الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا

خلف علي الخلف

2024 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كما يعرف الجميع، فإن الحسين بن علي كان طالبَ سلطة. طلب السلطة لأسباب وراثية لا علاقة لها بكفاءته أو استحقاقه، بل لأن أباه ابن عم الرسول وأمه ابنة الرسول، وتحت هذه الذريعة صار طالب السلطة طالبَ حق في المدونات المناصرة له، والحق هنا هو حق التوريث. هذا لا ينكره أنصاره لا سابقا ولا الآن. طلب الحسين السلطة الوراثية في مخالفة صريحة لنص وسلوك صريح مكرس جاء به الإسلام أي جده لأمه النبي محمد، مارس هذا وقبل به أبوه الصحابي ابن عم الرسول طوال حياته. الإسلام نزع الملك وأعاد خياره للناس، فجاء الحسين ليضرب عرض الحائط بثورية الإسلام هذه ويجعل من الرسول ملكًا لا نبيًا، يريد وراثة ملكه لأنه ابن ابنته وابن ابن عمه.

هذا ليس مربط الفرس، بل إن مربط الفرس هو ثقافة اليسار العربي الطائفي و الملتحقين به، الذين شكلوا بشكل تراكمي مافيا صنعت الثقافة العربية في عصر ما بعد الاستقلال و الانقلابات الثورية "اليسارية". إذ انه في ظل حقبة هيمنة مافيا اليسار الثقافية العربية تم تصوير الحسين لنا ثائرًا! وبلع الدراويش من القراء الطعم، فقد كانت الطائفية مدثرة بأردية يسارية، وكنا نحن بلهاء حسني النية لم نلحظ ذلك البعد الطائفي في تكريس الحسين ثائرًا! وثورية الحسين هذه تسقط أمام أي محاكمة عقلية بسيطة، بل أن الحسين بمقاييس اليسار "الثوري" وعلامات ترقيمه اليسارية ليس أكثر من شخص رجعي يطلب ملكًا ليس حقًا مقرًا بناء على انتسابه الوراثي. وفي أحسن الاحوال يتساوى في هذا الحق مع أي مسلم وفق التشريع الذي جاء به الإسلام أي جده. الحسين يطلب ملكًا بحجة نهى عنها الإسلام نهياً تاماً.

لم يجد اليسار العربي، الذي يخاصم الأديان ويخاصم الإسلام بشكل أكبر من الأديان الأخرى، حرجًا من الانتصار عبر فقه طائفي لأحد أطراف نزاع سياسي غابر على السلطة، لأسباب طائفية رجعية تحفر طبقات متكدسة من جثث الأموات حتى تصل إلى ثأر لم يعد يعني أحداً غيرهم. عندما تتكشف الدوافع الطائفية يصبح امرًصا مفهوما انحياز "المثقف" العربي الطائفي، ايّا كانت الصفة التي تتبع ذلك؛ اليساري، القومي، الليبرالي إلى أحد أطراف صراع غابر، فانحيازات البشر عموما تتحكم بها عوامل متعددة بعضها عقلي وبعضها الآخر عقيدي وبعضها نفسي. لكن ما أود التوقف عنده هنا ليس الانحياز بل حفلة وحملة التزوير للتاريخ والوقائع والعقل التي قام بها هذا المثقف الطائفي اليساري بوعي وإدراك بتطويب الحسين ثائرا في مجمل التدوينات العربية المعاصرة. إذ أن طلب الحسين للسلطة على أسس وراثية لا يخالف الإسلام فقط بل يخالف مجمل الفكر اليساري وتفرعاته، بل ومجمل الفكر الحديث لبناء الدولة الذي يلهج به هذا اليساري شفاها وكتابة.

بالرغم من ذلك، أي برغم من مخالفة الحسين في طلبه للسلطة أبسط مبادئ الفكر اليساري، فقد طوّبته إخوانية اليسار العربي الطائفي المترابطة مافيويًا ثائرًا. التحق بهذه "الإخوانية" المافيوية المدركة لفعلها والقاصدة له، بعض الدراويش ممن صار وجودهم في ساحة الثقافة العربية "الفاسدة" مرتبطًا بنفاقهم لمافيا اليسار هذه التي تحكمت بمفاصل النشر. صار تطويب الحسين ثائرًا وسيلة للتقرب من المافيا الثقافية اليسارية الطائفية الحاكمة لوسائل النشر أو المتنفذة فيها، أو ذات الوزن النافذ في تعويم هذا الكاتب أو ذاك. بل إن تطويب الحسين ثائرا في بعض الأحيان شكل درعا لتحصين الكاتب من المخابرات الثورية الطائفية التي خط منهجها ومبادئ عملها اليسار السالف الذكر نفسه.

لا شك أن هناك بعض الكتاب الدراويش الذين انطلت عليهم هذه الخديعة الطائفية التي اشتغلت عليها "إخوانية" ثقافية طائفية يسارية بشكل يكاد يكون منظما لحوالي قرن من الزمان وكرستها في المدونات العربية من البحرين والأحساء أو من قُم إلى طنجة، مرورًا بكل عواصم اليسار الذي أورث بلدانه وشعوبها الهلاك.

إن شتم بني أمية المستمر من حثالات بشرية تنتسب للوسط الثقافي لم يأتِ من فراغ، بل هو استمرار لنهج اليسار الطائفي المنتهي طائفيًا دون يسار، الذي نشر الأكاذيب وكرسها. فصار الحسين ثائرًا وبنو أمية جماعة من الأوباش وهم بالمناسبة أقارب وانسباء الحسين وأهله. أما إذا تساءلت ممن اغتصب بنو أمية السلطة! ستجد أن الجواب الواقعي يقول: من شخص لم يحُز السلطة ولم تصله السلطة ويطالب بها لأنه قرابة الرسول الذي نهى عن هذا بوضوح وتخالف مطالبته بالسلطة الفكر اليساري الحديث الذي ينتسب له هؤلاء الطائفيون المتدثرون باليسار. ففي أفضل التأملات إنصافا ستجد أنه لا أفضلية في حيازة السلطة تشريعًا وحقا بين الحسين وأخيه وأبنائهما وبين معاوية وأبنائه. وإذا لم نعتبر معاوية هو الثائر على عدم تطبيق العدل والقصاص ضد قتلة، فإن الصراع الذي اندلع بين أقارب؛ أولاد عمومة، حكمته الغلبة، فغلب بنو أمية وحازوا السلطة فاحتكروها وهذا ما كان سيفعله الحسين أو أخوه أو ابنه لو استطاعوا، فقد توارثوا اللاسلطة واللاشيء في سلالتهم.

بنو أمية أسسوا حضارة عربية أضاءت البشرية، ولا ندري لو كان الحسين وذريته حكموا ماذا كانوا فاعلين! لكن المؤكد أن الحسين ليس ثائرًا، بل طالب سلطة ليست من حقه، وبمقاييس اليسار الذي كرّسه ثائرًا، هو شخص رجعي. وتاتي هنا الحاجة إلى مراجعة الثقافة العربية المنتَجة في ظل هيمنة اليسار الطائفي وغير الطائفي لتنقيتها من الأكاذيب والسموم والأباطيل والرموز الفارغة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القليل من الانصاف مطلوب
حسين علوان حسين ( 2024 / 10 / 1 - 00:37 )
السيد خلف على الخلف المحترم
تحية وبعد
أدعوكم لإعادة قراءة تاريخ الخلافة الاسلامية ودواعي ثورة الحسين بن علي لتدرك كيف أن الوقائع التاريخية تقول عكس ما تقول بالضبط. تقول:
الإسلام نزع الملك وأعاد خياره للناس، فجاء الحسين ليضرب عرض الحائط بثورية الإسلام هذه ويجعل من الرسول ملكًا لا نبيًا.
هذا الكلام ينطبق نصاً وفصاً على يزيد بن معاوية قبل الحسين. متى وأين اختار الناس معاوية ويزيد خلفاء؟
فإذا كان كلامك هذا حتما ينطبق على معاوية ويزيد قبل الحسين تاريخياً فلماذا لا تقول:
لإسلام نزع الملك وأعاد خياره للناس، فجاء معاوية ويزيد ليضربا عرض الحائط بثورية الإسلام هذه؟
من الثابت تاريخيا أن الحسين ما كان ليخرج ضد يزيد لولا رسائل أهل العراق له بالمبايعة والحاحهم عليه للخروج، وهذا يعني بالضبط أن خروج الحسين حاصل -لأن الاسلام نزع الملك واعاد خياره للناس أهل العراق- عكسما تقول.
كما تعترف بعظمة لسانك بأن نزع الملك واعادة خياره للناس هو اجراء ثوري وبالتالي فإن استجابة الحسين لانتخاب أهل العراق له تحريريا هو فعل ثوري يستحق مناصرة ليس اليسار بل كل المنصفين الشرفاء.
ضيق الأفق الطائفي يتدفق كالشلالات منك .


