الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لماذا السباق إلى الفضاء في السويد، في الوقت الحالي؟
مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث
(Moayad Alabed)
2024 / 9 / 5
التربية والتعليم والبحث العلمي
لا يمكن القفز على ما للتقدم في المجال العلمي من اهمية وخاصة في الفضاء في هذه السنوات الاخيرة بعد التقدم الحاصل في عدة مجالات ومنها الجانب التقني الكموميّ. حيث تلعب الفيزياء الكمية دورا مهما في العديد من التطورات في أبحاث وتكنولوجيا الفضاء. ومن هذه المجالات المهمة التي يسعى فيها الانسان الباحث في هذا المجال وصرف الكميات الهائلة من المال هي: في مجال الاتصالات الكمية التي تستخدم مبادئ الفيزياء الكمية (هي فرع من الفروع المهمة في الفيزياء ويختص فيما يختص في كيفية تصرف اصغر مكونات المادة والطاقة. وقد تسارع ويتسارع العلم في هذا المجال بعد ان تم تأسيس القواعد الاساسية للفيزياء والميكانيك الكمي بداية القرن العشرين للبحث في مجال عالم دون الذري والانظمة ما دون الذرية. ودراسة العلاقة ما بين الموجة والجسيم مثل الالكترون والفوتون وما هي الخصائص التي تظهر بها ويمكن ملاحظتها. علاوة على ما يتعلق بمبدأ عم اليقين الذي طرحه بتحد كبير العالم هايزنبيرغ الذي ينص على عدم وجود اي امكانية لتحديد موضع الجسيم وزخمه بدقة. ويمكن في الفيزياء الكمية وصف الدوال الموجية التي تحتوي على جميع المعلومات حول حالة النظام ويمكن ان يطلق على هذه الخاصية بالحالة الكمومية. وفي الفيزياء الكمية تدرس كذلك مستويات الطاقة المنفصلة حيث يمكن لبعض الكميات الفيزيائية مثل الطاقة ان تتخذ قيما منفصلة معينة فقط. هنا ينبغي القول ان الفيزياء الكمية ادت فيما ادت الى العديد من التطورات التكنولوجية من تطوير في عالم الالكترونيات الترانزستورات والليزر واجهزة الكومبيوتر الكمي. وهناك العديد من مجالات التطور في هذا الجانب)، والاتصال الكمومي الذي يستخدم مبادئ فيزياء الكم لتطوير انظمة اتصالات آمنة استخدام الفوتونات المتشابكة في ميكانيك الكم هذا، حيث يمكن ان ننتج مفاتيح آمنة للتشفير بعيدا عن تنصت العدوالمفترض خاصة في وضع العالم الذي رجعت فيه الحرب الباردة الى اسوأ مما كانت عليه سابقا، حيث التجسس بلغ ذروته ما بين دول الناتو وروسيا ودول أخرى.
يكون من الضروري تأمين الاتصال الامن بين الوحدات العاملة ما بين المؤسسات المتعددة مدنية كانت أم عسكرية. حيث شهدت السنوات التي تلت التقدم الهائل في المجالات الامنية وخبرات التلاعب ما بين الدول والشركات المتنافسة، جهودا كبيرة في الكشف عن الخبايا التي تحملها الجهات المتقابلة والمتنافسة. وقد ركّزت الشركات والدول على الطرق المتطورة والبديلة لتأمين الاتصال ما بين الاقمار الصناعية والمحطات الارضية مما دعت بعض الدول الى عدم الاعتماد على غيرها في هذا الذي سيكشف كل خفايا الدول المقابلة. فقامت الدول بالدخول الى مجالات الفضاء بثقل واضح ومنها السويد والدول الاخرى (اذا ما استثنينا بعض الدول التي مازالت تتلهى بفن هابط وثقافة هجينة وصفحات تأريخية تعتمد على تراث قد تم التلاعب به بصور مختلفة! ومنها الدول العربية التي تتنافس فيما بينها على غلبة بعضها البعض بآخر صرعة لتسريحة او لشراء قصر هنا او ناطحة