الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجال الدين عند العرب قبل الإسلام

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 10 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانوا يوجهون الناس توجيهاً روحياً دينياً، ويرعون حرمة المعابد والأماكن المقدسة. ومنهم من كانوا يرون أنفسهم ألسنة الأرباب الناطقة على سطح الأرض، ويراهم الناس حافظين لأحكام الدين يضعون قواعدها للناس. نعم، عزيزنا القارئ، عرف العرب رجال الدين قبل الإسلام بتينك التسمية والصفة "رجال الدين". كانت لدى العرب معتقداتهم الدينية، وقد توزعت وفق أثبت ما يروي المؤرخون على أكثرية موحِّدة، أي تؤمن بإله واحد، وأقلية تعتقد بتعدد الآلهة. نُدرجُ في سطورنا التالية أبرز مهام رجال الدين قبل الاسلام، والأدوار المناطة بهم بقدر ما تسمح به مساحة مقال. ونترك لكل من يقرأ سطورنا هذه، تحديد نسبة الفرق بين رجال الدين عند العرب قبل الاسلام وبعده، وعلى وجه التحديد في أيامنا هذه.
أطلق أهل الحجاز على رجال الدين لقب "سَدَنَة"، بمعنى "قَوَمة الأصنام ومتولو أمرها". هنا، يستدعي السياق تصحيح خطأ شائع لدى الكثيرين اليوم يتعلق بعبادة الأصنام. لم يكن العرب الموحِّدون يعبدون الأصنام بحد ذاتها ويتعبدون لها، وكذلك المؤمنون بتعدد الآلهة، بل كانوا يتقربون من خلالها إلى الله الواحد أو إلى الآلهة، كل حسب اعتقاده.
إلى جانب تولي أمور الأصنام ورعايتها، تولى السدنة أمر فتح البيت بمكة وغلقه. وقد حظيت الأسر التي تولت السدانة بمكانة كبيرة في قومها، حيث عُدَّت من الأسر الشريفة ذات النفوذ. وتجدر الإشارة إلى أن سدانة الكعبة انحصرت في بيت بني عبدالدار القرشي. وقد أقر النبي السدانة فيهم، عام الفتح.
ومن مهام رجال الدين قبل الاسلام، ما كان يُعرف ب"الإجازة". وسُمِّي من يتولى أمرها "المجيز"، وهو الذي يجيز الناس من المزدلفة إلى منى خلال الحج. ولقد استحق الذين أشغلوا موقع المجيز حرمةً ومنزلةً في قومهم، وقاموا مقام فقهاء القوم وعلمائهم ومفتيهم في أمور الحج(المعاني الكبير 3/1171).
كان العرب يستفتون فقهاءَهم وأهل الفتيا منهم فيما أُشكل عليهم من أمور الدين، فيفتي لهم هؤلاء ما يرونه من رأي واجتهاد. على هذا الأساس، تشير مراجعنا التاريخية إلى "أئمة العرب". وهم رجال دين من قريش على وجه التحديد، تولوا أمور المواسم والقضاء بعكاظ. ولقد عُدُّوا أمناء الناس على قبلتهم، وتولوا الإفتاء في الدين أيضاً. في موروثنا، الإمام رجل دين يُقتدى به(تاج العروس8/193 أمم). وتستخدم كلمة إمام، في معنى الرئاسة الدينية غالباً. وقد وردت في القرآن الكريم في سبعة مواضع في حالة الإفراد، وخمس مرات في حالة الجمع"أئمة" فشملت أئمة المؤمنين وأئمة الكفر. على صعيد الفقه، جعلته العرب خاصاً بالشريعة. فقهه تفقيهاً، أي عّلَّمَه. ومنه الحديث: اللهم علِّمهُ الدينَ وفقِّهه في التأويل، أي عّلِّمه تأويله(تاج العروس 9/402 فقه). أما الإفتاء، فيعني الإجابة عن مسألة. والفتيا أو الفتوى ما أفتى به الفقيه في مسألة(تاج العروس 10/275 فتى).
وذكر الإخباريون فتاوى وأحكام نُسبت إلى رجال وُصفوا ب"الجاهليين"، أخذ بها الإسلام وأقرها. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، ما ذكروه من إفتاء عامر بن جشم بن غُنم، المعروف ب "ذي المجاسد"، في التوريث على قاعدة للذكر مثل حظ الأُنثيين.
