الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص الخائن : الأزمة في فقه التبرير والتلفيق

محمود الزهيري

2006 / 12 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


العديد من النصوص الدينية الواردة في الكتب الصحيحة التي عني كتاب السنة بها العناية الفائقة في عصورهم الزمنية ووضعوا لها العديد من الضوابط العلمية في عصورهم بحيث أتت هذه الأحاديث إلينا بعد عناء ومشقة في البحث والتحري عن مدي صدق وصحة هذه الأحاديث في الرواية والسند من شخص إلي شخص آخر حتي ينتهي نسب الحديث إلي النبي صلي الله عليه وسلم , وكان هؤلاء الرجال لهم إجتهادات في الوصول إلي الأحاديث الصادقة البعيدة عن مضمار الكذب والتلفيق .
ولما كان هؤلاء الرجال بشر ويجري عليهم كل مايجري علي البشر من أخطاء بشرية كالسهو والخطأ والنسيان , فقد أتت العديد من الأحاديث النبوية في تلك الكتب الصحيحة التي يعتمدها المسلمين من أصح الكتب بعد القرآن الكريم وهكذا يقال في حق كتاب صحيح البخاري من غالبية المسلمين بأنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالي وهو القرآن الكريم , وهذا ما درج عليه المسلمين في التعريف بكتاب صحيح البخاري .
إلا أن كتاب صحيح البخاري الوارد به جملة الأحاديث الصحيحة المروية عن الرسول صلي الله عليه وسلم قد تكون جائت جميعها صحيحة السند في الرواية عن فلان وفلان وفلان حتي الوصول بالحديث إلي مصدره ونسبه وهو الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم .
ومع ذلك لم يلتفت البخاري إلي متن الأحاديث ولم يفكر أو يتدبر فيما تحمله الأحاديث من معاني أو دلالات فقهية , بل لم يتطرق بحثه في متن الحديث إطلاقاً وإنما إجتهد وأجهد نفسه في الإشتغال بالسند فقط وهذا جُل ما صنعه البخاري في كتابه المسمي بصحيح البخاري .
فكيف يكون كتاب صحيح البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله تعالي ؟
ومن الذي أضفي علي هذا الكتاب هذه الصفة وصبغه بهذه الصبغة ؟
هل لأن صحيح البخاري دونت بين دفتي كتابه أحاديث منسوبة للنبي صلي الله عليه وسلم ومن ثم يتم إضفاء هذه القداسة العلوية علي هذا الكتاب حتي بالرغم من إحتوائه للعديد من الأحاديث الخائنة لله وللرسول ذاته والحقيقة والصدق منتفيان عن هذه الأحاديث ويضاف إلي ذلك مخالفة هذه الأحاديث للمنطق وبديهيات العقل البسيط لا العقل المركب , ناهيك عن العديد من الأحاديث التي تتناقض علي الإطلاق مع قواعد العلم ومن ثم تعتبر نصوص خائنة لأنها لايمكن بأي حال من الأحوال أن تجري علي لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم , وذلك لأنها نصوص بقدر كبير من الخيانة وتحمل في مضمونها عوامل فنائها وضمورها إذ أن الواقع المعاصر يتحدي هذه النصوص الدينية المنسوبة زوراً وكذباً للرسول صلي الله عليه وسلم , ولمجرد كونها وردت في كتاب صحيح البخاري ولمجرد نسبتها للرسول إستمدت هذه القداسة المزيفة المشبعة بالخيانة لله وللرسول , ومن ثم خاف الفقهاء والمفسرين من الإقتراب من هذه النصوص ثمة إقتراب لأنها تمثل الأرض الحرام التي لايجوز الإقتراب منها وظلت هذه الأحاديث تمثل الأرض الملغومة التي يخاف من لديه نوع من أنواع العلم والفقه بمضمونها ومحتواها المغلوط ليس مخافة النص ذاته ولكن مخافة التكفيريون والتجهيليون الذين يتربصون بكل من يحاول أن يسبر أغوار النص الديني ليصل إلي مرامه ومراده ويفكك محتواه ليصل إلي مرحلة الحق واليقين من المعرفة بالنصوص الدينية المقدسة الصحيحة التي يمكن نسبتها إلي الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم .
وما زال هناك العديد من العلماء الجبناء الذين يؤثرون السلامة علي أنفسهم ولايبالون بالندامة علي النصوص الخائنة مخافة علي المعايش ورغد العيش من أن يصطدموا بمجموعة من الجهلاء أدعياء الحفاظ علي الدين من الذين يحاولون هدمه أو الحفاظ علي بيضة الإسلام الذين وصفوه بالبيضة سهلة الكسر , وما كان الإسلام وما كانت العقائد بهذا الهوان والضعف والخذلان والتخوف من مواجهة النصوص الدينية ومطابقتها علي قواعد الحق والعدل والحقائق العلمية التي تمثل ثوابت لايمكن أن يصيبها الخلل في يوم من الأيام .
لماذا التخوف ؟
العديد من الفقهاء والمفسرين وأصحاب الرؤي الدينية السليمة يتخوفون من خوض معركة تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة التي أدت بالأمة الإسلامية إلي متاهة التخلف والرجعية بسبب العديد من النصوص الدينية التي تحمل بين طياتها وفي ظاهرها العداء للحقائق الطبيعية والثوابت العقلية , والفطرة الإنسانية السليمة , بجانب معاداة هذه النصوص للثوابت العلمية , وهذه النصوص واردة في الكتب التي أطلق ودرج علماء المسلمين علي تسميتها بالكتب الصحاح وتواتر هذا الأمر لدرجة أنه يحرم علي من يقترب من هذه الأحاديث بأي نوع من أنواع الفهم والوعي بمفهوم النص حتي لو كان هناك صدام حقيقي وفعلي بين النص وقيمة من القيمة العقلية أو الإنسانية أو مخالفته للفطرة الإنسانية السليمة , ومثال ذلك الحديث الذي يسوي بين الوائدة والموؤدة بجعلهما في النار سوياً :
روى أبو داود عن ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم "الوائدة والموؤده فى النار"
إلا أنك حينما تبحث في شرح وتفسير هذا الحديث تجد أصحاب الأزمة من أصحاب فقه التبرير والتلفيق الذين لايجدوا مبرراً لوجود مثل هذه الأحاديث في الكتب الصحاح وأنه يستحيل أن يقول بها النبي الكريم , إلا أنهم يبحثوا ويجتهدوا في إيجاد مخارج للأزمة التي وقع فيها هذا الحديث بكلام وتفسيرات وشروح خائنة هي الأخري مثل هذا النص الخائن المتمثل في هذا الحديث الذي يخالف أبسط القواعد الإنسانية في الرحمة والعدل , والذي يكذبه أحاديث أخري كثيرة وردت في نفس الكتب الصحاح , ومع ذلك تجد الفقه التبريري والتلفيقي يقف وراء هذه الأحاديث ليجد لها المخارج من الأزمات التي وقعت فيها دون أن يكون هناك أدني قدر من الجرأة والشجاعة في نفي نسبة مثل هذه الأحاديث للرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم , وهذا حديث ينفي أن تكون الموؤدة في النار وروي في مسند ابن الجعد / ج1/ص449 / برقم 3063 حدثنا علي أنا يزيد بن إبراهيم قال : سمعت الحسن قال : قيل يا رسول الله ، من في الجنة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( في الجنة والصديق في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة والموؤدة في الجنة )) .
والحديث الآخر الذي يسوي بين الزانية وإبنها في عذاب النار !!
من جملة أحاديث تخالف أبسط قواعد العدالة والرحمة , وغيره الكثير علي هذا المنوال !!
فلماذا يسكت ويصمت أهل الفقه وأهل الحديث عن هذه الأحاديث التي يقرأها العديد من طلاب العلم من العرب والمسلمين وغيرهم من أصحاب الدراسات الشرقية والمستشرقين والمستغربين ليجدوا الفرصة في الطعن في السنة والأحاديث من هذه الأبواب التي يفتحها علي مصراعيها أدعياء الفقه وأدعياء العلم بعلوم الدين بسكاتهم وصمتهم القبوري؟!!
فلماذا الخوف ؟ وماهي أسباب الصمت ؟ ولمصلحة من ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق