الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صورة الله في المخيال الأصولي:
خيري فرجاني
2024 / 10 / 10العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس ثمة شك أنه توجد صوره مشوهه عن الله في المخيال الديني– الأصولي، وهذه الصور المشوهة التي رُسمت في أذهان الحركات الأصولية عن الله، تقف في كثير من الأحيان عائقا حقيقا في تكوين علاقة سليمة مع الله، ومع الآخر المختلف معهم في الدين أو المذهب، فضلا عن أن هذه الصورة تعمل نوعا من التشويش على صوره الله الحقيقية.. وبالطبع فإن هذه الصوره المشوهه أو المشوشة عن الله في المخيال الأصولي، هي نتيجة طبيعية للمفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الله، والتي تكونت وترسبت لدى قطاعات كثيرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ نتيجة تفشي ظاهرة الأصولية الدينية، وهيمنة الفكر الأصولي، وبروز التنظيمات الأصولية التي استطاعت أن تستقطب قطاعات كبيرة من الشباب. ومن هنا، انتشرت هذه الصور المشوهة عن الله.
فالواقع ان بداخل كل منا صورة عن الإله. قد تشكلت من خلال ما تعلمناه أو ما سمعناه من أراء وتعاليم عن الله، حيث تتكون المفاهيم المختلفة لدى الإنسان من خلال مصادر متعددة، أهمها خبرات الحياة والعلاقات مع الآخرين، وأيضا التعاليم التي يتلقنها منذ نعومة أظافره. ومن ثم، يجب أن يُنّشأ الإنسان منذ البداية على المبادئ والقيم الإنسانية العليا، من حب وعدل ورحمة وتعاون وسلام، وأن هذه القيم تمثل صورة الله الصحيحة، فالله هو العدل والرحمة؛ وذلك لمواجهة تلك الصورة المشوهة عن الله كما هي في المخيال الأصولي، الذي لا يحدثنا إلا عن العذاب والجحيم، وعذاب القبر، وأهوال القيامة ، أو أن الله يأمرنا بأن نقاتل الناس حتى يدخلوا الإسلام، أو يُحل لنا السلب والنهب بُحجة أنها غنائم، أو نعتدي على دول ذات سيادة بحجة الجهاد والفتح، أو نُسبي النساء والأطفال ونتخذ من النساء جواري وإماء ونُقيم سوقا للرقيق.
هذه الجماعات الأصولية تمتلك تفسيرات بدائية عن الله، كما أنها تمتلك منظومة فكرية ماضوية حول علاقتها بالآخر المختلف عنها، في الوقت الذي تنفتح فيه المجتمعات الحديثة على استيعاب التنوع العرقي والديني؛ وذلك لضمان التعايش الإنساني بين تلك المجموعات المتباينة.
لكن في المقابل نجد ان تيارات الإسلام السياسي، لا زالت تحلم بإعادة إنتاج حُقب تاريخية قديمة تنتمي للعصور الوسطى فيما يعرف بالخلافة الإسلامية، حيث تنظر إليها تلك الجماعات باعتبارها مراحل مثالية للإسلام ونموذج يجب تكراره، مع تجاهل كل المتغيرات التي طرأت على العالم الحديث، ونشأة الدولة الوطنية ذات السيادة القانونية، وهو ما يوضح لنا السبب الحقيقي لانفصال هذه الجماعات عن واقع المتغعيرات الدولية والقانون الدولي الحاكم.
إذ تعتقد هذه الجماعات أن ثمة مجموعة من الأهداف تقع على عاتقها، مثل: نشر الدعوة الإسلامية، وإقامة المجتمع المسلم، وإعادة الجهاد في سبيل الله، وإقامة دولة الخلافة، وهو الحلم الذى دعت له جماعة الإخوان منذ عشرينيات القرن الماضي، وتمكن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" من تحقيقه، من خلال الأهوال والفظائع ونشر الفوضى وقتل الأبرياء والأطفال واغتصاب النساء وسرقة ثروات البلاد، وتفكيك الدول وإسقاطها؛ فهذه الجماعات الأصولية لا تؤمن بالتطورات والمتغيرات الدولية، التي تكفل الحق لكل القناعات الدينية والعرقية والإثنية المختلفة، أن تشارك في وضع نظام أخلاقي وسياسي واجتماعي عام من خلال نظام دستوري، يكفل الحقوق والحريات العامة لكل مواطن دون النظر للدين أو اللغة أو العرق.
وأن الأمور التعبدية تنبثق من الدين، لا يفرضها القانون ولكنه يتيح المجال لتطبيقها وممارستها، فإن أوامر الدين لا تفرض بالقوة لأن فرضها بالقوة يفقدها معناها، فالقوة تخلُق مجموعة من المنافقين، ويظل الجانب السياسي متغيرا متطورا، لأنه جانب إداري معاملاتي، تحكمه المصلحة وما يراه العقل البشري عن طريق الخبرة والتجربة الإنسانية، كما تكفل الدولة الحديثة تطبيق القوانين التي ترتضيها لنفسها بالقوة، وعلى النقيض من هذا ترفض الجماعات الأصولية، المفاهيم الحديثة، وتستغل الدين للسيطرة على الناس.
هذه الأفكار المغلوطة والمضللة في المخيال الأصولي، مرتهنة بحالة عداء للآخر وضعف، وتراجع ثقافي وحضاري، وعدم فهم لطبيعة الأديان ومهمتها، مسالك نفسية تسدّ المدى والرؤية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مختلف عليه | المعارك الدينية من وجهة نظر المغلوبين
.. الإسرائيلية الأميركية يهوديت رعنان تتوسل إلى ترمب: -افعل ما
.. 157-Al-araf
.. 157-Al-araf
.. هل هبط رجال من السماء وأسسوا الحضارة البشرية ؟ ومن هم الأنون