نخوض صراعا مريرا من أجل التحرر الوطني) ، ثم وعلى المستوى الإجتماعي هو في جوهره كما اتفقنا أنه صراع طبقي ...ا
تحرير المرأة مرتبط ارتباطا عضويا بتحرر المجتمع
شكرا لكما ( حميد وإلزا )
7 - خيانة اُسرة هيبة شيبة وظمياء رعناء
سمير أمين
(
2024 / 9 / 8 - 16:53
)
أوَّل رئيسة حكومة إيطاليّة الحسناء Giorgia Meloni (مولودة مُنتصف كانون الثاني 1977م)، شعارها: -الله، الوطن، الاُسرة الطَّبيعيّة-.
في 5 أيلول 2024م، أوَّل وزير في حكومتها وزير الثقافة الإيطالي الأصلع المُلتحيّ المُتزوّج Gennaro SanGiuliano (مولود صيف 1962م)، رفع إليها استقالته على خلفيّة نزوته مع الأربعينيّة ذات الابتسامة الهوليوديّة العريضة Maria Rosario Bucha التي أفشت على شبكات التواصل الاجتماعي بشهادات عن علاقتهما مشفوعة بصورهما وقد خلع خائن الزَّوجة خاتم زواجه.
في 3 أيلول 2024م أعلن المُستقيل خلال مُقابلة له -أوَّل إنسان يجب أن أعتذر إليه، الشّخص الاستثنائي، زوجتي-.
8 - إلى سمير أمين
عاطف زيد الكيلاني
(
2024 / 9 / 8 - 23:03
)
تحية
أنت تعلم أن - الحوار المتمدن - يتيح لكاتب المقال أن يحذف أيّ تعليق يريد، وهممت أن أفعل، ولكني آثرت ألاّ أحذفه فقط لأسألك: وما دخل تعليقك بما جاء في المقال أيها العبقريّ؟
رجائي الحار لك ولغيرك أن تأخذوا الأمر بجدية كاملة دون السقوط في مستنقع التفاهة والسطحية
.. -المرأة الحديدية- سيمون غباغبو تعلن ترشحها لرئاسة كوت ديفوار
.. الدكتورة إسلام حسن السعدي
.. الدكتورة إسراء العطار
.. حور عدنان
.. ندوة توعوية حول العنف ضد النساء في العراق