الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة والتنظيمات الثوريّة - العقائديّة: اشكاليّة تحديد معايير النصر والهزيمة وطرق احتساب الأرباح والخسائر على المستوى الوطني

عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)

2024 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


هناك اختلافُ، وخِلافٌ، هائل بين الدول وبين "التنظيمات" والأحزاب (الثوريّة- العقائديّة) في تحديد مؤشّرات وطرق معيّنة لاحتساب الأرباح والخسائر، وفي اعداد تقديرات الكلفة والعائد (على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي)، وأيضاً في صعوبة الاتفّاق على معايير مُحدّدة يستند إليها مفهوما النصر والهزيمة (على الصُعُد كافّة، بما فيها الصعيد الوطنّي).
وفيما يختصُّ باتّخاذ قراراتِ السلم والحرب، فإنّ الفرضيات (أو المقدّمات) المنطقيّة لكلّ طرف، وتحديد مسؤوليّة النتائج المنطقيّة المترتبة عليها، هي الأخرى موضوعَ خِلافٍ هائل بين الطرفين.
مثلاً..
إذا قرّرَت هذه "التنظيمات" اتّخاذّ قرارٍ بالحرب مع "العدوّ" لنُصرةِ قضيّةٍ ما، فإنّ معيارَ "النصرِ" في هذا الصراع يُمكِن أن يقتصِر على وجود مُقاتل واحد أخير لم يتمكّن العدوّ من قتله بعد خلال هذه "المواجهة".. بل وحتّى إذا تمّ قتل هذا الشخص فإنّ "فكر" التنظيم الثوري، و"فكرته" ستبقى حيّةً في صفوف أولئكَ المؤمنينَ بها في كُلّ مكان.. وهذا هو التجسيد الحقيقي لمفهوم "النصر الاستراتيجي"، و "الانجاز الحقيقي" الذي يتأسّس ويستنِد إلى منطقّ "الحقّ"، وليس إلى مفهوم "النصر العسكري" القائم على منطق التعسّف في استخدام "القوّة" لدى "العدوّ".. وفي نهايةِ المطاف، سينتصِر منطق "الحقّ" على منطق "القوّة"، أيّاً ما كانت الخسائر الماديّة أو البشريّة المُترتّبة عليه، وأيّاً ما كان حجمُ الخراب.
أمّا الدول فلديها معايير وطرق احتساب أخرى تستخدمها للتعامل مع "مفردات" و "مفاهيم" كهذه، وبما يسمح لها بتقدير "كمّي" للأضرار والأرباح والخسائر والعوائد والتكاليف المترتبّة على اتّخاذ قرار الحرب مع "الأعداء"، وعلى وفق ذلك تقوم بتقييم النتائج على المستوى (الكُلّي- الوطنّي)، وليس على المستوى "الجزئي" للتنظيم الثوريّ.
فالدول عادةً لها قائمة طويلة من خيارات المواجهة مع "العدوّ"، وهي تختار منها ما يُكبّدها أقل كلفة ممكنة، ويحقّق لها أكبر عائد ممكن.. أماّ الأولوية القصوى فتكون دائماً (إن لم تكن أبداً) لمُحاولة تفادي الحروب والصراعات مع "الآخرين" بكلّ الوسائل الممكنة.
ولهذا تجد أن الدول هي أكثر اهتماماً من التنظيمات (الثورية - العقائديّة) بتداعيات هذه "المواجهة" على مؤشرات ومعطيات رئيسة منها: تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي (معدّل النمو الاقتصادي)، واستدامة مصادر توليد هذا الناتج، ومدى الضرر الذي قد يلحق بالبنية التحتيّة الأساسية، وكُلَف إعادة الإعمار، وتفاقم معدلات البطالة والفقر والحرمان بسبب النزوح والهجرة وفقدان الدخل الدائم للمُعيل، واستنزاف الموارد البشريّة نتيجة عمليات القتل والإعاقة الجسدية والنفسيّة للقوى العاملة، وهدر "وقت" التعلّم والتعليم و "التطوّر" والتنمية، بسبب غلق المدارس والجامعات، إضافةً إلى تعميق الانقسام المجتمعي، وزيادة تهميش دور الفئات الأكثر هشاشة من السكان، تلك التي تتحمّل أكثر من غيرها نتائج الحروب والصراعات، دون أن يكونَ لها ايّ دور في اتّخاذ قرار خوضها أصلاً.
من هو "المُنتصِر"، ومن هو "المهزوم" بعد هذا كُلّه؟
من هو على "حقّ"، ومن هو على "باطل" في نهاية المطاف؟
هل مقاربات "الدولة" في ادارتها لموضوعاتٍ كهذه هي الصحيحة والسليمة، أم هي مقاربات المنظمّات، والتنظيمات، والأحزاب الثوريّة – العقائديّة التي تعتمد منهجاً خاصّاً للتعامل مع هذه الموضوعات؟
أرى (وقد أكونُ مخطئاً طبعاً)، بأن الإجابة الصحيحة "نسبيّاً" عن اسئلةٍ كهذه (على المدى المتوسط والطويل) ستقرّرها الحقائق والوقائع على الأرض.. وأيضاً ما ستعمل على ترسيخه واستدامته، قيم ومباديء ومعتقدات السماء.
اختيار مجتمعات ما للدولة، أو تفضيلها لغيرها من "التنظيمات"، هو ما سيقرّر مصير هذه المجتمعات، ومصير أوطانها معاً في نهاية المطاف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان: حزب الله يتمسك بسلاحه ويؤكد أن التهديدات الإسرائيلية


.. قادة مجموعة بريكس في ريو دي جانيرو لمواجهة سياسة دونالد ترام




.. محتجون ضد شركة أمريكية لدورها في -قتل منتظري المساعدات- بغزة


.. أزمة مياه حادة في غزة وتحذيرات من اتساع رقعة العطش




.. لحظة وقوع غارات إسرائيلية على مناطق عدة في جنوب لبنان