سحاب هاوية! هناك) التي تسعى فيما تسعى الى انشاء منظومة كبيرة ومحاولة كونها مستقلة الى درجة كبيرة. وقد ادخلت هذه الدول والشركات المتقدمة في مجال التنافس العلمي والتقني الحوسبة الكمومية حيث تتمتع أجهزة الكمبيوتر الكمومية بالقدرة على حل المشكلات المعقدة بشكل أسرع بكثير من أجهزة الكمبيوتر الكلاسيكية. حينها يمكن أن يكون ذلك مفيدًا لمحاكاة مسارات المركبات الفضائية، وتحسين السفر إلى الفضاء، وتحليل كميات كبيرة من البيانات من التلسكوبات الفضائية. وهنا تم الاعتماد على استخدام اجهزة متقدمة من اجهزة الاستشعار الكمومية لقياس التغيرات الصغيرة للغاية في الجاذبية والمجالات المغناطيسية، والتي يمكن أن تحسن أنظمة الملاحة وتوفر معلومات أكثر دقة حول بيئة الفضاء. لذلك ومن خلال دخول هذه الدول الى الابحاث في المجالات المذكورة اكتشفت العديد من الحلقات التي تحتاج فيها الى الربط بالاعتماد على مبادئ فيزياء الكم من خلال فهم العمليات الأساسية في الكون، مثل الثقوب السوداء والمادة المظلمة، عبر ذلك، والتي يمكن أن تؤدي إلى اكتشافات ورؤى جديدة حول الكون.
لقد توجّهت السويد منذ ستة عقود الى الاتصال بابحاث الفضاء، وبالضبط في 14 آب (أغسطس) عام 1961 حينما أرسلت مجموعة من الطلاب والباحثين والمهندسين صاروخا صغيرا من نوع أركاس من ناوستا في لابلاند. لذلك نلاحظ أن هذا البلد متقدم في مجال الابحاث والتكنولوجيا الفضائية(1) منذ زمن ليس بالقصير. حيث تأسست شركة الفضاء السويدية عام 1972 ومازالت تقوم بدور مهم في مجالات عديدة في ادارة برنامج الفضاء السويدي .وتمتلك السويد مركزا يطلق عليه مركز الفضاء او المركز الفضائي في كيرونا أو موقع إسرانج الفضائي،
Esrange Space Center(2)
وهو موقع مركزي لابحاث الفضاء واطلاق الصواريخ منذ عام 1966. ولقد تمّ إطلاق قمر صناعي سويدي عام 1986 وهو أول قمر صناعي للسويد كانت مهمته الاساسية هي لدراسة الاضواء الشمالية والغلاف المغناطيسي. ويطلق على تلك الاضواء بالشفق القطبي وهي ظاهرة من الظواهر الضوئية المعروفة في السويد، وتلك الظاهرة الضوئية غالبا ما ترى في شمال السويد. تحدث عندما تصطدم جسيمات مشحونة من الشمس، تسمى الرياح الشمسية، بالغلاف الجوي للأرض وتصطدم بالذرات والجزيئات هناك(3). تطلق هذه الاصطدامات طاقة على شكل ضوء، مما يخلق الألوان الجميلة التي نراها في السماء. ومن المعروف أنّ الغلاف المغناطيسي للارض هو طبقة واقية حول الارض تنتج بفعل وجود المجال المغناطيسي للارض. هذه الطبقة الواقية تحمي الارض من تلك الجسيمات المشحونة القادمة من الشمس والتي تلعب دورا مهما وخطيرا في مجالات عديدة. ولها دور في العديد من الظواهر ولها تأثيرات إيجابية مثلما لها تاثيرات سلبية. فهي مهمة تساعد العلماء والباحثين على فهم الطقس الفضائي وتأثيراته على الارض والفضاء عموما. بينما تكون تأثيراتها السلبية هي ان تتسبب في تعطيل الاقمار الصناعية والاتصالات اللاسلكية وانظمة تحديد المواقع بالاضافة الى اتلاف الخلايا الشمسية التي تحتويها الاقمار الصناعية والاجهزة المنتشرة في الفضاء في حالة وصولها بشدة عالية. علاوة على التاثيرات السلبية الأخرى مثلا حين التداخل مع اجهزة الكومبيتر الخاصة بالاقمار او الاجهزة المنتشرة في الفضاء. وقد تسببت