الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله وثدى الأنثى

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2024 / 10 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعجبتنى فكرة مقال قرأته للكاتبة/ فينوس صفورى, على الحوار المتمدن بعنوان: ثدياي الكبيران هما سر جاذبيتي وأنوثتي، رابط المقالة ‏فى نهاية المقال
واضح من العنوان أن فكرته جريئة من حيث أنه يتكلم عن عضو هام فى جسد الأنثى أى الثديان ومشاهدتهما يدغدغان مشاعر أى ‏رجل، وهذا شئ طبيعى أن جسد المرأة فى المجتمعات المغلقة ثقافياً يجذب نظرات الرجل خاصة فى أيامنا الحالية، ويجعل مقال كهذا ‏للأخت صفورى عن فخرها بأثداءها الكبيرة تجرؤ كبير على الفكر الدكتاتورى الذى يعزل ويحرم المرأة من حقوقها الكثير ومنها على سبيل ‏المثال حريتها فى إبراز جمالها بالطريقة التى تناسبها وبالطريقة التى تتوائم وتتناسب مع طبيعة المجتمع الذى تعيش فيه.‏

أقول بصدق أن المقال لا يحتاج إلى تصنيفه أو وضعه فى إطارات خاصة لأنه يتميز بأنه فكرة قضية قديمة كانت من المحرمات الحديث ‏فيها، لكن الكاتبة/ فينوس, وضعتنا من جديد أمام الأمر الواقع الذى يخجل وتخجل منه كثير من الفتيات والنساء، رغم أنه موضوع لا ‏جديد فيه من حيث أنه يتكلم عن جسد المرأة الطبيعية، لكن الجديد انه شكل صدمة ثقافية لكثير من الإناث الذين تراجعت ثقافتهم ‏ورضخوا للثقافة الذكورية قليلة الحياء والأخلاق وأصابتهم الأمراض النفسية للرجال وقيدت حريتهم بل وقيدت نظرتهم نحو جسدهم ‏والتصرف معه تصرف أمرأة طبيعية مخلوقة مثلها مثل الرجل لها وعليها ما للرجل بل أكثر.‏

أمرأة فى موقع فينوس صفورى تعيش بالولايات المتحدة الأمريكية معناه أنها وسط قمة الأنفتاح والحرية والفكر الجديد، وكل إمرأة لها ‏مطلق الحرية أن تصف ثدياها والخط الفاصل بين الثديين والذى تتفنن فيه كل أنثى لإبراز ضخامة الثدى بالقدر الذى يقصر أو يطول أو ‏بمعنى آخر أن تكون فتحة الصدر كبيرة وإظهار الخط الفاصل ليكون أطول ليكشف أكثر من حجم ثدياها، وهذه هى متعة كل أنثى فى ‏التفنن بأختياراتها لنوعية الملابس التى تناسب صدرها ولها الحق فى ذلك فى المجتمعات المفتوحة التى تسمح لك بأن تتمتع بجمالك ‏لكن لا تحجر على نظراتى عندما أجد أمامى جسد حى يبرز مفاتنه للجميع لأتمتع بالنظر إليه أنا أيضاً.‏

عندما تشاهد ثديان أو أرداف أمرأة بأنحناءاتهم الجمالية البديعة، بدلاً من أن تشكر الخالق على تواجد هذه المخلوقة لتبهج حياتك ‏اليومية، تثور شرايينك الدموية فى أسفل السرة من جسدك وتسب وتلعن الفاسدات والفاسدين؟ أصارحك: أنك تفعل ذلك لأنك لا تملك ‏بضاعة ولا صناعة ولا زراعة ولا ثقافة أفضل من هذه اللعنات التى لم يقبلها الخالق فى يوم من الأيام ، لكنك خجول فى الأعتراف ‏بحقيقة أنك لا تملك الحق ولا تقول ما يحبه الله وأنك لا تمتلك الصدق مع نفسك بأنك أكبر متخلف بين الأمم لكنه عسير عليك الأعتراف ‏بالحق فضيلة، لكن الأعتراف بالحق عندك وعند أمثالك ليست فضيلة بل لعنة دينية!!‏

يستفز الرجل العربى ملابس وجسد الأنثى وخاصة ثدياها لكن لا تستفزه مشاكل الفقر والفساد واللصوص فى مؤسسات بلاده، هل سيمطر ‏الله ناراً وحمماً ليهلك تلك الشعوب لأن بها أنثى كشف ذراعيها وثنايا ثدياها؟؟
فليفعل إن كان هذا الفعل خطأ، لكن الله لا يفعل شيئاً ضد هذه الأنثى وحريتها فى إبراز جمال صدرها، إذن المشكلة ليست المرأة وكشف ‏صدرها وليست المشكلة فى الله الذى يتركها حرة تفعل ما يعجبها، لكن المشكلة هى انتم يا رجال الأديان والثقافة القبيحة التى قبحتم بها ‏كل شئ إنسانى وجعلتموه نجاسة وفساد، ليس الله وليس البشر المشكلة بل أنتم يا رجال الجنس والغريزة الجنسية التى تتحكم فى ‏أعضائكم وتشل وتصيب عقولكم بالعقم الحضارى!‏

