الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء من ذاكرة المكان في معان ...2 شارع القناطر

وليد حكمت

2006 / 12 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



شارع القناطــــــــــر

التصقت الاحياء القديمة ببعضها البعض في معان الحجازية وامتدت من القلعة الى الجهات الشمالية والغربية والشرقية في حين احتلت البساتين الجهة الجنوبية الشرقية للقلعة العثمانية, هذه الأحياء القديمة كانت تسمى القناطر نسبة الى الطابع المعماري لهذه البيوت القديمة اذ انها تميزت بوجود قنطرة تتوسط غرفة المنزل مكونة من الحجارة البيضاء الناصعة التي تكسب المنزل طابعا جماليا اسلاميا وهذه البيوت المتراصة القديمة كان يفصل بينها ازقة متعرجة ضيقة بحدود مترين تفضي الى بعض الساحات التي كانت فيما مضى مخصصة للاحتفالات والمناسبات الاجتماعية المختلفة , وتفضي هذه المنازل من جهة اخرى الى شارع مسقوف مقنطر بطول 100 متر تقريبا كان يدعى شارع القناطر يفضي الى قلعة السرايا ولشارع القناطر بابان غربيان يفضي احدها على الساحة والىخر على زقاق للخوالدة والخطبة وآل عبكل وقد تم هدم هذا الشارع في سبعينيات القر ن الماضي وخسرت بذلك معان أجمل تراثها العتيق, يعتبر هذا الشارع من اروع جماليات المدينة القديمة فهو شارع مسقوف ومقنطر من الداخل وعند مداخله ومخارجه تكون قنطرة كبيرة كبوابة رئيسية له إضافة إلى طاقات التهويه في أعلاه وهذا الشارع القديم يحمل ذكريات السكان القدامى حيث اللقاءات والتعاليل والمسامرات التي تجري في الدواوين الملاصقة لهذا الشارع فهناك ديوان الخوالدة يلاصق الشارع من الداخل من الجهة الغربية والشارع بطوله ينفذ إليه ممرات وأزقة من داخل البيوتات القديمة العتيقة المقنطرة بأبوابها الكبيرة
المنزل في معان القديمة يبنى من الطين المخلوط بالتبن والرماد اذ ان التراب يتم تجميعه بكميات كبيرة ويتم خلط بعض المراد معه ومنها الرماد والتبن ليترك فترة ايام واسابيع ليتخمر فتصبح الطين اكثر تماسكا وتلاصقا واطول عمرا ثم يوضع في قوالب مستطيلة خشبية فينتج الطوب الطيني الذي يترك ليجف ثم يستخدم في البناء وقد كنت في صغري اشاهد بعض المسنين عندما يجهزون الطين ويخمرونه لأيام لاجل اجراء الصيانة الشتوية للبيوت الطينية كي يتم اصلاحها واحكامها من جهة السقف خشية تسرب المطر
... والحجر من مواد البناء ايضا ولكن لشحه يتم استخدامه في قواعد البيت وفي القنطرة فقط واحيانا في الدرج الذي يصعد الى الطابق العلوي ....السقف بعد تشييد القنطرة التي يستند عليها يوضع عليه صفوف من الخشب الحرجي اللزاب ثم توضع عليه الاعشاب البرية والقصب احيانا ثم يغطى بالطين وعلى السطح يتم عمل الطبقة الطينية بمستوى مائل لتجميع مياه المطر التي تندفع من خلال المزاريب المصنوعة من الحديد الصاج.. ابواب المنزل تصنع من الخشب المصفح بشرائح الحديد احيانا وتفتح طاقات صغيرة مربعة فوق باب الغرفة لاجل التهوية وفي داخل الغرف تعمل كوى مثلثية الشكل في الجدران كانت تستخدم لوضع السراج او لوضع الاشياء الصغيرة ... والبيت يتكون من عدة غرف تفضي الى فناء واسع يدعى الحوش وجمعها حيشان... وهذا الفناء فيه بئر ماء يستسقي منها اصحاب المنزل واحيانا تزرع فيه بعض الاشجار ومنها النخيل او الكرمة فكل بيت في معان يحتوي على بئر وهذا الامر استمر الى الستينيات من القرن الماضي قبل ان تتغير الاوضاع ... تطلى غرف البيت من الداخل باللون الابيض من خلال استخدام مادة الشيد الممزوج بالشبة والماء فترش الغرف من الداخل لتغدو ناصعة البياض وفي بعض الغرف يتم عمل تنور دائري من الطين لإشعال النار...
في كل بيت قديم يتم بناء درج حجري ينتقل الى الطابق العلوي حيث يتم تخصيص غرفة صغيرة ذات اربع نوافذ متعاكسة تستخدم كدورة مياه تتصل بالاسفل بغرفة مغلقة صغيرة تكون على واجهة الشارع مباشرة بواسطة نظام للصرف الصحي يشبه نظامنا الحالي تقريبا .. فتجميع الفضلات والمياه المستعملة يتم في الغرفة السفلى بواسطة فتحة حجرية تنفذ اليها وكل عام يتم فتح هذه الغرفة المغلقة وتنظيفها بالمواد المتوفرة .....

كل بيت في الغالب يعلوه طابق علوي يسمى العلالي وهي غرف لكنها ليست مقنطرة بل مسقوفة سقفا عاديا وتجتمع فيها الأسر في الشتاء والصيف وفيها يتسامرون ويلتقون وهي بمثابة غرف النوم أيضا..

البيت الطيني يتميز بدفئه في الشتاء وبرودته في الصيف ذلك ان الطين يعمل كعازل قوي وملطف للمناخ الصحراوي اذ ان العلالي تعمل بوظيفة الملاقط الهوائية التي تجلب الهواء البارد صيفا... تلتصق البيوت مع بعضها في خطوط متعرجة وتفصل بينها الازقة الضيقة التي كانت تسمى الزقاق وهذه الازقة تنفذ الى بعض الساحات التي تجري فيها الاحتفالات والمناسبات المختلفة واشهر هذه الساحات ساحة الفناطسة وفيها بئر ماء
تنتشر العتبات والمصاطب وتلتصق في جوانب المنازل التي تفضي على الساحات وبعض الشوارع ويجلس عليها الناس للاستراحة والحديث ولعب السيجة والطاب في كثير من الأحيان
في كل منزل من منازل معان يوجد بئر ماء عذب يستسقي منه السكان بواسطة الدلاء أما ري المزارع والبساتين فكان يتم بواسطة الآبار الجوفية أو الينابيع التي تدعى الضواوي من منطقة تبعد بضعة كيلوا مترات عن المدينة بواسطة القنوات الى ان تصل الى برك متوسطة وكبيرة ثم يتم بعد ذلك توزيع المياه حسب نظام صارم ودقيق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط