الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قبطي في عصر مسيحي للدكتورة زبيدة محمد عطا
عطا درغام
2024 / 9 / 6دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
دخلت المسيحية مصر ،وأخذت طابعها الفكري واللاهوتي علي يد مدرسة مصرية كان من أنبغ أبنائها "أورجين المصري" ،الذي كان مسيحيًا مخلصًا وعاشقًا الفلسفة، حاول أن يربط بين الدين والفكر.
وبدت في الإسكندرية عدة مدارس، مثل مدرسة الموسيون الوثنية،ومدرسة اللاهوت المسيحي،وكان هناك ثراء فكري إنساني وتنوير.
وواجه الدين الجديد جموعًا رفضته ثم قبلته ودافعت عنه،وتعرض المسيحيون الأوائل للاضطها، ويري الدكتور حمدان:أن المصري غيَّر لغته عدة مرات،ورغم تمسكه بالمكون الديني؛فقد غيَّر دينه ثلاث مرات،وأن هناك قطعية حضارية بين فترات الوثنية والمسيحية، ثم الفترة الإسلامية.
لقد أيَّده في هذه النظرية عددًا من المؤرخين،ولكن تري الدكتورة زبيدة عطا أن الفكر المصري كالبناء وضعت الفترة الفرعونية أسسه، ثم توالت عمليات البناء لتُضيف كل فترة لبنة في كيانه. فهي ليست فترة قطيعة ، إنما هي مراحل في التكوينة الذاتية للشعب المصري.
إنها كالذاكرة تحوي في داخلها طفولتنا وصبانا وشيوخًا ما.تبدو الصورة الحالية أكثر وضوحًا،ولكنها لا تمحو من الذاكرة تجارب الماضي.فمن مجموع التجارب تتولد ذات الإنسان والشعب.
فالشعب المصري يميَّزه الاستمرارية مع تقبل الجديد والاحتفاظ بالقديم والجديد كعصان حتي لو بهتت في بعض الأحيان صورة القديم،والمصري معتدل بطبيعته. ولظروف بيئته وجغرافية مكانه الذي أكدها جميع من كتب عنه بدءًا من هيرودوت واسترابون إلي الشيخ المقريزي إلي الدكتور جمال حمدان.
ولكن تحت هذا المظهر المعتدل إذا اشتد القهر الإنساني بالمساس بالمكون الديني كما حدث في الفترة المسيحية؛ فلم يكن هذا المستسلم الخاضع دائمًا لمن حكمه،وإنما توالت حكومات القهر من يونان ورومان جعله يواجهها بالسلبية أحيانًا،وهي في حد ذاتها موقف رافض،وأحيانًابالسخرية اللاذعة والنيل من مغتصبي وطنه بالفكاهة والنكات.وأخيرًا الانفجار الشعبي الذي يبدو طوال تلك الفترة.
ولقد رسمت الدكتورة زبيدة عطا بالكلمات صورة لشخصية المصري خلال هذه الفترة الأصل، والمكون والبيئة والفكر والشخصية التي تداخلت فيها عناصر إيجاب وسلب لتبعث الذاتية المصرية.
كما أضافت ألوانًا وظلالًا لمجتمعه وتعامله الإنساني خارجًا عن نطاق الصراع السياسي الذي عاشته تلك الفترة،وإن كان من الصعب أن نفصل العنصرين.فالقهر والاستبداد أوجدا وضعًا إنسانيًا واجتماعيًا.
ومجتمع الإسكندرية مقر حكامها وإدارتهم التي تعيش بعيدًا عن عالم الشعب المصري.وكانت الإسكندرية مدينة الثقافة الكوزموبلوتانية،لكنها لم تكن مدينة المصريين عند إنشائها، فكانت تنظر إلي الشعب من علياء.والمصري كمواطن من الدرجة الثانية،حتي الزواج بين اليونان ثم الرومان والمصريين لم يكن مسموحًا.
ولكن رغم الحذر كان هناك اختلاط عكسته وجوه الفيوم التي تحمل في غالبيتها وجوهًا مصرية وبعضها متمصر.وحوت شواهد قبورها مزجًا بين تأثيرات يونانية ورومانية وفرعونية،وعلامة الحياة أصبحنا لا ندري هل هي علامة الحياة المصرية القديمة أم هي رمز للصليب ، والتي استعملت فيما بعد في قبور مسيحية خالصة.
ولذلك جاء كتاب (قبطي في عصر مسيحي) للدكتورة زبيدة محمد عطا ..وجاء الكتاب في ثلاثة فصول.
الفصل الأول: عن المكون الإنساني للشخصية المصرية في تلك الفترة والتي بدأتها بدخول المسيحية.
والفصل الثاني: لمجتمع الإسكندرية الذي عاش فترة كمجتمع أجنبي غريب عن مصر، إلي أن غزته بطريركية الإسكندرية ورهبانها.وبدأ يرتبط ماهو ديني بما هو شعبي،حيث تحوَّل الموقف الرافض من الكنيسة للموقف الديني الروماني إلي موقف مصري عام رافض للحكم الروماني بما حواه من قهر وإساءة علي يد موظفي هذا الحكم،والذي نجح فيه الحكام والأجانب بان يخلقوا بيروقراطية إدارية جعلت المصري الجابي يضغط علي المصري الفلاح.
هذا المجتمع الذي كان أجمل أوصافه ما ذكرة الدكتور جمال حمدان: " أنه فقاعة حضارية، وهذا الصراع بين ماهو قومي وما هو أجنبي أدي إلي انهيار حضارة الإسكندرية اللامعة، وتدمير مؤسساتها؛لأنها بدت في نظر من قاموا بها علي أنها معاقل للوثنية وللحاكم الأجنب.فكان تدمير مكتبة السرابيوم الشهيرة وآخر مكتبات العالم القديم الشهيرة، فتحوَّلت المدينة من مدينة الفكر إلي مدينة مصرية ذات حضارة عُرفت بالقبطية.والقبطي هو المصري، فكلمة القبطي تعني مصري في هذه الفترة، لا دينًا بعينه.والذي انفصل عن المجتمع السابق وابتدأ يتخذ طابعًا مصريًا خالصًا،حتي في عواصمه التي عاشت فيها مجموعات أجنبية في الفترة السابقة، وكان بعضها قاصرًا عليها؛فعكست صورة لحياة الإنسان المصري البسيط، كما وردت في هذا الكم الهائل من أوراق البردي التي تجعلك تعيش وتهمس وتتكام مع مواطني مصرنا منذ آلاف الأعوام.
،فخطابات شخصية تعبِّر عن مشاعر محبة وأمومة ورود وخطابات سحر وكراهية، فهي الإنسان في حقيقته ، إيجابه ورفضه عملية التحول من الوثنية إلي المسيحية، موقفه من الدين ومن الحكام والثقافة...فالكتاب صورة بانورامية لمجتمع عاشته مصر لستة قرون.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. قبل أم بعد الانتخابات الأميركية.. متى ستكون الضربة الإيرانية
.. هاريس: سجل ترمب كارثي ويشكل تهديدا وجوديا على العمالة الأمري
.. تسريب معلومات أمنية من مكتب نتنياهو تهيمن على وسائل الإعلام
.. واشنطن تصادق على بيع تايوان أسلحة لمواجهة تهديدات الصين
.. مراسل الجزيرة: مسيرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت عيادة لتطع