الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هرمينوطيقا المجتمع بين الحداثة و التاويل 2
علي مهدي الاعرجي
انسان
(Ali Mahdi Alaraaji)
2024 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد ان اشرت الى ان البحث في منظور فهم الشيء من ذات نفسه لنصل الى استيعاب العلة أصبح من الضرورة ان نتناول مجرى ثوابتنا اليومية ضمن حيز الزمن والمكان والسببية والذهاب نحو عقلنة العصر الحالي من حيث مطابقة التوجه الفكري ومزامنة الحداثة او رفضها. الان في ظل التحديات المعاصرة والتحولات الفكرية والاجتماعية التي يعيشها العالم اصبحت ضرورة ملحة ان نأتي الهرمنيوطيقا المجتمع، ربما يجدها البعض مفردة غير منسجمة مع الفكر الفلسفي للنهج إلا أنها ضرورة ملحة لفهم الاشياء من خلالها لا من خلالنا. لابد أن ندرك إن التغيير الذي نشهده اليوم ليس مجرد إرهاصات لثورة تكنولوجية أو اقتصادية، بل هو بالأساس تحولات في الوعي البشري وهنا تكمن خطورة مفهوم التحول وقدرته على مواجهة التغيرات بأسلوب يتماشى مع المعطيات الحديثة ولا زلت أصر على ان التطور لا يشمل الاسفاف او العري والتهتك بقدر ما يسعى الى مفهوم الأنسنة الحقيقية من جميع زواياها التي تقع على مفهوم القيم الدينية والاخلاقية والقوانين الوضعية البشرية الصالحة والغير مرتبطة بالسلوك الحيواني بل الاعتماد على النسل الانساني الفكري في منظور الحداثة. لكن المشكلة الكبرى التي تواجه المجتمعات، خاصة في الشرق، هي الخوف من عملية الانتقال والتحول نحو التجديد العقلي وبناء مفاهيم وتركيبات وتشكيلات وقواعد جديدة خوف لما تحمله من تغييرات غير منساقة الى مفهومه النمطي المعتاد والتي قد تمس منظومة المجتمع القيمية والأخلاقية على الرغم من عدم فهمه الى سببية الوجود القيمي لديهم وما هو منبعه وهل يعتبر عرف ايجابي ام سلبي لاسيما والجميع ينظر الى جذوره تجاه الاخرب الصواب. وهنا مشكلة النسبية تبقى ملازمة الى العقلية الفردية التي لا تزال نسخة مكررة للعصور الانسانية المكررة منذ الخليقة ولعلي اقول حتى نهاية الوجود. إن الحداثة، كما يصفها العديد من الفلاسفة والمفكرين، لا تعني القطيعة مع الماضي أو الانسلاخ عن الهوية وهذا اهم عوامل الحديث عن الانتقال الحداثي المعاصر، بل هي محاولة لإعادة قراءة النصوص والموروثات بمنهج عقلاني يتفاعل مع الحاضر ويتطلع إلى المستقبل. فالمجتمعات التي تتمسك بالصورة النمطية المتجمدة والتي تعتقد أن قيمها غير قابلة للتطوير، تواجه خطر الانغلاق والانفصال عن العالم المتغير والبقاء في منصة الضياع. واقع الأمر ان هذا التمسك الشديد بالماضي هو ما يعيق هذه المجتمعات من التقدم، بل ويجعلها عرضة للاضمحلال في ظل الفضاء العالمي الذي أصبح يتيح للأفكار التفاعل والتأثير دون حدود. الموروثات الفكرية والاجتماعية هي في الأصل انعكاس للبيئة التي نشأ فيها الانسان وبالتالي فإن الجمود عليها يعني تجاهل التغيرات التي طرأت على العالم، فالطبيعة البشرية تملك ثوابت التمسك في النشأة الاولى والخروج عنها يعتبر معصية ذهنية يرتكبها العقل البشري، لذلك التمسك في لموروث يعد بمثابة العبادة ويعتبر الخروج عن الثبات سواء كان التغيير