الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أربعينية رحيل المناضل الوطني ، الشيوعي نعيم الأشهب

سعيد مضيه

2024 / 11 / 2
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


نعى حزب الشعب الفلسطيني الرفيق نعيم الأشهب، أحد قادته المتميزين، بعد حياة حافلة بالنضالات السياسية والفكرية والتنظيمية. قطع أبو بشار درب الألم والأمل، محلفا ذكريات المناضل المثابر في درب التحرر الوطني. ينحدر الرفيق نعيم من أسرة قدمت التضحيات ضمن حركة التحررالفلسطينية: استشهد شقيقه الأكبر برصاص جنود الاستعمار البريطاني أثناء اشتراكه بثورة 1936-39. تحدث في مذكراته"في دروب الألم والأمل" عن الجهود للبحث عن موقع ضريح الشهيد في ما كان في حينه برية مقفرة، والتردد على زيارته. وشارك الشقيق الثاني في مساندة الثورة ـ حيث اعتقل واودع معتقلا قرب حيفا. وهناك التقى مع رفاق من عصبة التحرر الوطني وجذبته مبادؤها الوطنية . بعد تدخل الجيوش العربية شرعوا أولا يلاحقون افراد عصبة التحرر الوطني؛ طارد الجيش المصري عناصر عصبة التحررفي غزة والخليل، وتقصد القائد الثوري، فؤاد نصاروهو في غزة. بقيادته قامت العصبة فيما تبقى من فلسطين –الضفة وقطاع غزة- بإصدار بيانها الاول بعد النكبة(حزيران 1948) يستنهض الآمال المغدورة، و يطالب الجيوش العربية الرجوع الى بلدانهم وتوجيه حرابهم نحو الأنظمة العميلة. وزع البيان حتى داخل ثكنات الجيوش العربية بتوقيع عصبة التحرر الوطني. التجربة الكفاحية الطويلة علمت فؤاد نصار ان الأنظمة العربية في ذلك الحين، وجميعها تابع، لن تخرج عن مشيئة الامبريالية، ولن تعطل مشاريعها بالمنطقة. لم تكن الجيوش المتدخلة مؤهلة، من حيث العدد والخبرة القتالية، لخوض الحرب مع العصابات الصهيونية، ولم يستهدفوا إنقاذ فلسطين ؛ إنما كان هدفهم منع قيام الدولة الفلسطينية. جرى اعتقال عودة الأشهب إثر توزيع البيان على نطاق واسع في مدينة الخليل وأرسل الى سجن غزة ، حيث حول مع مجموعة من الرفاق أعضاء العصبة المعتقلين الى معتقل داخل صحراء سيناء؛ هناك عثرت عليهم مفرزة من الجيش الإسرائيلي ونقلتهم الى سجن داخل إسرائيل . اطلق سراح عودة الأشهب مع عدد من الرفاق التحقوا بالحزب الشيوعي الإسرائيلي .
اما نعيم فقد عرف معتقلات الأردن منذ نعومة اظفاره، إذ تميز بالجسارة والحيوية والذكاء . شرع جون باجيت غلوب، القائد البريطاني للجيش الأردني، حملة الإرهاب واعتقال السياسيين بالضفة قبل وحدة الضفة مع الأردن . كان الدرك الأردني يتبع مباشرة قيادة الجيش. لوحظ منذ البداية دأبُهُ على تقديم الدرك وتحويلاتهم مع خيولهم على القرويين كوجه لشعب الأردن الشقيق . اعتقل الرفيق نعيم في بداية عقد الخمسينات، وأرسل الى معتقل بصحراء شرقي الأردن. ثم تعرض الأردن لتدخلات من أجل الانضمام لحلف بغداد الاستعماري، وتردد لهذا الغرض، اوائل خمسينات القرن الماضي،على الأردن مبعوثو الامبريالية. ومع كل زيارة كانت تجري الاعتقالات بالجملة كي تعطل قيام المظاهرات. ورغم ذلك كانت الجماهير الملدوغة من النكبة تتحدى مخططات الامبربالية ؛ لذلك وضع الحزب ترتيبات العمل خلف الشاشة للرفاق المهددين بالاعتقال ، ومنهم الرفيق نعيم. أشرف على التنظيم في منطقة القدس التي كانت تضم مدينة القدس وأريحا ومخيماتها ومدينة بيت لحم وريفها. لعب دورا فاعلا في الانتفاضة الشعبية المناهضة لحلف بغداد التي وضعت حدا للأحلاف العسكرية العدوانية بالمنطقة في تلك الحقبة.
إثر انقلاب إبريل 1957 داهمت الشرطة بيتا ينام فيه الرفيق نعيم، لكنه تمكن من الإفلات من أيديهم ومارس النشاط خلف الشاشة حتى اعتقل مع مطبعة الحزب السرية في أحد تلال عمان قبيل عدوان حزيران 1967.