2 - الطائفي يرى العالم كله من منظار طائفي
خلف علي الخلف ( 2024 / 10 / 1 - 12:02 )
السيد حسين علوان حسن
سأغفر لك رؤيتك الطائفية للعالم لأن اسمك (ماشاء الله) يجمع علي والحسن والحسين وهذا مما يجعل المرء يغفر لك منظارك الطائفي.
أنا لم أناقش أحقية الأمويين في السلطة بل قلت حكمموا بمنطق الغلبة وكان منطقا سائدا في عصرهم. المقال ليس عرضا للنزاع الأموي الطالبي واحقية كل طرف المقال يحاول الإجابة على السؤال -هل كان الحسين بن علي ثائرا وفق الفكر اليساري- ومن الواضح أني خلصت إلى -لا- كجواب. لأن الفكر اليساري لا يقر توريث الحكم سواء على أساس دنيوي أم ديني. إذا لماذا كرس الشيوعيون العرب وعلى رأسهم الشيوعيون الشيعة الحسين ثائرا؟ كرسوه لأنهم لا يرون العالم إلا من زاوية طائفية ولكن لأنهم لم يكونوا يجرؤا على التصريح بأفكارهم الدينية الطائفية علنا ارتدوا بردعة اليسار وستروا بها خطابهم الطائفي فصار ترميز -الحسين ثائرا- تقية لنشر فكرهم وانحيازهم الطائفي لأن ترميز الحسين ثاثرا يجعلهم يحافظون على قناع اليسار الذي يخفون خلفه طائفيته.
اتهام كل شخص يساءل الطائفية ويحاول كشف المستور منها أحد وسائل الإرهاب التي مارسها ربعك الطائفيون المتخفين خلف قناع اليسار.


3 - القليل من الانصاف مطلوب 2
حسين علوان حسين ( 2024 / 10 / 1 - 13:15 )
السيد خلف على الخلف المحترم
تحية متجددة.
يؤسفني أن أراك غير قادر على كتابة جملة صحيحة واحدة لا تاريخياً ولا سياسياً. تنعى على الحسين أنه طالب سلطة وتدعي أنه أراد توريثه الحكم خلافاً لوقائع التاريخ لكون الحكم بعد ابيه علي صار للحسن ثم لمعاوية فمن هو الذي يورث لمن؟ وتتناسى عمدا مبايعة أهل العراق له وتتمسك بكونه طالب سلطة كما لو كان طالب السلطة هو اثم رغم مبايعة أهل العراق له كتابيا. وتنعى على الحسين الثورة ضد يزيد الفاسق ولا تقول ان يزيدا قد ورث من أبيه السلطة بلا استحقاق عكس المبدا التي تقول انه ثوري والقاضي حسب نصك باعادة السلطة لخيار الناس- -
أي انك تحدد سلطة خيار الناس مبداً ثورياً ثم تنعى على الحسين عمله به.
وبالمناسبة فإن الوقائع التاريخية تنفي جملة وتفصيلا ادعاءك بكون الاسلام قضى بالسلطة لاختيار المسلمين. الخليفة الأول جاء رغم أنف الانصار حسب مقولة -قريش لا تقبل أن تأتمركم ونبيها من غيركم-، والثاني جاء بوصية من الأول، والثالث جاء باختيار شخص واحد هو عبد الرحمن بن عوف، وحده الرابع جاء بمبايعة شعبية لم يعرف تاريخ الخلافة الاسلامية مثلها قط..
التحزب الطائفي يتدفق كالشلالات منك .

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال


.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |




.. 80-Al-Aanaam