الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنين الأطفال: صرخات في صمت البيوت-

هيفين عمر

2024 / 11 / 1
حقوق الاطفال والشبيبة


في زوايا عالمٍ موحش، حيث تُغلف الأقدار براءة الأطفال بسواد العنف الأسري كأصداء مخفية في جدران خانقة، يعيش الصغار ككائنات حائرة، يتقلبون بين ذبول الأحلام ونشوة البراءة. تترائى لهم عيون الماضي، ترقص فيها لحظات سعيدة، لكنها سرعان ما تنكسر تحت وطأة الذكريات المأساوية، فتتحول ضحكاتهم إلى صرخات استغاثة تُحلق في سماء لا تُجيب. كم تُدمي قلوبهم المُنهكة عندما يُزج بهم في معترك صراعات الكبار، فتتحول منازلهم إلى ساحات قتال، وتُفرغ فيها معاني الحب ليحل محلها الغضب والتشاحن، كأنهم يتوسدون خرافات أملٍ مكسور.

تُفترس البراءة في حلبة الصراع الأسري، حيث يُستخدم الأطفال كأدوات لتصعيد الأحقاد، وكأنهم حطام سفينة غرقت في عواصف الجفاء. إنهم شهودٌ صامتون على مشاهد درامية تمزق نسيج العائلة، فيتحولون إلى ضحايا في معركة لم يخوضوها. تسقط الأيادي التي كان يُفترض بها أن تحميهم، لتجسد العنف بطرق شتى، بينما يتقلبون في لجة من الذكريات المؤلمة، يُحيون فيها شعور الفقد كرفاق دائمين. يشعرون بتفكك الروابط، كحبات اللؤلؤ التي تسقط من عقدٍ مكسور، ويفقدون الأمان الذي كان من المفترض أن يحميهم.

مع كل صدمة يتعرضون لها، تنمو أزهارٌ من الألم في حدائق قلوبهم. مشاعر الغضب والقلق والفراغ تتشابك مع خيوط الطفولة الرفيعة، فينسجون معًا نسيجًا من الحزن والخوف، ويستمرون في طرح تساؤلاتٍ بائسة: لماذا نحن الضحايا في هذه الحرب الأهلية العائلية؟ ما الذنب الذي اقترفناه لنجابه هذا الجحيم؟

وبينما تتجذر مشاعر الخذلان في نفوسهم، قد تُفاجئهم شرارة الأمل كفجرٍ باكر يتسلل عبر نوافذ عقولهم المظلمة. فحتى في أحلك اللحظات، قد تظل الأبواب مُشرعة أمام إمكانية الشفاء. هم بحاجة إلى أيادٍ تمتد نحوهم، لتمسك بأرواحهم الممزقة، ولتُعيد لهم الثقة في الحب. إن كان هناك من يستمع لقصصهم المُؤلمة، من يُعيد إليهم صوتهم المسروق، فربما يمكنهم أن يستعيدوا القدرة على الحلم، على الابتسام من جديد.

لكن السؤال المحوري يبقى: كيف يمكن لقلوبٍ مكسورة أن تتعافى وسط هذا الكم الهائل من الألم؟ كيف يمكن لمن تجرعوا مرارة الفراق والإهمال أن يستشعروا دفء  الأمل في قلوبهم؟ إن الجواب هو في الوعي الجمعي، في ضرورة أن يُلتفت إلى معاناتهم، وأن يُنظر إليهم ليس كضحايا، بل كأبطالٍ قادرين على تجاوز ما لا يُحتمل.

لنعمل على إعادة صياغة قصصهم، لننسج خيوط الأمل التي تُضفي على الألم معاني جديدة. لنُشيد لهم عوالم من الحب والتفهم، حيث يتجلى الفرح في أبسط التفاصيل. ولنتعهد بأن نكون الحماة الذين يُعيدون إليهم الأمان، لنُعلمهم أن لكل جرحٍ قصة، ولكل أملٍ فرصة للإزهار.

دعونا نمنحهم الأدوات اللازمة لإعادة بناء ذواتهم، ولنسهم في تحويل عذاباتهم إلى قوة. إذ أن في تلك المعاناة، يكمن جوهر الحكمة، وفي عمق الألم، قد يتجلى معنى الحياة. فلتكن قصصهم شعلةً تنير دروب الآخرين، ولتكن معاناتهم درسًا يُلهمنا جميعًا للعمل من أجل عالمٍ يخلو من العنف، حيث تُزهر قلوب الأطفال بالحب، ويستعيدون حقهم في طفولة آمنة، ملؤها الفرح والأمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة ب


.. ناشطون فلسطينيون يتداولون فيديو لتنكيل وإذلال بحق الأسرى في




.. إيران تواصل سياسة -اعتقال الأجانب-


.. -سجن إيفين-.. حقائق عن معقل التعذيب في إيران




.. ماذا عن موقع الأقليات في مستقبل سوريا؟