الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل الشرقي والمرأة الشرقية: استبطان المرأة للهيمنة الذكورية

أشرف حسن منصور
أستاذ الفلسفة بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية

2006 / 12 / 30
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يعرف عن الرجل في بلاد الشرق نزعته المتسلطة تجاه المرأة و رغبته في السيطرة الدائمة عليها، و الحقيقة أن الرجل ليس وحده الذي يتصف بهذه الصفات، إذ تتصف بها المرأة في الشرق أيضا. إن السلطة الذكورية لا يمارسها الرجل فقط بل تمارسها المرأة أيضا باسم الرجل، و عالبا باسم الدين.

إن المشكلة التي تواجه أي محاولة لتنوير المرأة العربية هي كون هذه المرأة لا تتقبل التنوير في أغلب الأحيان، و هذا هو العائق الحقيقي الذي يقف أمام تحرر المرأة في الشرق الإسلامي. لقد استبطنت المرأة العربية مجموعة القيم و الأفكار الذكورية و أصبحت جزءا من عقليتها بحجة أنها تعاليم الدين. فعلى سبيل المثال يتم إقناع المرأة الآن بما يسمى بالزي الإسلامي و الحجاب باعتباره دليلا على التدين و العفة و التقوى، و تأخذه المرأة العربية على أنه كذلك بالفعل نظرا لأن الدين يأمر بذلك. و هكذا يتم إقناع المرأة بمجموعة من القيم و المعايير التي تحكم بها على نفسها و تنظر بها إلى مظهرها و سلوكها هي في حقيقتها جزء من الخطاب الديني السلفي الناتج عن الوضع المتردي الذي وصل إليه المجتمع المدني. و نتذكر أن رمز النهضة في مصر كان تمثال محمود سعيد الذي يصور أبي الهول واقفا على قدميه الخلفية متأهبا للقيام بد أن كان جالسا لآلاف السنين، و إمرأة تكشف عن وجهها. و نتذكر أيضا أن النساء في ثورة 1919 خلعن النقاب و كان هذا بداية حدوث تغير كبير في نظرة المرأة إلى نفسها و دورها في المجتمع. لكن للأسف، فمع الانهيار الذي أصاب آمال التحرر و النهضة العربية حدثت ردة عن محولات التحرر الأولى للمرأة. و لا تجد التيارات السلفية موضوعا تمارس عليه سلطتها أفضل من المرأة، إذ تصر هذه التيارات على إرهاب المرأة بتخويفها مما ينتظرها من عذاب في القبر و في جهنم إذا لم ترتدي الحجاب.

و ليست المشكلة قاصرة على هذه التيارات في حد ذاتها بحيث يكون الحل مناقشتها و نقد رؤيتها و حسب، ذلك لأن أفكار هذه التيارات أصبحت قيم و معايير استدمجتها كثير من النساء و أصبحت جزءا من تفكيرها. المشكلة إذن مع المرأة العربية ذاتها غير المقتنعة بقضية تحررها و المستدمجة للخطاب السلفي حول ذاتها. حجاب المرأة هو الجبهة الأولى في معركة الإسلام السياسي، و قد نجح في كسب جانب كبير منها، و انتصاره في هذه الجبهة يفتح أمامه الباب واسعا لتحقيق انتصارات في جبهات أخرى، فمن السهل بعد إقناع المرأة - التي هي نصف المجتمع - بالقيم السلفية فيما يتعلق بمظهرها و جسدها إقناع بقية المجتمع ببقية القيم السلفية الأخرى.

يجعل الخطاب السلفي من المرأة "تابو" أي شئ محرم: جسد المرأة عورة، حتى الكف و الوجه، و صوتها عورة، و إسمها عورة. و لا يؤدي هذا الخطاب إلى تعامل صحي و سليم مع قضية الجنس بل يزيدها تعقيدا، فكلما بولغ في كبت جنسانية المرأة و قمعها كلما أصبح الجنس مشكلة أكثر صعوبة و زادت الحساسيات بين الجنسين و زاد سوء التفاهم. و لا تؤدي تغطية جسد المرأة إلى التخلص من غوايته كما تبغي هذه التيارات، بل إن الغواية تزداد و تستفحل، لأن المجتمع يصبح أكثر هوسا و حساسية بجسد المرأة.

يكشف إصرار الاتجاهات السلفية على حجاب المرأة عن عدد من الخصائص المتعلقة بهذه الاتجاهات، و منها: تركيز هذه الاتجاهات على المظهر و الشكليات و الشعائر، و اختزال قضايا الأخلاق و الفضيلة في قضية الملبس، و الاغتراب عن المجتمع بأن يتم عزل المرأة عنه و المناداة بعودتها للمنزل، و هي أفكار تمثل ردة و نقوصا عن الإنجازات التي تحققت بالفعل في مجال تحرير المرأة ابتداء من دعوة قاسم أمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ?ول مرة في السعودية.. عرض لم?بس السباحة النسائية في جزيرة أم


.. خطة عمل موسعة وتغيرات مهمة في مخرجات ختام مؤتمر المرأة السور




.. حرائر السويداء بعيداً عن الدم حراكنا سلمي


.. زمزم سعيد نجيبة نازحة من بلدة بيت ليف وأم لخمسة أطفال




.. فاطمة حسين عباس نازحة من بلدة عيترون الحدودية