التقيت بالرفيق نعيم الأشهب في صيف 1957 بعد الانقلاب العسكري، حيث اعتقل وطورد عدد كبير من الشيوعيين وعناصر من الأحزاب الأخرى. كنت مطلوبا للأمن متزوجا حديثا وطلب مني الحزب البحث عن بيت في عمان بأوصاف معينة. التحقت بي زوجتى مع الطفل البكر ، نضال، لتكون ربة بيت خصصه الحزب لإصدار المطبوعات العاجلة. كان يطلق على إصدارات الحزب مفهوم "الجهاز"، و اطلق على البيت الحزبي بيت الجهاز. المهمة طباعة البيانات وجريدة منطقة عمان الحزبية والكراريس السياسية والفكرية التي يصدرها الحزب . تقليد لينيني استنه الرفيق فؤاد نصار بان الثقافة السياسية والفكرية لرفاق الحزب مهمة تحتل المقام الأول من اهتمام الحزب. حضر نعيم الى البيت في صيف 1957، ليستقرمع الأسرة على انه شقيق زوجتي؛ واحضرت معدات الطباعة. جاءت نسوة من الجوار للتعرف كالعادة. خاطبني نعيم بالكنية "ابو فؤاد" ، وحمل نضال منذ ذلك الحين الاسم المستعار " فؤاد" طوال ثماني سنوات ، لكنه عاد فيما بعد الى اسمه الأصلي ؛ اما انا فاحتفظت بالكنية التي اطلققها الرفيق نعيم.
عرفت في نعيم منذ الأيام الأولى الحرص العاني على إتقان عمله. بعد طباعة المادة على الشمع، يفرد لوح الشمع على لوح زجاجي تحته ضوء، ويشرع بتفحص أحرف النص وجر راس القلم المعدني المدبب على الأحرف غير الواضحة، وذلك قبل ان يركّب لوح الشمع على آلة الستانسل. كان حريصا على أن لا تفوت أبسط فكرة على رفاق الحزب وأصدقائه؛ كان بذلك يجهد بصره الضعيف أصلا ، ولكن الواجب الحزبي كان الأهم في اعتبار نعيم الأشهب . كنت أشارك في بقية الإجراءات ونقل المواد المطبوعة الى بيت حزبي آخر يتولى توزيعها.
توقف النشر لمدة عام كامل في ظروف اشتداد الهجمة الأمنية إثر حركة عبد الكريم قاسم بالعراق، حيث تفكك حلف بغداد والاتحاد الأردني – العراقي الذي أقيم ردا على وحدة مصر وسوريا. بعد فترة زمنية تزوج الرفيق وهو خلف الشاشة، وا نتقل ليقيم مع زوجته في بيت"الجهاز". واصل طباعة المواد الحزبية الى ان اعتقل . التقيت ثانية بالرفيق نعيم في سجن عمان المركزي؛ كنت معتقلا منذ شباط 1966، نقل الرفيق نعيم من معتقل العبدلي ، حيث دائرة المخابرات، الى السجن المركزي وأودع في قسم معزول تفتح نوافذه على "الشبك"، الباحة الشمالية.تبادلنا الأحاديث، هو من الداخل وانا من الخارج الى ان نقل من السجن . نقلت بعد ئذ ووضعت في زنزانة مجاورة لزنزانته بسجن الزرقاء العسكري. بعد عدوان حزيران أفرج عن الرفيق نعيم ذات ظهيرة ( ربما في 16 جزيران) ، وتسلل مباشرة الى الضفة الغربية، ووصل بيت الأسرة بالقدس مساء ذلك اليوم، ما أتاح له التواجد بالقدس قبل إجراء الاحتلال للإحصاء السكاني. ثم أفرج عن بقية الشيوعيين المعتقلين في ساعات المساء.
تسللتُ الى الضفة والتقيت بالرفيق نعيم واتفقنا على إصدار بيان في منطقة الخليل يرفض الاحتلال. انجز البيان وحمل توقيعات 27 من العناصر الوطنية وتمكنت من إيصال نسخة البيان الى الرفيق نعيم ، الذي حوله بدوره لينشر بالخارج. اعتقلتني سلطة الاحتلال ، إذ علمت انني اقف وراء البيان، ومكثت بالسجن خمسة أشهر كان الرفيق خلالها قد تعرض لمحاولة اعتقال وتمكن من الإفلات. عاد للعمل خلف الشاشة الى ان اعتقل في بدايات عقد السبعينات؛ بقي في سجون إسرائيل الى ان حرك الحزب حملة ضد الاعتقال الإداري ، الذي وضعه الانتداب البريطاني . للتخفيف من الحملة اطلق الاحتلال سراحه مع عدد من المعتقلين الإداريين مع النفي خارج الضفة. اسندت اليه مهمة الإشراف على أنشطة الحزب بالخارج.
الحرص الدؤوب على الإتقان تجلى أيضا في كتاباته الفكرية والسياسية ؛ كتاباته تكشف عن رفيق واسع الاطلاع ومثابر. كان مدافعا شرسا عن نقاء الفكر الماركسي وعن نهج الحزب السياسي والفكري، لمّاحا يرصد أدنى انحراف أو مغالطة، ولا يهادن؛ دقيقا يهتم بالتفاصيل ؛ وكان يفكر خارج الصندوق، ملتزما بالمبدئية الماركسية، مارس التفكير النقدي في كتاباته في مجالات متعددة ؛ من كتاباته نتوقف حيال مثقف واسع الاطلاع يتابه باضطراد التحليلات، يقارن ويدقق ويستخلص. مارس النقد من منطلق التحالف ، مترفعا عن الإساءة او الشخصنة، وغير متجاوز عن الاخطاء.
كتب في 24 أيلول 2016 "أربعون عاما على رحيل القائد الوطني والأممي فؤاد نصار" يلفت الانتباه الى أن " ما كتب عن أبي خالد لم يأت على واحدة من أبرز، إن لم تكن أبرز خصاله الثورية وأشدها تعبيرا عن روح التضحية التي كان يتحلّى بها في سبيل قضية الشعب والوطن، وهو اختياره، عن وعي كامل، ﻷشد ساحات معركة الشعب الفلسطيني، خلال النكبة وبعدها، صعوبة ووعورة للعمل والنضال.... فؤاد نصار ابن الناصرة ، عزف عن العودة اليها إثر اتضاح تدمير المجتمع الفلسطيني وهبوط حالة القنوط والإحباط بكل همومها. تكفل القائد الثوري بتبديد الحالة . الرفيق الذي مارس قيادة الكفاح المسلح إبان ثورة الثلاثينات، ومارس النشاط السياسي والنقابي ( والفكري)، بشجاعة نادرة، ولقدراته على اتخاذ القرار في أصعب وأعقد القضايا، ولصفاته في التواضع والزهد والتضحية، في سبيل الوطن والشعب، هذه الصفات التي نفتقر الى الكثير منها هذه اﻷيام". أضاف: " وإذا كانت الشيوعية أو أكثر تحديدا، الفكر الماركسي، سلاح الطبقة العاملة اﻷيديولوجي ، حالة موضوعية في المجتمات المعاصرة ، تفرض نفسها وتظهر، إن عاجلا أو آجلا، فإن اختيار فؤاد نصار للبقاء في المنطقة التي أصبحت تدعى الضفة الغربية، شكل عاملا حاسما في استمرار الوجود والنشاط الشيوعي في الضفة الغربية وقطاع غزة... وفي إطار الحرص على تأمين مقومات هذا النشاط واستمراره ، حَرِص أبو خالد، منذ البدء، على نقل مطبعة الحزب(يقصد عصبة التحرر) ، التي كانت تطبع صحيفة اﻹتحاد ، من يافا الى بيت لحم ، ووضعها في قبو بيت الشيوعي المخضرم عبد الله البندك، ومن بعد ذلك الى بيت سري في بيت جاﻻ--، قبل أن تستقر في عمان، عقب تشكل الحزب الشيوعي اﻷردني في أيار 1951".
أشار الى إصدار جريدة حملت اسم " المقاومة الشعبية" ناطقة بلسان العصبة في ما تبقى من فلسطين. والى جانب التحليل السياسي للنكبة حمل العدد الأول من الجريدة ( كان الرفيق عبد العزيز العطي يوصلها متسللا الى غزة) مقالة عن المعاملة المشينة للدرك الأردني بالضفة. استمرت الصحيفة ناطقة بلسان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني تحمل نفس الاسم وتصدر مرة كل شهر.
ما ادونه أدناه منقول عن صفحة الرفيق نعيم على الحوار المتمدن. بمقدور كل من يريد الاستزادة الدخول على الصفحة الرابط
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: https://www.ahewar.org/m.asp?i=697 .
بصدد تبدل موقف عصبة التحرر الوطني من قرار التقسيم، شرح الرفيق نعيم مواقف الحزب المنطلقة عن الانشغال بهموم الجماهير ، ومَن هو الأشد غيرة من الشيوعيين وهم يرون أبشع جرائم العصر تهب عاصفتها تقتلع المجتمع من أرض الوطن . "في مختلف مراحل القضية الفلسطينية، والحَكَم الذي ﻻ يماليء في هذا الخصوص، هو النتائج على اﻷرض وليس ثرثرات العاجزين. والمفارقة الصارخة أن هؤﻻء ما يزالون يلوموننا ﻷننا قبلنا بقرار التقسيم، في وقت تصارع الحركة الوطنية الفلسطينية منذ أكثر من نصف قرن لتحرير الضفة والقطاع التي تشكل ٢٢٪ فقط من مساحة فلسطين". والمفارقة الأهم أن الخيار البديل انتهى الى ضياع فلسطين وهدم المجتمع الفلسطيني.
ناقش خطاب المندوب السوفييتي حينئذ بالجمعية العمومية متطرقا الى "الشعب اليهودي" في دول عدة خضعت للاحتلال النازي، علاوة على مغالطات بصدد الموقف الماركسي من الصهيونية، كتمهيد للموافقة على قرار التقسيم. تساءل الرفيق نعيم: ترى هل حقا كان المندوب السوفييتي بالأمم المتحدة ، أندريه غروميكو، يجهل ما غدا بدهية لدى الماركسيين كافة؟ فقد نوقش الموضوع الصهيوني منذ بداية القرن العشرين. يجدر بالذكر أن العصبة لم ترتبط بالاتحاد السوفييتي منذ قيامها وحتى اختفائها.
بهذا الصدد كتب الرفيق نعيم : "كانت مواقف لينين وحتى وفاته ، واﻹتحاد السوفياتي ، منذ ثورة أوكتوبر ، من الصهيونية السياسية ومشروعها الكولونيالي في فلسطين ، واضحة تماما وﻻ تحتمل أي لبس في رفضها وشجبها . كذلك فان أدبيات الكومنترن (القيادة الجماعية للحركة الشيوعية العالمية ، منذ ١٩١٩ وحتى ١٩٤٣ حين تمّ حله ، وكان مقره في موسكو) موسومة كلها وبلا استثناء بالعداء للصهيونية ولمشروعها الكولونيالي في فلسطين، باعتبار الصهيونية السياسية أحد اﻹفرازات السامة للرأسمالية في مرحلة اﻹمبريالية.
خلص الرفيق من العرض التاريخي للموقف الماركسي من الصهيونية، ودور الامبريالية في إنشاء مشروعها بفلسطين ، الى الاستنتاج :"فكل من يعتقد أن قيام إسرائيل كان رهنا بقرار اﻷمم المتحدة فهو يجهل ما تحقق على أرض الواقع منذ وعد بلفور وحتى نهاية اﻹنتداب البريطاني على فلسطين. إسرائيل كانت مكتملة التكوين في رحم اﻹنتداب البريطاني .لا العامل الفلسطيني المحلي ولا الاقليمي العربي، على حالهما آنذاك، كانا بقادرين على منع قيام دولة اسرائيل . أما العامل الدولي، فقد كان مفعما بالعطف على ضحايا النازية من اليهود ؛ هذا العطف الذي أفلحت الصهونية في تجنيده لصالح مشروعها الكولونيالي في فلسطين. وبالتالي، فان مجموعة هذه العوامل كانت تؤكد توفر الظروف لقيام اسرائيل ، مأخوذ في الحسبان كذلك أن قيامها لم يكن مشروعا للصهيونية وحسب ، وانما للامبريالية العالمية ، وبخاصة الأنجلو – أميركية، ولم يكن قرار اﻷمم المتحدة إﻻّ شهادة ميلادها."
تنتهي سردية الرفيق نعيم في الطرح الدقيق للموقف الماركسي من المشكلة الفلسطينية في تحولاتها المعقدة . لا اعتقد ان المعطيات غابت عن القيادة السوفييتية. موقف حرج ينطوي على خطورة كبيرة تهدد وجود الاتحاد السوفييتي تخلصت منه القيادة الستالينية – حسب اعتقادي - بقدر من البراغماتية . كان ضرب اليابان بالقنبلتين النوويتين بمثابة إنذار للاتحاد السوفيتي. وبالفعل هددت إدارة ترومان الاتحاد السوفييتي بالقنبلة النووية إن لم ينسحب في الحال من الأراضي الإيرانية . أثناء فترة عرض القضية الفلسطينية كان الهم الأول هو التوصل الى أسرار السلاح النووي. وبعد اول تفجير اجراه الاتحاد السوفييتي اعتقلت الولايات المتحدة زوجين يهوديين تقدميين اتهمتهما بتوصيل الأسرار النووية الى الاتحاد السوفييتي،و حكمت عليهما بالإعدام ونفذ الحكم. فهل دخلت القيادة الستالينية في مقايضة الموقف من قرار التقسيم مع أسرار السلاح النووي؟ نسأل ولدينا في وقت سبق براغماتية التفاهم مع هتلرقبيل دخول الاتحاد السوفييتي الحرب واضطلاعه بالعبء الأكبر في تحطيم النازية .
