الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحمد لله رب العالمين

صفاء علي حميد

2024 / 9 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


القرآن في اي كلمة يوردها تحتاج الى بحث طويل وسرد مطول بمعنى لا يمكن الاختصار فيها ابداً بل الاطناب هو الشيء البارز حينما تطرق الى القرآن وآياته لذلك ترى اغلب كتب التفسير هي طويلة وذات أجزاء متعددة ..!

ومع كثرة التفاسير المكتوبة يحتار المرء ايهما يختار ومن اي عنوان ينطلق في فهم الآيات ... أنا اختصر كل هذا العدد الهائل واهتم فقط في ميزان الطباطبائي وامثل مكارم الشيرازي واعتقد انهما يجعلان المرء يفهم القرآن فهماً عالياً جداً ...!

نعم الاطلاع على غيرها مفيد ولا ضير فيه لكن التوسع له اهله وناسه ومريدي ...!

عموماً في هذه الآية الحمد لله رب العالمين يكتب صاحب الأمثل ما نصه ( ولفهم عمق هذه العبارة و عظمتها يلزمنا توضيح الفرق بين «الحمد» و «المدح» و «الشكر» و النتائج المترتبة على ذلك:

1- «الحمد» في اللغة: الثناء على عمل أو صفة طيبة مكتسبة عن اختيار، أي حينما يؤدي شخص عملا طيّبا عن وعي، أو يكتسب عن اختيار صفة تؤهله لأعمال الخير فإنّنا نحمده و نثني عليه.

و «المدح» هو الثناء بشكل عام، سواء كان لأمر اختياري أو غير اختياري، كمد حنا جوهرة ثمينة جميلة. و مفهوم المدح عام، بينما مفهوم الحمد خاص.

أمّا مفهوم «الشكر» فأخصّ من الاثنين، و يقتصر على ما نبديه تجاه نعمة تغدق علينا من منعم عن إختيار.

و لو علمنا أنّ الألف و اللام في (الحمد) هي لاستغراق الجنس، لعلمنا أنّ كل حمد و ثناء يختص باللّه سبحانه دون سواه.

ثناؤنا على الآخرين ينطلق من ثنائنا عليه تعالى، لأنّ مواهب الواهبين كالأنبياء في هدايتهم للبشر، و المعلمين في تعليمهم، و الكرماء في بذلهم و عطائهم، و الأطباء في علاجهم للمرضى و تطبيبهم للمصابين، إنّما هي في الأصل من ذاته المقدسة. و بعبارة اخرى: حمد هؤلاء هو حمد للّه، و الثناء عليهم ثناء على اللّه تعالى.

و هكذا الشمس حين تغدق علينا بأشعتها، و السحب بأمطارها، و الأرض ببركاتها، كلّ ذلك منه سبحانه، و لذلك فكلّ الحمد له.
و بكلمة أخرى: جملة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ إشارة إلى توحيد الذات، و الصفات، و الأفعال (تأمّل بدقة).

2- وصف (اللّه) بأنّه (ربّ العالمين) هو من قبيل ذكر الدليل بعد ذكر الادعاء، و كأنّ سائلا يقول: لم كان حمد للّه؟ فيأتي الجواب: لأنّه (رب العالمين).

و في موقع آخر يقول القرآن عن الباري سبحانه: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ ...
و يقول أيضا: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها.

3- يستفاد من (الحمد) أن اللّه سبحانه واهب النعم عن إرادة و إختيار، خلافا لأولئك القائلين إنّ اللّه تعالى مجبر على أن يفيض بالعطاء كالشمس!! 4- جدير بالذكر أن الحمد ليس بداية كل عمل فحسب، بل هو نهاية كل عمل أيضا كما يعلمنا القرآن.
يقول سبحانه عن أهل الجنة: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ، وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏.

5- أما كلمة «ربّ» ففي الأصل بمعنى مالك و صاحب الشي‏ء الذي يهتم بتربيته وإصلاحه. و كلمة «ربيبة» و هي بنت الزوجة، و مأخوذة من هذا المفهوم للكلمة. لأن الربيبة تعيش تحت رعاية زوج أمّها.
و الكلمة بلفظها المطلق تعني ربّ العالمين، و إذا أطلقت على غير اللّه لزم أن تضاف، كأن نقول: ربّ الدار، و ربّ السفينة.

و ذكر صاحب تفسير (مجمع البيان) معنى آخر للرب، و هو السيد المطاع، و لكن لا يبعد أن يعود المعنيان إلى أصل واحد.

6- كلمة «عالمين» جمع «عالم»، و العالم: مجموعة من الموجودات المختلفة ذات صفات مشتركة، أو ذات زمان و مكان مشتركين، كأن نقول: عالم الإنسان، و عالم الحيوان، و عالم النبات. أو نقول عالم الشرق و عالم الغرب، و عالم اليوم، و عالم الأمس. فكلمة العالم وحدها تتضمن معنى الجمع، و حين تجمع بصيغة «عالمين»، فيقصد منها كل مجموعات هذا العالم ) انتهى ...

هل بعد ذلك يصح ان اذهب الى الطباطبائي لأرى ما كتبه في الميزان ...؟ لا بأس لأرى ماذا كتب هناك عن آية الحمد لله رب العالمين !

العلامة الطباطبائي عظيم جداً وتفسيره اكثر من رائع ومن يطالعه يفهم القرآن وينصهر بالآيات بشكل عجيب ...!

يقول ما نصه ( البراهين العقلية ناهضة على أن استقلال المعلول و كل شأن من شئونه إنما هو بالعلة، و أن كل ما له من كمال فهو من أظلال وجود علته، فلو كان للحسن والجمال حقيقة في الوجود فكماله واستقلاله للواجب تعالى لأنه العلة التي ينتهي إليه جميع العلل، و الثناء و الحمد هو إظهار موجود ما بوجوده كمال موجود آخر وهو لا محالة علته و إذا كان كل كمال ينتهي إليه تعالى فحقيقة كل ثناء و حمد تعود وتنتهي إليه تعالى، فالحمد لله رب العالمين ) ...!

واخر ما نقول لله تبارك وتعالى يا ربنا الحمد لك انك الرحمن الرحيم بلسان وحال وعقل ما تريده انت وبالنفسية التي تحبها انت وليس كاتب السطور الجاني المذنب ...!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الكلفة الإنسانية التي تكبدتها غزة ولبنان بعد عام من الحرب


.. الانتخابات الرئاسية التونسية : مشاركة ضعيفة لنتيجة قياسية؟




.. إسرائيل: ما الذي تغير بعد السابع من أكتوبر؟ • فرانس 24


.. تونس: ما ردود الفعل الأولية على نتائج الانتخابات الرئاسية ؟




.. عام من الألم للأمهات في غزة وإسرائيل.. ونداء لإنهاء الحرب -ل