من حيث تطور المعرفة أو الأنماط الاجتماعية الجديدة. فكما اسلفت سابقا لا بد من وجود "الوسط المادي الناقل" الذي يربط بين القدم والحداثة وهو ما يمكن أن نطلق عليه فضاء التأويل أو الهرمنيوطيقا. هذا الفضاء يتيح للأفكار القديمة أن تتفاعل مع الحاضر وتتشكل من التجديد لتلائم الاحتياجات والتحديات المعاصرة. فالتأويل هنا ليس مجرد قراءة سطحية للنصوص ومحاولة لتكييفها وفق الظروف الجديدة، بل هو عملية عميقة تتطلب فهم النص في سياقه التاريخي والثقافي، ثم إعادة صياغته بما يتوافق مع الحاضر. هذا التأويل وفقً للفكر الفلسفي لا ينفصل عن النص الأصلي ولكنه يقدم قراءة جديدة له بناءً على معطيات الراهن. فالواقع أن الأفكار لا تبقى ثابتة بل تتطور مع الزمن، وبالتالي فإن المجتمعات التي ترفض التطور الفكري تجد نفسها عالقة في ماضيها وغير قادرة على التفاعل مع الحاضر أو بناء مستقبل أفضل. من جهة أخرى، يجب أن ندرك أن هذه العملية ليستدعوه إلى التخلي عن الموروثات أو القيم الدينية والاجتماعية، بل هي دعوة إلى تفكيك هذه الأفكار وتقديمها بطريقة جديدة. فالإنسان يحتاج الى بيئته الصالحة كما تحتاج بقية المخلوقات للديمومة كذلك الفكر هو الآخر يحتاج إلى الجذور والقيم الأساسية ولكنه في نفس الوقت مطالب بالتجدد والمرونة. الجمود الفكري هو أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تراجع المجتمعات، لذلك، لا بد من وجود رغبة حقيقية فإعادة تقييم المفاهيم الموروثة بالأخص التكنولوجيا والعولمة أتاحت للأفراد أن يطلعوا على أفكار وتجارب جديدة من مختلف أنحاء العالم، وهو ما يعني أن الأفكار والنظريات القديمة لم تعد قادرة على الصمود أمام هذا الفيض من المعلومات والمعرفة. إن الأفكار التي كانت تُعتبر في الماضي "ثوابت" قد تصبح الآن عرضة للنقد وإعادة النظر في محتواها بل وقد يتم استبدالها بأفكار أكثر تطورًا وملاءمة للواقع الحالي. إذا أردنا بالفعل أن نبني مجتمعًا عصريًا قادر اعلى المنافسة والتطور، لا بد من إعادة النظر في أسس الفكر العام والتقاليد الثقافية والاجتماعية. يجب أن نتعامل مع الموروثات بحذر، لا من باب رفضها أتجاوزها، بل من باب تجديدها وتحديثها بما يتماشى مع المتغيرات. فالعقل الإنسان بطبيعته يسعى إلى التجديد، والتمسك بالمفاهيم القديمة دون نقد أو تأويل يمنعه من التطور. هذه العملية تتطلب الارادة والانفتاح على الأفكار الجديدة، مع الحفاظ على احترام الموروثات التي أثبتت قدرتها على البقاء والتأثير. وبذلك، يمكننا تحقيق توازن بين الأصالة والحداثة، بين التمسك بالجذور والانفتاح على المستقبل، وهو ما يتيح للمجتمعات أن تنمو وتتطور في بيئة عالمية تتسم بالتغير المستمر. المحصلة ان التأويل ليس خيارًا بل ضرورة، ليس فقط لفهم النصوص، بل لفهم الذات والمجتمع في عالم دائم التغير. إنه وسيلة للوصول إلى عقلنة الفكر وتحديثه دون فقدان الهوية، وبهذا نضمن أن تكون المجتمعات قادرة على التأقلم والتطور مع التحولات المعاصرة. يتبع بتفصيل جزئي لكل ما كتبناه
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال
.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |
.. 80-Al-Aanaam