الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية لا تعني الحريّة والرفاه والمساواة

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 12 / 26
المجتمع المدني


ثمة كثر من الناس رقصوا لديمقراطية صواريخ كروز النظام العالمي الجديد وهي تقصف بغداد و تحول الناس الأبرياء إلى أشلاء ، وتجعل من العراق جحيما لمن بقوا على قيد الحياة. أولئك وقد كانوا يعتاشون على مآسي العراقيين ومعاناتهم من الجوع والأمراض الفتاكة إثر الحصار والدكتاتوية ، رأيت قسما منهم بعد أن تأكدوا من قرب نهاية النظام البعثي يطالبون بوش وإدارته بدك بغداد بقنابل ديمقراطيته تحت مسميات تحرير الشعب العراقي من الدكتاتورية ، وإقامة نظام ديمقراطي . وإن القسم الذي كان لا يطالب بوش بدك بغداد كانوا لا يزالون لا يتصورون أن النظام سيسقط بأيدي أسياده الأمريكان . وبعد الإحتلال رأيتهم يتهافتون على ادارات المحتلين ووكلائهم عارضين خدماتهم المختلفة من مشاريع ما يسمى اعادة البناء ، أو الخدمة " أية خدمة" في القوات الغازية. لم تكن الديمقراطية تعني عندهم سوى كسب المال الحرام بالتعاون ، وبأساليب ملتوية مختلفة، مثل تشكيل شبكات مافيا ترتبط تجاريا تحت غطاء سياسي مع العصابات الحاكمة في العراق.
و لكن الديمقراطية في ذهنية العامة تترادف مع الحرية والرفاه والعدل، ما يعكس أمانيهم وتطلعاتهم المشروعة، لكن لم ولن تحقق الديمقراطية تطلعات الجماهير المحرومة من العمال والكادحين، في التمتع بحرية الرأي والتظاهرات و اللإشتراك في رسم سياسة الحكم، وحق تقرير مصيرهم السياسي.
إن تلقي العامة لمفهوم الديمقراطية يختلف كليا عن تلقي الطبقات الرأسمالية الحاكمة له. فمضمون الديقراطية كشكل من أشكال الحكم والسيادة عند الشرائح البرجوازية السائدة معاد لأهداف الشرائح المسودة وتطلعاتها.
هذا المضمون البرجوازي للديمقراطية يشترط الطبقية والفوارق الطبقية ، وقدسية الملكية الرأسمالية ، وتأبيد المجتمع الطبقي.
الديمقراطية لا تمس الفوارق الطبقية في المجتمع ، ولا تسمح في أطارها أن تتطاول الطبقة العاملة " الحرة" على حقوق الرأسماليين المضمون "ديمقراطيا" في ملكيتهم لوسائل الإنتاج. فحرية العمال تتحدد بمدى احترامهم لملكية الرأسمالي لوسائل الإنتاج وحقه في الإستغلال و فائض القيمة، وإلا يقمعم شرطة الرأسمال وجيشه وأمنه وسجونه الديمقراطية.
وإنّ تاريخ الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية يمتلئ بشواهد كثيرة ، بعضها دموية ، يضرج جلاوزة الرأسماليين باسم الديمقراطية والمدنية وأمن المجتمع واستقراره العمال المحتجين على الإستغلال ، مثلما شهدنا قوات الرأسمال الفتي ّ الديمقراطي الفدرالي ّ بغرق عمال طاسلوجة المضربين في دمائهم.
لقد عرفنا خلال دراستنا في المتوسطة ، أو الإعدادية أن الديمقراطية كلمة يونانية تهني حكم الشعب، ولذلك تتداعى في الأذهان أنها ليست حكم الألهة والأعراق والأجناس والطوائف والأديان، وتبدو أنها ستلبي من حيث المبدأ ، إن أقيمت ، آمال الجماهير وأمانيها، ولكنها في الحقيقة ، كما يشهد التاريخ ليست كذلك، بل أنها أتت لترسيخ سلطة الرأسمالية ، و حبوب مسكّنة للآلام التي يعاني منها المحرومون ومعاناتهم المختلفة، ولتضليلهم، و تحريفهم عن طريق الكفاح الحقيقي في سبيل التحرر والعدل والمساواة في مجتمع اشتراكي .
وفي الديمقراطيات الغربية يحق للمواطن المساهمة في الحكم شكليا لأنه يدفع الضرائب للدولة ، وفي كل فترة " على الأغلب أربع سنوات" يدلي بصوته ، إن رغب، لينتخب حزبا من الأحزاب، أو ائتلافا من الأحزاب التي لا تختلف في الجوهر بعضها بعض في مواقفها من الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية.
وفي فترة حكم الحكومة المنتخبة على الناخب أن يلعب دور المتفرج ، فيشاهد مدى التزام الحزب ، أو الائتلاف بوعوده الإنتخابية ، إن كانت ستطلق يد الرأسمال في الستغلال البشع ، أم استغلال إنساني أقل بشاعة.
والرأسمالية الإنسانية اضطلاح برز في الفترة الأخيرة بعد تفسخ البرجوازية وانحطاطها وعجزها عن تحقيق أي مكسب للجماهير ، بل تراجعها حتى عن المكاسب التي تم تحقيقها بفضل نضال الطبقة العاملة ، من ضمانات اجتماعية ورفاه وحريات فردية وجماعية.
إن كل الوقائع تؤكد كذبة اشتراك المواطنين في في القرار السياسي، قرارات شن الحروب و العدوان على الشعوب الآمنة. يتساءل المرء ، إن كان أكثرية الشعب ألأمريكي قد أتخذ قرار قصف مدينتي هيروشيما وناكازاكي بالأسلحة الذرية، وقتل عشرات الآلاف من البشر الأبرياء. وهل قرر الشعب الأمريكي شن الحرب على العراقيين والعراقيات وتحويل العراق إلى جحيم لا يطاق؟؟
هل المواطنون في الغرب هم قرروا انتهاك الحقوق الإنسانية لأبناء الجاليات العربية والمسلمة والشرقية ، واقتحام حتى غرف نومهم وأسرّتهم تحت مسميات محاربة الإرهاب؟ أم أن الرأسمالية هي التي تقرر وتضلل وتخدع ، وتملك وسائل غسيل الأدمغة كلها؟؟
الميديا التي تملكها البرجوازية تجلد الإنسان طوال الليل والنهار ، أثناء العمل والراحة، في الأفراح والأتراح ، وتعمل على غسل دماغه وتضليله ، و بث الأكاذيب في رأسه.
الكل كان يصدق ظلوا يصدقون أكاذيب الإمبريالية الأمريكية والإنجليزية عن أسلحة الدمار الشامل للنظام البعثي السابق ، وعن علاقاته مع أرهابيي القاعدة ، حتى انفضاحها. هذا القنابل الإعلامية دليل أيضا على الزيف الذي تعنيه الديمقراطية البرجوازية، إذ المواطن تحت تأثيرها القاتل ، والصانع للرأي العام لا يكون صاحب قراره ، فهو يفكر وفق معطيات الميديا البرجوازية في المجتمع الديمقراطي البرجوازي.
وعلي هنا أن أؤكد مرة أخرى أن الديمقراطية ياسم الشعب والأمة ، والمقدسات القومية والدينية الغرض منها حماية الملكية الرأسمالية لأقلية برجوازية في المجتمع ، تمر في هذا العصر مرحلة انحطاطها ورجعيتها، بعد تجاوز مرحلة صعودها التقدمي والإنجازات العظيمة في الفن والعمارة والعلوم. وبعد أن انتزعت منها الطبقة العاملة بنضالها العنيد مكاسب عديدة ، مثل الضمانات الإجتماعية والصحية وضمانات البطالة عن العمل.

‏25‏/12‏/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تعلن توسيع خطتها لمساعدة اللاجئين السودانيين ا


.. كاميرا الجزيرة ترصد معاناة النازحين من داخل الخيام في شمال غ




.. قلق بين اللاجئين والأجانب المقيمين في مصر بعد انتهاء مهلة تق


.. أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم في العاصمة كييف.. واعتقال




.. احتجاجات في الشمال السوري ضد موجة كراهية بحق اللاجئين في ترك