الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحياة أقصر مما نتصور،لكنها فرصة أن نترك بصمة طيبة
ديار الهرمزي
2024 / 10 / 30الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إذا أدركنا أننا مجرد ومضة عابرة في عمر هذا الكون فإن هذا الوعي يجعلنا نتوقف عن الجري وراء متع الحياة الزائلة ونركز على القيم الخالدة مثل التسامح، حسن النية والسلام الداخلي.
إنها دعوة لأن نجعل ضميرنا حيًا ونزرع الخير الذي يبقى أثره حتى بعد رحيلنا.
فبينما تندثر الأشياء المادية يبقى الأثر الطيب والسيرة الحسنة التي يخلّفها الإنسان جزءًا من ذاكرة الإنسانية.
هذا التأمل يدعونا إلى إعادة النظر في نظرتنا للحياة وقيمتها ويحثنا على التركيز على ما هو حقًا مهم.
قد نشعر في حياتنا بالانشغال بملاحقة المكاسب والإنجازات التي تدوم لعقود أو سنوات قليلة، لكن لو تأملنا من منظور أوسع سنجد أن حياة الإنسان قصيرة جدًا بالنسبة لعمر الكون وأن قيمته الحقيقية ليست في ما يملكه أو ما ينجزه من مكاسب مادية بل في ما يتركه من أثر طيب وسيرة حسنة.
عندما ندرك أن حياتنا في النهاية ومضة عابرة، وأن كل الأشياء التي نبنيها أو نمتلكها ستنتقل يومًا ما إلى آخرين لا تربطهم بنا أي علاقة أو ذكرى فذلك الوعي يجعلنا نتوقف لنفكر..
هل نسعى وراء أشياء زائلة؟
هل نملأ حياتنا بأحلام تحقيق أمور مادية فقط، والتي ستنتهي بمجرد رحيلنا؟
لماذا ننشغل طوال الوقت بما سيتركنا ونتركه؟
هذه الفكرة العميقة تساعدنا على وضع الحياة في منظورها الصحيح.
إدراكنا بأن الحياة مؤقتة يجعلنا ندرك أهمية التسامح والتعامل مع الناس بحسن النية.
فالتسامح ليس مجرد تساهل أو تسامح سطحي بل هو قرار بأن نسامح الآخرين على أخطائهم ونسمح لأنفسنا بأن نتجاوز أي صراعات أو خلافات.
هذا يعود إلى الفهم العميق بأن الإنسان ضعيف ومحدود، وأن الحياة قصيرة جدًا بحيث لا تستحق ملئها بالضغائن والكراهية.
بهذا المفهوم نتعلم أن نتعامل مع الآخرين برحمة وتفاهم ونتجاوز عن الزلات.
الفكرة من وراء الضمير الحي هي أن نحمل بداخلنا شعورًا مستمرًا بالمسؤولية تجاه كل فعل نقوم به أن نكون واعين لأفعالنا ولأثارها على الآخرين.
الضمير الحي يجعلنا نتصرف بعدالة ونزاهة ليس فقط لأننا مراقبون من قبل قوانين أو مجتمع، ولكن لأننا نريد أن نعيش بمبادئنا ونحافظ على قيمة إنسانية صادقة بداخلنا.
هذه العدالة الداخلية تدفعنا إلى تقييم أفعالنا والحرص على أن تكون منصفة للجميع.
بينما نسعى لجمع المال أو تحقيق الشهرة علينا أن ندرك أن المكاسب المادية زائلة.
بعد مئة عام لن يتبقى شيء من تلك المكاسب، وسيكون كل ما صنعناه مجرد ذكرى باهتة.
في المقابل الأثر الطيب كالمساعدات التي قدمناها للآخرين أو الدعم الذي زرعناه في قلوبهم يظل مستمرًا حتى بعد رحيلنا.
هذا التفكير يجعلنا نركز على ما يمكن أن يظل بعدنا مثل العلاقات الإيجابية والأفعال الحسنة التي تحدث فرقًا في حياة الناس.
يدعونا التأمل إلى أن نسعى جاهدين لاستثمار وقتنا في أعمال الخير والعمل الصالح.
هذا لا يعني فقط القيام بالأعمال الكبيرة، بل يشمل أيضًا الأشياء البسيطة التي يمكن أن تزرع السعادة أو تسهم في تحسين حياة الآخرين.
من المهم أن ندرك أن الحسنات والأعمال الصالحة هي ما يبقى لنا عند رحيلنا وتصبح جزءًا من إرثنا الحقيقي.
عندما ندرك أن نظرة الناس لنا وما يعتقدونه عنّا ليست بالأهمية الكبيرة فإننا نتحرر من عبء القلق حول كيف يرانا الآخرون.
كل شخص مشغول بمسيرة حياته وأفكاره وأحكامه مؤقتة ولن تتذكره الأجيال القادمة.
بهذا الفهم يصبح من الأسهل التركيز على عيش الحاضر بسلام وترك القلق بشأن الانطباعات التي ستزول كما نزول نحن.
الحياة القصيرة تدعونا إلى السعي نحو السلام الداخلي بمعنى أن نعيش بسلام مع أنفسنا ومع الآخرين.
هذا السلام ينبع من السعي للعيش بأخلاق حميدة وباحترام وتقدير للإنسانية والتعامل مع الآخرين كما نحب أن يعاملونا.
حسن الخلق يُعزز الشعور بالراحة النفسية ويجعل حياتنا مليئة بالرضا، بعيدًا عن الصراعات أو الحقد.
هذه الأفكار تدعونا لأن نعيش حياتنا بشكل مختلف:
نفهم زوالنا ونعمل على ما يبقى من أثر حسن.
نتبنى التسامح ونعمل بحسن نية مع الجميع.
نحافظ على ضمير حي ونعمل بعدالة في علاقاتنا وتصرفاتنا.
نركز على الأفعال التي تدوم وليس على المكاسب الآنية.
نتوقف عن التفكير في أحكام الناس ونعيش بسلام وهدوء داخلي.
الحياة أقصر مما نتصور، لكنها فرصة لأن نترك بصمة طيبة تتجاوز زمننا وتصبح جزءًا من إرث الإنسانية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إدارة الشؤون السياسية في دمشق تسلم صحفيا أمريكا كان مختطفا م
.. تركيا تعلن استئناف عمل سفارتها في العاصمة السورية دمشق
.. مشاهد من داخل سجن المزة العسكري بدمشق بعد سقوط نظام الأسد
.. كاميرا مراقبة تكشف سرّ الحريق القاتل في دار لرعاية المسنين ب
.. محكمة الاستئناف الأميركية ترفض طلب -تيك توك- بوقف حظر التطبي