الكثير من المشاكل في تأثيراتها على المجال المغناطيسي للارض مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن طريق التاثير في خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي. لذلك ينبغي دراسة تلك الجزيئات والجسيمات المشحونة لما لها من تاثيرات حتى على رواد الفضاء من الناحية الصحية لذلك تدرس وتراقب بشكل جيد وبشكل دائم من قبل الباحثين السويديين. هنا نشير الى ان الغلاف المغناطيسي يلعب دورا مهما في حماية الارض بحيث توجّه تلك الجسيمات المشحونة نحو قطبي الارض حيث يكون المجال المغناطيسي اقوى واشدّ. ولهذا السبب تُرى الأضواء الشمالية عادةً بالقرب من القطبين، ولكن في بعض الأحيان يمكن رؤيتها أيضًا جنوبًا، في هذا البلد اي السويد. وقد قامت السويد باطلاق قمر صناعي آخر عام 2001 وكان الغرض منه تزويد الباحثين بالمعلومات المناسبة في مجال الفلك وما يتعلّق بالغلاف الجوي المحيط بالارض كذلك. والقمر اطلق عليه اسم أودين بإسم الاله(!) الذي كان يعبده الاسكندنافيون في قديم الزمان لتقدير وتكريم الاساطير الاسكندنافية والذي يعكس تراث مملكة السويد. من مهمات التوجّه السويدي لهذا الغرض من البحث العلمي وهو البحث في المجال الفضائي هو الاهتمام بالتقدم التكنولوجي ومواكبة الابحاث في دول وجامعات اخرى. وقد ساهم هذا التوجه في فرص اقتصادية مهمة للبلد حين توفر صناعة متقدمة في الفضاء من خلال الخدمات المعتمدة على الاقمار الصناعية مثل الوصول الى الانترنت العالمي وغيرها. ومن الامور المهمة التي تهتم بها السويد من خلال التوجه الى الفضاء وخدماته هو الاكتشافات العلمية الجديدة والابتكارات التقنية التي تربط ما بين تأثير الفضاء والارض وبالتالي ستلعب هذه الابحاث ادوارا مهمة بالتاكيد على تحسين الوضع الصحي والبيئي من خلال دراسة المؤثرات القادمة من الفضاء الخارجي على الارض، الان وفي المستقبل. وفي السويد، هناك قاعدة قوية للأنشطة الفضائية، وخاصة في شمال السويد مع جامعة لوليا للتكنولوجيا والعديد من شركات التكنولوجيا المتقدمة. وهذا يمنح السويد ظروفًا جيدة للقيام بدور قيادي في سباق الفضاء الجديد.
التشفير الكمي والفضاء السويدي!
لقد فتحت فيزياء الكم العديد من الإمكانيات المثيرة في أبحاث وتكنولوجيا الفضاء.
تقدم جديد في التشفير الكمي الآمن من الفضاء هذا ما كتبت عنه الباحثة آنّا دافور(4) بعنوان من اللغة السويدية بهذا العنوان المذكور:Nytt framsteg för säkert kvantkrypto från rymden
حيث تشير الباحثة آنّا الى ان استخدام الفوتونات المتشابكة ميكانيكيًا لإنشاء مفاتيح تشفير مقاومة للتلاعب، من خلال اشارتها الى مجموعة بحث صينية تقوم بتحسين طريقتها في نقل مثل مفاتيح التشفير المذكورة من الأقمار الصناعية إلى مواقع بعيدة على سطح الأرض. لقد نشرت الباحثة موضوعها المثير في مجلة
Forskning & framsteg
السويدية بتأريخ 15 حزيران 2020
لقد أثار مقالها مسألة مهمة وحسّاسة وهي مسألة التنصّت من قبل الخصوم أو الاعداء أو غيرهم من أؤلئك الذين يتعطّشون الى سماع ورؤية ما يجري، لتبنى عليها العديد من المسائل والمشاكل لغايات مختلفة منها سياسية ومنها اقتصادية وامنية وعسكرية وغير ذلك. لذلك يكون إستخدام الفيزياء الكمية في هذه الحالة من الضرورات الحتميّة للحفاظ على السرية. حيث تسمح الفيزياء الكمية بحصول التشفير المناسب بطريقة من الطرق التقنية الحديثة وفق تصور هذا الجزء من الفيزياء، لمقاومة أي تلاعب أو تنصّت مرتقب. حيث تكشف التقنية الجديدة المتنصّت بشكل فوري فيما اذا حاول المتنصّت او المتطفّل من بداية عمله في التجسس على الاتصال فتتغير الحالة الكمومية بحيث يسمح للمرسِل والمستقبِل باكتشاف المتنصّت فورا. وهذه خاصية من الخواص المهمة التي يختلف فيها التشفير الجديد عن الكلاسيكي القديم. ففي التقنية الجديدة تستخدم البتات الكمومية
qubits
لإنشاء مفاتيح التشفير ومشاركتها بشكل آمن، بما يسمى بتوزيع المفتاح الكميّ
Quantum Key Distribution (QKD)
بحيث إذا حاول شخص ما اعتراض المفتاح، فسيتم ملاحظته ويمكن التخلص من المفتاح وإنشاء مفتاح جديد. وهنا ينبغي ان نشير الى ان التشفير الكمي الحالي يعتمد على قوانين ميكانيك الكم المتعددة والمرتبطة بهذه الحالة، تلك القوانين الفيزيائية التي ستساعد هي نفسها على تعزيز الامان الذي ذكرناه. اي ان الخوارزميات التقليدية تتضمن توزيع المفاتيح الكمومية المذكورة بينما في حالة التطوير الاكثر آمانا ودقة في المستقبل القريب ستكون هناك تحسينات واضحة في أمان المعلومات.
ومن خلال مقالها تذكر الى ان الاتصال الكمي يعتمد على حقيقة أن الفوتونات (جسيمات الضوء) يمكن أن يكون لها حالات كمومية متشابكة، والتي لا يمكن قياسها بواسطة شخص خارجي دون تدمير الارتباط ما بين الجسيمات. هنا ينبغي الاشارة الى انه (من غير الممكن نقل الفوتونات في كابلات الألياف الضوئية بطريقة تحافظ على المعلومات الكمومية لأكثر من بضع مئات من الكيلومترات. الآن تمكن الباحثون من نقل مفتاح التشفير بطريقة أكثر أمانًا من ذي قبل، من قمر صناعي إلى محطتين أرضيتين تفصل بينهما مسافة 1120 كيلومترًا).
ومن بين الأمور المهمة الأخرى، التي تذكرها الباحثة أنّا أنّ التلسكوبات الجديدة المستخدمة على الارض ستكون فيها مرايا جديدة تستقبل الفوتونات من القمر الصناعي. بمعنى أن الباحثين او العاملين تمكّنوا في هذا المجال من إنشاء مفاتيح تشفير آمنة تمامًا، لأنه كان لديهم الكثير من التدخل، كما يقول غونار بيورك، أستاذ الضوئيات في
KTH - Kungliga Tekniska högskolan
ولنا عودة بإذنه تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) https://www.rymdstyrelsen.se/upptack-rymden/solsystemet/mer-om-solsystemet/norrsken/.
(2) Svensk rymdhistoria - Rymdstyrelsen
(3) Esrange Space Center - SSC - Swedish Space Corporation (sscspace.com)
(4) آنا دافور باحثة في مجال الفيزياء وعلم الفلك. حصلت على درجة الدكتوراه في الفيزياء ودرست الصحافة في جامعة أوبسالا (السويد). عملت سابقًا، من بين أمور أخرى، في Vetenskapsradion في P1، وP3 Dystopia في P3 ومع مجلة Popular Astronomy.
د.مؤيد الحسينيّ العابد
Moayad Alabed
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. جيني اسبر واعترافات لاول مرة
.. عاجل | مظاهرات وأحكام عرفية وإغلاق مبنى البرلمان في كوريا ال
.. فضائح جديدة تلاحق تسلا ومالكها إيلون ماسك.. ما القصة؟
.. قراءة عسكرية.. كمين للقسام في رفح وتقدم للمعارضة السورية تجا
.. سياق | هل انتهى النفوذ الفرنسي في إفريقيا؟