الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
النظام الإيراني والاختبارات الصعبة؛ وماذا بعد؟
سامي خاطر
2024 / 10 / 11العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
واجه النظام الإيراني في السنوات الأخيرة سلسلة من التحديات الداخلية والخارجية التي جعلت مستقبله موضع تساؤل، ولم تقتصر تلك التحديات على الأزمات الاقتصادية والسياسية فحسب بل شملت أيضاً تطورات اجتماعية وثقافية عميقة، بالإضافة إلى ضغوط دولية متزايدة، وقد مثلت هذه الأزمات اختباراً صعباً للنظام في طهران، وقد تدفعه نحو مفترق طرق حاسم بشأن استمراريته وشكله المستقبلي.
تعيش البلاد أزمة اقتصادية طاحنة نتيجة الاستبداد والفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، وعدم الشفافية في توزيع الثروات مما فاقم الأوضاع وأدى إلى تصاعد حالة الاستياء الشعبي، وظهور موجات من الاحتجاجات، كما يعاني القطاع المصرفي من أزمات سيولة حادة على الرغم من المدخولات المالية الهائلة للبلاد، وقد أدى كل ذلك إلى تآكل شرعية النظام لدى غالبية الشعب خاصة الطبقات المعدمة والفقيرة والمتوسطة التي أصبحت التي توقن أن النظام سبباً لمآسيها، على الصعيد الدولي يواجه النظام الإيراني رفضاً شديداً بسبب تورط النظام في صراعات إقليمية متعددة مثل سوريا واليمن الأمر الذي أدى إلى تزايد العزلة الدولية بشأنه، وأما أبرز التحديات التي يواجهها نظام الملالي اليوم هي التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية الكبيرة داخل المجتمع الإيراني حيث أن قرابة الـ 60% من سكان إيران ممن هم دون سن الثلاثين، وتعاني الغالبية العظمى من هذه الفئة من البطالة وقيود صارمة على الحريات الشخصية خاصة فيما يتعلق بالنساء، وتشهد البلاد في الوقت ذاته نهضة نسوية كبيرة حيث قادت النساء العديد من الاحتجاجات مقتديات بنساء منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية مطالبات بإنهاء القوانين التمييزية بحق النساء مثل الحجاب الإجباري والتمييز في سوق العمل وشؤون الأسرة.
ماذا بعد؟
أمام النظام الإيراني عدة خيارات جميعها صعبة ومعقدة، واستمراره على نهجه الحالي من القمع الداخلي والتوسع الإقليمي والتحدي الدولي قد يؤدي إلى المزيد من العزلة والمزيد من الاحتجاجات انتهاءً بانهيار النظام على المدى الطويل، من ناحية أخرى قد يحاول النظام تقديم تنازلات داخلية أو التفاوض مع قوى الاسترضاء والمهادنة العالمية لإيجاد مخرج من أزماته، وهذا أكبر دليل على ضعف النظام وهروبه من أزماته إلى الأمام بتقديم التنازلات التي دأب عليها مضحياً بحلفائه وجنوده وضارباً بشعاراته عرض الحائط.
ماذا وراء سياسة ومناورات وردود أفعال النظام الإيراني؟
دفع الغرب بملالي إيران منذ استيلائهم على ثورة عام 1979الوطنية ليكونوا لاعباً أساسياً في منطقة الشرق الأوسط، ولم يخلو هذا الدور من التوترات والاضطرابات على مختلف الأصعدة؛ فسياسة النظام الإيراني سواء الداخلية أو الخارجية منها تتسم بالعديد من التناقضات والمناورات التي تسعى إلى تعزيز مصالح النظام وضمان استمراريته، ولفهم خلفيات هذه السياسة وردود أفعال النظام يجب استعراض دوافعها وسياقاتها المختلفة التي تُشكل الإطار العام لحركة النظام الإيراني، وإحدى أهم أولويات النظام الإيراني هي الحفاظ على بقائه واستمراريته وحماية النظام السياسي الحالي، وتسيطر هذه العقيدة على تفكير قيادات نظام ولاية الفقيه وتحدد مسار السياسات الداخلية والخارجية، لذلك تُعتبر أي تحركات تهدد بقاء النظام بمثابة تهديد وجودي يستدعي ردود فعل حادة وصناعة أزماتٍ إقليمية وعالمية، ويأتي قمع الاحتجاجات الشعبية مثل تلك التي اندلعت عام 2009 عقب الانتخابات الرئاسية، أو انتفاضتي 2019 و2022 كانعكاس لهذه السياسة؛ فالنظام يرى في أي حركة شعبية مطالبة بالتغيير أو بالإصلاح تهديداً مباشراً لوجوده، ولذا يستخدم كل ما في جعبته من أدوات قمعية للسيطرة على الأوضاع، وهنا تتجلى مناورات النظام السياسية في محاولته تصوير أي احتجاجات أو انتقادات داخلية على أنها مؤامرات خارجية تهدف إلى تقويض الاستقرار سعيا منه إلى خلق مبررات لقمع أي حراك شعبي بالقوة.
على الصعيد الخارجي يسعى النظام الإيراني إلى توسيع نفوذه في المنطقة كوسيلة لضمان أمنه الداخلي، ويتدخل ملالي إيران في العراق، سوريا، اليمن، ولبنان وفلسطين من خلال دعمها لحلفائها المحليين مثل "حزب الله" أو "الحوثيين" ضمن توجهها ورغبتها في بناء "هلال شيعي" يضمن لها دوراً مهيمناً في الشرق الأوسط وتشكيل حواجز خارجية ضد أي تهديدات إقليمية.
استخدم النظام الإيراني ما أسماه بـ تصدير الثورة والطائفية كوسائل لتعزيز الولاءات الطائفية وتعبئة جنودها ما يمنحه قوة التأثير في الأحداث الإقليمية كلاعب إقليمي بدعم من الغرب باتجاه ترويض العرب لصالح الغرب، ويروق ذلك للملالي حتى ولو كلفهم رؤوس كافة قادة حزب الله اللبناني وحماس والحوثيين وقاسم سليماني وإبراهيم رئيسي، ويرى النظام أن انخراطه الإقليمي ضروري لحماية حدوده وأطماعه الاستراتيجية وإبعاد أي تهديد عسكري مباشر عنه، كما أن وجود ما يسمى بـ الحرس الثوري في قلب السلطة يمكّن النظام من فرض قبضته الحديدية على الشؤون الداخلية، وممارسة نفوذه في الخارج من خلال العمليات العسكرية والاستخباراتية، وعلى الرغم من ذلك كله يبقى النظام في أصعب خياراته حيث يفقد كبريائه وثقة أنصاره إقليمياً بعدما فقدها داخلياً.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. سيعاد تشكيل خارطة الشرق الأوسط.. السفير نبيل فهمي: دولتان تر
.. بينهم رئيسا -ميتا- و-آبل-.. شاهد من تم رصدهم داخل الكنيسة قب
.. 35-At-Tawbah
.. 37-At-Tawbah
.. -جنين شقيقة الروح-.. ما الرسائل التي أراد الناطق باسم كتائب