فيما بعد ظهر مترجما الى العربية في مايو/أيار 2018 مؤلف الكاتب البريطاني، توماس سواريز،"دولة الإرهاب ..كيف قامت دولة إسرائيل على الإرهاب" ،غرف الكاتب من الوثائق البريطانية والصهيونية ما كُشِف عنه النقاب بالتقادم. تضمنت الوثائق إصرار الصهاينة في كل المناسبات على ان تضم الدولة اليهودية كامل فلسطين وشرقي الأردن. وما زال المطلب الصهيوني لم يتغير. الكتاب يظهر ان العصابات الصهيونية الثلاث- هاغانا ، إرغون وليهي- مارست الإرهاب منذ العام 1938 وخلال الحرب ضد اليهود الذين خالفوا الطرح الصهيوني العنصري الشوفيني المتزمت، ثم الوجود العسكري البريطاني وكذلك الجمهور العربي بفلسطين من اجل استفزازه للمنازلة المسلحة. سيطرت المنظمات على فلسطين، كما تقول الوثائق عن تلك الحقبة، عام 1946، وفي العام 1947 غدا الوجود البريطاني "حامية محاصرة". فعليا سيطرت المنظمات الصهيونية على كامل فلسطين التاريخية قبل رحيل الانتداب البريطاني، وراودت قيادته السيطرة على كامل فلسطين. ولهذا الموضوع مقاربة خاصة.
من الأرشيف البريطاني نقل توماس سواريز وثيقة تتكون من خطة عمل للحركة الصهيونية بفلسطين من اربع صفحات الحقت برسالة الى بن غوريون ونقلت منها نسخة الى سنيه( قائد منظمة الهاغانا العسكرية) نصت على ان ’الحل الأخير في فلسطين سيقرره ’ميزان القوى على الأرض‘ وليس التقسيم. وتعيد الوثيقة التعبير عن الفكرة بلغة أصرح: ’السيطرة على البلد بقوة السلاح‘؛ وسيكون التجنيد لجيش اليشوف مدعوما عند الضرورة بالقوة الجسدية ، وستكون سيطرة الوكالة(اليهودية) على اليهود مطلقة مع هيئة عليا ’يمكنها ان تفرض على كل يهودي او جماعة او تجارة أي واجب تفرضه أو أمر تراه ضروريا‘؛ وستمتد سلطتها على اليهود’الى ما وراء الحدود القانونية‘"- يقصد اليهود المشتتين في مختلف الأقطار139-) .الكتاب يحتوي على تفاصيل مثيرة تدعم الضرورة القصوى لإنجاح التوجه الذي اختطته عصبة التحرر في حينه.
في مجال الوضع الذي تردت فيه الحالة الفلسطينية جراء المعالجات الارتجالية وردود الفعل العفوية امسك الرفيق نعيم بمفارقات نهج السلطة الوطنية، المتصف أيضا بالارتجال والعفوية. دق مرارا جرس الإنذار؛ نهج السلطة كان أحد أسباب التردي المضطرد للحالة الفلسطينية. ناقش الرئيس محمود عباس:" في أول تقرير للأخ أبو مازن، مهندس اتفاق أوسلو، أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، لخص هذا الاتفاق بأنه يمثل أحد احتمالين: اما أن يؤدي الى الدولة الفلسطينية المستقلة أو يؤدي الى الجحيم! أما وقد مضى على هذا التقييم أكثر من عشرين عاما والدولة المستقلة أبعد من أي وقت مضى، فأي الاحتمالين السالفي الذكر يتحقق على الأرض؟
.
يضيف : كان مندوب رابين الخاص في مفاوضات أوسلو السرية قد قدّم للجانب الفلسطيني ، في هذه المفاوضات ، أربعين سؤاﻻ ، طالبا اﻹجابة عليها. ويقتبس المحامي رجا شحادة ، المستشار القانوني لوفد واشنطن ، عن رابين ، في محاولة لسدّ هذه الثغرة (أي ما يتعلق بأجوبة الفلسطينيين على تلك اﻷسئلة) ما يلي، يقول رابين :" لقد وافقوا( أي الطرف الفلسطيني في أوسلو)، في أربعة موضوعات أو خمسة ، على أمور كنت أشك في أنهم سيوافقون عليها . أوﻻ،(اﻹحتفاظ بكامل) القدس تحت السيطرة اﻹسرائيلية وخارج سلطة الفلسطينيين خلال الفترة اﻹنتقالية كلها. ثانيا،(اﻹحتفاظ بكل) المستوطنات… ثالثا، المسؤولية اﻹسرائيلية اﻹجمالية عن أمن اﻹسرائيليين وعن اﻷمن الخارجي . رابعا،إبقاء كل الخيارات مفتوحة لمفاوضات الحل الدائم
Naseer Aruri, The Obstruction of Peace(Monroe Maine : Common Courage Press,1995),p.121
نقلا عن كتاب د. غسان الخطيب سالف الذكر).
