الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أدواء وأدوية

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثبت الإنسان العربي أنه لا يقل عن غيره في الإبداع والتميز بمختلف المجالات، عندما تُتاح له الفرص. وتأكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن الانسان العربي ربما يفوق غيره في الاستعداد للتضحية بالنفس، لتحقيق ما يعتقد أنه هدفٌ سامٍ جدير بالفداء.
لكن مشكلة الإنسان العربي في واقعه، وفي أنماط التفكير المسيطرة فيه.
الواقع هش في بناه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، أفرز أنماط تفكير لم يعد كثيرها صالحًا بمعايير العصر، ومنها ما بات عبئًا ينوءُ به حاضرنا. ومن الأمثلة الفاقعة بخصوص أنماط التفكير البالية، ثنائية سنة- شيعة. في المجمل، تندرج هذه الثنائية في إطار عصبيات ما قبل الدولة. وبذلك، فإنها دليل يُضاف إلى أدلة عدة تؤشر على إخفاق العرب في بناء دول حديثة قوامها المواطنة. هذه الأخيرة، تستدعي نقيضها، أي الرعية. فهناك رعايا، يقابلهم مواطنون. ويكفي لفض الاشتباك بين هؤلاء وأولئك، الإضاءة على تعريف المواطنة، أساس الدول الحديثة بمعايير القرن الحادي والعشرين. المواطنة تعني باختصار، أن يشارك الإنسان المواطن في تقرير مصيره باختيار من يحكمه ويمثله في انتخابات حرة نزيهة ضمن منظومة ديمقراطية شاملة. ليس انتخابهما فحسب، بل متابعتهما بكل ما يترتب على ذلك من مساءلة ومحاسبة وعزل، إذا استدعت المصلحة العامة ذلك. لم يرتقِِ مستوى الوعي الجمعي في واقعنا العربي إلى مستوى فرض بناء دولة المواطنة. وعليه، فإن دولة الحاضر العربية ما تزال دولة العائلات والأسر والقبيلة والمذهب والديكتاتوريات. ولا غرابة إذن، أن تنتعش في واقعنا عصبيات ما قبل الدولة، ومنها الثنائية البائسة المومأ إليها فوق، أي سنة - شيعة. على صعيد جذور هذه الثنائية، فإنها تمتد إلى القرون الوسطى، وهو ما ينسحب بالقدر ذاته على أصلها العشائري، كما فصلنا القول أكثر من مرة ولن نعيد ما سبق أن قلنا بهذا الخصوص. ما يهمنا هو علاج الظاهرة، كما يعلمنا التاريخ وتجارب الأمم المتقدمة، وبشكل خاص تلك التي دفعت ملايين الضحايا على مذبح عصبيات مشابهة، مثل كاثوليك- بروتستانت.
الحل، الذي لا حل سواه، يتفرع في مسارات ثلاثة متضافرة الأثر والتأثير. الأول، إخراج الدين من ملعب السياسة نهائيًّا، وهذا غير ممكن من دون الفهم العلمي للدين في سياقاته التاريخية. بهذا المنظور، الدين شأن شخصي تعبدي خاص مكانه دور العبادة، لا علاقة له بالسياسة ولا بشؤون الاجتماع الإنساني. هي العالمانية إذن وبصراحة، بمعناها العلمي الحديث بعيدًا عن ضروب التشويه والتحريف والتزييف والتجهيل.
الثاني، الديمقراطية الحقيقية بعناصرها الرئيسة، التي من دونها تتحول إلى "ديكور"، ونعني التداول السلمي للسلطة السياسية والتعددية واحترام الرأي المختلف.
الثالث، الأخذ بالعلم والعقل في الحكم على الأشياء بمنأىً عن أنماط التفكير الخرافية والأسطورية المتفشية في مجتمعاتنا.
مقول القول وخلاصته، من دون هذه المسارات الثلاثة، لن يُفلح العرب ببناء دولة المواطنة الحديثة القوية، والقادرة على إعادتهم إلى التاريخ. في مثل هذه الدولة، تتلاشى عصبيات ما قبل الدولة ومنها ثنائية سنة- شيعة، وتجف ضروعها في الواقع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية.. الكلمة الفصل للميدان | 202


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال


.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |




.. 80-Al-Aanaam