الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الكتابة إلى الذات : الابتكار / الجزء الثاني
اسماعيل شاكر الرفاعي
2024 / 9 / 9اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الكتابة إلى الذات
الجزء الثاني
الابتكار
- [x] 1 )
- [ ] لو سألني سائل عن السمة الأساسية التي تتميز بها الحضارة الصناعية عن الحضارة الزراعية لاجبتُ بلا تردد : انها سمة الابتكار ، فبفضل الابتكار سبقت اوربا غيرها من الأمم في الخروج ( او قل في التمرد ) على معطيات الحضارة الزراعية : المادية والفكرية ، وعلى منهجها الغيبي في المعرفة …
- [ ] 2 )
- [ ] منحَ الابتكار لاوربا : قوة جديدة غير مسبوقة في التاريخ ، استعبدت بها أمم العالم قاطبةً ( في ثلاث لحظات تاريخيّة : لحظة الكشوفات الجغرافية ، ولحظة الاستعمار ولحظة العولمة ) لقد حوّلَ الابتكار : القوة من جماع المهارات الفردية في استخدام السيف في القتال المباشر إلى مهارة استخدام أسلحة متطورة : تقتل عن بعد أهدافاً قد لا تراها العين المجردة ، وتراها عيون السلاح الهندسية فتصيبها . فالابتكار ( وأنا هنا أتحدث عن الجانب الفني للحضارة ودور الابتكار فيها ، وليس عن الجانب الاقتصادي المحض ، ودور المنافسة والأرباح في تطوره ) هو الطاقة المحركة لعجلة التصنيع ، وهو الخيال الذي يمد المعامل بنماذج السلع والبضائع التي تنتجها …
- [ ] 3 )
- [ ] لقد منح الابتكار للحياة معنى آخر غير المعنى الديني والجهاد ( في سبيل الله ) الذي قررت اديان الشرق الأوسط الثلاثة : بانه وظيفة الإنسان الأساسية في الحياة . لقد أخذ الإنسان يشعر مع ولادة الحضارة الصناعية بان للحياة معنىً آخر يمكن تحقيقه هنا على الارض : معنى يكاد يهجس قرب الإمساك به في هذه الدنيا : فوضع الخطط الجديّة للعمل على تحقيق سعادته في الحياة ، وعدم تأجيل الحصول عليها إلى ما بعد الموت …
- [ ] 4 )
- [ ] لقد منح الابتكار ومعه الاختراع : الحياة ألواناً زاهية بما أنجزاه من خارطة جديدة للمدينة ، تشبه المتاهة التي يعشق الإنسان الضياع فيها ، وقتل لحظات الملل والشعور بعبث الحياة في التجوال الطويل في شوارعها وأسواقها ، بما يكذب أطروحة الرومانسيين عن طبيعة الريف الجميلة التي تمتص كآبة الإنسان ، وعن سحر هدوئه الذي يزيل قلق الإنسان وخوفه من الغد ، ويمنحه فرصة تأمل روعة معالم الطبيعية …
- [ ] 5 )
- [ ] والابتكار ( الإبداع او ايجاد الأشياء ليس على مثال سابق ) ومعه الاختراع جعلا من ابتكاراتهما أساس ادارة مجالات الحياة المختلفة . في عالم الطب : الذي لم تعد النتائج الباهرة التي يتوخى الوصول اليها في معالجة المرضى تعتمد فقط على فراسة الطبيب وموهبته وذكائه . لقد حلت المبتكرات التكنولوجية تدريجياً محل الإنسان في إدارة شؤونه الاقتصادية والصناعية والخدمية : حتى تسببا بقلق الحكومات من الذكاء الاصطناعي وتطور خوارزمياته بطريقة تخاف من عدم السيطرة على اتجاهات منتوجاته . ومع هذا الاستعمال الكثيف للأشياء التي أوجدها الابتكار ليس على مثال سابق : تغيرت جذرياً معالم حياة الناس ، فأصبحت شخصياتهم اكثر مرونة وأكثر قدرة على استيعاب قواعد الآلات والمكائن والأدوات التي جاءت بها الابتكارات والاختراعات : مع ملاحظة ان هذه المبتكرات قد تحولت - بعد فترة وجيزة من عرضها في الأسواق - الى حاجات أساسية لا يمكن لافراد المجتمع المتحضر الاستغناء عنها ، كما لم يستغن في بداية الثورة الصناعية عن المحركات البخارية وعن وسائط النقل ، وعن الكهرباء والمواد المنزلية ، وفي أيامنا عن الحاسوب والهاتف النقال ..
- [ ] 6 )
- [ ] لقد دللت الثورات التكنولوجية المتواصلة والطلب المتزايد على منتجاتها . على ان التصنيع ( وحركة تحويل المواد الاولية إلى سلع وبضائع متكاثرة ) : أصبح احد سمات الإنسان المتحضر الثابتة التي تميزه عن سمات الإنسان في المجتمعات التي أعاقها موروثها الثقيل عن مغادرة جلبابها الزراعي القديم : بما يضم من افكار وتصورات وأوهام …
- [ ] 7 )
- [ ] وبدأ الابتكار بتحطيم تصور الأمم الخرافي القديم عن نفسها : في كون قوتها من قوة الله الذي اختارها وفضلها على باقي الأمم ، ففي اول مواجهة لأسلحة هده الأمم ( التي لم تمتلك ناصية الابتكار العلمية ) : مع أسلحة الثورة الصناعية التي بدأَت تستخدم البارود وتقتل عن بعد : تحطمَ هذا التصور الخرافي الذي تحمله عن نفسها جميع المجاميع الفلاحية والبدوية في جميع القارات المسكونة ، بتحطم أسلحتها التي كانت قد أعدتها للقتال المباشر : من سكاكين وسهام وعصيّ وسيوف، وفرّت مندهشة من قدرة أسلحة الاوربيين على القتل السريع الفتّاك : حتى قبل رؤيتها . يذكر الدكتور علي الوردي في احد كتبه : بان جموع العراقيين القبلية التي تطوعت لصد زحف جيوش الغزاة البريطانيين في الحرب العالمية الأولى : اصابهم الرعب الشديد حين سمعوا دوي الطائرات البريطانية ، وهي تلقي بحمولتها من القنابل فوق رؤوسهم ، فولوا هاربين وهم يهزجون : "متعجب خالقله بعيرة " …
- [ ] 8 )
- [ ] على مدى ثلاثة قرون : شنت اوربا المسيحية بأمر من البابا حروباً متواصلة على دول الشرق الأوسط من 1096 إلى 1300 لتحرير ( الأماكن المقدسة ) في فلسطين من سيطرة المسلمين عليها : ولكنها فشلت في تحقيق هدفها في ( التحرير ) رغم طول الزمن الذي استغرقته حروبها الصليبية ( ثلاثة قرون ) ، ولكنها تمكنت من تحقيق هذا الهدف : ما ان قامت بثورتها الصناعية وامتلكت قوة الابتكار والاختراع ، فابتلعت أراضي فلسطين كلها : مقدسها وغير مقدسها بفترة وجيزة من الزمن …
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لماذا قرر #الجولاني الظهور على CNN للحديث عما يجري في سوريا؟
.. قيادي في فصائل المعارضة يدعو كبار ضباط الجيش السوري إلى الان
.. مع ارتفاع وتيرة التنكيل .. معسكرات إسرائيلية جديدة لاحتجاز م
.. عبر الخريطة التفاعلية.. الجزيرة تحصل على صور أقمار صناعية تظ
.. الاتجاه المعاكس | ما الذي يحدث في سوريا؟