وكان الإستسقاء من أهم واجبات رجال الدين، ويندرج في سياقات دورهم في التوسل إلى الآلهة بحفظ القوافل ورفع الضر عن الناس وإنزال الرحمة بهم في سني القحط. كان العرب يستسقون، إذا أجدبوا. وقد عُرف عن أهل مكة في الاستسقاء "خروج رجل من كل بطن منهم، ثم يغتسلون بالماء، ويتطيبون، ثم يلتمسون الركن ويطوفون بالبيت العتيق سبعاً، ثم يرقون أبا قبيس، فيتقدم رجل منهم، يكون من خيارهم، ومن رجال الدين فيهم، ممن يتبركون به، فيدعو الله ويستغيث، طالباً الرحمة والغوث بالمتوسلين إليه"(د. جواد على: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج 6). وتذكر مراجعنا أن عبدالمطلب جد النبي، كان ممن استسقى لأهل مكة ولغيرهم مراراً(السيرة الحلبية 1/132).
يلفت النظر، أن تنفيذ الأحكام الدينية عند العرب قبل الإسلام لم يكن إلزامياً، إنما كان عن طاعة وموافقة. ولهذا أسباب عدة، منها أن العرب لم يكونوا كلهم على دين واحد يُلزم المرء بتنفيذ أحكامه. وكانت إطاعة أحكام الدين رهناً بمكانة رجل الدين، وبقدر ما له من هيبة ونفوذ بين قومه.
ونختم بالسؤال المومأ اليه في التقديم، ما تقديرك عزيزنا القارئ لنسبة الفرق بين رجال الدين قبل الإسلام وفي أيامنا هذه؟ ونسأل أيضاً: إذا طُلب إليك المقارنة والممايزة عزيزنا القارئ، فما النتيجة أو النتائج التي تتحفنا بها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام سرق كله
طاهر مرزوق ( 2024 / 10 / 25 - 18:12 )
الأستاذ/ عبدالله
كلامه كشف بالتفصيل سرقات محمد من أجداده وسماهم الجاهليين وصمت العرب الحاليين وانتصروا لعنصرية الإسلام، الذى سرق كل ما يحتويه القرآن والأحاديث من كتاب التوراة الذين يخافون قراءته لليوم حتى لا يصابون بالصدمة الكبرى ويكتشفوا أن محمد سرق كل قصصه من كتاب اليهود وأتهمهم بالتحريف حتى يحرم المسلمين قراءته لأنهم لا يؤمنون به،
لقد كشفت الحقيقة يا سيدى ويا ليتك تستمر فى كشف تلك الحقائق المسكوت عنها والتى يخفيها كل العرب المسلمون، أناشدك وأناشد كل كاتب يرتقى بضميره أن لا يسكت بعد اليوم على إخفاء الحقائق وكشف أكاذيب من يتصورون لليوم أنهم خير أمم الأرض!!
إنها مهزلة وجريمة يومية يرتكبها رجال الدين المسلمين فى حق شعوبهم وغير شعوبهم، لأنهم يصادرون حقوق الآخرين فى كشف الحقيقة وأصبح مثقفى اليوم كلهم منافقين وكذابون يدافعون عن ثقافة الإسلام العدوانية والإجرامية تماماً مثلها مثل اليهودية الصهيونية الإسرائيلية الإجرامية.
مقال رائع لكاتب رائع أسترجع ذكريات الحقيقة العربية قبل الإسلام المزيف مثله مثل بقية الأديان.


2 - باحث عن الحق
على سالم ( 2024 / 10 / 26 - 03:27 )
من المؤكد ان عرب ماقبل الاسلام كانت عندهم مصداقيه وشفافيه ونزاهه ووضوح فى الرؤيا بالاضافه الى الصراحه وعدم الكذب كما كان يفعل العرب اللئام مابعد الاسلام ؟ العرب المسلميين لسبب خبيث بدأوا فى تشويه صوره عرب ماقبل الاسلام ونعتهم بأوصاف شريره كاذبه , لذلك انا اقول لقد تم خداعنا والضحك علينا لكى نشترك فى حملتهم الاجراميه وهى تشويه صوره العرب الاوائل لذلك يجب ان ننتبه جيدا ونفرق بين الاصلى والزائف

اخر الافلام

.. إعادة ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس هل تم استخدام رموز شي


.. 107-Al-araf




.. 117-Al-araf


.. #شاهد يهود كنديون يقتحمون مبنى البرلمان ويردّدون شعارات مندّ




.. 100-Al-araf