مشكلة الرجل مع أثداء الأنثى أوقفت لديه التفكير الحقيقى فى كون المرأة مساوية له فى كل شئ وبالتالى أنتقص من كرامتها وحقوقها، ‏وسلب الرجل المراة حريتها فى جسدها بل وهيمن عليها وعلى إرادتها العقلية والجسدية وأصبحت فى ازمنة الاديان تابعة له، لكن لو ‏رجعنا للحضارة المصرية سنجد أن للمرأة كل الأحترام والتقدير والتقديس وأن المساواة بين الذكر والأنثى هو وضع مفطور عليه المصرى، ‏أى كان المصرى يؤمن بالفطرة بالمساواة والزواج أو الرباط المقدس لأنه كانت يتزوج زوجة واحدة هى ربة البيت التى تتحكم فى كل شئ ‏والمسئولة عنه.‏

لكننا فى عصورنا الحاضرة المظلمة بظلمات الأديان تزايد الغباء الأنثوى تبعاً للغباء الذكورى وثقافته الجاهلية، وأجبر الرجل المرأة على ‏أن تخجل من شعرها وصدرها أو ثدييها رغم أنهما خلقة الله الخالق ولم يخلقهما عبثاً حتى يتم تشويه خليقة الله بأيدى البشر، لكن من ‏حسن الحظ أن عصرنا أتاح لنا قراءة مقال أمراة تفتخر بأثداءها الكبيرة ولا تخجل من إظهار محاسنهم بكل أدب واحترام، لكن قلة الأدب ‏وعدم الأحترام الذى يمارسه الذكور هو تحقير كل أنثى تكشف محاسن جسدها، ولا يفهم الرجل ولا يحاول تشغيل عقله العلوى بأن الأنثى ‏عندما خلقها الله بهذا الجمال وبأثداء صغيرة وأخرى كبيرة، لم يخطئ الله بل هذه هى إرادته العلوية والإله الخالق لا يحترم رجلاً عندما ‏ينظر إلى الأنثى تثور مشاعره الجنسية مهما كان شكل ملابسها، لأن رجلاً بهذه الصفات مريض نفسياً يعانى من الكبت الذى عليه ‏العلاج الفورى منه حتى لا يؤذى مشاعر جزء كبير وهام من المجتمع وهى المرأة.‏

وكما قلت فإن الطفل أو الشاب والرجل متى نشأ فى أسرة أو عائلة يحترم أفرادها بعضهم البعض ويعيشون على أخلاق إنسانية حقيقية ‏وليست مجرد مظهريات دينية، فإنه من المؤكد أن الرجل سينمو فى بيئة صحية أخلاقية لا يخجل فيها من رؤية جسد الأنثى فى عائلته ‏وبالتالى ستكون نظرته هى نفسها لكل أنثى أخرى تشكل العمود الفقرى فى المجتمع الإنسانى وليس المجتمع الذكورى العبودى، تلك ‏النظرة الأستفزازية الأستعلائية للمشاعر والجمال الإنسانى وخصوصاً عندما تنحط أخلاق الذكر بتهميش وتسليع جسد المرأة ودورها فى ‏المجتمع المتساوى لكننا نحتاج إلى الأنفتاح الحضارى على الثقافات الاخرى وأختيار ما يناسب عصرنا.‏

المرأة ليست جسداً صممه الخالق ليجعل غرائزنا تجبر عقولنا على الإنفصال عن الواقع الإنسانى والجرى وراء جياع الجنس والأخلاق،
من الأمور الغير منطقية أن نرى صانعى الحضارات العلمية القديمة وخاصة أجدادى فى العراق ومصر الإعجاز والألغاز يرسمون ‏وينحتون تماثيلهم وملكاتهم وأثدائهم ناهدة واضحة للعيان، ومع ذلك صنعوا حضارة يعجز الجميع عن حل ألغازها حتى اليوم، وأعمالهم ‏تشهد لهم فى زمانهم وحتى وقتنا الحاضر بينما المفروض فى شعوب اليوم ورثة حضارة مصر المتقدمة أن يكون على نفس المستوى بل ‏وأفضل وأن يستفيدوا من علوم أجدادهم وحياتهم الأسرية والأم ترضع صغيرها والزوجة تلف ذراعها حول خصر زوجها وكذلك الزوج، وهى ‏علامات تكشف تقدمهم الإجتماعى والاخلاقى والتعليمى، بينما نحن اليوم نخجل بل ونأتى بالحجج الضعيفة والساذجة على ضرورة تغطية ‏الجمال الذى خلقه الله ، وإلا لأتهمناه بالغباء لأنه يخلق الأنثى فى أحسن صورة بأثداء ناهدات لتجميل وجودهم فى المجتمع وإرضاع ‏صغارهم، وإلا لكان على الله الخالق أن يخلقهن مشوهات الوجه ومحجوبات الصدور والرؤوس، دون الحاجة إلى إصدار أوامر غيبية ‏سياسية بغرض فرض الإرادة الذكورية وتحجيم الوجود الأنثوى فى المجتمع، لكنها أفكار غير منطقية لعصور حجرية قديمة.‏

يعنى بأختصار الثقافة المصرية والعربية تحتاج إلى تهذيب وتأديب والبحث عن الأصول الحقيقية للحياة الإنسانية، حتى لا يموت الذكر ‏والأنثى بين طيات أزمنة التخلف والظلم والظلمات العربية التى لا ترحم أحداً مؤمناً كان أو غير مؤمن، علينا جميعاً تغيير نظرتنا إلى ‏الواقع ونتعلم مثلما غيرت الكاتبة فينوس من نظرتها إلى الحياة وإلى جسمها وإنفتاحها مع المجتمع، ولا يوجد من يستطيع التحرش ‏بجمالها لأن الجميع يعيشون تحت مظلة القانون وإحترامه معناه نجاح الوطن وسعادة البشر!!‏

رابط مقال الكاتبة/ فينوس صفورى:‏
‏ ‏https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=845472‎








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي