الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
النقاب كظاهرة ثقافية: تحليل فلسفي واجتماعي في السياق المغربي
أحمد زكرد
2024 / 10 / 1العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انتشار النقاب في المغرب مرتبط بشكل كبير بتأثر البلاد بالحركات السلفية، خاصة خلال العقود الأخيرة. المغرب كان تاريخياً يتبع تقاليد صوفية معتدلة، إلا أن التغيرات التي طرأت على المجتمع، وخاصة منذ السبعينيات، ساهمت في دخول الحركات السلفية التي جاءت بأفكار متشددة تجاه الممارسات الدينية والاجتماعية.
يُنظر إلى النقاب كرمز للتغيرات الثقافية في المغرب. حيث بدأ الانتشار بسبب التأثر بالتشدد الديني القادم من الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج التي تروج للنقاب كجزء من الهوية الإسلامية المحافظة. النقاب لا يعكس الثقافة المغربية الأصيلة المتمثلة في الحايك والجلابة، بل يُعتبر دخيلًا على المجتمع.
النقاب في المدارس المغربية يُشكل تحدياً اجتماعياً لأنه يخلق حاجزًا في التواصل، وهو أمر ضروري في النظام التعليمي القائم على الحوار والتفاعل. غياب الهوية الواضحة للشخصية المنتقبة يعزز الانقسام داخل المجتمع التعليمي ويؤثر سلباً على عملية الاندماج. كما أن ارتداء النقاب قد يُعد شكلاً من أشكال التمرد أو الاحتجاج الاجتماعي على العلمنة المتزايدة أو القيود المفروضة على التعبير الديني.
اما من الناحية النفسية، فيُعتبر النقاب بالنسبة لبعض النساء وسيلة لحماية الذات والشعور بالأمان في الفضاء العام. قد يكون ارتداء النقاب مرتبطًا بمشاعر الخوف من التقييم أو الاعتداء أو الرغبة في التخفي من المجتمع. بالنسبة لبعض الأفراد، النقاب قد يرمز إلى السيطرة على الجسد والحماية من الأنظار، وهو ما يمكن فهمه على أنه تعبير عن الاضطرابات النفسية المتعلقة بالتحكم والسيطرة بدون الخوض في تفاصيل هذا الأمر قد لخص ذلك بورديو في كتابه الهيمنة الذكورية . ونجده كذلك عند فرويد ويونج وادلر…
من جهة أخرى، فإن العيش وراء النقاب قد يؤدي إلى العزلة النفسية والاجتماعية، حيث يحول دون التفاعل الطبيعي مع الآخرين، مما يزيد من الإحساس بالغربة والتهميش. ويؤثر ذلك على تطور الفرد على المستوى الشخصي والاجتماعي، خاصة في مراحل التعليم والشباب.
لو حاولنا ان نفهم ذلك من خلال المقاربة الفلسفية ، نجد ان النقاب يرتبط بمفاهيم الهوية والحرية الشخصية. النقاب في هذا السياق يُنظر إليه كوسيلة لفرض هوية معينة على المرأة، قد تكون هوية تابعة لفكر ديني صارم أو رغبة في الانفصال عن الفضاء العام العلماني. الفيلسوفة سيمون دي بوفوار، على سبيل المثال، تحدثت عن كيف أن المجتمع غالباً ما يفرض على المرأة أدواراً معينة تجعلها "الآخر" في مواجهة الرجل، والنقاب قد يُفسر كإعادة تأكيد لهذه التبعية حيث يتم تقليص وجود المرأة إلى مجرد رمز ديني.
وهنا ينشأ نقاش فلسفي حول الحدود بين الحرية الفردية والقيود المجتمعية في فضاءات مثل المدارس التي تتطلب الانفتاح والشفافية.
يُعتبر النقاب في المغرب ظاهرة معقدة تعكس تفاعلات بين الدين، الثقافة، والسياسة. من ناحية اجتماعية، يُعتبر دخيلًا، ومن الناحية النفسية قد يرتبط بمشاعر الحماية أو العزلة. أما من الناحية الفلسفية، فهو يثير قضايا جوهرية حول الهوية والحرية الفردية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 95-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف قاعدة بحرية
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف قوات الاحتلا
.. 94-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | صواريخ المقاومة الإسلامية في لبنان تواصل انهما