" كان اﻹسراع في دخول قيادة منظمة التحرير الفتحاوية الى اﻷراضي المحتلة وتشكيل السلطة الفلسطينية ، قبل أن يتحرر شبر من اﻷرض تقف عليه نابع، الى جانب اﻷسباب الواردة أعلاه ، من الوهم القاتل بأن خلق جهاز دولة كاف لفرض الدولة ، كأمر واقع، على الطرف اﻵخر. تسجّل حنان عشراوي حوارا لها مع عرفات حدّثها فيه عن تصوّره لمسار أوسلو بعد توقيع إعلان المباديْ باﻷحرف اﻷولى، قائلا:" ستبدأ الدولة الفلسطينية من غزة - أريحا ، ومن هناك سأفاوض اﻹسرائيليين في إنهاء احتلال بقية المناطق الفلسطينية . كوني واثق .. سيكون لنا سريعا مفتاح هاتف دولي ، وطابع بريد، وقناة تلفزيون. سيكون هذا بداية الدولة الفلسطينية".( منقول من كتاب د. غسان الخطيب ، ص ١٢٠)
"من جانب آخر، فأن قيام هذه السلطة في ظل اﻹحتلال كان ربحا صافيا لهذا اﻹحتلال . فقد إعفاه من مسؤولياته ، بموجب القانون الدولي ، تجاه الشعب الواقع تحت سيطرته، في مختلف مجاﻻت الحياة المدنية ، من صحة وتعليم وشؤون اجتماعية وغيرها. فقد تحوّلت جميع هذه المسؤوليات ، بنفقاتها،الى عاتق السلطة الفلسطينية ؛ وهكذا، غدونا نتسوّل من العالم لصالح اﻹحتلال اﻹسرائيلي ، الذي أصبح احتلالا مجانيا!؛ وهي حالة ربما ﻻ مثيل لها في التاريخ المعاصر"
وﻻ يتوقف "الربح" اﻹسرائيلي في الحدود اﻹقتصادية والمالية ، بل ويشمل الجانب اﻷمني والسياسي . فإذا كانت إسرائيل قد تنصّلت من جميع التزاماتها بموجب اتفاقات أوسلو تجاه الطرف الفلسطيني، وبخاصة منذ العام ٢٠٠٢، فإن السلطة الفلسطينية تواصل اﻹلتزام بكل ما عليها بموجب هذه اﻹتفاقات وفي مقدمتها التنسيق اﻷمني الخطير، الذي هو بمثابة
إسهام في حراسة اﻹحتلال، وهذا برهان إضافي على أن اﻷمر الواقع يفرضه القوي على الضعيف ، وليس العكس"
غني عن القول بأن هذا الوهم يتعارض بشكل صارخ مع جميع تجارب التاريخ التي تؤكد أن اﻷمر الواقع يفرضه القوي على الضعيف وليس العكس ، وهو ما أكدته من جديد التجربة الفلسطينية ذاتها. فمن الجانب الواحد، جاء اجتياح شارون بدباباته عام ٢٠٠٢ لمناطق السلطة وتدمير كل ما بنته ، حتى حينه، هذه السلطة في هذا المجال؛ ومن الجانب اﻵخر، توسع اﻹستيطان بلا توقف الى حدّ تجاوز فيه عدد المستوطنين في الضفة والقدس العربية المحتلتين ، حتى اﻷن ، الستماية ألف مستوطن.. لقد جاء هذا وذاك ليدحضا هذا الوهم القاتل.
يضيف:" اليوم، أردنا أو لم نرد، وعينا أم أغمضنا عيوننا متجاهلين، تغيّرت المعادلة رأسا على عقب، وتحوّل الهم ّ والاهتمام الأول ليس الخلاص من الاحتلال واقامة الدولة المستقلة،إنما الى تأمين فاتورة آخر الشهر لتمويل هذا الجهاز الذي أقيم قبل أوانه وتضخم أكثر من الحاجة، وراح الفساد ينخره، منتجا شريحة من "القطط السمان"، شعارها :"اللهم أدمها من نعمة ولو في ظل الاحتلال".
لدى استعراض الكتابات الأخيرة للرفيق الراحل تتضح رؤيته الثاقبة لعوامل التردي؛ إذ رصد واقع الإبادة السياسية في الواقع الفلسطيني. خلل أرادته السيطرة الإسرائيلية باستفزازاتها المسلحة وضعف الثقافة الديمقراطية بالمجتمع لفلسطيني. ولا مانع من الاقتباس المطول : "إذا كان تمويل موازنة السلطة من مصادر أجنبية معروفة بعدم تعاطفها مع حرية الشعب الفلسطيني، مسؤول أساسي عن الشلل السياسي لهذه السلطة ، فإن تحكّم فتح بمخصصات تنظيمات منظمة التحرير اﻷخرى مسؤول عن امتداد هذا الشلل لهذه التنظيمات ؛ ولو لم تكن هذه التنظيمات أسيرة هذا القيد المالي لكانت قادرة على تجنيد الشارع الفلسطيني الناضج للعمل ضد اﻹنقسام ، وإرغام كل من فتح وحماس على استعادة الوحدة الوطنية أو تشكيل البديل عنهما؛ وآخر دليل على تراجع نفوذ هذه التنظيمات انعكس في انتخابات المجالس البلدية والمحلية التي جرت أواخر أيار المنصرم ؛ حيث طغى على هذه اﻹنتخابات عنصر التحالفات العائلية والعشائرية ، على حساب التحالفات الحزبية"
"لقد كان التسرّع في تأسيس جهاز دولة، مدني وعسكري، في ظل اﻹحتلال ، يقترب من مئتي ألف موظف، ﻻ تتوفر مصادر وطنية وغير مشروطة لتمويل الإنفاق عليه ، بمثابة وضع العربة قبل الحصان ، حيث ألزم هذه السلطة ، بالنتيجة ، ﻷن تتحوّل الى متسول دولي ودائم. أما مصادر التمويل ، كما هي اليوم ، لميزانية هذه السلطة المفتعلة قبل أوانها، فهي: الوﻻيات المتحدة واﻹتحاد اﻷوروبي ودول الخليج النفطية ، وهذه ﻻ تقدم مئات الملايين سنويا مجانا، بل مقابل ابتزاز سياسي على حساب القضية الوطنية الفلسطينية. وحتى أموال المكوس على البضائع المستوردة من الخارج للأراضي الفلسطينية ، عبر الموانيء اﻹسرائيلية، والتي تجبيها سلطات الموانيء اﻹسرائيلية ، على أن تعيدها للسلطة أوتوماتيكيا بموجب اتفاقية باريس اﻹقتصادية لعام ١٩٩٤، فإن هذه السلطات اﻹسرائيلية تحتجزها متى شاءت ، كنوع من وسائل الضغط واﻹبتزاز السياسي.
"لكن تفضيل الحفاظ على الجهاز البيروقراطي وتمويله ، على قضية تحرير الوطن من اﻹحتلال، يفرض التزامات أخرى ، من وجهة نظر الممولين الدوليين ، تمسّ أبواب صرف موازنة هذا الجهاز، فالتنسيق اﻷمني ، هو السبب اﻷول في أن حصة اﻷمن ، في موازنة السلطة الفلسطينية لها أكثر من ثلاثين بالمئة من هذه الموازنة؛ بينما نصيب اﻷرض (الزراعة) ، التي هي جوهر الصراع مع الحركة الصهيونية منذ أكثر من قرن، ﻻ تحظى في موازنة السلطة حتى بواحد في المئة ، ناهيك عن غياب مشاريع استصلاح أراض جديدة وزراعتها لتشكل عقبة في وجه عملية اﻹستيلاء على اﻷرض وبناء المستوطنات الكولونيالية فوقه".
كباحث يتقصى الواقع من مختلف جوانبه يكشف الرفيق نعيم جوهر النظام الأبوي للسلطة كاحد مصادر الوهن ، والذي يستحيل ان يحقق اختراقا للسيطرة الأجنبية؛ فالمصائب تدهمنا عبر ثغرات عديدة في واقعنا الاجتماعي والسياسي: "أما شغف عرفات بالمال، فهو ليس لإنفاقه الخاص ، عرفات أكثر المحيطين به زهدا ؛ سمح له بتأسيس احتكار، بالتعاون مع "يوسي غينوسار" نائب رئيس جهاز الشاباك اﻹسرائيلي المتقاعد، للإتجار بأربعة مواد أساسية :الطحين واﻹسمنت والمحروقات والسجاير. وقد جنى من هذا اﻹحتكار مئات ملايين الدوﻻرات.(كتبت الصحافية اﻹسرائيلية اليسارية "عميرة هس" مادة مطولة ، في صحيفة هآرتس، حينها ، عن هذا اﻹحتكار). هذا، بينما لم تسفر سياسة السلطة، في الميدان اﻹقتصادي، عن أي تقدم نحو تحرر اﻹقتصاد الفلسطيني من التبعية المحكمة للإقتصاد اﻹسرائيلي ، بل على العكس، الى المزيد من هذه التبعية. واليوم، يتحكم اﻹحتلال بشكل مطلق تقريبا بمفاتيح اﻹقتصاد الفلسطيني كالكهرباء والماء واﻹتصالات الخارجية".
"وكانوا[ الجانب الإسرائيلي برئاسة الثعلب شمعون بيريز] دائما، بعدما اكتشفوا نقطة ضعفه ، يحاولون اللعب عليها وهي حبّ ياسرعرفات لتعزيز سلطته، وكانوا يحاولون أن يساوموه على هذه النقطة :مقابل تعزيز سلطته تعزيز توسعهم في مجاﻻت أخرى وخاصة في مجال اﻹستيطان .هذه كانت النقطة اﻷخطر. ياسر عرفات كان يندفع في المفاوضات أحيانا، يباغته بيريز : ’سيدي الرئيس أنت رئيس ولكن أنا وزير خارجية مسكين عندي مرجعيتي ، أنت تستطيع أن تأخذ قرارا وأنا ﻻ أستطيع أن آخذ قرارا.أنت صاحب قرار مطلق وسيد‘"..

وتتسلل الخدع الماكرة تشيع سوء الظن والفرقة بين القيادات الوطنية؛ بوصلة الرفيق نعييم لا تضلل ولا تخدع؛ يعي تماما مصدر الخطر الرئيس. حذر الرفيق نعيم، كعادته ، من الوقوع في شباك الخدع التي يحبكها التحالف المعادي لتعميق الانقسامات في الصف الوطني. بصدد الخلاف بين السلطة وإدارة حماس في غزة، أدلى بالرأي حول المحاولة الفاشلة في غزة لاغتيال رئيس وزراء السلطة آنذاك ، حافظ الحمد الله. "ان الاتهامات المتسرعة، ورفض مبدأ التحقيق المشترك والنزيه في قضية محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني تعني، قبل كل شيء، تبرئة الاحتلال سلفا من جريمة كهذه، وهو الأكثر اهتماما ومصلحة في احباط أي مسعى لإنهاء الانقسام، الذي كانت أصابعه سببا رئيسيا في وقوعه واستمراره، مع أنه لا يجوز ولا بحال مساواة حادث كهذا، أيا كانت نتائجه، فوق المصلحة الوطنية، لكنها هذه الاتهامات وتداعياتها، قد تثير أيضا، في الوقت ذاته، تساؤلات مشروعة فيما اذا كان التحوّل الى معركة داخلية مفتعلة، على حساب المواجهة الرئيسية مع التحالف الاميركي - الاسرائيلي - الرجعي العربي، ومشروعه، صفقة القرن، يأتي في اطار رهان على تسوية أو صفقة ما، مع أطراف هذا التحالف، ولو في اطار خلق المناخ المطلوب لتبرير وتمرير مشروع اقامة دويلة في القطاع، للإجهاز على القضية الفلسطينية، كما بدا في الاهتمام المفتعل والمفاجئ بالوضع"الانساني لقطاع غزة" مؤخراَ الذي هبط على الأميركيين والمحتلين الاسرائيليين ومن لف لفهم.

"والمفارقة المحزنة، أنه بينما يسارع الرئيس عباس الى معاقبة القطاع، بسلطاته وشعبه على فعلة، اعتمادا على تقديرات وتخمينات ذاتية، لا أدلة وبراهين ثابتة، فإنه، حتى الآن يتردد في اتخاذ أي اجراء ضد الاحتلال، الى حدّ تجميد قرارات المجلس المركزي على تواضعها.

"أما الشتيمة التي وجهها الرئيس عباس للسفير الأميركي في اسرائيل، فلا يمكن موازاتها ولا موازنتها مع الاتهامات والإجراءات المتسرعة التي قرر اتخاذها ضد السلطة الحمساوية في القطاع غزة، والتي ستكون تشكل ظلما اضافيا لشعبنا في القطاع، من ذوي القربى فوق مظالم الاحتلال والحصار والتجويع.. ولعل هذه الشتيمة لم تثر لدى الطرف الأميركي أكثر من ابتسامة، فهي كما قال الأعرابي: "اشبعتهم شتما ولاذوا بالإبل "
نكتفي عند هذا الضعف المعتق ونعقد مقارنة. اثناء العمليات الإرهابية للميليشيات الصهيونية ضد الانتداب والعرب وبعض اليهود، توجهت سلطة الانتداب مرارا لبن غوريون و شاريت بصفتهما قائدين للوكالة اليهودية من اجل العمل لوقف القتل العشوائي؛ وكان يجيب بالرفض. وأخر مرة طلب منه بناءً على مستمسكات بانخراط الوكالة اليهودة وبن غوريون شخصيا بالأنشطة الإرهابية، رد بن غوريون لو وقفنا ضد الإرهابيين لاجهزنا، نحن القيادة، على بعضنا البعض. في ذلك الحين بات الإرهاب الصهيوني من الحوول يحيث حاصر قوات الانتداب ودوائرة عام 1947 ، قبل صدور قرار التقسيم، فباتت قوى الانتداب " حامية محاصرة" من قبل القوات المسلحة الصهيونية.
رحل أبو بشار بجسده وبقي أرثه الغني ملك النضال الوطني التحرري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاءات الاشتراكي: 13: غياث نعيسة


.. مرحبًا بكم في مستشفى الألعاب في كاراكاس.. حيث العطاء يعيد ال




.. اكتشاف شبكة أنفاق جديدة لحزب العمال الكردستاني تحت مستشفى


.. الفصائل الفلسطينية تستولى على 3 مسيرات إسرائيلية في رفح جنوب




.. بايرو رئيس وزراء فرنسا الجديد مكلف بمشاورات تُقصي اليمين وال